تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    رشاد العليمي حاقد و"كذّاب" تفوّق على من سبقه ومن سيلحقه    شعب الجنوب أستوعب صدمة الاحتلال اليمني وأستبقى جذوة الرفض    فلنذكر محاسن "حسين بدرالدين الحوثي" كذكرنا لمحاسن الزنداني    ليس وقف الهجمات الحوثية بالبحر.. أمريكا تعلنها صراحة: لا يمكن تحقيق السلام في اليمن إلا بشرط    أنباء غير مؤكدة عن اغتيال " حسن نصر الله"    آخر مكالمة فيديو بين الشيخين صادق الأحمر وعبد المجيد الزنداني .. شاهد ماذا قال الأول للأخير؟    شيخ بارز في قبضة الأمن بعد صراعات الأراضي في عدن!    الحوثيون يراهنون على الزمن: هل ينجحون في فرض حلولهم على اليمن؟ كاتب صحفي يجيب    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    الأمل يلوح في الأفق: روسيا تؤكد استمرار جهودها لدفع عملية السلام في اليمن    دوري ابطال آسيا: العين الاماراتي الى نهائي البطولة    تشييع مهيب للشيخ الزنداني شارك فيه الرئيس أردوغان وقيادات في الإصلاح    كلية القيادة والأركان بالعاصمة عدن تمنح العقيد أديب العلوي درجة الماجستير في العلوم العسكرية    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    بن دغر يوجه رسالة لقادة حزب الإصلاح بعد وفاة الشيخ عبدالمجيد الزنداني    رئيس مجلس القيادة يجدد الالتزام بخيار السلام وفقا للمرجعيات وخصوصا القرار 2216    مركز الملك سلمان يدشن توزيع المساعدات الإيوائية للمتضررين من السيول في الجوف    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    إعلان موعد نهائي كأس إنجلترا بين مانشستر يونايتد وسيتي    مفسر أحلام يتوقع نتيجة مباراة الهلال السعودي والعين الإماراتي ويوجه نصيحة لمرضى القلب والسكر    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    إنزاجي يتفوق على مورينيو.. وينهي لعنة "سيد البطولات القصيرة"    "ريال مدريد سرق الفوز من برشلونة".. بيكيه يهاجم حكام الكلاسيكو    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    لابورتا بعد بيان ناري: في هذه الحالة سنطلب إعادة الكلاسيكو    انقطاع الشريان الوحيد المؤدي إلى مدينة تعز بسبب السيول وتضرر عدد من السيارات (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    ميلشيا الحوثي تشن حملة اعتقالات غير معلنة بصنعاء ومصادر تكشف السبب الصادم!    دعاء مستجاب لكل شيء    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    رئيس مجلس النواب: الفقيد الزنداني شارك في العديد من المحطات السياسية منذ شبابه    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    تراجع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.. "كمل امكذب"!!    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مافيا الآثار تتاجر بهويتنا
لصوص المقابر عبثوا بأكثر من 100مومياء يمنية في المقابر الصخرية
نشر في الجمهورية يوم 05 - 04 - 2011

المومياوات تمثل موروثاً تاريخياً وحضارياً لبلادنا وقد توالت العديد من الاكتشافات للمقابر الصخرية والكهوف في مناطق شبام الغراس والأهجر وشعوب وغيرها في محافظة المحويت ولكنها لم تعطي حقها من الدراسات والتحليلات العميقة ويرى الدكتور عبدالحكيم شايف الأستاذ المشارك بقسم الآثار بجامعة صنعاء أن الاكتشافات لم تكن علمية بالمعنى المنهجي ولكن أغلبها كان عن طريق الصدفة.اكتشاف الموميات عام 1983م
وقال: بالنسبة لاكتشاف مومياوات في منطقة الشرق الأدنى القديم وبالتحديد في المنطقة الجنوبية الغربية من الجزيرة العربية وبالذات اليمن يعتبر ثاني اكتشاف لممارسة التحنيط في التاريخ القديم بعد الحضارة الفرعونية.
