تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    دولة الأونلاين    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    احتجاجات في لحج تندد بتدهور الخدمات وانهيار العملة    جمعية التاريخ والتراث بكلية التربية تقيم رحلة علمية إلى مدينة شبام التاريخية    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    يافع تودع أحد أبطالها الصناديد شهيدا في كسر هجوم حوثي    سالم العولقي والمهام الصعبة    لليمنيّين.. عودوا لصوابكم ودعوا الجنوبيين وشأنهم    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    13 دولة تنضم إلى روسيا والصين في مشروع بناء المحطة العلمية القمرية الدولية    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    الهند تقرر إغلاق مجالها الجوي أمام باكستان    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء احمد قرحش
إعادة هيكلة الجيش
نشر في الجمهورية يوم 30 - 11 - 2012

إن واقع اليمن اليوم ليس ببعيد عن واقع تاريخه الماضي القريب منه والبعيد .. إنه واقع مأزوم بلد يعيش الازمات وليست ازمات قرن ولكنها تكاد أن تكون عقدية زمنية تلك الازمات تخلقها دائماً الانظمة غير الصالحة, إما مستبدة او ظالمة او مذهبية وإذا حصرتَ الازمات تجدها في ثلاثة أنواع من الحكم فذلك ما عرف عنه في تاريخ اليمن الاسلامي وفي مراحل قليلة جداً كانت الازمات تحل في اليمن ضد انظمة قد يقال عنها عادلة “جزئياً” وهي تقريبا في عهد الصليحيين ما عداها فقد كانت غير عادلة لأنها كانت تنظر إلى الدين (المذهب) أكثر من النظرة الى المواطن.
واليمن دائماً ضعيف في تصريف شئونه من قبل الاسلام ومن بعده, فهو قوي وضعيف في آن واحد, قوي بالخارج وأضرب مثلا من عند ابي نواس الى الامويين الى العباسيين فالفاطميين فالعثمانيين وحتى المصريين في ستينيات القرن المنصرم وما جرى خلال هذه المرحلة وحتى يومنا السياسي مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المدعومة دولياً وما يترتب عليها في موضوعنا بالدرجة الاساسية هو إعادة هيكلة الجيش .. هذا المطلب الذي جاء نتيجة ازمة حلت باليمن لثلاثة وثلاثين عاما ازمة حكم متخلف جاهل لأصول الحكم والشرع .. جاء على انقاض ازمات حلت باليمن الجديد منذ فجر الشعب ثورته في 26 سبتمتبر 62م وما تبعه في ثورة 14 اكتوبر 63م .. الثورتان جاءتا وبالأخص في شمال الوطن على حكم متخلف في عهد نهضة عالمية كبرى بعد حربين عالميتين عصميين 1914م وحتى1945م وهذا الحكم كان جاهلا مستبدا سلاليا مذهبيا وفي جنوب الوطن كان حكما استعماريا بريطانيا متطولاً في كل نواحي الحياة فلم ينشئ طريقاً او مدرسة او مستشفى على مدى 130 عامًا إلا محل إقامته في مدينة عدن وما ذلك إلا بعد الحرب العالمية الاولى.
وهذا الموضوع الذي نحن بصدده اليوم هو إعادة هيكلة الجيش. بعد الحرب العالمية الاولى غادر الجيش العثماني إثر هزيمته على يد الحلفاء في كل اماكن تواجده من البلقان وشمال افريقيا واليمن وقامت دولة في شمال اليمن يحكمها حكم إمامي هو الإمام يحيى حميد الدين ولم تتجاوز رحلته داخل اليمن من الاهنوم وحتى ذمار وكان حكما متخلفاً بما تحكيه الكلمة من معنى, كوّن جيشاً نظامياً بتجنيد اجباري من مناطق (إب - عنس - آنس- بلاد الروس وسنحان - بعض قبايل خولان بني جبر وقروى - بني حشيش - بني الحارث - همدان - بني مطر - الحيمتين وقسمت وحداته الى (ازكي- ودفاع- مدفعية- سواريه – هجانه ... الخ) بغرض بسط دولته في قسم من اليمن بعد تخليه عن الجنوب الذي كان العثمانيون يطالبونه لاستلام ماهو تحت ايديهم.
وتم إعداده بنظم عثمانية إدارةً وتنظيماً وتدريباً وتسليحاً وتسميةً واستمر الحال هكذا حتى بداية الحرب العالمية الثانية حيث تم ارسال بعثات من اليمن الى العراق للدراسة العسكرية واستقدام بعثة تدريس عسكري الى اليمن جاء ذلك في ظل تقارب سلالي هاشمي لا مذهبي, سلالة هاشمية في بلدين فيهما نفس التوجه المذهبي, في العراق مذهب سني ومذهب شيعي (جعفري) وفي اليمن مذهب شيعي (زيدي) ومذهب سني شافعي, غير ان الحكام هاشميون هذا التقارب الهاشمي تم بعد خروج الاتراك بستة وعشرين عاماً تقريباً .. جاءت البعثة العراقية التي تدربت على المنوال الانجليزي تقريبا في كل العلوم العسكرية حيث كان العراق يخضع للاستعمار الانجليزي, وفي هذه الفترة ولمدة ثماني سنوات تقريبا تغير نمط الدراسة والتدريب في الجيش اليمني المتوكلي وتسليحه وكان ذلك على يد البعثة العراقية بقيادة الشهيد جمال جميل العراقي السني الذي كان قائد الجيش اليمني حتى ثورة 1948م ضد الإمام يحي الذي قتل على يد ثوار من ثوار 48.
