أحلامها التي بدأت تتشكل للتو، أنهتها سريعاً عضة كلب شارد.. ووقع خطواتها الأولى إلى المدرسة غيرت مسارها إلى المستشفى السويدي بحثاً عن جرعة “لقاح” لها وأخيها لكنها لم تجدها هناك، لتعود “أسماء” إلى قريتها تنتظر باستسلام موتاً استعد جيداً لسلب روحها.. مكنه من ذلك قدرها البائس، وفقر والدها الذي عجز عن توفير قيمة لقاح خلت أدراج صيدلية المستشفى منه بينما كان متوفراً وبسعر باهض في الصيدليات المقابلة ...!! في الساعة الثالثة من مساء السبت الموافق «15» يناير الماضي كانت الطفلة أسماء محمد أحمد المهجري «6» سنوات، تلعب كما جرت العادة بصحبة أخيها أمام باب منزلهم في قرية قزيلة بمنطقة الجندية شرق مدينة تعز عندما فوجئت بكلب شارد يثب عليها ويعضها في كفها الأيسر، ليرتد الكلب ويثب على أخيها محمد «4» سنوات ويعضه هو الآخر في الكف الأيمن، لم تمض سوى ساعة واحدة حتى كان الوالد يحمل طفليه في ردهات المستشفى اليمني السويدي بمدينة تعز، حيث علم أن المصابين بعضات الكلاب يتلقون الرعاية على يد متخصصين في هذا المشفى، لكن الوالد اصطدم بمشكلة غياب اللقاحات المخصصة للمصابين بعضات الكلاب، فتوجه إلى شراء اللقاح من السوق، لكن المبلغ الذي كان في حوزته لم يف بغرض إسعاف الطفلين حيث كان يحمل «3000» ريال وثمن جرعتي اللقاح يبلغ «6000» ريال وهو أمر لم يكن مستعداً له فقد علم أنه سيتلقى الجرعات مجاناً من المستشفى، ومغلوباً على أمره عاد الوالد والطفلين إلى منزلهما، وقد وقف الفقر عائقاً دون تمكنه من توفير لوازم الإسعاف الضرورية لطفليه، وفي القرية تلقى الوالد جرعة نصائح مميتة من أهل القرية، وهي نصائح تحث الوالد بالهدوء وعدم القلق وأن اللقاحات ليست ضرورية، فهناك الكثيرون من الذين تعرضوا للعض دون أن يصابوا بشيء، استكان الوالد لتلك النصائح، ولكن بمجرد مرور ثلاثين يوماً تقريباً أخذت الطفلة تشكو من الحمى وكان الوالدان يقدمان لها مسكنات للحرارة. ثم بدأت الطفلة تعاني إلى جانب الحمى حالة من الحكيك، وضيق تنفس، وانعدام النوم، ثم شيئاً فشيئاً أصيبت الطفلة، بحالة تثاؤب متواصلة، وقيء «غثيان» مصحوب بدم، وخوف من الماء، كما كانت تصاب بحالة تشنج عصبي واستولى عليها الغضب في التحدث مع الآخرين، وعندما تم إسعافها للمستشفى اليمني السويدي في ال«15» من فبراير الحالي كانت الطفلة قد فقدت القدرة على الوقوف، كانت تنتقل من مكان لآخر في عيادة مكافحة داء الكلب لتنام فيها لبرهة وتستبدلها بالانتقال لتستلقي في مكان آخر. كان الأوان قد مضى على إمكانية فعل أي شيء للطفلة ولم يبق سوى انتظار أن توافيها المنية توفت أسماء وهي ماتزال زهرة من العمر والسبب أنياب شاردة لكلب مسعور، وقد نجا أخوها بسبب أن العضة التي تعرض لها كانت سطحية، بينما كانت العضة التي تعرضت لها أسماء غائرة في اليد اليسرى وهي منطقة أطراف تحتوي على رزم عصبية تعمل على سرعة انتشار الفيروس ووصوله إلى الدماغ في زمن قياسي. الطفلة أسماء ليست الضحية الوحيدة خلال أسبوع واحد من عضات الكلاب فقد أسعف الطفل ماجد عبدالله أحمد من أهالي مديرية شرعب الرونة بمحافظة تعز، وقد بدت عليه أعراض خطيرة تجعل مسألة شفائه ميؤساً منها بسبب عضة كلب مسعور. المعنيون في وحدة مكافحة داء الكلب في المستشفى اليمني السويدي بتعز يشكون من انعدام اللقاحات في الوزارة بشكل تام، وهو أمر جعل الصيدليات في السوق تغالي في أسعار جرع اللقاح وهو أمر يخلق إعاقات أمام المصابين بالعضات وينذر بالكثير من المخاطر على صحة المصابين بعضات كلاب وهي مسألة يعززها انعدام حملات التوعية الصحية حول مخاطر داء الكلب مثله مثل بقية الأمراض القاتلة الأخرى.