حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القتل والإرهاب.. أكبر جرماً من هدم الكعبة
نشر في الجمهورية يوم 27 - 07 - 2010

يجمع العلماء على أن الأعمال الإرهابية هي من المنكرات الثابتة الواضحة التي لاشك فيها.. فهي تستهدف القتل والسعي في الأرض فساداً.. وأن السكوت عليها والتستر عليها يدخل في باب التعاون على الإثم والعدوان..وفيما يلي نعرض لكم جانباً مما قاله بعض العلماء ممن تمكنا من اللقاء بهم وأخذ آرائهم:
منكرات ثابتة
في البداية يوضح لنا الشيخ ناظم عبدالله باحبارة مدير مركز جامع عمر للبحوث والدراسات بالمكلا الموقف الشرعي من الأعمال الإرهابية قائلاً:لاشك أن الأعمال الإرهابية هي من المنكرات الثابتة الواضحة التي لاشك فيها.. فإقدام الإنسان على قتل نفس أو على إشعال الفتنة في المجتمع أو على تقويض أمن واستقرار المجتمع بشكل حرب أو تكفير أو تأثيم أو إخافة أو قطع سبيل أو حرابة.. هي منكرات يجب دفعها والعمل على نهيها ومنعها.. والله سبحانه وتعالى يقول “إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض أولئك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم”.
السكوت على الباطل باطل
ويشير باحبارة أن السكوت على تلك الأعمال والتستر عليها هو تعاون على الإثم والعدوان إذ يقول:لاشك أن السكوت على الباطل هو باطل وكذلك أن السكوت والتستر على الشيء يعتبر موافقة عليه وتعاون معه.. والله سبحانه وتعالى يقول “ولاتعاونوا على الإثم والعدوان” ويعد السكوت والتستر على الإثم والعدوان تعاوناً معه، والحديث الصحيح يقول فيه النبي “صلى الله عليه وسلم” “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه” وهذا بالنسبة للمنكرات المتفق عليها في الشريعة الإسلامية، فالأمر المتفق عليه أنه منكر ومنه هذه الأعمال الإرهابية ولذلك ثبت أيضاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لما بلغه مقتل إنسان أنه قال: “لو تمالى عليه أهل الأرض لأكبهم الله جميعاً في النار” ومعنى تمالوا عليه أي اتفقوا على قتله وتعاونوا.. والتعاون على الإثم والعدوان يأتي على أنواع ومنها المباشرة في القتل أو حراسة القتال، أو التستر عليه، والإقرار بأي شكل من الأشكال.
واجب كل مسلم
مؤكداً أن من واجب كل مسلم رعاية مجتمعه وحفظ أمنه واستقراره قائلاً:إن من واجب المسلم رعاية المجتمع الإسلامي الذي يعيش فيه وصيانة أمنه واستقراره لأن حفظ النفوس والأموال من الكليات الخمس الشرعية التي يجب الاستمرار عليها ويجب التعاون عليها كما قال الله سبحانه وتعالى “وتواصوا بالحق وتواصوا بالمرحمة” وكذا قوله تعالى “من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً” وإنما قال ذلك لأنه تكرار الأمر والسكوت عليه والتهاون فيه يجر إلى تكرر مثل هذه الجرائم، وهذا التكرر كأنما يأتي على المجتمع كله بالمضرة وبالقضاء على مافيه.. وذلك فإنه من الواجب على من يرى أي جريمة أو أي شخص يتطاول على أمن واستقرار المجتمع ويسكت عن مثل هذه الأعمال فإنه يأثم لذلك ويعد السكوت عن ذلك نوعاً من الاضرار بالمجتمع.
وظيفة الدولة وواجبنا
أما الشيخ أحمد بن حسن المعلم رئيس جمعية الحكمة بالمكلا فيؤكد أنه من الواجب علينا التعاون مع الدولة المناط بها مهمة حفظ الأمن حيث قال:
طبعاً حفظ الأمن للمواطنين ولعموم الشعب والأمة هو بدور أساسي هو مهمة الدولة بل وجدت الدولة ووجدت الأنظمة من أجل ذلك قال الله عز وجل “الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر” فهذا هو بدرجة أساسية هو وظيفة الدولة التي يجب عليها أن تقوم بها بأقصى درجاتها ونحن يجب علينا أن نشد على يدها في القيام بواجبها.