هنا وقف تاريخ الجيش اليمني تقريباً ثماني سنوات كما كانت ثماني قبلها, اي من 1948- 1956م حيث أعيد النظر في وضع الجيش اليمني وتغيرت سياسة الدولة الحميدية ( بيت حميد الدين) واستراتيجيته بإحلال السلاح الشرقي القادم من الاتحاد السيوفيتي ومن دول حلف وارسو ( تشيكوسلوفاكيا) سلاح شرقي من البندقية وحتى الطائرة المقاتلة وجاء معه خبراؤه, كما جاءت بعثة عسكرية مصرية لإدارة التعليم والتدريب والعقيدة الوطنية وتغيرت كل السياسة العسكرية ابتداء بالمناداة للحركات وتكتيك السلاح ومكوناته العدديه والعدة.
الآن الحال لم يستمر فقد كان لعام 1961م متغير جديد, حيث ساءت العلاقة بين الجمهورية العربية المتحدة والمملكة المتوكلية اليمنية حيث جرى طرد البعثة المصرية في تلك الفترة, لكنهم كانوا قد تركوا بصماتهم الوطنية والتدريبية وتم استبدال تلك البعثة ببعثة عسكرية اردنية بحكم العلاقة الأسرية الهاشمية إلا أن تلك البعثة لم تدم طويلاً فقد قامت ثورة اليمن المباركة 26 سبتمبر 1962م وعادت التدريبات الى ميادينها على يد الجيش المصري وأعيدت هيكلة الجيش اليمني على نمط مصري وكانت هذه الهيكلة للمرة الثانية وفي الجيش اليمني خلال عشرين عاما تقريباً.
من 1956م وحتى اليوم ظل السلاح الروسي السلاح الرئيسي تقريباً في كل فروع وحدات الجيش اليمني والتدريب المصري كذلك هو الاغلب في برامج وتدريب الجيش وسياسته وفي كل فروعه الثلاثة البر –البحر- الجو, مع انه بدأ دخول سلاح غربي امريكي طيران (إ-ف-5) واجهزة اتصالات فرنسية ومدفعية غربية. وذلك بعد 1972 اي بعد عشر سنوات من قيام الثورة إلا أن ذلك السلاح لم يطغَ على السلاح الروسي بشكل عام حيث ظل السلاح الرئيسي في الجيش.
وفي خلال اثنين وعشرين عاماً من 1972- 1994 كان سوق سلاح اليمن هو السوق الشرقي, وفي المقدمة روسيا والذي بلغت قيمته المليارات التي شملت السلاح اليمني شماله وجنوبه وبعد وحدة 1990 بين شطري اليمن والذي كان قد بلغ المديونية سبعة مليارات دولار تقريبا قيمة معدات عسكرية الذي اعفيت منه اليمن بعد التوحد في منتدى باريس الذي اسهمت في تسديده اكثر من دولة دعماً لوحدته ومساعدة لبناء الدولة اليمنية الحديثة.
بعد حرب 1994م المشؤومة التي مازالت تجر اذيالها على اليمن الى اليوم ظهرت سياسة عسكرية جديدة تقدم بها الغرب وعلى الخصوص الولايات المتحدة الامريكية, فقد دخلت في هيكلة الجيش من خلال الوحدات التي أنشأتها بمشاركه مادية وتسليحية وهي: الحرس الجمهوري- الحرس الخاص- الوحدات الخاصة- الوحدات جبلي- الامن المركزي- الامن القومي) ورافق ذلك إعداد ضباط قياديين ابرزهم احمد علي عبدالله صالح نجل الرئيس السابق والذي اصبح القائد الفعلي لهذه الوحدات فيما بعد والتي واجهت ثورة الشباب وأفرطت في سفك دمه وقد كانت سياسة الغرب تفضي من بناء هذه الوحدات الى مواجهة الارهاب الذي ظهر على يد القوى الإسلامية المتشددة وبالأخص بعد مجيء القوات الاممية (الاطلسية) بالدرجة الاولى الى افغانستان.
على ان الوحدات المشار اليها كانت قد أعدت لمواجهة الارهاب المتفق على تسميه هذا التيار دولياً وبالأخص أن امريكا زادت من دعمها لتلك الوحدات مالاً وتدريباً وتسليحاً من بعد أحداث 11/ 9/ 2001م في امريكا, التي دخلت في حرب شاملة ضد القاعدة في كل اماكن تواجدها في العالم على مستوى الفرد وحتى آخر تكويناتها وتطورت الحرب إلى المستويات العلمية القتالية ( طيران بدون طيارين) الذي اصبح بمقدورة ان يصطاد الهدف فرداً او جماعه في سهل او في جبل في ماء او يابسة وكون الجيش الامريكي وحدات خاصة للقيام بمهام خاصة ضد الارهاب أعدت إعدادًا جيداً لمهاجمة القواعد كما شهد الحال على سبيل المثال في الصومال وباكستان وأفغانستان وملاحقة القادة وأبرز عملية في الملاحقة ما حدث في افغانستان مع (أسامة بن لادن) القائد العسكري الروحي المؤسس للقاعدة التي انتشرت في كل بقاع المعمورة مسلحة بعقيدة ايمانية قوية وممولة بالقدر الذي يمكنها من اداء مهامها المناطة بها في كل مكان وكل زمان والتي كانت في ادائها دقيقة ابتداءً من العمليات الانتحارية الكبرى في المركز الاقتصادي الدولي في نيويورك وفي البنتاغون في واشنطن وانتهاءً بالعمليات المشابهة في افغانستان وباكستان ومناطق اخرى من العالم .. العمليات التي كادت ان تقوّض السلم العالمي والتي كان اشهرها كما اسلفت احداث 11/ 9/ 2001م في امريكا.