وإذا عدنا إلى المصادر التي ذكرت وأشارت إلى وجود بعض الجثث المحفوظة يأتي شيخ المؤرخين الهمداني كأول مصدر يذكر بعض الإشارات التي توحي بأنه كان يتم الحفاظ على الجثة عن طريق التحنيط ولكن كثيراً من هذه الروايات التي جاءت عند الهمداني أو عند وهب بن منبه في كتاب التيجان أشبه كثيراً بالطابع الأسطوري، وإذا عدنا إلى المصادر التي ذكرت التحنيط فهي لم تبدأ إلا باكتشاف مومياوات شبام الغراس في أكتوبر 1983م ولكن لا يعني ذلك أن هذا هو التاريخ الدقيق لاكتشاف مومياوات في اليمن بل إذا عدنا إلى تاريخ الاكتشاف الأثري في اليمن فهناك ذكر في كتاب قتبان اندشيبا وهو الكتاب الذي كتب بعد ما قام وندل فلبس بحفرياته في معبد أوام في مأرب وأيضاً في مدينة تمنع العاصمة القتبانية وعثر في كلا المقبرتين على بقايا نسيج متفحم ومواد راتينجية كانت تستخدم في الحفاظ على الجسد أما الاكتشاف الفعلي فهو الاكتشاف الذي تم في أكتوبر عام 1983م في منطقة شبام الغراس وكان بالصدفة وعلى إثر هذا الاكتشاف تشكل فريق من قسم الآثار برئاسة الدكتور عبدالحليم نورالدين رئيس القسم وبتوجيهات رئيس الجامعة وعميد الكلية وقام هذا الفريق بحفرية إنقاذية للمقابر في شبام الغراس وتم إنقاذ بعض المومياوات التي تم تدميرها من قبل المواطنين الذين كانوا يبحثون عن المجوهرات ظناً منهم بأنهم داخل هذه الجثث، خلال هذه الحفريات وعلى عمق (60)سم تم اكتشاف مومياء واحدة سليمة ومكتملة وتم إنقاذها وأخذها إلى قسم الآثار في جامعة صنعاء وعلى ضوء ذلك صدرت توجيهات باستدعاء فريق من هيئة الآثار المصرية للقيام بصيانتها وترميمها.
وعلى إثر ذلك تم تخصيص الفرقة رقم واحد في المتحف الذي أنشىء في تلك الفترة كمتحف تعليمي لقسم الآثار وحظي ذلك الاكتشاف باهتمام الدولة ممثلة بفخامة رئيس الجمهورية وقام بزيارة للمتحف المذكور ولكن اكتشاف التحنيط في اليمن لم يقابل ذلك الصدى والاهتمام من قبل الباحثين سواء في تاريخ حضارة الشرق أو بالنسبة للتاريخ العالمي لأن اليمن تأتي بعد الحضارة الفرعونية واكتشاف التحنيط في منطقة اليمن لم يأت فقط كممارسة دينية أو جنائزية ولكن يأتي ببعد تقني وعلمي كبير.
عن طريق الصدفة
وعن أهمية هذه المومياوات يقول خبير الآثار اليمني عبدالحكيم شائف: قبل أن أشير إلى أهميتها أود أن أشير إلى أن الاكتشافات توالت في العديد من المناطق وإن كانت في كثير من الأحيان ليست اكتشافات علمية بالمعنى المنهجي ولكن أغلبها كان يتم عن طريق الصدفة فلو أخذنا بالتسلسل لتاريخ اكتشاف بقايا التحنيط، فالبعثة الإيطالية في 1985م عثرت على بقايا نباتات وبقايا مادة الراتنجات التي كانت تستخدم في نوع من المعالجات للجسد في مقابر المخدرة ، وفي 1991م قام فريق من قسم الآثار في جامعة صنعاء بإنقاذ بعض المومياوات في جبل النعمان في ثلا بمحافظة المحويت وكانت موجودة في مدافن كهفية وتم إحضارها إلى قسم الآثار وتعرض الآن في القاعة رقم واحد وفي 1994م قام فريق من قسم الآثار باستكشاف مدفن كهفي في منطقة حيف في المحويت ونتيجة لوجود الكهف في منطقة مرتفعة جداً تم الاكتفاء بعمل تقرير أولي وتصوير ما يحتويه من جثث محنطة وتوالت الاكتشافات في محافظة المحويت في صيغ،وبيت رحمة، وبيت النصيري وكثير من المناطق وبعد 1998م عثرت أيضاً البعثة الألمانية والأمريكية في معبد أوام على بقايا مواد استخدمت في التحنيط وفي عام 2003م وحتى اليوم توالت الاكتشافات في العديد من المناطق مثل خربة همدان في الجوف وتم العثور على مومياوات في عنس محافظة ذمار وأيضاً في منطقة شعوب والأهجر.
