ما يلفت انتباهك وأنت تركب إحدى العربيات في مصر وسائقها يتجول بك في شوارعها المزدحمة فتمر عليك نسمة هواء عليل نقلتها الرياح من نيل مصر العظيم فتدب في أنفاسك روح تتجدد تلك النسمات اللطيفة وراديو مصر ينقل لك الحدث ساعة بساعة. إذاعات قوية ما يميز مصر عن غيرها من الدول العربية أن شعبها تواق لمتابعة الأحداث المحلية والعربية، فمعظم سائقي المركبات يتميزون بثقافة عالية وباستماع جيد للأحداث عكس اليمن.. ففي مصر يظل سائق التاكسي يتابع الإذاعات وأخبارها وكل ما تبثه من مواد وتكاد تكون الإذاعة المصرية “الراديو”هي الوحيدة من تظل تحافظ على وجودها مقارنة ببقية الإذاعات العربية، والسبب يعود إلى عاملين رئيسيين؛ الأول أن تلك الإذاعات تحترم عقول الجماهير ولا تستخف بها، وذلك من خلال ما تقدمه من مواد وأخبار طازجة وتحاليل قوية.. أما العامل الثاني فيعود إلى أن شعب مصر شعب يتوق للمعرفة ويتميز بثقافة رائعة. إذاعات اليمن إذا ركبت تاكسي أجرة في إحدى مدن اليمن وسمعت صوت راديو يخترق أذنيك، فذلك من العجائب والغرائب، فمعظم سائقي “الأجرة” لايتوقون لسماع الإذاعات لسبب أن إذاعاتنا المحلية للأسف لاتحترم عقول المستمعين وتستخف بها؛ وذلك من خلال رداءة المادة الإعلامية المقدمة وبعض مذيعيها المحبطين، إضافة إلى أن معظم سائقي التاكسي لايرغبون إلا بسماع الأغاني وبعض الأناشيد،خصوصاً بعد انتشار ذاكرة خزن الأغاني. متابعة جيدة مع كثر انشغالي بمرض والدتي، لم أستطع متابعة أي حدث سواء في مصر أو غيرها إلا عن طريق سائقي “التاكسي” فوجدتها فرصة ذهبية لمتابعة ما أستطيع متابعته، فالانتخابات الرئاسية في مصر ومحللون سياسيين أغنوا ذاكرتي بما استطاعت خزنه، وكذلك أخبار اليمن وغيرها لم أكن أتابعها إلا عن طريق راديو مصر وبعض إذاعات مصر أثناء تنقلي في مركبات الأجرة. إحراج كم كانت أسئلة عدة أتلقاها من سائقي العربيات حين يسألونني عن خبر حدث قبل أيام في بلدي وأنا مغمض العينين عنه كم كانت تحرجني وتجعلني أصاب بالخجل!! فمرض والدتي لم يجعلني حتى أسرق لقطة من تلفزيون سوى من أخبار سريعة وأنا أمر على شوارع القاهرة في الذهاب إلى المستشفى حيث ترقد أمي. برامج قوية ما يميز إذاعات مصر هو قوة المادة الإعلامية والإعلانية المقدمة إلى الجمهور ومذيعيها المتمكنين، ما جعلها مقصداً للإعلانات، كما أن مسئولين كبار تجدهم ضيوفاً على تلك الإذاعات، بينما في اليمن فإن أصغر مسؤول يتهرب من إجراء مقابلة مع إذاعة يمنية؛ لأنه يعرف سلفاً أنها لن تحقق له المجد أو الشهرة، وأن صوته لن يصل مداه حتى إلى الاستديو. من الغريب أن لكل مريض في معظم مستشفيات القاهرة جهازاً صغيراً وهو عبارة عن راديو لسماع كل ما تبثه تلك الإذاعات.