الماء عصب الحياة منذ الأزل وإلى الأبد، قال اللّه تعالى: “وجعلنا من الماء كل شيء حي” وجميع الحضارات البشرية سابقاً ولاحقاً قامت في المناطق التي يتوافر فيها الماء، ذلك المركب الكيميائي ذو الخصائص الخاصة والمميّزة، والتي لا تتوافر في أي مركّب آخر، وهذه الخصائص الفريدة أودعها الله سبحانه وتعالى فيه، وجميع العمليات الحيوية في جميع الكائنات الحيّة مثل الإنسان والحيوان والنبات وغيرها لا تتم إلا به، وفي مناسبة اليوم العالمي للمياه الذي يصادف «22» مارس من كل عام كان لصحيفة «الجمهورية» لقاء مع الأخ أحمد عبدربه محمد صالح، ضابط مشاريع وحدة المياه والبيئة في الصندوق الاجتماعي للتنمية فرع عدن ليعرْفنا على إسهامات وتدخُّلات الصندوق في قطاع المياه.. إسهامات الصندوق في البداية حدّثنا أحمد عبدربه قائلاً: إن الصندوق الاجتماعي للتنمية فرع عدن يُسهم في قطاع المياه، وذلك من خلال زيادة التغطية بخدمة المياه في التجمُّعات الأكثر احتياجاً من خلال دعم مشاريع مياه تعتمد على مصادر مياه متجدّدة كمياه الأمطار ومياه العيون، وكذلك مشاريع مياه تعتمد على المياه الجوفية في المناطق غير الصالحة لحصاد مياه الأمطار، ولا تتوافر فيها مياه سطحية، أما في قطاع الإصحاح البيئي فيركّز الصندوق على تنفيذ حملات توعية صحّية في كل تجمُّع شمله مشروع مياه، حيث يتم إيصال ثلاث رسائل وهي: أهمية الصرف الصحي وغسل اليدين ومعالجة المياه عند نقطة الاستخدام. «259» مشروعاً وأشار إلى أن عدد المشاريع بلغت في قطاع المياه (259) مشروعاً، بكلفة تقديرية تقارب (105,7) مليون دولار، وتبلغ مساهمة الصندوق فيها حوالي (46) مليون دولار، أي بنسبة (44%)، من المتوقّع أن يستفيد منها حوالي (505) آلاف شخص (50 %) منهم من الإناث، ويُعزى ارتفاع مساهمة المجتمعات المحلّية في قطاع المياه إلى النسبة الكبيرة لمشاريع حصاد مياه الأمطار من أسطح المنازل والتي تصل مساهمات المستفيدين فيها إلى (70 %)، وأما بالنسبة لمشاريع الإصحاح البيئي؛ فقد بلغ عددها (49) مشروعاً بكلفة تقديرية بلغت حوالي (1.2) مليون دولار، من المتوقّع أن يستفيد منها حوالي (349,500) شخص نصفهم إناث تراكمياً يصل عدد مشاريع قطاع المياه إلى (2,324) مشروعاً، وبُكلفة تقديرية تصل إلى حوالي (430,2) مليون دولار، حيث يستفيد منها أكثر من (4) ملايين شخص (50 %) من الإناث، ويبلغ عدد مشاريع الإصحاح البيئي (393) مشروعاً بكلفة تقديرية تقارب (44,8) مليون دولار، حيث يستفيد منها نحو (3,5) مليون شخص نصفهم من الإناث. حصاد مياه الأمطار وأوضح قائلاً: إن القطاع ركّز في توجُّهاته على تنفيذ مشاريع قليلة الكُلفة لتوفير خدمة المياه للفئات الأكثر فقراً بحسب تعريف التغطية بالمياه المتفق عليه بين جميع الجهات العاملة في القطاع، مع إعطاء اهتمام لمشاركة المجتمع، واستخدام معارفه وخبراته المحلّية التقليدية، لافتاً إلى أن القطاع يشمل ستة قطاعات فرعية وهي: حصاد مياه الأمطار (خزانات عامة مسقوفة) وحصاد مياه الأمطار (خزانات عامة مكشوفة) وحصاد مياه الأمطار من الأسطح، ومياه سطحية (عيون وخزانات مياه) ومياه جوفية، إلى جانب التدريب