تنامت حمى الاحتجاجات وثورة المؤسسات في تعز، لتطال المرافق التعليمية؛ ولأن مدرسة الشهيدة نعمة رسام تقع في قلب المدينة وتطل على شارع جمال حيث المسيرات ورواسب المظاهر المسلحة تذكي نيران المطالبين برحيل وإقالة كل من لم يمض معهم في مركب الثورة الشبابية سواء أكان ذلك فاسداً أم نزيهاً وسواء أخلص لمرافقه وللمجتمع أم لا. حمى الرحيل فقط يطالبون بالرحيل دون مراعاة ذلك وبلا دراسة وتخطيط لمدى استجابة المنتمين لهذا المرفق أو ذاك والتأكد سلفاً من نسبة من يرغبون ببقاء مديرهم من نسبة من يحبذون رحيله. ومدرسة الشهيدة نعمة رسام خضعت لهذه العملية فخرجت عشرات الطالبات في مسيرات تطالب بتغيير مديرة المدرسة فاطمة أحمد رسام.. هذا التحقيق يكشف أثر ذلك على المدرسة ومدى شرعية وعقلانية المطالبة برحيل المديرة انطلاقاً من المسببات والدوافع والكيفية المتلازمة بمؤازرة عدد من الشباب المسلحين للمتظاهرات عندما قاموا باقتحام المدرسة من الأسوار وإخافة الطالبات وتحريضهن للخروج على المديرة أو مغادرة المدرسة وتوقيف العملية الدراسية، وفيما نتمسك ونلتزم بحيادية صياغة ونشر هذا التحقيق وفق ما جرى بالفعل، نؤكد تجردنا والتزامنا بالمهنية نهجاً ثابتاً لسياسة الصحيفة الجديدة الذي لا يخفى على قرائنا. فإلى استطلاع آراء ومواقف عدد من طالبات المدرسة وأولياء أمورهن وعدد من المدرسات. حرية الحامورة والخضاب نورة علي طالبة 3ثانوي شعبة “10”: بصراحة مافيش سبب يخلينا نطالب بتغيير المديرة في شوية بنات يطالبين كما سمعناهن بالحرية ونحن نعلم جيداً ما هي الحرية التي يبغينها.. حرية الدخول والخروج بكيفهن! حرية دخول الهواتف الجوالة في شنطهن حرية الحامورة والمسكرة وتلوين وإطالة الأظافر والعطورات!. أما نحن فيعلم الله أننا ماجينا إلا للدراسة وإذا كانت تلك هي مفهوم الحرية فنحن في غنى عنها.. اللي أشتى أقوله أن المديرة “ضباطة وحازمة” وما يعجبهاش الحال المايل وتعتبرنا في المدرسة بناتها وشرفنا من شرفها. طالبات من خارج المدرسة مها منير طالبة فصل ثامنة 2: كنا في الحصة الثالثة وفجأة دخل علينا إلى الفصل أحد المسلحين ومعه آخرون غير مسلحين سمعنا بأنهم دخلوا من السور يشتونا نخرج إلى الساحة ونمشي في المسيرة للمطالبة بتغيير المديرة فما كان منا إلا الخروج وترك المدرسة وأثناء خروجنا شفنا بنات بزي مدرسي حوالي “15” فقط من المدرسة والعشرات لا نعرفهن وقد كن يرددن الهتافات وأحدهن تحمل الطبلة لإشعال الاحتجاج. اشتياق نجيب وحنان محمد عبدالرحمن ودينا عبدالناصر طالبات أيضاً تبادلن أطراف الحديث: لقد أخافونا ونحن نطالب المحافظ وكل المسئولين عن أمن تعز ومدرستنا خاصة تحمل المسئولية. “30” مسلحا اختيار أحمد علي إحدى المدرسات: ما حصل يوم الأحد الماضي هو اعتداء همجي وسافر لنحو ثلاثين مسلحاً دخلوا المدرسة من السور منهم من توجه لفتح بوابة المدرسة من الداخل وإدخال المتظاهرات من الخارج إلى ساحة المدرسة ومنهم من توزع على الفصول لإخراج الطالبات والتلويح بأنهم سيحرقون أرشيف ملفات الطالبات ما لم يقفن في وجه المديرة حتى ترحل. *عفاف عبدالله إحدى المدرسات في المدرسة: الجميع يعرف أن مدرستنا هذه هي أكبر مدرسة بنات ليس في تعز، بل في الجمهورية و لا يخلو معظم الأعوام إلا وفيها أوائل الجمهورية، إضافة إلى أن المديرة الفاضلة فاطمة رسام حريصة على انتقاء أكفاء المدرسات وليس فيها إلا نحو”5” مدرسين تتحرى المديرة قبل مباشرتهم تحليهم بقدر عال من الأخلاق، ناهيك عن مستواهم المهني والعلمي.. وأتحدى أي ولي أمر في تعز أن يجد مدرسة بهذه المواصفات يأمن فيها على بناته. *غادة العليمي إحدى المدرسات قبل دخول المسلحين أخذنا عشر طالبات متظاهرات للتفاهم معهن. أيش تشتين يا بنات؟ قالين: نشتي حرية السماح للطالبات بالخروج إلى الساحة والتظاهر معنا، قلنا لهن طيب ثم مررنا على فصل فصل لتلبية مطلبهن، لكن الطالبات رفضن الاستجابة بعدها أعطين الإشارة للمسلحين باقتحام المدرسة وفتح البوابة الرئيسية وتوجه من المسلحين للبحث عن المديرة في الإدارة المقفلة فظنوا أنها مختبئة فكسروا الباب ثم أفزعوا المدرسات والطالبات ولما تأكدوا أن المديرة ليست موجودة في المدرسة وجدنا الطالبات المتظاهرات القادمات من الخارج يرددن الهتافات في ساحة المدرسة ويرددن النشيد الوطني علشان يصورين أنفسهن للصحف والانترنت وكأنهن طالبات المدرسة بالفعل والعجيب أن تحركهن كان منظماً ولم تلاحظ من وراء تنظيمهن بعد ذلك خرجن من المدرسة وشكلن مسيرة بقرع الطبول، والشباب المسلحون وغير المسلحين من اليمين ومن الشمال. شلة مها وزين سهيم محمد أمين ولي أمر: لدي شقيقتان تدرسان في المدرسة وقد تعرضتا للهلع وأنا أحمل اللجنة الأمنية مسئولية ذلك وإن لم يتحملوا المسئولية فنحن قادرون نعصدهم عصيد ونحمي بناتنا وشرفنا بأنفسنا من شوية مهاوزين نعرف أشكالهم من اللي يرتصوا كل يوم عند المرواح لمعاكسة طالبات المدرسة وهذه الظاهرة كانت معدومة قبل الأزمة منذ السنوات الماضية، لكن لتدهور الوضع الأمني هذا العام المنصرم عاد أولئك الشباب العاطلون عن العمل لتلتف حولهم طالبات البعض منهن- مع احترامي – مغرر بهن وعلى نياتهن يصدقين بأن هدفهم حمايتهن وأنهم ثوار، لكن ورب العزة، لا هم ثوار ولا هم مؤتمريون، بل بلاطجة أدمنوا إثارة الفوضى والمهاوزة في الرصيف. - عبد الجبار محمد سيف ولي أمر: كان ينبغي على من لا يرغبون ببقاء المديرة المطالبة باستفتاء علني في ساحة المدرسة أو كتابي مثل الانتخابات وإذا رجحت كفة المطالبين بالرحيل فلترحل ..لكن ما حدث من اعتداء على حرم المدرسة هو انتهاك طائش لا يرضي أعتى وأعرز الثائرين في الساحات. ليسوا من الإصلاح - مطيع اليافعي جندي في حراسة المدرسة: الحق يقال إن من كانوا يحملون السلاح ليسوا من التابعين لمقر وحزب الإصلاح فأنا أعرفهم. دوافع حزبية فاطمة أحمد رسام مديرة المدرسة:الطالبات المتظاهرات لسن من المدرسة، بل أتين من بعض مدارس البنات في المدينة، إضافة إلى نحو”50” طالبة تم طردهن من المدرسة ورفض قبولهن في المدرسة لما لمسنا عنهن من سلوكيات مزعجة، إضافة إلى بنات من الساحات ومدرسات ليست لهن علاقة بالمدرسة وهناك من يقف وراءهن من المدرسين الذين تم الاستغناء عنهم مطلع هذا العام الدراسي من القيادات الحزبية في اللقاء المشترك. الختام حسب مصادرنا تأكدنا بأن ما جرى في مدرسة نعمة رسام لم تقف وراءه قيادات صنع القرار بفرع اللقاء المشترك بالمحافظة وإن كان يرى البعض عكس ذلك بأن الدافع الأساسي من ذلك هو سحب البساط على قيادات تربوية مؤثرة في الانتخابات الوشيكة لاستيفاء المحاصصة في توزيع الوزارات على طرفي حكومة الوفاق! والبعض يراها مجرد عدوى لحمى ثورة المؤسسات وفرض حتمية تدوير المناصب وكسر احتكارها على جهة أخذت حقها بما فيه الكفاية ولزم عليها التنحي حتى وإن كانت نزيهة وبالغة الكفاءة. بدعوى أن الحقل المهني ليس عاجزاً عن بديل مماثل أو أكفأ..عموماً ما نتمناه أن نحيد ثوراتنا المؤسساتية في الحقل التربوي أو غيره عن دوافعنا الحزبية ونضع نصب أعيننا تغيير الفساد وتمكين الأصلح ولنتحمل فترة مرور الانتخابات الرئاسية بسلام وإنجاح المبادرة الخليجية واستيعاب المرحلة الحرجة للبلد والتخلي عن ضرورة تغيير ورحيل كل من لم يكن معنا ولا نعيد مرارة غلطة الإقصاء نهاية السبعينيات وبداية الألفية الثانية..فما أردناه إلا ثورة بيضاء..لا مجرد بطرة!