وبالرغم من تكوين الوحدات التابعة لأحمد علي التي تغيرت عقيدتها العسكرية وليست الدينية وإن كان كذلك من وجهة نظر القاعدة إلا أن السلاح الرئيسي هو السلاح الروسي وطريقة التدريب لم تتغير الا القليل جداً في الصيغة التكتيكية نظراً للتطور الحديث في نوعيه السلاح ومن بعد وحدة 1990م تغيرت كلمة التمام أو عند التحية كلمة (افندم الى اخي) وقليل من مفردات منادات التدريب.
السياسة التي طرأت امريكياً في بعض الوحدات لم تغير كثيراً حتى نقول عليها الهيكلة الرابعة.
اليوم وكأننا ندخل تاريخاً جديداً في حياة الجيش اليمني الذي فرض عليه الهيكلة الجديدة .. فقد كانت لثورة الشباب السلمية الذي ملأت ساحات المحافظات اليمنية والكثير من ساحات مديرياتها ضد حكم علي عبدالله صالح الذي استمر ثلاثة وثلاثين عاماً وكان ذلك الحكم سببا في ثورة شعبية لم يسبق لها مثيل في تاريخ اليمن المعروف .. هذه الثورة كان هدفها في البداية هو اصلاح الحكم الذي ساده الفساد والإبعاد لكل القوى الفاعلة الساعية لإقامة نظام ديمقراطي مدني بعيدًا عن السيطرة على كل مفاصل كيان الدولة مالاً وبشراً جيشاً وأمناً وقضاءً بيد الرئيس, وبعيداً عن التوريث وهو ما ذهب اليه الرئيس علي عبدالله صالح وبالأخص في ما بعد مرحلة حرب 1994م وبعد انتخابات 2006 التي كادت ان تفضي على كيان الدولة المنتظر في وقت العالم يناضل من أجل حريته وكرامته التي فقدها الانسان العربي خلال سبعين عاماً تقريبا بعد نضال مرير خاضه ذلك الانسان ضد الاستعمار والاستبداد الذي أنهك قواه ودخل في غيبوبة التعب, والذي خرج من غيبوبته إذ به في مستنقع حكم فاسد مستبد مؤرث يبعث الانسان العربي من غيبوبته وليس من مرقده او صحا على منظر من لهب يشعل نار الثورة من جسم مشتعل في شاب من تونس الشهيد (البوعزيزي).
هكذا كان مشهد ثورة الشباب تونس- ليبيا – مصر- اليمن- سوريا التي هي الاخيرة مازالت تعاني طغيان وجبروت الحكم المستبد الماضي وماخلفته من جرم متناسل في التوريث الذي هو اليوم يحرق الانسان ويهدم مبانيه ويهتك حرماته ويصليه ناراً بمختلف اسلحة قواته التي بنيت من مال هذا المواطن الذي سلب منه حريته وأقواته وشرده من مدنه وقراه وضيعاته وأخرجه الى خارج وطنه مشرداً حاملاً آهاته وجراحاته.
ثورة الشباب جعلت العالم تقريباً ينظر نظرة صادقة نحو شباب يمني يطالب بمطلب مشروع هو حريته في إقامة دولة يحكمها العدل والقانون .. يعيش فيها الانسان حراً مصانة حقوقه, مكرماً في مواطنة متساوية, حكم يصون الانسان ماله ودمه وعرضه في دوله تحكمها قوانين في اختيار من يمثله غير صناديق الاقتراع من أصغر تمثيل في الامة الى اعلى مركز فيها رأس الدولة (التداول السلمي للسلطة) .. العالم وقف الى جانب الشعب اليمني لما رأى يد السلطة عبر الجيش تضرب التجمعات الشبابية والشيوخ والعزل من السلاح بنيران من مختلف الاسلحة في الساحات والشوارع والازقة دونما رحمة او هوادة او رادع من ضمير او دين .. هب العالم ليقول لعلي عبدالله صالح قف وفي المقدمة دول الجوار مشكورة دول مجلس التعاون التي ساغت مبادرة شاركت فيها الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن والدول الاوروبية والدول الفاعلة في العالم وتضمنت المبادرة إعادة هيكله الجيش والأمن لإخراجه من قبضة علي عبدالله صالح وأسرته التي حولت مرفقي الجيش والأمن الى قطاعين خاصين يضربون به المواطن المتطلع الى حكم ديمقراطي عادل يكفل للمواطن حريته ويصون كرامته ويحمي حدوده لأن الجيش والأمن صار تواجده في اربع محافظات وبقوة في المقدمة العاصمة صنعاء بالاضافة الى الحديدة - تعز - عدن – المكلا وهي المدن التي أفرط نظام صالح في القتل والاختطاف واقتياد المئات من المتظاهرين الى السجون بعد استباحة دمائهم, حيث يتواجدون من قبل الجيش وبالأخص الوحدات الست التي كان لها باع في مواجهة المظاهرات والاعتصامات زاعمة أنها قادرة على اطفاء جذوة نار الشباب المشتعلة في نفوس الملايين منهم, المتطلع لنيل حريته وبناء غده الافضل في ظل دولته المنشودة الرافضة لحكم متخلف يسعى لتوريثه.