الإرهاب جرم عظيم
ويرى المعلم أن صيانة النفوس وإحياءها أمر يجب أن يستشعر وجوبه الجميع مضيفاً:.من المعلوم والمعروف شرعاً حرمة القتل فالإسلام صان إزهاق النفس بدون حق ومن قتلها فكأنما قتل الناس جميعاً والنبي “صلى الله عليه وسلم” يقول: «لأن تنقض الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من أن يراق دم أمريء مسلم » والأحاديث في ذلك كثيرة.. وهذا الكلام عن حرمة دم المسلم يجب أن يستشعره الجميع يستشعره المواطن والمسئول والجندي وتستشعره الدولة.. والكل يجب أن يستشعروا حرمة دم المسلم ولايقدم على انتهاك حرمة المسلم أو ماله أو عرضه أو دينه.. وعلينا الكل أن نحذر كل الحذر من أن نقدم على الأمر.
تغيير المنكر
- منوهاً ان الوقوف ضد الأعمال الإرهابية والإبلاغ عنها قبل وقوعها واجب ديني يدخل تحت فريضة تغيير المنكر قائلاً :
إذا وجد أي شخص يشكل خطراً على الأمة في أي جانب من جوانب حياتها يجب ان ننكره بوسائل الإنكار التي حددها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( من رأي منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) ومن ضمن ذلك ان يبلغ الجهات الأمنية إذا كان الأمر يؤدي فعلاً إلى خطر وإلى إزهاق نفوس أو إلى إلحاق أضرار بالمواطنين أو إلى إخلال كبير بالأمن ولا يمكن ان ينصح هذا الرجل أو هذا الإنسان الذي ينوي القيام بهذا الأمر بعد ان نتحقق من نيته و عزمه على هذا الإجرام الذي سيحصل ونجد أننا عاجزين عن أن نرده بالوسائل المتاحة.. فيجب في هذا الحال ان نبلغ وان نقوم بدورنا في منع هذا الخطر الذي يداهم الأمة.
لكل منكر وسيلة لتغييره
- موضحاً ان فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تقتصر على إلقاء المواعظ والخطب أو النصح بالكلمة بل ان علينا ان نختار الوسائل المناسبة لإزالة المنكر ومنها إبلاغ القادرين على تغييره وقال:المقصود من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو إزالة المنكر وإزالته تأتي بوسائل مختلفة حيناً يكون بالكلمة وحيناً يكون باليد وحيناً يكون بالكتابة وحيناً يكون بالتعاون بين أفراد المجتمع وبين الدولة وكل هذه الوسائل يكون الغرض منها إزالة المنكر ويجب علينا ان نسلك لكل منكر الوسيلة التي تناسبها.
وأدعو أخواني المواطنين ان نكون جميعاً متمسكين بديننا وطائعين لله سبحانه وتعالى ومجتنبين معاصيه وحريصين على أمن واستقرار هذه البلاد ومتجنبين لجميع الأسباب المؤدية إلى سخط الله الموجبة لعقوبته.
أعظم الجرائم
- في حين يرى الشيخ حسين الاهدل ان القتل والاعتداء على النفوس هي جرائم لا تضاهيها جرائم.. مواصلاً الحديث عن وجوب إنكارها بالقول :عما ابتلى به العالم أجمع قضية القتل تلك الجريمة الشنيعة التي تعتبر من أعظم الجرائم ان لم تكن أعظمها، فهي اعتداء على أعظم الحرمات، ذلك ان القتل هدم لبناء أراده الله وسلب لحياة المجني عليه واعتداء على أهله الذين يعتزون بوجوده وينتفعون به ويحرمون بفقده العون والنصرة.. ونظراً لعظم جريمة القتل وشناعتها فقد أعتبر الإسلام القاتل لفرد قاتلاً للناس جميعاً وهذا أبلغ ما يتصور من التشنيع على ارتكاب هذه الجريمة التي لا يضاهيها جريمة وفي الحديث (لايزال المرء في فسحة من دينه مالم يصب دماً حراماً) رواه البخاري.