أما عن أهمية هذه المومياوات فهي تبرز في جانبين الجانب الأول تعكس نوعية المجتمع الذي عاش في منطقة جنوب الجزيرة لأنه عندما نقوم بعمل دراسة “انثروبولوجية”لنوعية السكان الموجودين نستطيع مثلاً أن نعرف الحالة الصحية لهذا المجتمع، أيضاً العادات والتقاليد التي كانوا يمارسونها، أيضاً معرفة التركيب الاثني لسكان جنوب الجزيرة والمعتقدات الدينية التي كانت تمارس في ذلك الوقت.
أما الجانب الثاني فيتحدد بالجانب التقني الذي كان يمارس في عملية التحنيط في هذه المنطقة.
الدراسات الأولية
وعن تميز التحنيط في اليمن عن مصر قال شائف:
إن اكتشاف المومياوات ليس في نوع محدد من المقابر وإنما في مقابر صخرية موجودة في شبام الغراس وفي مقابر كهفية في منطقة المحويت وما حولها وفي مقابر معبد أوام التي هي مقابر الممالك التي كانت في أطراف الوديان ومقابر صندوقية الشكل كما في مقابر منطقة شعوب، وهذا يعني أنه كان هناك استمرار في ممارسة التحنيط أيضاً لم يتم اكتشاف فقط تحنيط علية أو زعماء القوم أو نوعية محددة من المجتمع ولكن تشير الاكتشافات إلى أن عملية التحنيط لعامة الناس، كان هناك تحنيط للأطفال كما في شعوب وذمار وأيضاً للأقيال وكبار السن مثل مقابر شبام الغراس وسخيم وبالنسبة للتحنيط من خلال المراجع نعرف أن التقنية التي استخدمها المصريون ثلاثة أنواع من التحنيط: التحنيط البسيط والمتوسط والدقيق، ويتم وفق مراحل معينة وتستخدم مواد نباتية ومواد مركبة ويتم على مراحل وترتكز بشكل أساسي على تخليص الجسم من السوائل.
الحاجة إلى متخصصين في المومياوات
أما بالنسبة لليمن فلم تتم الدراسة الدقيقة لمومياوات الدفن وتم دراستها من قبل متخصصين في كثير من الأمراض لكن الاكتشاف في اليمن كان يتم عن طريق الصدف ولم يتم دراستها دراسة علمية منهجية دقيقة ولكن من خلال المومياوات التي تم فتحها، وجد أنه كان يتم شق البطن واستخراج الأحشاء ووضع بعض المواد النباتية مثل نبات “الراء” الذي يساعد على امتصاص السوائل التي يفرزها الجسم بالإضافة إلى وضع مواد أخرى سواء داخل الجسم مثل الصبر أو المر أو القار أو الزفت وتقويته بنوع من الخشب الملفوف بنوع من الكتان حتى يبقى شكل التجويف البطني كما هو بالإضافة إلى مواد كان يتم بها تغطية الجسم مثل مادة الراتنجات وهي مادة قريبة الشبه من مادة اللبان وفائدتها تعمل على الحفاظ على المواد العضوية بالإضافة إلى أن هناك ومن خلال العينات التي تم أخذها من منطقة شبام الغراس وتم تحليلها وجدت مواد معدنية كثيرة مثل الزنك ومواد مركبة يتم استخدامها لم يعرف بالتحديد مقاييسها أو نوعيتها ولكن فائدتها كانت أيضاً تساعد في جفاف الجثة وبعد ذلك يتم تكفين الجثة، وإلى الآن لا نستطيع عمل مقارنة بين التحنيط في اليمن أو التحنيط في مصر لأننا سنظلم الحضارة اليمنية والسبب في ذلك أنه في مصر بدأت الاكتشافات منذ وقت مبكر وتم اكتشاف المقابر من خلال علماء آثار وبالتالي تم اكتشاف هذه الجثث اكتشافاً علمياً وتم رفعها بطريقة علمية، وهذا ساعد على دراستها دراسة دقيقة، ولكن في اليمن لم يتم إلى الآن إلا اكتشاف جثة محنطة واحدة بطريقة علمية من قبل قسم الآثار على الرغم من أن المقبرة فتحت قبل سنة تقريباً، وهذا يعني أن نابشي القبور هم الأسرع إلى هذه المقابر، وهذا لا يساعد المختصين على دراسة وضع الجثة ودراسة إذا كان هناك تركيب لنوعية الأثاث الجنائزي بجانب الجثة، أيضاً دراسة نوعية الاختلاف في عملية التحنيط وفي التكفين نفسه لأن كل خطوة تفسر مرحلة معينة ولكن الظاهر إلى حد الآن أن هناك تشابهاً بين الحضارة المصرية واليمنية من حيث شق البطن واستخراج الأحشاء وأيضاً تجفيف الجسم وهو القاعدة الأساسية للتحنيط بالإضافة إلى شيء مهم جداً..
