- «أرى أمساً يمتد نحوي بغابة ضيعت الحكاية» - هناك شروط للتغيير ليس من بينها خشونة الذكر أو نعومة الأنثى من منا لا يعر ف هذه الشاعرة انطلقت بدأب واصرار مع كثير من النسوة, نحو الانتصار ل «نون النسوة اليمنة», نجحت فيما فشلت كثيرات ، سر نجاحها يكمن في فلسفتها الخاصة للنساء والنسوية.. والتي تنطلق من أن تغيير وضع المرأة اليمنية يكمن في أنسنة “نون النسوة” سعياً لأنسنة “المذكر السالم” .. بدل الخوض في صراع لن ينتهي مع سلطة الرجل لازاحته عن مكانه بدل تغيير طريقة تفكيره. بداية شكرا لأفكار على هذا اللقاء واعتذر عن عدم الإجابة على كل الأسئلة التي قدمت لي نظرا لضيق الوقت، كما فضلت وخاصة في ما يتصل باتحاد الأدباء تأجيل الحديث؛ أود أن أقرأ المشهد الاتحادي الأخير بمسافة كافية تضمن لي أن القراءة محايدة وعميقة، كما أن المشهد الاتحادي جدير بقراءة إضافية مستقلة قد أخص بها (أفكار) عما قريب، لأن ثمة ما يستحق القول وما يوجب النشر في مقابل صمت قاتل تجاه ما حدث وما يحدث حتى الآن في المعلن والمخفي من قضايا اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين. .. ما رأيك في مصطلح الأدب النسوي؟ لن أخوض في مصطلح الأدب النسوي، فقد فعل دارسوه وناقدوه ذلك منذ زمن، منذ حفرت المرأة أول حضور لها، مفجرة صمت كل النساء، لكني سأقول عن هاجس النسوية في الملفات والأسئلة والكتابات والاحتفاءات المجانية أو العداوات المجانية أيضا سأقول: إنه كلما مر الوقت تبين لي أن طريقة الاحتفاء/ السؤال بكتابة المرأة أو حضور المرأة في الكتابة صارت تفرغ هذه الكتابة وذاك الحضور من مضمونيهما، حتى غدا التساؤل عن هذين الجانبين وما يشاكلهما ضربا من إنكار أو استنكار، أو أنه جري وراء موضة السؤال للسؤال مثل ما تفشت موضة الحديث عن العولمة، وثورة الانترنت، والمجتمع المدني وسواها. وتطل المرأة الأنثى من وراء مغاليق تلك الأسئلة وأسيجتها، لا ندية أو تشارك بينها وبين الرجل الذي يتشهاها، فيكثر السؤال عنها دون أن يكترث بكتابتها، أو بمعنى حضورها في الكتابة الذي اجترحته، فغدا جزءا من حقيقية الكتابة واكتمالها في أدبنا اليوم؛ إن السائل غير معني باجتراحاتها أو بمعاني حضورها ونصوصها، هو مشغول فحسب بالأنثى متحرش بها أو مستهين أحيانا أو غير مصدق ويلزمها الكثير، الكثير من الموهبة، والأكثر من القبح لتشذ عن القاعدة، مؤكدة إياها في نفس الوقت. ثمة نبرة خفية في كل سؤال عن: هل أثبتت المرأة حضورها؟ هل تفوقت على الرجل ؟ وما شابه هذين السؤالين. إنها شبكة معقدة في نفسية تضمر اعتقادات راسخة عن مكان واحد طبيعي للمرأة هو البيت، وعن جزء خاص في هذا المكان فيه يكون إبداع المرأة وتفردها هو المطبخ. لذا أشم رائحة هذه السيكولوجية في كل هذه الأسئلة التي مازالت تنطلق من أن المرأة لم تغادر المطبخ، وليس بوسعها حين تتركه مؤقتا سوى أن تضع في جسد النص بعض التوابل والبهارات (المثيرة) لشهوات قرائها وحسد قارئاتها. من هاهنا أظن أنه صار لزاماً علينا أن نتجاوز هذه العقلية، وأن نتعاطى مع حضور المرأة في أدبنا، وصلب حياتنا الثقافية بجدية وتصديق؛ لأنه لم يعد حادثاً طارئاً، أو حدثاً مؤقتاً سوف يطويه الزوال، وتعيده الطبيعة إلى طبيعته التي صورتها الثقافة النمطية بعيدة عن القراءة أو الكتابة، أو كما قال أحدهم لصاحبه ذات نص شعبي كاشف عن هذا الهلع العميق والتصميم على الإنكار: قالوا قد الغيد بتقرا يا (جمال) ما قد سمعنا بحرمة قارية!! أليس التصميم هنا على وصف النساء وصفا خارجيا (جسديا) هو تأكيد على نظرة واحدة مغلقة لصورة المرأة المخلوقة لإمتاع الرجل بمفاتنها، ولذا فتحول (الغيد) إلى القراءة (فضلا عن الكتابة) لهو أمر يدعو إلى العجب؛ إن لم يكن هو العجب ذاته. وفي الشطر الثاني نجد المرأة حاضرة بصفتها (حرمة) من الحريم والحرام والحرم وكلها معان تدور في إطار دور أقل للمرأة وحضور أضعف وحاجة دائمة لحماية الرجل لحريمه وحرمه وحرماته. إننا في حضور ثقافة الحريم يمكن أن نقع على معنى أمني (ولا يعقل أن نجد معنى إبداعيا) ينطلق من ضعف الحريم وقصورهن في مقابل قوة الحماة الذكور –بالضرورة- وتفوقهم. فما حاجة هذه الحرمة الضعيفة القاصرة إلى خوض مجاهل القراءة والكتابة، وهي التي لا تني تحتاج إلى رجل يذود عنها المخاطر؟