موجبات غضب الله
ويؤكد الشيخ الأهدل أن سكوت المجتمع عن مثل هذه الأعمال الشنيعة وعدم تصديه لها هو أمر موجب لنقمة الله وغضبه إذ يقول: هنا نشير إلى ما يستحقه ذلك المجتمع المتفرج على مثل هذه الأعمال الشنيعة، فهي موجبة لنقمة الله وغضبه وهم بهذا العمل معرضون لسلب نعيم الله من أيديهم، لأن الله يغير كثيراً من النعم التي أنعم بها على كثير من الذين لم يقدروها حق قدرها،وقد قال الله تعالى”وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون”
وقال تعالى” واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب”قال ابن عباس : أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعم العذاب، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يده أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه” وكما ذكر الإمام القرطبي في تفسيره عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه:إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ، ثم يلقاه الغد على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، قال تعالى:{ لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك ما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه بئس ما كانوا يفعلون}.
أضرار بلا حدود
شهدت بلادنا العديد من الجرائم الإرهابية التي تمثلت في جرائم القتل والتفجر والخطف والاعتداء على اليمنيين والأجانب الأبرياء التي تنفذها الجماعات الإرهابية ، وبلغ عدد العمليات الإرهابية التي نفذها تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن مايقارب (70) عملية إرهابية منذ عام 1992م وقد كبدت هذه الأعمال الإرهابية الاقتصاد اليمني خسائر فادحة الأمر الذي أثر على عملية التنمية وأضر بحياة المواطنين بشكل غير مباشر وتقدر خسائر الاقتصاد اليمني جراء ارتكاب تلك الأعمال الإرهابية بأكثر من (12) مليار دولار .
وفيما يلي نعرض لكم بعض جوانب الأضرار والخسائر التي لحقت بنا جراء تلك الجرائم الإرهابية.
قدرت دراسة اقتصادية الخسائر المباشرة وغير المباشرة التي تكبدها القطاع السياسي والقطاعات المرتبطة به في اليمن بما في ذلك الفرص الاستثمارية بفعل الإرهاب والتقطع والاختطاف خلال العشر السنوات الماضية بأكثر من عشرة مليارات دولار، بالإضافة إلى أن الإرهاب حال دون أن يتمكن القطاع السياحي من تحقيق أهداف الخطة الخمسية الثانية التي حددت معدلات نمو الطلب السياحي ب(12 %) سنوياً، لكن المؤشرات المحققة خلال الفترة 0002-5002م من أوروبا والأمريكيتين واستراليا كانت نسبة سالبة حيث شكل متوسط النمو (14.5 - 9.0) (12.9) ، كما ان الإرهاب أدى إلى تهميش النشاط السياحي وتشويه سمعة اليمن فضلاً عن نيله من هيبة الدولة.
وأشارت الدراسة التي أعدها الباحث الدكتور يوسف سعيد أحمد – أستاذ الاقتصاد المشارك – جامعة عدن إلى تعرض المنشآت السياحية لخسائر ضخمة، حيث تتدنى بعد كل عملية اختطاف نسب تشغيل المنشآت إلى أقل من 30 % ويجري الاستغناء عن كثير من العاملين الذين يبلغ عددهم أكثر من 700 ألف شخص يعتمدون في عيشهم على القطاع السياحي، كما تتضرر الوكالات السياحية ومؤسسات النقل، ومن الطبيعي انعكاس ذلك سلباً على مناخ الاستثمار وانخفاض الاستثمار السياحي الذي تراجع في قطاع المشاريع بنسبة 30 % في العدد و 87 % في التكلفة مقارنة مابين عام 2008-2007م، بالإضافة إلى أن عمليات التقطعات أثرت كذلك على السياحة الداخلية حيث تراجع أعداد الناس الذين يقضون الإجازات العيدية والمناسباتية وخصوصاً في محافظة عدن العام الماضي.
وأكدت الدراسة تركيز الإرهاب على القطاع النفطي وجعله هدفاً دائماً للإرهابيين، لأن هذا القطاع يعتبر شريان الحياة للاقتصاد اليمني فهو يساهم بنحو 26 % من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى أنه يرفد الموازنة العامة للدولة بنحو 70 % من الموارد، زد على ذلك أنه المصدر الرئيس لموارد البلاد من العملات الأجنبية. موضحة انه ومنذ تعرضت البارجة الأمريكية (يو – أس _ أس كول) في ميناء عدن إلى هجوم إرهابي عام 2000م تعرض ميناء عدن لأضرار فادحة تمثلت في انخفاض عدد الحاويات والبواخر الزائرة للميناء بنسبة 50 % وبلغت الخسائر المترتبة على الإرهاب في الميناء والمنطقة الحرة بمعدل مليون دولار يومياً، كما ارتفع التأمين على البواخر القادمة إلى اليمن بنسبة 100 %.