والتوعية. وتابع حديثه بالقول: يشتمل حصاد مياه الأمطار على خزانات عامة مسقوفة ومكشوفة، ففي الخزانات العامة المسقوفة تمّت الموافقة على تمويل (47) مشروعاً، حيث تشمل (59) بركة مسقوفة بسعة إجمالية تصل إلى (83,296) متراً مكعباً، كما تشمل (56) حوض ترسيب و (18) حوضاً لشرب الحيوانات، بالإضافة إلى شبكات مياه بطول إجمالي (9,150) متراً، و (26) منهلاً عاماً لخدمة (32,162) مستفيداً، وأما في الخزانات العامة المكشوفة فقد تم الموافقة على تمويل (3) مشاريع، وتشمل (12) كريفاً بسعة (40,000) متر مكعب لخدمة (1,694) مستفيداً. وواصل ضابط مشاريع وحدة المياه والبيئة في الصندوق بعدن حديثه قائلاً: إنه في حصاد مياه الأمطار من أسطح المنازل تمّت الموافقة على تمويل (147) مشروعاً، حيث تشمل (26,144) سقاية (خزاناً) بسعة إجمالية تصل إلى (1.1) مليون متر مكعب لخدمة (235) ألف مستفيد. مياه محسّنة أما مشاريع المياه السطحية فهي تعتمد على مياه العيون والمياه الجارية في الوديان، والمياه المتجمّعة في المسطّحات المائية كالسدود وغيرها من المنشآت المائية، وذلك لتوفير مياه محسّنة للمجتمعات المستهدفة، وقد تمّت الموافقة على تمويل (11) مشروعاً لتزويد (7,135) شخصاً بمياه محسّنة عبر شبكات مياه بطول إجمالي (25,232) متراً شملت (13) منهلاً عاماً. وفيما يخصُّ المياه الجوفية يشير أحمد عبدربه إلى أنه يتم تزويد السكان بالمياه عبر توصيلات منزلية وعدّادات، في الغالب قد تم الموافقة على تمويل (43) مشروعاً لتزويد (227) ألف نسمة بمياه محسّنة عبر شبكات مياه بطول إجمالي (439,317) متراً، وشملت (6,414) توصيلة منزلية و(351) منهلاً عاماً. وأما عن أنشطة التدريب والتوعية فقال: تم الموافقة على تمويل (9) مشاريع أحّدها يهدف إلى تطوير سياسة وطنية لحصاد مياه الأمطار، ومشروعان يهدفان إلى رفع قدرات ضبّاط مشاريع المياه والبيئة في مجالات التدريب والاتصال والتواصل، كما يهدف أيضاً إلى تعريف الاستشاريين بالسياسات الجديدة لقطاع المياه، وتبادل الخبرات فيما بينهم، بينما هدف مشروعان آخران إلى إعداد التصاميم والكُلفة التقديرية لجميع مشاريع المياه التي ينفّذها فرعا الصندوق في محافظتي «حجة، والحديدة». برنامج يواجه شُحّ المياه وتطرّق إلى أنه من خلال برنامج مواجهة شحّ المياه يقوم الصندوق خلال المرحلة الرابعة بتوجيه المزيد من الموارد للمساهمة في معالجة قضية شحّ المياه في أكثر المجتمعات احتياجاً إلى المياه، وذلك استناداً إلى مؤشّرات تعداد (2004)، والتي تنطبق عليها (3) مؤشرات تتمثّل في وصول نسبة المساكن غير الموصلة بالمياه إلى (100 %)، ومؤشرات الفقر «تدنّي مستوى الخدمات» أكبر من (50 %)، وقد روعي في اختيار هذه المؤشرات أن تستفيد كل محافظات الجمهورية من البرنامج، حيث خصّص الصندوق (100) مليون دولار لهذا البرنامج الذي يستهدف المجتمعات الأكثر فقراً (الواقعة في الفئتين الثالثة والرابعة في مؤشر الفقر) مشيراً إلى أنه خلال الفترة (2011 2013) تمّت الموافقة على تمويل (367) مشروعاً بكلفة تقديرية تتجاوز (116) مليون دولار، وتبلغ مساهمة الصندوق فيها (49) مليون