«من جد وجد ومن زرع حصد» حكمة تربى عليها الأجيال...ومع مرور الأيام محيت من الأذهان..وحل محلها يأس وقنوط واستسلام “وأنا حظي كذا”..فصارت الحكمة قولاً بلا معنى خاصة عند أولئك الشباب الكسالى الذين يعلّقون فشلهم على شماعة الحظ...فمن يحقق النجاح باعتقادهم لابد أن يكون صاحب الحظ فلا مجال للجد والاجتهاد. الحظ هو العملة الصعبة في السوق السوداء في هذه الحياة يتداوله كثيرون ويبنون عليه مستقبلهم على الرغم من وجود عوامل كثيرة للنجاح...إلا أنها بنظر أولئك ثانوية لا تحتاج لمن يلم ويعمل بها. من هذا المنطلق كان هذا الاستطلاع لتسليط الضوء على هذه المشكلة التي أوجدت جيلاً بلا مشروع. كلام كثير كلام كثير قيل في الحظ يصعب الإلمام به، ففي التراث الحكمي قالوا«شاركوا الذي أقبل الرزق عليه، فإنه أخلق للغنى وأجدر بإقبال الحظ عليه» ويلاحظ بأن مفردة الحظ وردت في القرآن الكريم 8مرات وبعدة معان منها النصيب والحصة كما في قوله تعالى «يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين» ومن الأقوال المأثورة في هذا الصدد “الحظ يأتي من لا يأتيه”. الشعر كذلك رسم صورة في غاية الإتقان للمفهوم الشعبي الدارج حول الحظ السيئ وذلك في قول الشاعر. إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه ثم قالوا لحفاةٍ يوم ريح اجمعوه «الحب والزواج والدراسة والرزق والأبناء والسكن والعمل والصحة والمرض والتجارة...الخ» موضوعات صالحة للانضواء تحت خيمة الحظ ومرادفاتها«البخت القسمة القدر النصيب». بالإضافة إلى ذلك لا توجد إشارة مهمة عن وجود الحظ سواءً في تواريخنا الثقافية أم مجمل القراءات العلمية، بحيث يمكن الاطمئنان إليها، والتسليم بأن الإنسان وحياته ومواقفه ومراحله الحياتية عبارة عن مجموعة من الحظوظ. على طرفي نقيض من المتعذر إيجاد حل وسط وتوفيقي بين الذين تم استطلاعهم ف «نعم» و«لا» ومع وضد هي اللغة السائدة..فالرافضون لمنطق الحظ يتمسكون بمنطق العلم المطلق والمؤمنون به يقيسون كل صغيرة وكبيرة في الحياة وفق مقاسات الحظ.. المهندس حلمي الصلوي يرى أنه من النادر وجود شخص ناجح غير محظوظ، فمصير الإنسان غالباً ما يحدده الحظ..كما يعتقد أن من حوله من أصدقاء وأقارب نجاحهم مرهون...وفق حظهم. ويعتبر الصلوي أن المثابرة والجد في العمل والإرادة القوية أمور ثانوية مساعدة ولكنه يوجه انتقاداً حاداً لأولئك الأشخاص الذين يحسدون المتفوقين. خير الأمور أوسطها سامية عبدالعزيز مدرسة تقول: الحظ له الفضل في نجاح الكثيرين لهذا فإني أؤمن بالحظ..مثلاً إذا رجعنا إلى التاريخ لوجدنا أنه لو لم يلعب الحظ لعبته مع العالم نيوتن لما استطاع أن يكتشف قانون الجاذبية. وتهدىء سامية من لهجتها فتقول: إن الركون إلى الحظ من عمل المتواكلين لذا فخير الأمور أوسطها بحيث نوازن بين الحظ والعمل. تساؤل سلوى عثمان طالبة جامعية تقول: كل شيء في حياة الإنسان باعتقادها مرتبط بالحظ وأغرب شيء على حد تعبيرها هو أن الحظ الغالب والأعم من نصيب الكسالى والفاشلين والأغبياء. أما زميلتها منى سعيد..