وكذلك الحال في ميناء ضبة محافظة حضرموت بعد محاولة تفجير ناقلة النفط الفرنسية (ليمبورج) حيث اضطرت بلادنا إلى وضع 50 مليون دولار لدى المنظمات الدولة المختصة كضمان لمعاودة استخدام الموانئ اليمنية بعد اعتبارها موانئ عالية المخاطر.. وترتب على ذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية المستوردة وغيرها نظراً لارتفاع التأمين.. إضافة إلى تعويض البواخر والشركات النفطية جراء استهداف الإرهابيين للمنشآت النفطية في محافظتي حضرموت ومأرب سبتمبر 2006م بتكاليف تجاوزت مئات الملايين من الدولارات عدا خسائر توقف الإنتاج النفطي وإعادة إصلاح الأضرار، وكذلك الانعكاس السلبي للأعمال الإرهابية على الاستثمار النفطي..
وخلصت الدراسة إلى أن الإرهاب بمافي ذلك أعمال الاختطاف والتقطع تمثل تهديداً للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني ومضاعفة حجم الضغوط والاختلالات الاقتصادية الحاصلة في بلادنا مشددة على ضرورة التكاتف لمحاربة الإرهاب من منطلق المصلحة الوطنية قبل المصلحة الدولية لأن الإرهاب هدد الاستقرار في بلادنا، وشكل أحد أهم العوامل الطاردة للاستثمار وتزايد مستوى البطالة وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية وتضاؤل الأهمية النسبية لعوائد القطاع السياحي، كما أنه السبب الرئيس لتدني نتائج التنمية.. منوهة إلى أن هناك إعلاماً يروج ويبالغ بوصف الإرهاب في بلادنا، وهذا يلحق أضراراً نفسية واقتصادية أكثر مما يتركه الإرهاب ذاته.
أضرار ونفقات أمنية
- تمثلت أفدح الأضرار الناجمة عن العمليات الإرهابية في استشهاد وإصابة العشرات من الضحايا الأبرياء والأجانب، والذين لا تقدر أرواحهم ودماؤهم بثمن، وشكل ما أصابهم كارثة إنسانية بكل ماتحمله الكلمة من معنى، وكان للعمليات الإرهابية أكبر الضرر على الاستقرار والأمن والسكينة العامة، وأدى قيام الحكومة باتخاذ العديد من الإجراءات والتدابير لمواجهة ومحاربة الجرائم الإرهابية إلى تحميل الخزينة العامة للدولة أعباء مالية إضافية تمثلت في تكاليف الحملات العسكرية والأمنية والتي هدفت إلى تعزيز الانتشار الأمني في عدد من المناطق في بعض محافظات الجمهورية وتزويدها بمختلف المتطلبات اللازمة من معدات وآليات ومبانٍ وقوة ورصيد ميزانية لهذه المناطق، كما زادت تكاليف الحملات التي تتحرك لمتابعة وملاحقة الإرهابيين ومطاردتهم ومحاصرتهم والقبض عليهم.
كما تحملت الدولة أعباء إضافية جديدة في مواجهة الأعباء العسكرية والأمنية الإضافية بسبب التهديدات الإرهابية، وما يستلزمه ذلك من زيادة الحراسة على السفارات والشركات الأجنبية والقنصليات وغيرها من مكاتب الممثليات الأجنبية والمرافق التابعة لها.
