محمد شاب يمني مبدع اختار طريقه الإبداعي في ظل أسرة فنية إبداعية بامتياز فهو من أسرة حضرمية لها حضورها الإبداعي الجميل من جده إلى والده إلى أخيه الأكبر عزف العود صغيراً وتعلق به وثابر من أجل التحصيل الأكاديمي في هذا المجال فكان أن التحق بأكاديمية العود في أبوظبي وتخرج منها قبل شهر وقد تناقلت هذا الخبر الصحف الإماراتية كأول يمني يتخرج بتميز في العزف على العود كان لنا معه لقاء سريع بعد عودته من الإمارات حين كرم فإلي حصيلة الحوار. أول من جلب لي العود .. أولاً الحمد لله على سلامة وصولك إلى وطنك، ونبارك لك التخرج من بيت العود العربي بأبوظبي، وقبل الحديث عن التخرج، هل لك أن تحدثنا عن بداياتك مع عالم الموسيقى وآلة العود خصوصاً؟ قد أعتبر نفسي محظوظا نوعا ما وذلك لنشأتي في أسرة تقدر الفن والأدب، ولست من المؤمنين بالحتميات الوراثية فقد تطلب الأمر مني الكثير من التمرين المتواصل والصبر والمثابرة والإصرار من أجل تأسيس نفسي كعازف عود منفرد وهي الغاية التي من أجلها أنشأ الموسيقار العالمي وعازف العود الشهير أستاذي نصير شما فكرة بيت العود العربي في القاهرة وفروعه في بعض المدن العربية. نعود للنشأة وتاريخ الأسرة الفني والأدبي، فوالدي هو الأديب والشاعر سعيد محمد دحي “رحمة الله عليه” وجدي هو يسلم دحي الملحن والمطرب والذي يعتبر أحد العلامات المهمة في تطور الأغنية في حضرموت وتحديثها. كما ذكر المؤرخ المعروف عبدالقادر بامطرف أن صالح دحي، وهو أحد أجدادي، يعتبر أفضل من أنشد صوت الدان في الساحل الحضرمي. هذه البيئة وهذه الأجواء التي عشتها بالإضافة إلى أن أخي عدنان دحي وهو أكبر مني عمراً قد تخرج بدرجة البكالوريوس من المعهد العالي للموسيقى العربية بالقاهرة وهو موزع موسيقي نشيط في الوسط الفني في دبي وبالمناسبة هو الذي جلب لي أول عود أتدرب عليه عندما كنت في سن المراهقة. مرحلة النشازات .. إذن هذا هو سر اختيارك لآلة العود؟ بالإضافة إلى أنها كانت هدية من أخي عدنان، لآلة العود سر يتعلق بها، فهي آلة صُنعت للاحتضان من ناحية الشكل كما أن صوت العود الخفيض نسبياً كآلة وترية يجعلك قادرا على التوحّد معه والتدرب عليه في البيت بدون أن تسبب إزعاجا لأهل البيت وخصوصاً في المرحلة الأولى من التدريب التي بها الكثير من النشازات. لكن أعتقد صعود الموسيقار نصير شمة كعازف عود في أواسط التسعينيات وشهرته في الوطن العربي شدّني أكثر للآلة وإمكاناتها الكامنة، حيث كان نقلة في مفهوم عازف العود المنفرد (الصوليست) أي الذي يقدم فقرة كاملة ومتكاملة يتزعمها العود فقط. وبدأت تراودني فكرة الالتحاق ببيت العود العربي الذي أنشأه الأستاذ نصير شما في القاهرة لكن إقامتي في أبوظبي حالت دون ذلك. نقطة تحولي .. ماهي أبرز محطاتك الفنية، وما الذي أضافه لك بيت العود العربي في أبوظبي؟ اشتركت في البداية في المعاهد المتوفرة في أبوظبي وقد حظيت بالتدرب على أيدي أساتذة عراقيين في آلة العود وإن لفترات قصيرة، كانت تلك فترة نزوح كبيرة للعراقيين خارج وطنهم. أذكر أستاذي عازف العود وصانع العود البارع زيدون صقر تريكو وهو بالمناسبة مخترع العود ذي الزندين المسمى (العود الزيدوني) كما حظيت بفترة قصيرة من التدريب على يد الموسيقار وعازف العود العراقي سالم عبدالكريم. بالتأكيد كان لافتتاح بيت العود العربي في أبوظبي أكبر الأثر في تحولي. أذكر أنني كنت أزورهم في البدايات وقبل أن يتم تشغيل البيت وتجهيزه للعمل. الدراسة ممنهجة وتحصلت خلالها على علوم وفنون مدارس العود المتنوعة على يد الأستاذ أحمد حميد وبإشراف متواصل من الأستاذ نصير شمة. بيت العود تفجير للطاقات .. ماهي باعتقادك الأولويات التي تسهم في تطوير الفن والموسيقى وخصوصاً آلة العود؟ نحن شعوب ذات تاريخ موسيقي عريق ولذلك التفاؤل بمستقبل الموسيقى في بلداننا العربية كبير جداً.. وأعتقد أن فكرة بيت العود في غاية الأهمية ونشر فروعه في المدن العربية مهم جداً من أجل تفجير الطاقات الكامنة في هذه الآلة وتوصيلها للعالمية كما أعتقد أن الفكرة يجب أن تعمم على كل الآلات الموسيقية الشرقية وبالمناسبة بيت العود العربي يقوم بتدريس آلة القانون كذلك وعلى يد أساتذة محترفين. كما تظل فكرة تأسيس العازفين المنفردين (الصوليست) مهمة للغاية من أجل أن يكون العازف في صدارة المسرح بدلاً من المنطقة الخلفية التي تم ترسيخها. وبإمكاني أن أضيف كذلك أولوية أخرى هي تدريب الأذن العربية على سماع الموسيقى صافية بدون غناء وقد اجتهد موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب في هذا الجانب وألف العديد من المقطوعات الموسيقية والتي لاقت انتشارا عبر الإذاعة والتلفزيون. .. إلى ماذا تطمح، وماهي مشاريعك المستقبلية؟ آلة العود كنز عظيم لا نهاية له وطموحي هو المزج بين هذه الإمكانات الكامنة في الآلة وتراثنا من أجل تجسير منطقة للعبور نحو العالمية.