هناك تشابه بين التحنيط في اليمن ومصر
ماذا عن المواد المستخدمة في التحنيط عند اليمنيين وهل هي نفس ما استخدمه الفراعنة؟
اليمنيون كانوا يتاجرون بمواد مهمة كانت لها علاقة قوية بممارسة الطقوس الدينية سواء في المقابر أو في الدفن مثل اللبان والبخور والمر وهذه تستخدم في علاج كثير من الأمراض إلى جانب أنه يوجد عندنا شاهد قبر لتاجر معيني مدفون في منطقة الجيزة في مصر وهذا التاجر كان يقوم بالمتاجرة بهذه المواد من جنوب الجزيرة إلى اليمن، ويلاحظ في الجانب الاثنوغرافي في أن اليمنيين إلى اليوم مازالوا يستخدمون في بعض المناطق مادة اسمها الحنوط وهي مادة أو عبارة عن تركيب مجموعة من المواد مثل الصندل والحناء والعنبر ويدهن بها الجسم للحفاظ على الجثة، وهذا نوع من التقليد القديم لكن القول بأن هناك تشابهاً بين الطريقة اليمنية والمصرية يحتاج منا إلى دراسة متعمقة.
تاريخ التحنيط
هل يمكن تحديد تاريخ التحنيط في اليمن؟
تاريخ التحنيط في اليمن لا نستطيع أن نحدده بتاريخ معين ولكن هناك تاريخ تم القيام بعمله بالنسبة لمومياوات شبام الغراس في معامل “بيتا” في فلوريدا بأمريكا وإعطاء تاريخ 280 قبل الميلاد أي في القرن الثالث قبل الميلاد في فترة الدولة السبئية وقام الفرنسيون بتحديد تاريخ عينات لمواد مستخرجة من مقابر الصيح في المحويت وأعطته تاريخ 765 قبل الميلاد وهي من حيث التاريخ تأتي بعد شبام الغراس.
ويقول الدكتور شايف: لقد نشرت دراسة باللغة الإنجليزية لعضو هيئة التدريس بقسم الآثار د. عبده عثمان غالب،وجفري بلاكلي وهما عضوان ضمن فريق المسح الأثري في الجوية 1982م التابع للمؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان، في دورية “NEWS LETTER” حولية المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان “ASOR” لم يكن أحد يعرف أو قد كشف عن أي أدلة أثرية لأجساد محنطة في أي من حفريات المقابر أو مظاهر النبش التي تطالها، ولكننا لو عدنا إلى نتائج الحفريات المبكرة للبعثة الأمريكية في خمسينيات القرن العشرين، في كل من مقابر معبد أوام السبئية،ومقابر حيد بن عقيل القتبانية، نجد مؤشرات على العثور على بقايا مواد استخدمت في الحفاظ على جسد المتوفى حيث عثر على نسيج متفحم، وبقايا صمغ راتنجي، على الرغم من أنه لم يعثر على دفنات كاملة مكفنة أو حتى بقايا كبيرة من دفنات كانت محفوظة بسبب تعرض المقابر للنبش منذ القدم .
لصوص المقابر
ويواصل خبير الآثار اليمني عبدالحكيم شايف حديثه: خمس مومياوات، كشف عنها بالصدفة مؤخراً في (مدينة موتى) مقبرة صخرية تقع بالقرب من صنعاء في (شمال اليمن) ولمئات من السنين عرفت بلاد مصر بأنها الموطن الوحيد للمومياوات في الشرق الأدنى، ومع عدم وجود الأدوات المعدنية والحجرية(الأثاث الجنائزي) كالفراعنة فإن هذه الخمس المومياوات تعد واحدة من أهم المعثورات الأثرية التي تم اكتشافها مؤخراً في اليمن.