كما تمثلت زيادة النفقات الأمنية في تحمل الدولة أعباء إضافية لتطوير قوات خفر السواحل لتأمين الشريط الساحلي من أي اختراقات وإعادة تشكيل قوات حرس الحدود وشراء الزوارق والقوارب ورادارات وأجهزة رصد إضافية لحماية الشواطئ والمياه الإقليمية
إرهاب في البحر
وقد كشفت دراسة متخصصة أعدتها مصلحة خفر السواحل اليمنية أن إجمالي الخسائر التي تكبدتها الحكومة اليمنية جراء استهداف شواطئها من قبل الإرهابيين سواء بالاعتداء على “كول” و”ليمبرج” أو القرصنة البحرية تصل إلى أكثر من مليار و800مليون دولار، في نفس الوقت الذي أكدت نجاح البرامج الأمنية اليمنية في ردع الإرهاب البحري نهائياً،والحد من جرائم القرصنة البحرية بنسب معقولة تبعاً للإمكانيات المادية للدولة.
وأكدت الدراسة التي أعدها عميد ركن صالح بن علي مجلي وكيل محافظة خفر السواحل أن اليمن اعتمدت ثلاثة محاور رئيسية في مواجهة الإرهاب هي:
أولاً التعامل بحزم وشدة في مواجهة الإرهاب والإرهابيين واعتقالهم، وتقديمهم للقضاء، وثانياً اتباع أسلوب الحوار الفكري مع الذين لم يرتكبوا جرائم إرهابية، وثالثاً: التنسيق العالي مع الأجهزة في الدول الشقيقة، والصديقة، من خلال تبادل المعلومات، وتسليم المطلوبين، والعمل المشترك، مشيراً إلى أن ذلك أسهم في إلقاء القبض على المتورطين بتفجير المدمرة الأمريكية “كول”والناقلة الفرنسية “ليمبرج”.
واعتبر العميد مجلي تعرض البحار لأعمال القرصنة والإرهاب ناجم عن إدراك الإرهابيين والقراصنة لأهمية النقل البحري، وحجم الأضرار التي بإمكانها إلحاقها بالعالم، فيما لو جعلوا ذلك الميدان محوراً لأنشطتهم التخريبية، معللاً ذلك بما يتصف به النقل البحري من امتيازات على سواه ، كونه أرخص وسائل النقل، وأكثرها أماناً، وأقلها قيوداً ، ولكون 90 % من التجارة العالمية تستخدم النقل البحري، منوهاً إلى: أن تلك الأهمية جعلت دول العالم تولي عناية كبيرة لتأمين الموانئ، وحماية الشواطئ.
واستعرض أيضاً أثر الموقع الجغرافي للبحر الأحمر، وخليج عدن في تعريضهما للاستهداف،
مبيناً : ان لهما أهمية خاصة جغرافية، واقتصادية ، وسياسية ،وأمنية ، كونهما يمثلان جسراً بحرياً يربط بين العديد من مناطق العالم، كما يمثلان أهم أجزاء خطوط المواصلات العالمية، ويعتبران من أقصر الطرق البحرية، مستشهداً بمأثورة علمية تقول:”الموقع الجغرافي هو العنصر الدائم في صناعة التاريخ”.
ووصف اليمن بأنها “كانت وماتزال هدفاً للإرهاب البحري، وهي أهم ضحايا المنطقة”مدللاً على ذلك بحادثة الهجوم على المدمرة “كول” في 21/01/2002م بقارب مفخخ، أودى بحياة 17 ملاحاً أمريكياً، وإصابة 28آخرين ، وإعطاب المدمرة، وكذلك بالهجوم على الناقلة الفرنسية”ليمبرج” في 6/01/2002م قرب ميناء “الضبة” بقارب مفخخ الحق أضراراً بالغة، وأشعل الحريق فيها، ولوث حوالي “500” كيلو متر مربع بحوالي “150”ألف متر مكعب من البترول الذي كانت تحمله، وهو ما وصفه ب(الإرهاب البحري).
وبشأن الآثار الناجمة عن الإرهاب فقد قسمها العميد صالح مجلي إلى سياسية تتلخص: بتشويه سمعة اليمن بالجانب السياسي، فضلاً عن إغلاق عدد من السفارات، ومضايقة اليمنيين في الخارج..أما القسم الثاني من الآثار فهي الأمنية المتمثلة بتهديد الاستقرار، وتحمل أعباء مالية جراء تجنيد الحراسات، وإنشاء عنصر أمني جديد ، متمثلاً ب ( مصلحة خفر السواحل).
