مؤشرات ومعايير .. بداية ما هي الاستراتيجية التي يعتمدها الصندوق في توزيع خدماته الاجتماعية والتنموية إلى مختلف مناطق محافظة ذمار؟ قبل الإجابة على السؤال أود أولاً توضيح طبيعة البيئة التضاريسية التي يعمل فيها الصندوق؛ فالسلسلة الجبلية تمتد من منطقة رازح حتى محافظة تعز، وتتسم هذه السلسلة بالوعورة، وتعتبر مديرية عتمة ومديرية وصاب بمحافظة ذمار مناطق تعاني من مشكلة الوعورة، وهذه المناطق تفتقر إلى مختلف الخدمات كالطرق والصحة والتعليم والمياه، ونسبة هطول الأمطار فيها عالية جداً، ولكن لا يتم الاستفادة منها بسبب عدم وجود أماكن تستقر فيها مياه الأمطار، والناس في هذه المناطق يقومون بحصد مياه الأمطار عن طريق البرك والسقايات الخاصة بهم.. ولذلك فإن الصندوق يعمل ضمن مجموعة من المؤشرات والمعايير وسياسات التدخل في هذه المناطق ولكن إمكانياتنا المالية لا تستطيع أن تفي لهؤلاء الناس كل احتياجاتهم، ولذا نحاول أن نجدولها ضمن معايير ومؤشرات ترتيبية، بحيث نتمكن من الوصول إلى المناطق الأكثر والأشد فقراً وعلى سبيل المثال هناك بعض العزل في المديريات تفتقر تماماً إلى الطرق، وهذا الافتقار يحرمها من الخدمات الأساسية والضرورية، وإذا أرادت مؤسسة الدولة أو الصندوق الاجتماعي بناء مشروع خدمي معين يكون الأمر فيه صعوبة في تنفيذ هذا المشروع أو ذاك؛ نظراً للكلفة العالية وتضاعفها؛ فمثلاً عزلة الأثلوث والتي ينفذ فيها الصندوق برنامج الدخل المتكامل قد يصل تكلفة الطريق فيها إلى ( 800ألف دولار)، وهذه كلفة عالية جداً بالنسبة لسكان المنطقة والذين يصل عددهم إلى (سبعة آلاف نسمة)، وبالإضافة إلى افتقارهم إلى الخدمات الأخرى، ولذلك فإنه يتم تنفيذ السقايات كحاجة أولية وملحة وتتناسب مع كلفة الاستثمار على الفرد وحاجة الناس فيقوم الصندوق بتوفير المواد الضرورية لهم في بناء السقايات كالإسمنت والحديد وغيرها ويقوم المجتمع بتنفيذ السقايات الخاصة بهم. الاستفادة من الحمير .. سبق وإن قلتم آنفاً بأن هذه المناطق جبلية وشديدة الوعورة فكيف استطعتم أن تنجحوا في إيصال المواد اللازمة لبناء السقايات الخاصة بأهالي هذه المناطق..؟ بعدما يقوم الصندوق بتوفير المواد اللازمة لبناء السقاية فإنه يتم نقلها إلى أسفل الوادي ومن ثم نقلها إلى المنطقة التي سيتم بناء السقاية فيها وعبر استئجار الحمير لنقل المواد على ظهورها بما في ذلك أكياس الإسمنت مقابل ألف ريال لكل كيس يتم نقله، وبما أن الحمار لا يستطيع التحرك بنفسه فإن عدة أشخاص يقومون بدفعه من الخلف حتى يتحرك إلى الأعلى.. وفي مناطق أخرى يقومن النساء بنقل أكياس الإسمنت والمواد الأخرى فيقومن بتقسيم كيس الإسمنت إلى ثلاثة أجزاء ويتم النقل مرة واحدة في اليوم، وهنا لك أن تقيس حجم ودرجة المعاناة وشدة الاحتياج.. ومن الملاحظ أن المناطق الأكثر والأشد فقراً ومعاناة تجدهم الأكثر استجابة وتعاوناً في تنفيذ المشاريع.. أنشطة متنوعة .. هل يقوم الصندوق بتنفيذ أنشطة أخرى إلى جانب ما يقدمه من خدمات تنموية؟ أكيد؛ فالصندوق يقوم بأنشطة خاصة لمكافحة الفقر والبطالة، وعن طريق خلق فرص عمل للشباب العاطلين وحديثي التخرج.. وأيضاً نقوم بتنفيذ أنشطة تأهيل وتدريب واسعة وفي مجالات متعددة ومتنوعة ومنها تأهيل وتدريب مؤسسات مختلفة كمؤسسات القطاع الصحي، ولدينا برامج خاصة بتأهيل وتدريب الشباب، والذين يتم استقبالهم كاستشاريين في قضية إعداد الدراسات.. كذلك لدينا برامج تدريب في الجوانب الفنية والتي يتم إقامتها للمهندسين حديثي التخرج، وأيضاً ننفذ دورات تأهيل وتدريب لمنظمات المجتمع المدني.. أيضاً يقوم الصندوق بتنفيذ أنشطة وبرامج لدعم محو الأمية، وهي أنشطة متنوعة، وتقدم حتى لذوي الاحتياجات الخاصة.. كما أن الصندوق يعمل حالياً بتحليل مؤسسي للسلطة المحلية في المحافظة وهذا النشاط يتم تنفيذه في جميع المحافظات، وإن هذا البرنامج يتم تنفيذه عبر وحدة التدريب وبالتنسيق مع وزارة السلطة المحلية. أولوية المناطق النائية .. وماذا بالنسبة للمناطق النائية.. هل الصندوق يضعها في عين الاعتبار أثناء قيامه بتوزيع خدماته التنموية والاجتماعية؟ الصندوق يعطي المناطق النائية أولوية في رفدها بالخدمات وحسب الفقر والمؤشرات والاحتياج؛ ذلك لأن المشاريع تتكيف مع معاييرها الخاصة ومقومات نجاحها، ولنا تجربة في خصوصية المناطق والمحافظات والمديريات فمثلاً في محافظة ذمار توجد فيها مناطق جبلية وعرة، ويتم فيها تنفيذ السقايات الخاصة كبيئة مناسبة لها.. أما في محافظة البيضاء فتوجد فيها مناطق سهلة ووديان، ولكنها تعاني من مشكلة مياه الشرب والجفاف، وأهالي هذه المناطق يعتمدون على مياه الآبار السطحية، وثقافة المجتمع فيها ترفض حكاية البرك والسقايات، ونحن حاولنا أن نستغل الظروف البيئية لتغطية الاحتياجات، ومن المعروف أن تجربة السدود التي نفذها الصندوق الاجتماعي والسلطة المحلية وصندوق التشجيع الزراعي قد نجحت في معظم المحافظات؛ حيث يتم استغلال السدود؛ وذلك بعمل فلترات لها وعبر آبار سطحية قريبة لها، ويتم اختبار المياه من حيث مدى صلاحيتها للشرب، ويتم عمل شبكة مع المضخة، وتقديم خدمة المياه ولأكثر من ثلاثين قرية، وبذلك تضمن نفقات التشغيل وتحقيق إيرادات، وهذا ينطبق على مشروع منطقة ردمان العوض، والذي حقق للمنطقة خدمات من إيراداته، ويوجد مشروع آخر ولكنه قيد الدراسة؛ بسبب الأزمة التي مرت بها البلد خلال الفترة الماضية حيث حصلت آنذاك مناكفات تسببت في تعثر هذا المشروع نوعاً ما، ولكن إذا نجح هذا المشروع حتماً سوف يحقق إيرادات في خلال خمس سنوات قد تصل إلى مليون دولار.