المبادرة استهدفت اداة الطغيان المتمثل في الوحدات العسكرية الموالية ولذا فقد كان اهم مطلب هو إعادة هيكلة الجيش الذي كنت قد بدأت في وضع رؤية نحو إعادة هيكلة الجيش قبل أن تحل الازمة وبرؤية علمية بعد مراجعة رسالتي المتعلقة بوضع القوات المسلحة وهيكلتها ومناطق تواجدها .. رساله الماجستير الموسومة (الشبكة الوطنية الدفاعية في ج- ع- ي) الجمهورية العربية اليمنية والتي دافعت عنها في يونيو 1972م بعد التخرج من اكاديمية المهندسين بموسكو (( اكاديمية المهندسين – كويبشفا) مع مجموعه من الزملاء كانوا تخصصوا في هذا العلم العسكري والأول من نوعه في جيوش العالم العربي تقريبا وبطريقة علمية حديثة تلك التخصصات التي لم نطبق منها عملياً شيئاً لأنها قوبلت بالرفض البواح إن جاز التعبير او بصريح العبارة لأننا تخرجنا في وضع متغير سياسيا في اليمن .. رسالتي تضمنت إقامة شبكه مساحية حديثة دفاعية تمتد من باب المندب وحتى رأس نهوقة الجبل المطل على نجران شمالاً ذلك فيما يتعلق بالعلوم العسكرية من 1972- 1990م كان في اليمن جيشان جيش الشمال الذي تعرض لأكثر من رؤية تنظيمية من الرؤية المصرية – الاردنية- السعودية – الغربية ما عدا التسليح فقد ظل في مكوناته الشرقية الاتحاد السوفيتي ودول حلف وارسو كما اسلفت ولكن لم تتم الهيكلة فقد كان وضع الجيش من بعد ثورة 26 سبتمبر 1962 جزءاً لايتجزأ من الجيش المصري الذي قدم لمساندة ثورة اليمن 1962 والذي استمر حتى 1967, وبعد 5 نوفمبر 1987 بدأ يتغيير من هيكلته في حكم القاضي عبدالرحمن الارياني حيث وجدت وحدات شبه خاصة إن لم تكن خاصة تماماً .. القاضي عبدالرحمن الارياني عنده الوحدات المركزية والحرس الجمهوري والشيخ عبدالله ومجاهد كونا جيشا قبلياً ونظامياً ( قوات المجد) وبيت ابولحوم كونوا ( الاحتياط والعاصفة) ولواء مدرع خلفه اي القاضي ابراهيم الحمدي, فتكون جيش ضد الجيش او بدلاً عنه بالدرجة الاولى ( العمالقة – المظلات- اللواء الاول مشاه- الشرطة العسكرية- المدرعات – المدفعية) خلفه اي ابراهيم احمد الغشمي كون له جيشا في المقدمة سلاح الدروع ووحدات كانت في بداية التكوين وبعد ما كان خلفه ابراهيم إلا أن مدة حكمه كانت قصيرة , خلفه - اي الغشمي - علي عبدالله صالح الذي قضى على كل ما خلفه الثلاثة الرؤساء او ما تبقى بالأصح من مخلفات الثلاثة الذين سبقوه في الحكم.
والثلاثة الرؤساء في كل فتراتهم كانوا يزجون بالجيوش التي كانت قد وجدت او كونت في عهد سابق في حروب عبثية كانت في اغلب الحالات هو التخلص من تلك الوحدات – ضباط وجنوداً - وبالأخص الوحدات التي بنيت على عقيدة الجمهورية او الموت مقرونة بولاء حزبي ( بعث- قوميين- ناصريين) او ابعادها من العاصمة خشية قيامها بانقلاب ولا يستثنى اي من الرؤساء الثلاثة في هذا الجرم الا ان جرم علي عبدالله صالح كان الاكثر تفريطا في ذلك بحكم وجود الجبهة الوطنية والحروب التي خاضها مع من اعتبرهم خصومه, حيث القضاء على الوحدات الاقوى المظلات واللواء الاول مشاه وماتبقى من وحدات كانت محسوبة على ابراهيم الحمدي مثل العمالقة وإن ابقيت مسمياتها لكن أفرادها استبدلوا أو تم ضم وحدات ببعضها بحيث تصبح مفككة.
وهذا الاجراء لم يكن هو الاول فقد سبقه مثل ذلك بعد الثورة مباشرة حيث تم القضاء على الجيش النظامي الذي خلفه الامام ذلك الجيش المجرب الذي عانى كل انواع التعب وعاش الحياه القاسية والذي انتظر الثورة التي من شأنها الرفع من مستواه كجندي يدافع عن الوطن لا وسيله للجباية وسلب مال المواطن, والجيش الذي بسط النظام في انحاء الجمهورية وأيد الثورة منذ اللحظة الاولى ذلك الجيش تعرض لمؤامرة كبيرة دمر تدميراً والذي حوصر وقتل بعد ظهور الامام المخلوع في المحابشة وصعدة والجوف ومأرب, دمر كاملاً وجعله يلتحق بقراه او ذهب الى جناح الملكيين والذي تعرض لما تعرض له في النظام الجمهوري فقد حسبه الوصوليون في نظام الجمهورية أنه من مخلفات الإمامة وحسبه الملكيون بأنه خان الامام بتأييده للنظام الجمهوري .. ولم يقتصر الحال عند الجيش النظامي فقد تعرض الحرس الوطني الذي ملئت ساحات المدن به متطوعاً وانتشر في كل جبهات القتال التي فتحت في معظم شمال اليمن من محيط صنعاء وحتى صعدة باستثناء ثلاث قبائل من حاشد خارف- بني صريم- العصيمات وقبائل ذو محمد برط.
قضى على الحرس الوطني ولم يبق منه الا من كان قد التحق قبل الثورة بالمدارس وممن كتبت لهم الحياة الذين التحقوا بكليات عسكرية وامنية ومعاهد عسكرية وتكون منه وحدتان عسكريتان: الصاعقة والمظلات والذين كان لهم شرف حماية الثورة والجمهورية في حرب السبعين يوماً وكان جزاءهم في الاخير ما حل بهم من طرد وتشريد وسجون وقتل تاريخ غير مرضي عنه فيه من الوحشية, والنكران, للجهود وللجميل.