ّ! والقراءة هنا تغدو ترفا مضاعفا لدى النساء: (الغيد/ الحريم)، لأنها ليست شائعة بين الرجال وإن كانت مألوفة وغير مستغربة. وعلى الرغم من كل الأقنعة التي تضعها أسئلة (المثقفين) حول أدب المرأة فإن كثيرا منها ينطلق من نفس مرجعية الشاعر الشعبي الذي يفضل أولئك بوضوحه وصراحته. .. كيف يمكن أن تقود المرأة التغيير الثقافي أو المجتمعي؟ هل صوتها أقوى من صوت الرجل في التغيير؟ إن إفادة استغراق الجنس التي أظنها حاصلة في كلمتي (المرأة/ الرجل) الواردتين في السؤال، هي التي تعيقني عن الجواب، أو تحفزني على الذهاب به إلى جهة مغايرة، ليست هي جهة السؤال؛ دعني أكن مشاكسة وأقل: لا يمكن أن نفرض أو نفترض أن أي امرأة قادرة على أن تقود التغيير، وترسم اتجاهاته، لمجرد أنها امرأة، في مقابل الآخر الرجل. كما أنه ليس بوسع أي رجل أن يقود تغييرا أو يصنع اختلافا. ثمة مؤهلات خارج البيولوجيا هي التي تصنع القدرة، وتمكن من المضي بها إلى حيث الاختلاف بمعناه الخلاق والتغيير في سمته الإيجابي. ليست القضية إذن هي تغيير في النوع، أو انتقال من خشونة المذكر إلى نعومة المؤنث لتحقيق حل سحري يقود إلى الأفضل والأجمل. لا بد أن ينظر إلى شروط يتوجب أن يمتلكها من يضع نفسه/ ها، على رأس التغيير ومن صانعيه/اته، دون تلك الشروط، لا رجل.. لا امرأة يمكنهما اجتراح المعجزة ذلك أن زمن المعجزات قد ولى، ونحن في أزمنة تتطلب تراكما في المعرفة والخبرة، وتناغما بين الكفاءة والأداء، ثم رؤية ومشروعا تمتلكهما المرأة، أو يمتلكهما الرجل؛ لم تعد المشكلة في النوع، لقد صارت في النوعية، نوعية المرأة والرجل، الرؤية والمشروع المناط بأحدهما أو بكليهما صناعة تغيير ثقافي ومجتمعي نحن في أمس الحاجة إليهما لأن الآسن في الثقافة وفي المجتمع قد تغلغل في جنبات أيامنا وأوجاعنا وخيباتنا وصار التغيير أو حلمه ملاذنا الأول وملاذنا الأخير؛ ولن أحدثك عن خيباتي في بعض النساء اللواتي يقدمن نموذجا متخلفا عن ما نأمل فيه منهن، لقد صار اختيار النموذج الأسوأ لتمثيل المرأة كارثة لا تقل عن اختيار النموذج الأسوأ من الرجال لإقناعنا ربما بالعدول عن حلم التغيير وجدواه، لن أحدثك عن تلك القلة من النساء، لأن خيباتي في جل الرجال (المثقفون طبعا) هي أقسى وأعنف، وأشير على سبيل المثال فحسب إلى أن كثرة عددهم وادعاءاتهم لم تغير من وضع حريم (هم) شيئا؛ فأي أمل في تغيير بلاد، وتثوير مجتمع؟ .. ما جديدك بعد ديوان (فلأكن صديقة العائلة) الصادر عام 2004؟ جديدي أنني أعلنت عن جديدي ثم لم أرتبه للنشر. جديدي أنني أتفرج على جديدي دون أن أرتبه للنشر. جديدي أن لدي جديدا لم أعطه وقتا يستحقه كي يكون ماثلا للنشر، لم أضمه إلى اسمي على غلاف مجموعة تدوننا معا. لم أفتحه على قراء جدد. طبعا يعود جزء كبير من الفضل إلى كسل لذيذ يعتريني أعلق على شماعته كل هذا التباطؤ والتسويف، ثم إلى حالة استسهال في النشر لدى بعض الكاتبين/ات تحولت إلى إسهال لديهم، وتشدد عندي أفضى إلى عسر نشر. أعترف أن الجانبين على خطأ. لابد من حالة توازن. من جانبي لابد من خيانة للكسل، وكسر للتهيب، وقفز على التشدد. لابد من رابع يلغي قداسة التثليث. لابد من النظر إلى نصوصي بعيون قراء تنتظرهم أحرفي لتبدأ حياتها فيهم ومعهم بمعزل عني. الصفحة أكروبات...