لعل من الأنسب للولوج إلى أجواء هذه الدراسة، العودة إلى الماضي القريب ومحاولة التعرف على الخلفية التاريخية للصراع الزيدي السلفي في منطقة صعدة، ولن نوغل كثيراً في التاريخ البعيد لأن ما سيتكشف من خلال مراجعة التاريخ القريب يكشف غياب العلاقة الجوهرية للصراع القديم بين الأئمة والوهابية بالصراع الجديد. فقد تزامن ظهور الدعوة الوهابية في منتصف القرن الثامن عشر مع بداية انهيار الدولة القاسمية الزيدية في شمال اليمن([1]) وكان الأتراك هم العدو المشترك للدعوة الوهابية وحاملها السياسي المعتمد على العصبوية القبلية – آل سعود والقبائل العربية المتحالفة معهم- ودولة الأئمة الزيدية في شمال اليمن والقبائل المتحالفة معها والتي كانت تمتد إلى لحج وعدن، وكانت الأتراك قد انسحبوا من صنعاء عام 1630 م بعد معارك طويلة وقتال مرير في عهد الإمام المؤيد، قبل أن يعودوا إليه عام 1849م([2])، وكان الدولتان الزيدية والوهابية تخوضان حروباً ضارية ضد الأتراك، فقد استولى الوهابيون مطلع القرن التاسع عشر على مكة والمدينة قبل أن يطاردهم محمد على باشا ويعيد السيطرة من جديد على الحجاز، وحينها طلب محمد علي باشا من إمام صنعاء التعاون في مواجهة الوهابية مقابل الاعتراف بالعثمانيين وإعادة عسير إلى اليمن، إلا أن الإمام رفض هذا العرض، وتتطور هذا الرفض إلى صراع انتهى بالسيطرة العثمانية على صنعاء قبل انسحابهم عام 1911م وفي أثناء هذا الصراع كانت الدول الاستعمارية ممثلة ببريطانيا وايطاليا البقية الصفحة اكروبات