فقد أشفقت عليها من كثرة تأنيبها لنفسها ولسوء حظها فقد حصلت لها سلسلة من الانكسارات بسبب سوء الحظ لايتسع المجال لذكرها.. والأعجب من ذلك حينما تبدي دهشتها وبقوة من أولئك الذين ينكرون الحظ ويتجاهلون دوره في رسم الحياة البشرية وتتساءل«منى» ما هو التفسير المنطقي الذي يقف وراء فوز«س» من الناس، ببطاقة اليانصيب أو أي مسابقة من بين مئات الآلاف هل هناك شيء غير الحظ؟!. عامل مساعد فارس محمد..يعتقد أن الحظ ليس شرطاً أساسياً لتحقيق النجاح بل هو عامل مساعد..فمن النادر وجود شخص ناجح بدون أن يبذل مجهوداً أو يتعب لتحقيق ما حصده من نجاح. ويضيف فارس: أن لكل مجتهد نصيباً، فالمجتهد حتماً سيحصد ثمرة تعبه ومن هنا أنصح زملائي الشباب بعدم الانسياق وراء الثقافات الشعبية الدارجة التي تروج لخزعبلات وخرافات من أن الناجح محظوظ وأن العالم حظوظ وفي آخر كلامه يتعجب من وجود شباب في القرن الواحد والعشرين يلبسون الخواتم والقلادات لتجلب لهم الحظ وتبعد عنهم الفشل ..حتى يكون النجاح حليفهم حسب اعتقادهم.. لا للتواكل يوافقه الرأي أنور عبدالجليل فالحظ من وجهة نظره يؤدي دوراً صغيراً في تحقيق الآمال والتطلعات والإنسان بإصراره يستطيع أن يبني نجاحه ويصل إلى تطلعاته، والذي يرجع سبب فشله إلى الحظ السيئ باعتقاده هو إنسان فاشل، ضيق الأفق، واتكالي وغير طموح. ويضيف: إن وجود العقبات والمصاعب في حياة أي إنسان، أمر طبيعي ولكن الإنسان ذا الإرادة الصلبة والعزيمة القوية يقهر العقبات ويستفيد من غيره ويتكل...ولا يتواكل. لذا فإن الشباب ملزمون ببناء أنفسهم...وعدم تعليق عثراتهم ومشاكلهم إلى الحظ السيئ. نحن السبب مختار عبدالله عثمان..كان من أولئك الشباب الذين يرون أن الحظ لا يحالفهم في أغلب الأحيان، فقعد وتكاسل، وأعلن استسلامه لليأس والقنوط..ولكنه في الفترة الأخيرة غير رأيه، بحكم تجاربه في الحياة والمشاكل والمواقف التي حصلت له سابقاً..وهنا يقول« الكفاح مطلوب في كل الأوقات وعدم الاجتهاد في الحياة واختفاء الإرادة القوية لدى المرء وغياب المثابرة والعزيمة حتماً يقود إلى الفشل..وأنا شخصياً أؤمن بالحظ ولكن الكفاح أساس متين للتفوق. ويضيف مختار: هناك مصادفات إيجابية وأخرى سلبية، وهذا أمر طبيعي أما أن نتحدث عن الحظ وكأنه من الحقائق العلمية أو الغيبية فهذا محض كلام لا يستند إلى علم أو شرع أو منطق سليم. سلبية يؤكد ماجد عبدالله قاسم الموظف في إحدى الشركات الخاصة..بأن من يتحدث بلغة الحظ ويسلم نفسه لهذا المنطق إنما يعبر عن سلبيته وعدم مواجهته للحقائق الحياتية..والأفضل أن نتحدث عن وجود “فرص” أو«مصادفات» في حياة كل منا بعضها نستثمرها والبعض الآخر لا نستثمره..إذاً نحن السبب. العمل المفيد وينصح الدكتور صدام حسين الظافري..من كانت حظوظهم سيئة حسب اعتقادهم أن يجابهوا ظروفهم كما هي فلا يتحسروا على ولادتهم في عائلة فقيرة أو في محيط وضيع..لأن الإغراق في ندب الحظ والاستمرار في استعراض أوجه النقص يقودان إلى الإخفاق ولا يعودان بأي فائدة. ويضيف الظافري:أن الشخص الفقير بمؤهلات النجاح يجب عليه ألا يستسلم إلى المصير الأليم فيضيع وقته الثمين بمعاتبة القدر، كذلك لا يضيع ثقته بنفسه لأن عدة سنوات من العمل المفيد والسعي الدؤوب كفيلة بتغيير الحظوظ.