في حين أوجز في القسم الثالث الآثار الاقتصادية، ولخصها بالركود في الموانئ، ورفع رسوم التأمين وتناقص الاستثمار، وازدياد البطالة، وخسارة عشرات الملايين من الدولارات شهرياً، مستشهداً ب (انخفاض عدد الحاويات من 34.000حاوية إلى أقل من 3.000حاوية بعد الهجوم على الناقلة “ليمبرج” لأنها حولت إلى الدول المجاورة، نظراً لارتفاع نسبة التأمين حينها إلى 300بالمائة)مقدراً إجمالي خسائر اليمن من جراء الإرهاب البحري بأكثر من مليار و800مليون دولار.
كما وصف العميد مجلي القرصنة البحرية بأنها:( من أقدم الجرائم التي تمارسها العصابات المنظمة) وقد يترتب عنها أعمال نهب السفن بقوة السلاح والتهديد، والقتل، والاختطاف ، والاغتصاب، معتقداً بإمكانية: ( أن تكون هناك علاقة بين القرصنة والإرهاب) إذا ما تم اختطاف سفينة، وتعبئتها بالمتفجرات،ومن ثم تفجيرها باتجاه سفينة أخرى.
واعتبر مناطق خليج عدن والبحر الأحمر ( من المناطق العربية الأكثر قرصنة) مرجئاً ذلك إلى كثرة المضايق فيها التي تضطر السفن إلى تخفيف سرعتها، وبالتالي تسهيل المهمة على القراصنة.
وأشار إلى أن إحصائيات المركز الإقليمي البحري كانت سجلت في الفترة 20002003م انخفاضاً في أعمال القرصنة، إلا أنها في العام 2004م عادت للتصاعد، معللاً الأسباب ب(المشاكل في القرن الأفريقي، وعدم وجود حكومة في الصومال)وقال: أن تلك الحالة ألحقت أضراراً كبيرة باليمن.
وأشاد بجهود مصلحة خفر السواحل التي كانت من بين مهامها: حماية أمن وسيادة اليمن، والسواحل والجزر، والموانئ، وكذلك مكافحة التهريب والتسلل والهجرة غير المشروعة، معتبراً أن الهجرة من دول القرن الأفريقي كبيرة جداً، ويتم السيطرة عليها بصعوبة، وتتسبب بمعاناة اليمن.
مضيفاً إلى مهام المصلحة: مكافحة تهريب المخدرات، ومكافحة الاصطياد غير القانوني، ومكافحة الإرهاب البحري.
وفي دراسته المعنونة:( تجربة الجمهورية اليمنية في مكافحة القرصنة والإرهاب البحري)نوه العميد صالح بن علي مجلي إلى أن: اليمن لديها إمكانيات محددة، والمهام التي تتبناها كبيرة جداً، ولا تستطيع بمفردها تحقيق الأمن ، موجهاً الدعوة إلى كل الأشقاء للتعاون مع اليمن، وكذلك للمجتمع الدولي باعتبار أن مهمة حماية الأمن الملاحي مسئولية لا تعني اليمن وحدها، بل تعني جميع الأطراف الدولية.
الأضرار السياسية والإعلامية والخارجية
لا يختلف اثنان أن التعامل والمعاملة التي يلقاها أي إنسان خارج وطنه يتم وفقاً للصورة التي يرسمها الآخرون عنها وعن أبنائها فضلاً عن علاقاتها السياسية..فقد أدت العمليات الإرهابية التي نفذتها الجماعات المتطرفة إلى تعرض اليمن لحملات تشويع ،وشنت ضدها حملات سياسية وإعلامية معادية أساءت كثيراً لسمعتها وعلاقاتها الخارجية ومكانتها الدولية، من خلال الترويج لمعلومات مغلوطة صورت اليمن بأنها أصبحت بيئة خصبة لترعرع الإرهاب وإنتاج الإرهابيين، وقللت من شأن الإجراءات التي تقوم بها الحكومة اليمنية في مجال مكافحة الإرهاب.
وعادة ما تتعامل بعض وسائل الإعلام المحلية والخارجية بصورة غير مسئولة من خلال المبالغة والتضخيم في وصف الأعمال الإرهابية ونقل صورة سيئة عن اليمنيين وتعميمها للعالم الأمر الذي جعل المواطن اليمني غير مرحب به في كثير من البلدان الخارجية والتعامل معه بشكل سييء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.