هكذا حظ الجيش اليمني في عهدنا نحن وحظ الشعب لأنه ايضا دفع ثمن ذلك, فالجيش بن المواطن والمواطن دفع ثمن السياسات العبثية جراء السياسة غير الاخلاقية, فالجندي بن المواطن والمواطن والد الجندي والكل من تربة هذا الوطن.
العامل الخارجي من جديد:
العامل الخارجي نعيشه من جديد ولكنه بوجه جديد وفي وضع جديد وتوجه جديد اوجده الجيل الجديد شباب الثورة الذي ابتكر في ثورته اسلوبا جديدا .. خرج متظاهرا: سلمية سلمية . يهتف لا يحمل سلاحاً ولايحمل حديداً بصدور مفتوحة واجه النار والحديد .. تحدى الوعد والوعيد, متحدياً النظام والتهديد .. واختار إما النصر أو أن يموت شهيد.. وقد نصره الله الفعال لما يريد.
الازمة التي مرت بها البلاد كانت هي الاقسى في تاريخنا الجديد .. حيث كانت ثورة الشباب قد عمت اليمن بكامله وعكست القسوة نفسها على الميادين الرئيسية التي سكنها شباب الثورة في المدن الهامة وأهمها صنعاء- تعز- الحديدة - عدن المكلا- إب وهي المدن الذي كانت قوات النظام متواجدة فيها بقوة والتي واجهت الثورة الشبابية بعنف لا مثيل له في حاضرنا .. وقبلها واجهت الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية والشرقية بأشد انواع القسوة المفرطة.
الثورة الشبابية افرزت شيئا جديد اسمه (التدخل الدولي) الذي اراد ان يجنب البلاد ويلاد الحروب الذي فرضة النظام المستبد على الشعب طمعاً في البقاء على كرسي الحكم حتى ولو افنى المعارضة بكاملها. وقد يكون هذا التدخل من اجل مصالح خاصة إلا أنه في نفس الوقت كان للبلاد المصلحة الكبرى في وقف إراقة الدماء التي سفكت في ميادين الاعتصامات اولاً وتحقيق اهداف الثورة بإسقاط النظام ثانياً ووجود وثيقة دولية تتضمن اقامة دولة حديثة تسودها الديمقراطية والعدالة والحكم الرشيد ثالثاً والحفاظ على وحدة البلاد ولو في حدها الادنى رابعاً, والاهم في الأمر إعادة هيكلة الجيش ليصبح جيشاً للشعب ليحمي الثورة ومكاسبها خامساً.
من السهل جداً إعادة هيكلة الجيش وليس من الصعب ذلك لأن الامر بيد القائمين على إدارته والجيش جزء اساسي من تكوين المجتمع فهو ابن المواطن وهو مجتمع وطني بحد ذاته داخل ثكناته وسلاحه تحت يده .. والهيكلة تعني بالنسبة لنا ان يصبح موحداً تحت قيادة منتخبة من الشعب.
إن التدخل الدولي كان من وجهة نظري تدخلاً إلاهياً لحماية الانسان اليمني دماً وعرضاً وأرضاً والدفع به الى الطريق المؤدية الى صياغة دستور وقانون يسن الاهداف بوجود جيش موحد يحمل على كاهله حمايتها وحماية النظام الذي يشرعها.
كانت الرؤية التي كتبتها عن الجيش قبل قيام ثورة الشباب ذلك من منطلق محاربة الفساد الذي ساد كل مرافق الدولة ومنها مرفق القوات المسلحة والأمن .. ومن باب التأثر وبحكم العلاقة القديمة بالجيش وما يعايشه هذا المرفق ومن خلال المعايشة له قبل الثورة وبعدها واحتراماً لمنتسب الجيش والامن ولما يجب ان يكون عليه حاله, له وعليه وضعت خطة مختصرة منطلقاً من وجوب الوقوف في وجه طغيان الفساد الذي عم هذا القطاع وحال المنتسب اليه الحال المهين الذي لا يليق بإنسان ينتسب الى هذا الصرح السامي وفي عصر القرن الحادي والعشرين.
فحال المنتسبين إلى الجيش والأمن جعلني اضع تصوراً إما منبهاً لقيادته بأن هذا الامر القائم في الجيش لايجوز ان يظل وبالأخص إن سمعت أن أحد القادة يتعامل مع جنوده الذين اضطره الفقر او الفراغ او البطالة بالرغم من مستواه التعليمي والثقافي وهو يقدم له من نصح للاهتمام بالفرد رد عليه وبكل وقاحة بطِّل الفلسفة (أحمد الله عزيناك من الشارع) وكان ذلك له رد فعل قوي .. هكذا يعلل فرد القوات المسلحة في القرن الواحد والعشرين وتذكرت رد الإمام أحمد في رده على وحدة النامونة (إنما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولاشكوراً).
فقمت بإعداد تصور لإعادة النظر في وضع الجيش وهيكلته.