دولار، من المتوقّع أن يستفيد منها حوالي (425) ألف شخص، حيث يقع (71 %) منهم في فئة الفقر الرابعة أي الأكثر فقراً و(29 %) في الفئة الثالثة، ويجري العمل لتنفيذ (303) مشاريع أنجز منها (64). إعادة أنظمة ويضيف: أن برنامج المياه والصرف الصحّي في محافظة أبين يهدف إلى إعادة أنظمة المياه والصرف الصحي التي تضرّرت أثناء المواجهات المسلّحة في المحافظة إلى ما كانت عليه قبل هذه المواجهات، وذلك بالاستفادة من الاتفاقية التي وقّعها الصندوق في (19ديسمبر 2012م) مع بنك التنمية الألماني، والتي تقضي بمنح الصندوق مبلغاً وقدره (12) مليون يورو ما يعادل (15.8) مليون دولار لإعادة تأهيل أنظمة المياه والصرف الصحّي في مديريتي (جعار، وزنجبار) على أن يُستفاد من أي مبلغ يتبقّى من هذه المنحة في مديريات ومناطق أخرى بالمحافظة، حيث تم بدء التنفيذ الفعلي بالميدان في أوائل فبراير (2013م) من خلال تصفية شبكات المجاري في كل من (زنجبار وجعار والكود) كما يحتوي البرنامج على (43) مشروعاً للمياه والصرف الصحي، منها (7) مشاريع في المناطق الحضرية و(36) مشروعاً في المناطق الريفية، وتم إنجاز كافة الأعمال العاجلة لإعادة تشغيل منظومات المياه والصرف الصحّي في مديريات (جعار، وزنجبار، والكود) ما جعل الصندوق الاجتماعي للتنمية هو الشريك الرئيسي للسُلطة المحلية في المحافظة أعقاب أحداث عام (2011م) وذلك حسب تصريح لمحافظ المحافظة وممثلي السُلطة المحلية الآخرين على الرغم من التحدّيات إلا أن العمل مازال في تقدُّم، منوّهاً إلى أن مجموع المصروفات بلغت (1.7) مليون دولار، ويصل عدد أيام العمل المنشأة حتى اليوم إلى (39,940) يوم عمل، وكلهم من أهالي مناطق المشاريع. تنظيف شبكات الصرف الصحّي وأفاد أحمد عبدربه: أنه تم تنظيف جميع شبكات الصرف الصحّي في المدن الثلاث وهي: (زنجبار، وجعار، والكود) من الانسدادات، وهذا تضمّن تنظيف (37) كم من شبكات الصرف الصحّي والقنوات المفتوحة، وأيضاً توفير محطة موقتة لمعالجة مياه الصرف الصحّي تتألف من حوضين لمدينة زنجبار، بالإضافة إلى إعادة تركيب (288) غطاءً خرسانياً، وإصلاح (230) منهلاً بما في ذلك تلييس المناهل من الداخل وتعديل مستوى الغطاء، إلى جانب تركيب (346) غطاءً من الحديد المرن لمناهل فقدت أغطيتها، والأغطية الجديدة مصمّمة بحيث يصعب فصل الغطاء عن الإطار كونه مثبتاً بمفصل، وكذلك الأعمال المدنية لإعادة تأهيل مضخّة رفع مجاري الكود، بما في ذلك استبدال (24) متراً من خط الضخ وتوريد وتشغيل المولّدات الاحتياطية، وتركيب (7.4) كم من شبكات الصرف الصحّي مع المناهل اللازمة وغرف التفتيش في عدّة مواقع من (زنجبار وجعار والكود) ليحل محل المجاري التالفة والمجاري المدفونة تحت المباني، وأيضاً جميع الأعمال المدنية لإعادة تأهيل مباني المولّدات والمراقبة وغرفة المعالجة بالكلور والأعمال الكهربائية في حقل بئر “الرواء” وكذا إعادة تأهيل وتشغيل ثلاثة آبار في حقل آبار “الروى” وربط حقل آبار “الروى” إلى المولّدات الاحتياطية في جعار كإجراء موقّت حتى يتم توفير وتشغيل مولّد “الروى” الاحتياطي، والذي هو في مرحلة التوريد. دراسة