فعلى بعد 25كم شمال شرق العاصمة صنعاء تقوم خرائب مدينة شبام الغراس (والتي عرفت قديماً بشبام سخيم) في القرن الأول والثاني عرفت هذه المدينة كواحدة من أهم القوى في اليمن، وبعد تدميرها في القرن الثاني من هذا العصر ظلت أسطورتها باقية تتردد في التاريخ العربي.
شبام الغراس أقيمت عند أقدام سلسلة جبلية وعرة، حيث اكتشف لصوص المقابر ما بين 50 100قبر منحوت في الصخر خلال القرون الماضية ومع تكرار حفرها بشكل سري والعثور على أدوات مصنوعة لدرجة أن نشاطات ناهبي المقابر أصبح معروفاً حتى لقسم الآثار بجامعة صنعاء. وبعد زيارة الآثاريين للموقع وتأكدهم من صحة الإشاعات، تم وضع الموقع تحت الحراسة، وفي 20 أكتوبر 1983م، تم تنظيف قبرين كانا قد نهبا بشكل جزئي بواسطة فريق من أعضاء هيئة التدريس برئاسة د. يوسف محمد عبدالله ود. عبدالحليم نور الدين من جامعة صنعاء وقد ضم الفريق ممثلين للهيئة العامة للآثار ودور الكتب الهيئة المسئولة عن الآثار في اليمن.
كلا القبرين قطعا على الحافة الصخرية وكانت مقاساتهما تقريباً العرض 2 متر مربع، والارتفاع 1.8م وكان ظاهراً على تلك القبور أنها من صنع الإنسان، ولأحد القبور ثلاث تجاويف “كوات” على جدرانها الثلاثة. ولسوء الحظ فإن محتويات هذه التجاويف قد نهبت من قبل لصوص المقابر فقد عثر على بقايا حطام تلك المواد التي أخذت داخل القبرين.
لكن في أحد القبور طبقة سمكها 0.70 سم ظلت سليمة لم تتعرض للنبش في قاع الكهف، وعندما أزال الأثريون تلك الطبقة، اكتشفت خمسة أجسام محنطة ومحفوظة بشكل جيد. علاوة على ذلك فقد احتوت الطبقات العليا التي تعرضت للنبش والخلط على بقايا لأكثر من 30 جسد، لكنها محطمة لدرجة يصعب معها التأكد إذا كانت بقايا هياكل عظمية أو أجزاء لمومياوات مدمرة.
المومياء السليمة بشبام الغراس
ويستطرد خبير الآثار شائف : لقد فحصت المومياوات من قبل فريق متخصص بالمومياوات من الهيئة المصرية للآثار: ضم د. محمد محسن ود. سمير عبدالمنعم، ود. فيصل إسماعيل وتبين أن من بين هذه المومياوات واحدة فقط كانت سليمة تماماً، ويظهر على الأخرى درجات مختلفة من التدمير والتحلل وتتكون المجموعة من أربع بالغين وواحد قاصر.. وفي كل الأحوال يظهر بأنه بعد الموت الفرد كان يجهز للدفن باستخدام نبات محلي يدعى “را” حيث يوضع بجوفه وحول البدن، وهذا النبات يعمل على امتصاص السوائل، ويؤدي إلى جفاف الجسم، كما عثر على بقايا “صبار مع أحد الأجسام، وحالياً أنه من غير الواضح وبأي حال أنه كان هناك مراحل تجهيز قبل الدفن أنجز ونفذ على الأجسام، وبعدها تلبس الأجسام بالكتان، والأحذية الجلدية، وتلف بحزام جلدي، ثم يوضع الجسد بشكل منحني “القرفصاء” وعلى جنبه الأيسر مضطجعاً على راحة يده اليسرى، وتوضع قطعة من الخشب تحت ركبته اليسرى المنثنية “ولعل ذلك لتثبيتها”، وكان يلف الجسد ما بين خمس إلى سبع طيات من الكتان والجلد، وفي بعض الحالات كانت تغطى بالجلد، وتربط بلفائف من الكتان والجلد، وبعد ذلك توضع اللفائف في غرفة الدفن، وكل الأغطية والملابس الجلدية والكتانية كانت في حالة جيدة من الحفظ، ويبدو أن الكتان كان محاكاً بشكل جيد والبعض منه يظهر عليه لون أحمر مما يدل أنه مصبوغ.