القوات البرية
القوات البرية: إن عدد القوات البرية في عددها المحسوب رقماً وليس على ارض الواقع ستمائة ألف جندي وصف وضابط, تحسب القوة بكل مستلزماتها تسليحا وتمويناً على غرار إنفاق دولة عمان على الفرد, والحقيقة ليست كذلك لأن الميزانية في القوات المسلحة بكل فروعها الثلاثة رقم, لكن الواقع لا صلة له بالفرد في القوات المسلحة كما هو محسوب له وليس لدي معرفة دقيقة بما تدفعه خزينة الدولة من النقد إلا أنني على يقين بأن ميزانية القوات المسلحة تفوق ميزانية كل وزارات الدولة مجتمعة وأن كل مشترياتها ومبانيها لاتخضع لقانون المناقصات وأن كل مايتم شراؤه باسمها لا صلة له بالجودة أو الدقة وهي ميزانية تم تقييمها من خلال عددها (القوات البرية) ستمائة ألف جندي, وهو تقييم من معدل الراتب ووسيلة النقل ومستلزماتها من المشتقات النفطية والعلاج والغذاء وقطع الغيار والسلاح الشخصي والذخيرة مع الاحتياط من السلاح الشخصي.
الدولة المحيطة بالجمهورية:
من الشرق- عمان, من الشمال – المملكة العربية السعودية, من الغرب- اريتريا – جيبوتي- الصومال الجنوب- المحيط الهندي.
وهي بين خط العرض 55-41
وهي بين خط الطول 19-12
سواحلها 2500كم تقريباً, مساحتها 555,000 كم2.
محيطها الإقليمي لم يعد به إشكال حدودي فقد تم تحديد حدودها مع الدول المحيطة بها ماعدا الصومال من اتجاه الشمال بالنسبة لجزيرة سقطرى والتي مازالت تحيط بها بعض التساؤلات بين شرعية اليمن وطموحات الصومال, وذلك من خلال ما أعرفه عن حنين الصومال بأن جزيرة سقطرى وأرخبيلها تعود للصومال .. هذه الحكاية من خلال حديث زياد بري وقد زال بري لكن لا أعتقد أن الرؤية الصومالية كانت فقط في رأس بري.
على كلٍ لا أرى أن الوضع العسكري في جهات البلاد الأربع مهدد في تقديري لعشرين عاماً قادمة, ولذا لابد من النظر في وضع الجيش اليمني في عدده وعتاده وتحديد قوامه.
والذي سيقودنا لإعادة هيكلته في الوضع السليم كفرق عسكريه متكاملة:
تحدد لكل جهة من جهاته الأربع عشره آلاف جندي يتم تحديد تموقعها بحسب أهميه الامكنه الاستراتيجية.
مركز الدولة صنعاء عشرة آلاف جندي.
يتم تحديث الجيش بأحدث أنواع الأسلحة والتي تغطي دفاعاته المحتملة.
يتم إسناده بقوات جوية وبحرية وبما يتلاءم وقدرته التي يمكن لقوة الإسناد أن تلبي سد كل الثغرات في حالة نشوب أحداث قد تأتي مفاجئة والتي لا أتصور أن تأتي قبل عشرين عاماً, كما أسلفت, إن هذا العدد الجديد من القوات المسلحة وبالرغم مما سيحظى به الفرد من امتياز سيخفف على الدولة الكثير من الميزانية وستتمكن من إنفاق هذه الوفرة من المال في تغطية متطلبات الوزارات التي هي بحاجة إلى المزيد من المال مثل الصحة والتربية والتعليم والطاقة والماء...الخ ,هذا فيما يتعلق بالقوات البرية التي هي آلان في ميزانية الدولة تقدر بستمائة ألف رجل, والذي يتقاضى الفرد في الشهر30000 ألف ريال والإجمالي مائتان وستة عشر مليار ريال في السنة بمعدل مرتب جندي.
إن الغرض من تحديد هذا العدد وبخمسين ألف هو إيجاد جيش محترف سيكون فيه الكيف لا الكم الذي هو في الحقيقة عدد وهمي لكن نفقاته منصرفة, ولكن العدد المتواجد على ارض الواقع سيكون أكثر من العدد المقترح اقل ما يقدر بضعفين أي مايعادل مائه وخمسين ألفاً.
اختيار خمسين ألفاً سيكون من العدد المتواجد من الميدان لأن العدد الإجمالي سيكون فيه المتقاعد والمصاب والمريض والمعاق وفيه كتائب وسرايا باسم أشخاص لايخضعون لقياده عسكرية.
ستوفر الدولة المال بالدرجة الأولى من العائد الذي تعتمده الدولة للقوة الوهمية وهي ظاهرة في الجيش منذ سبعينيات القرن المنصرم ولكنها كانت خفيفة لأن الميزانية كانت في الجيش ضئيلة لم تصل إلى الملايين في الشهر وبعدها المليارات من بعد 1978م وأصبحت القيادة في الجيش مغنماً.
العدد الذي سيتم إحالته بمرتبه القائم حاليًا إلى جيش احتياط في القرى والمدن والمعول عليه إعادة إحياء الريف وبالأخص عندما تصبح الكهرباء تغطي الجمهورية .. إن هذا الجيش العائد إلى الريف سيكون له الدور الكبير في زراعه الأرض وتربية المواشي وسيكون مردود المرتب في البيت أفضل من تواجده في ميدان الخدمة وسيكون تحت طائلة الاستدعاء في حالة الحاجة.
كما سيكون له الاستدعاء الفصلي أي في كل أربعة أشهر لكل الأفراد, للتواجد في اقرب معسكر لمدة أسبوع لحضوره محاضرات تجدد له الذاكرة.
كما سيكون الفرد في فسحة من أمره يمكنه إيجاد عمل لاسيما أن البلاد تعتبر فقيرة وخالية من المشاريع المختلفة وإسهامه في البنية الأساسية التحتية.
