كنتُ واقفاً بينما هو يقلّبُ بيديهِ أوراقي التي أخذَتْ مني مجهودَ أربعِ سنواتٍ من عمري، بعدَ برهةٍ نزع نظّارتَهُ السوداءِ من عينيهِ الجاحظتينِ، ابتسمتُ له كنوعٍ من الاحترامِ، لكنهُ لم يبادلني بشيءٍ، اكتفى بنزعِ القلمِ من أمامهِ، خلف إحدى الأوراقِ كتبَ “لا مانعُ من توظيفهِ” مرَّت الأيامُ، كبرتُ، الفتاةُ التي وعدتها بالزواجِ منها خشيتْ العنوسةَ؛ فتزوجتْ، صاحبُ التاكسي يطلبُ أجرتهُ التي تراكمتْ حتى أصبحَ مبلغاً كبيراً، حالتي النفسية ساءتْ، إجراءاتي لمْ تكتمل بعدْ، وحينَ وقفتُ أمامهُ مرّةً أخرى كانتْ الشروطُ مقابلَ توظيفي تتطلبُ منّي أن أصبحَ بلا ضمير، حينها ودعتهُ لأحتفظَ بما تبقّى لديَّ.