يبدو أن هناك مسافة طويلة بين اليمن والتخلُّص من الفساد، حيث تراجعت اليمن في تقرير منظمة الشفافية الدولية حول الفساد لتشغل المرتبة الثالثة في تفشي ظاهرة الرشوة بين 104دول شملها تقرير عام 2013م، بينما كانت اليمن في العام الماضي تحتل المرتبة (164) بين (182) دولة من حيث مستوى الشفافية ومكافحة الفساد. وبيّن التقرير أن (74 %) من المواطنين اليمنيين الذين تم استطلاع آرائهم قالوا إنهم دفعوا الرشوة خلال ال12 شهراً الماضية، وأضاف التقرير أن 56 % من المواطنين الذين شملهم الاستطلاع أكدوا أن الفساد زاد خلال السنة الماضية، بينما أكد 45 % من الذين قامت المنظمة باستبيان آرائهم أن دور الحكومة غير فعّال في مكافحة الفساد. التقرير الصادر عن منظمة الشفافية الدولية في التاسع من يوليو الجاري أظهر أيضاً - وبناءً على نتائج الاستطلاع - أن 73 % من الذين تم استطلاع آرائهم أفادوا بوجود فساد في مؤسسة الجيش، فيما جاءت الشرطة في المرتبة الثانية بنسبة 69 % وفي الصحة 66 % في حين احتل القضاء المرتبة الرابعة بنسبة 62 % والتعليم 62 % وفي القطاع الخاص 53 %، أما في منظمات المجتمع المدني فبلغ 53 % وفي الإعلام 48%. وائل زقوت، مدير البنك الدولي في اليمن دعا الحكومة خلال محاضرة له بجامعة صنعاء في مايو الماضي إلى تعزيز دورها في مكافحة الفساد، واعتبر زقوت في إطار حديثه عن خطة أعدّها البنك لمساعدة الحكومة اليمنية للتخلُّص من الفساد أن هناك إخفاقاً حكومياً في هذا الخصوص مع استمرار حيلولة القانون دون محاسبة شاغلي المناصب العليا، بحسب وكالة الأنباء اليمنية «سبأ». من جهته أكد خبير البنك الدولي آرون اريا في محاضرة له السبت الماضي أمام فريق الحكم الرشيد بمؤتمر الحوار الوطني أهمية استقلال الهيئات الرقابية، واعتماد مبدأ الشفافية في نشر ميزانية الدولة وتمكين الشعب من الرقابة والمحاسبة، وضرورة أن تقدّم تقارير المؤسسات الرقابية إلى البرلمان وليس إلى الحكومة. ويقول الباحث الاجتماعي هاشم المخلافي: إن مشكلة الرشوة في اليمن باتت تشكّل جزءاً مهمّاً من سلوكيات المجتمع، حيث إن المواطن اليمني يدفع الرشوة لتسيير معاملته وفقاً للقانون، وحتى لا يفتعل الموظف المعني العراقيل أمام معاملة المواطن، كما يدفع المواطن الرشوة عندما تكون هناك مخالفات متجاوزة القانون. ويضيف المخلافي: إن حالة غياب الأخلاق المتفشية في المجتمع اليمني نتيجة غياب مبدأ العقاب والثواب جعلت الناس ينظرون إلى الموظف الفاسد على أنه شخص ناجح؛ وهو أمر عزّز من تفشي السلوكيات الفاسدة في المجتمع. ومن بين جميع دول العالم التي تناولها تقرير المنظمة؛ يبدو وضع اليمن وضع استثنائي فيما يخصُّ مشكلة الفساد، حيث تنتظر اليمن تعهّدات من المانحين بقيمة 8 مليارات و141 مليوناً و900 ألف دولار، لكن شروط تقديم تلك التعهّدات تتضمّن عدم إهدار تلك الأموال في دوامة الفساد التي يعانيها اليمن، حيث إن اليمن لم تحصل إلا على 09و28 في المائة من إجمالي تلك التعهّدات حتى إبريل الماضي، والتي كانت اليمن قد حصلت على وعود بها بمؤتمري الرياض ونيويورك في مايو وسبتمبر العام الماضي. والنتائج التي أظهرها تقرير منظمة الشفافية حول الفساد في اليمن لا تبدو مبشّرة فيما يخصُّ حماس أصدقاء اليمن لتقديم تعهّداتهم، خصوصاً أن المانحين يتعاملون مع تقارير منظمة الشفافية بجدّية تامة؛ بدليل استشهاد مدير البنك الدولي بالتقرير السابق للمنظمة عن اليمن خلال محاضرته في جامعة صنعاء.