ليس هناك أدلة على أنماط تصاميم في حياكة الكتان، وان الجلد مدبوغ ومصنوع بشكل جيد، وتصاميم المصنوعات الجلدية يظهر عليها غرز الحياكة، وهناك مثال جيد الحفظ وهو حذاء “مقاس طوله 26سم” يظهر جودة الإنتاج ويعكس مهارة الحر في القديم.
الأثاث الجنائزي
وعن الأثاث الجنائزي يقول شائف إنه يضم أساور جلدية، وحلقة معدنية لأصبع القدم، ورأس سهم معدني، واناء فخاري، وبعض الأدوات الخشبية وأهمها بشكل خاص الأداة الخشبية التي على سطحها نقش بحروف تنتمي لخط جنوب الجزيرة “المسند”.
وبناء على طلب القاضي إسماعيل الأكوع، رئيس الهيئة العامة للآثار سابقاً، ودور الكتب، ود. يوسف عبدالله عميد كلية الآداب جامعة صنعاء سابقاً، قامت البعثة الأمريكية لدراسة الإنسان بأخذ عينة من الكتان والجلد للحصول على تاريخ بواسطة c14، هذا التحليل عمل بواسطة معامل بيتا “Beta Analytic Inc” وباستخدام التاريخ الغير معدل يفترض ان تاريخها يعود إلى نهاية القرن الرابع قبل الميلاد أو بداية القرن الثالث قبل الميلاد تقريباً، وفي حال استخدام التاريخ المعياري “crd1982” فإن تاريخها يعود إلى حوالي القرن السادس وبداية القرن الثالث ق.م قد يكون محتملاً.
وقد أشار التقرير إلى أن اكتشاف بقايا مومياوات في اليمن شيء ذي أهمية أولاً: يعرفنا بمناطق جديدة، ولأول مرة ان التحنيط كان يمارس في جنوب الجزيرة العربية خلال الإلف الأول قبل الميلاد.
ثانياً: سوف تسمح المومياوات بقيام دراسات مفصلة من الناحية التشريحية، ودراسات للأمراض القديمة على عينات من سكان جنوب الجزيرة، كتلك التي أجريت على المومياوات المصرية.
ثالثاً: وأخيراً الدلالة النقشية، وهو نمط خط جنوب الجزيرة العربية “المسند” والذي يمكن من خلاله الحصول على تاريخ احتمالي في القرن الرابع قبل الميلاد، والمومياوات والمعثورات يتم عرضها في متحف قسم الآثار بجامعة صنعاء.
قسم الآثار جامعة صنعاء
وعن متحف قسم الآثار جامعة صنعاء يقول الخبير عبدالحكيم شائف: إنه يضم مومياوات تم العثور عليها في تسعينيات القرن الماضي في مقابر كهفية في منطقة جبل النعمان ثلا المحويت، تم ترميمها من قبل أستاذ الترميم المرحوم د.صالح أحمد صالح من جمهورية مصر العربية،وهي لم تدرس أو تؤرخ بشكل علمي، وإن كان هناك تشابه في طريقة التحنيط مع تلك التي استخدمت في مومياوات عثر عليها بحفريات إنقاذية في مقابر شعوب 1999م، وتم تاريخها إلى القرن الأول الميلادي من خلال أسلوب خط المسند الذي موجود على القلادة الذهبية، كما تجدر الإشارة إلى أن المتحف الوطني يحتفظ بمجموعة من المومياوات التي تم إحضارها بشكل عشوائي من مقابر كهفية في المحويت وما زالت تنتظر حقها من الدراسة، وجدير بالإشارة إلى أن الفريق الفرنسي الذي يعمل في منطقة خميس بني سعد يقوم بدراسة مجموعة من المومياوات يحتفظ بها المتحف الوطني تم إحضارها من المحويت، وأخيراً يبدو أن تقليد ممارسة التحنيط كان شائعاً في عموم ممالك جنوب الجزيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.