البلاد مليئة بالسلاح والأمن فيها يحتاج إلى جيش على مستوى المدن, المحافظات, والاحياء فيها, والمديريات وحتى العزل في بعض المحافظات, والقرى, سيكون لأفراد القوات المسلحة المحالة دور في رفد الأمن وسواء أصبح وضع البلاد في تقسيم أقاليم أو استمر الحال كما هو عليه محافظات سيكون رافداً امنياً مسانداً للحكم المحلي.
وضع القوات البحرية وخفر السواحل في وضعه الحالي ضعيف للغاية وغير مهتم به في ظل وضع السياسة حالياً والقوة متواجدة في مركز أربع محافظات أي في موانيها لاغير: الحديدة – عدن – المكلا- المهرة- وهي قوة ضعيفة إلى حد كبير نظراً لطول الساحل اليمني وجزره والتي بعضها تبعد عن اقرب ميناء لها عدن ستمائة كم وهي سقطرى.
إن النظر في وضع القوات المسلحة وإعادة تركيبتها التنظيمية تبدأ من هنا بما يعني أن ترتب القوات المسلحة (البرية) في نظام الالوية المتكاملة وترقى إلى مستوى الفرق, فالجيش. فوضع الجيش اليوم غير طبيعي لأن توزيعه غير صحيح: الحرس الجمهوري, الحرس الخاص, الفرقة الأولى مدرع... الخ , وكأنها جيوش غير مرتبطة ببعضها ومهامها مختلفة وتخضع لرؤية قادتها, فالحرس وما يتبعه من الوحدات معنية بالرئيس وحراسته خاصة سواء في العاصمة أو في بعض محافظات الجمهورية وبالأخص صنعاء- الحديدةتعز— عدن- المكلا, والقوة الأخرى الفرقة وهي الأقل عددا وعدة ولكنها لاتخضع كلياً للقيادة والهيكلة داخل تلك الوحدات موجودة وهي القوات الأساسية في الجيش أما بقية الوحدات الأخرى فهي تخضع لرؤية قادتها الذين يحالفهم الحظ بأن يكونوا قادة لوحدات وهي بمثابة مأمورية تعطى للشخص المرغوب والمطلوب لأن يعطي مما يأخذ, ولقد دخلت القوات المسلحة سوق الاستغلال السياسي والمادي ولم تعد وحدات ذات طابع وطني كما هدف اليها الهدف الثاني من أهداف الثورة (بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها) وعليه واجمالاً فإن البلاد بحاجة الى قوات مسلحة حديثة منطلقة من حاجة البلاد لها فيها الكيف لا الكم لأن الكم كان عبارة عن مضيعة للشباب.
قوات برية مدعمة لا يتجاوز عددها ستين ألف جندي
هذه الثورة مهمتها حماية البلاد, وكما شرحت فإنه في خلال عشرين عاماً لا ارى أن هناك حروباً قادمة بيننا وبين من اشرت اليهم من الدول المجاورة لأن كل مصادر التوتر التي كانت سبباً في وجود اشكالات وصدمات عسكرية انتهت أما بالتوافق كما هو الحال مع المملكة العربية وعمان أو بالتحكيم الدولي كما هو الحال في ارتيريا.
إن وضع البلاد وضعاً اقليمياً مستقر لاداعي لأكثر من ذلك العدد؛ لأن وضع الجيش هو ضياع لجهود الشباب الذي كان يمكن ان يستفاد منه في مختلف مجالات التنمية ومن المال الذي يصرف باسم القوات المسلحة غير المستغل استغلالاً سليماً.
القوات المسلحة بحاجة كما أشرت إلى إعادة هيكلتها بما يحق للفرد فيها جودة .
مأكله- مشربه- مكسبه- صحته- مادته والذي يكفل له.
ما يكفل تعليم أولاده- تطبيبهم- ومعيشتهم.
جيش محترف تتولي إطعامه وعلاجه شركات وطنية.
راتب المنتسب من اصغر منتسب (جندي) 500$ خمسمائه دولار اقل تقدير.
تتصاعد المرتبات الى مستوى الفريق الذي يصبح مرتبه يساوي مرتب (رئيس وزراء).
تنظيمه من عدد الجماعة الى عدد الفرقة فالجيش يجب أن يبنى على أحدث التشكيلات على غرار ماهو سائد في دول الجوار.
تسليحها يجب الاعتماد عليه بعد إعداد الفرد تعليماً وعلماً ولا يقتصر الإعداد فقط على الضباط فإنه بالامكان تجنيد من لدية ثانوية عامة ويحبذ ان يكون “علمي” وفي المقدور ان يحصل هذا, فالتعليم في البلاد منتشر ومن السهل الحصول على الجندي المؤهل.
الجندي إذ أظن له ما أشير إليه فتكون خدمة الجيش مرغوبه للغاية.
القوات الجوية:
لقد فتحت القوات الجوية كلية جوية ومعاهد فنية وكما هو حال القوات البرية فقد ارتكزت على الميزانية الخيالية وضمت في الخدمة فيها الكثير من الناس المؤهلين وغير المؤهلين ووضعها كذلك بأن فيها من يتقاضون مرتبات وهم ممن ليس لهم في التخصص وإنما مرتبات تصرف لمن هم في بيوتهم مقابل الولاء ولذا فإن الأهم في إعادة هيكلتها:
عدد منتسبيها- إخراج من يستحقون التقاعد- وإخراج غير الأصحاء – المنتسبون يفرض الحصول على المرتب وهم كثر.
المجند فيها يحمل الثانويه العامة
تسليحه من الطيران المقاتل مرتبط بوظيفتين استراتجيين:
دعمه للقوات البحرية وبما يناسب وطول وعمق البلاد
لواقع الجغرافي الجبلي وهو مهم للغاية.
