يبدو أن الأمور في عدن تسير نحو استقبال عيد الفطر والمدينة حبلى بأكوام العفونة وجبال من الأوساخ؛ حتى تلك الأخبار التي حملت معها تباشير الاتفاق بإنهاء الإضراب الذي دام طيلة شهر رمضان في محافظة عدن لم يتم تأكيدها على الواقع المؤلم للنظافة في المدينة. فقبل أيام كان عمّال النظافة يصطفّون طوابير أمام أحد المكاتب المسؤولة عن صرف إكرامية رمضان، والتي كانت محور اتفاق إنهاء الإضراب الذي بشّرت به الأخبار مطلع الأسبوع الماضي، غير أن جمهور العمّال رفضوا الاستهانة بمطالبهم وحقوقهم المادية وتحجيمها إلى مستوى «إكرامية» وبادر كثيرون منهم إلى القبول بالانضمام إلى الطوابير الموعودة بصرف الإكرامية؛ ليس لاستلامها وإنما لرفضها، على حد قول العمّال أنفسهم. بل إن البعض منهم أظهر رفضاً جلياً تمثّل في استغلال سيارات البلدية ذاتها وحمّلوها بأكوام من القمامة ورموا بها أمام المكتب المسؤول عن صرف الإكرامية، في تأكيد صارخ على رفض الاتفاق، ومواصلة الإضراب. وقطعاً فإن عدن التي تستعد لاستقبال زائريها وإيوائهم في أيام العيد ستكون – ولأول مرّة منذ سنوات – أمام تحدٍ كبير لإثبات جمالياتها ومحاسنها ومميزاتها وسط أطنان من الأوساخ تضج بها شوارعها وأزقّتها. ليس أجمل مما قام به ثلّة من شباب عدن الذين لم يقفوا مكتوفي الأيدي وهم يرون مدينتهم الفاتنة تغرق في عفونتها، فبادروا إلى تنفيذ حملات نظافة عكست إيجابية الشباب وميزة أبناء عدن، وأكدت عشقهم للمدينة التي يرادف لفظها كل معنى جميل. قد يوجد فينا من يعشق عدن إلى درجة أن يفعل ما فعله أولئك الثلّة من الشباب، ولم يبق إلا أن يبادر القياديون المحليون ويمنحون عمّال النظافة حقوقهم كما فعلتها القيادات المحلية في الأمانة ومحافظات أخرى، كما يجب التأكيد على أن أولئك الذين ينظفون أوساخنا من عمّال النظافة البسطاء هم في أمس الحاجة إلى حقوقهم كاملة، وليست مجرد إكرامية عينية لا تُسمن ولا تغني من جوع..!!. وتبقى عدن رغم الاستعدادات والتجهيزات لاستقبال الزائرين والضيوف من المحافظات الأخرى وحتى من خارج اليمن في تحدٍ كبير مع العيد وزوّاره يستوجب إظهار محاسنها السياحية البعيدة عن روائح القمامة المنبثقة من أزقّتها وشوارعها العتيقة.