للمياه وذكر عبدربه أحمد: أن هناك دراسة مقارنة لتدخُّلات الصندوق في المياه، حيث إن مشاريع المياه في الصندوق تضم بركاً وخزانات حصاد مياه الأمطار مجتمعية عامة، ومشاريع مياه بأنابيب أو سقايات منزلية خاصة، ويتمثّل الهدف من التقييم في دارسة مساهمة الصندوق في توفير المياه للأهالي في مجتمعات التدخُّل من خلال المشاريع المجتمعية مثل (الخزانات العامة) والمشاريع الخاصة مثل (السقايات المنزلية) حيث وجدت الدراسة أن السقايات ومشاريع المياه بأنابيب توفر الماء بشكل أكبر مقارنة بالمشاريع التي تخدم المجتمع ككل سواء كانت من الصندوق أم من جهات أخرى، مبيّناً أن (60 %) من أسر العيّنة تمتلك سقايات خاصة بينما (74 %) من الأسر الفقيرة وجد أنها تستفيد من مشاريع مياه مجتمعة عامة. وأضاف قائلاً: إن التوسُّع في تنفيذ مشاريع السقايات أسهمت في تقليص الوقت اللازم لجلب الماء، فمن خلال التقييم أظهر أن (83 %) من الأسر المعيشية تستغرق (30) دقيقة لجلب الماء من أقرب مصدر، بينما في موسم الجفاف (77 %) من الأسر أقرّت أنها تستغرق (30) دقيقة على الأقل لجلب الماء من أقرب مصدر. وأظهرت الدراسة أن المياه توافرت في مجتمعات العيّنة بشكل عام أقل من (30) لتراً للفرد الواحد، وأن الصندوق يسهم في توفير الماء، كما أن السقايات توفّر قدراً أكبر من المياه بالمقارنة ببقية التدخُّلات، ومن ضمن المشاريع المجتمعية لحصاد مياه الأمطار نجد أن هذا النوع من نظم الإدارة تماشى بقوة مع مؤشّرات إدارة الجودة، وكانت مصادر المجتمع المدارة من قبل الأفراد أكثر كفاءة في زيادة توافر المياه خلال موسم الجفاف، في حين أن المصادر التي لا يديرها أحد كانت بنفس مستوى المصادر التي تُدار من قبل اللجان، موضحاً أنهم يعملون على حصاد مياه الأمطار (الخزانات العامة والخاصة) وكذا مع المياه الممكنة شبكات المياه، من خلال توصيلها إلى الأرياف، وذلك عبر المضخّات (الأنابيب) إلى جانب شبكات صرف صحّي في محافظات (عدن، ولحج، وأبين) وهذا من ضمن مشاريعهم، حيث أصبح متوفراً جزء كبير من المياه التي كانت تضيع في هذه المحافظات. وأكد أن المنحة الألمانية جاءت لمعالجات أضرار المياه والصرف الصحّي في محافظة أبين، كما أعدنا حصاد مياه الأمطار في الأرياف (لحج، وأبين) في القرى الفقيرة في المحافظات، حيث تمّت إعادة إنشاء شبكات للمنازل، وتم إنشاء شبكات للمنازل حالياً في لودر، ومودية (الوضيع) في بعض قرى محافظة أبين وحالياً في شقرة. مشاريع ناجحة وفي ختام لقائنا معه قال ضابط مشاريع وحدة المياه والبيئة بالصندوق الاجتماعي للتنمية فرع عدن: توجد عّدة قطاعات يتم العمل عليها، والهدف الرئيسي منها هو مساعدة المستفيدين في الحصول على مياه شرب نقيّة، مشيراً إلى أن كل المشاريع التي تمّت في (الضالع، ولحج، وأبين) نجحت نجاحاً كبيراً خاصة مشاريع السقايات الخاصة، فنحن في القطاع مهمتنا هي كيف نوصل الخدمة إلى الناس رغم الصعوبات التي تواجهنا داخل المجتمعات المحلّية أحياناً سواء أكانت من الأوضاع الأمنية الموجودة حالياً في البلاد، أم نقص التمويل، وهذا بحد ذاته سببٌ للحد من نشاطاتنا مع المجتمعات المحلّية.