فالأول يحتاج الى طيران مقاتل والذي يمكنه ان يكون مسانداً في الوقت الراهن نظراً للإشكال القائم, الذي يهدد البلاد ما تقوم من القرصنة في البحر الاحمر وخليج عدن والبحر العربي وأفضل سلاح ميج لأن الطيار اليمني والفني في القوات المسلحة ومنذ خمسين عاماً استخدم هذا السلاح وتدرب عليه. وهذا التوجه يفرضه الحال القائم حيث تتواجد قوى العالم في هذه المياه لحماية الممر الدولي الذي يربط جنوب العالم بشماله والذي غاب اليمن عن الموجود والذي هو المعني بذلك فالقوات الجوية في هذه المرحلة معنية بدعم القوات البحرية فيما يتعلق بالطيران المقاتل (ميج- سوخوي).
أما الثاني فهو الطيران العمودي والذي هو الأكثر احتياجاً للبلاد نظراً لتركيبة المجتمع القبلي المسلح وجغرافية المناطق الجبلية والآهلة بالسكان والذي تتجاذبه السياسات الاقليمية التي قد تضطر الدولة الى مواجهات مسلحة لبسط قوانينها مع أنه من واجب الأمن الذي سنأتي إليه .. إنه من الملح اليوم النظر الى هذا الواقع المؤلم الذي يحتاج وضع استراتيجية داخلية لمواجهة مثل هذا الامر وهو خطير جداً, والذي قد يكون يوماً يشكل حربًا داخلية لا أقول عليها أهلية لكنها قد تكون مذهبية وهذا يعد خطراً على سلامة وأمن البلاد واذا نظرت الى واقع اليمن اليوم وما بداخله من إشكالات سنجدها كما اشرت مخاوف مذهبية وفي مجتمع الكثافة السكانية الجبلية.
القوات البحرية:
مهمتها كبيره جداً وكما هو معروف فإن طول سواحل اليمن 2500كم وهناك جزيرة سقطرى وارخبيلها هذه المياه الاقليمية لليمن تحتاج الى جيش وسلاح بحري مدعم بقوة جوية كما اشرت بالإضافة الى تعاون الأمن ممثلاً في خفر السواحل فالبلاد لاتزال مهددة في سواحلها من القرصنة وتهريب التجارة غير المشروعة ( السلاح – المخدرات- المخلفات الاشعاعية- البشر).
وهذا أمر مهم للغاية ويجب الاهتمام به وبالإمكان وجود سلاح متطور ومتوفر في اكثر الاسواق الدولية ولا أقصد السوق السوداء للسلاح ولكن اقصد الدول المصنعة وسلاح البحرية اليمني, فيه سلاح بحري روسي بالدرجة الاولى ويليه الايطالي وهذه الدول تستطيع دعم اليمن وإيجاد متطلباتها من سلاح البحر .. بالطبع تغيرت طبيعة تكتيك الساحل بعد الوحده 1990م, فقد كانت اليمن قبل ذلك تمتلك سواحل تخصها كدولتين: في الشمال باب المندب- ميدي , والجنوب: باب المندب- المهرة وهو الساحل الاكبر.
البحرية ليست بحاجة لغواصات وحاملة طائرات هي بحاجة ( طوربيطات- طرادات- حاملة جنود زوارق- حوامات تتواجد في مطاردات) تتواجد في جزيرة الصليف – جزيرة ميمون – عدن – أبين- المكلا- المهرة- سقطرى).
الخلاصة:
1 - القوات المسلحة في الوقت الحالي اذا خضعت للتقييم المطلوب وضعه داخل القوات المسلحة في أسلحته الثلاثة فإن السلاح والعنصر البشري متوفر في الوحدات وبالاخص في الوحدات الحديثة التكوين, مثل وحدات الحرس الجمهوري وسلاح الدروع ففيها من العناصر البشرية مايجعلها قادرة على التعامل مع مفهوم الكيف قبل الكم, هذا فيما يتعلق بالقوات البريه وميزانيتها تستطيع استيعاب زيادة المرتبات وتطوير التكنولوجيا الحديثة اللازمة والحفاظ على مرتبات الذين سيتم الاستغناء عنهم مع الاخذ برؤية الجيش جيش دفاع على المستوى الخارجي والداخلي.
القوات البحرية والجوية هما الاجنحة الاضعف من حيث انعدام التقنية الحديثة فهي في وضع سيئ للغاية لا من حيث ميزانيتهما ولكن من حيث سوء التصرف بها, فقد اصبحت مهمتهما بما يشبه الانتحار في كثير من اعمالها, مع العلم ان فيها العنصر البشري المؤهل للامكانات الفنية التي يجب استغلالها وتشغيلها بدلاً من الانفاق في مشتريات قطع الغيار من الاسواق السوداء التي قد تكون غالية الثمن بسبب الحصول على عائد شخصي من ذلك لا لأنها كذلك مرتفعة الثمن.
2 - الاهتمام بالعنصر البشري كما اشرت بالطبع, في المقدمة تأهيله علميا- وطنياً- مادياً - تغذية- صحة- إشعاره بانه حامي الوطن لا متعيشًا .. عنصر مهم في حماية الوطن وأمنه سلامته ووضع الانظمة التي تحميه والتي عليه حمايتها. التعامل المالي بكل احترام له.
الملتحق بالجيش لايحتاج ان يقدم دستوره لكي يقبل به, وليس بحاجة ان يدفع من مرتبه للكاتب او القائد مقابل بقائه خارج المعسكر.
حماية المال من وجود اسماء وهمية.
التعامل الحضاري العلمي في كل مايجب ان يكون عليه الحال في حماية المال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.