أحاط الإسلام الزكاة برعاية خاصة وأفرد لها الكثير من الأحكام في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ليس لكونها ركن من أركان الإسلام وحسب بل لارتباطها الوثيق في حياة المجتمع الإسلامي وتثور حولها الكثير من القضايا الخلافية من بعد وفاة الرسول الكريم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) وكانت الردة أولى تجلياتها، ولذلك اختلف العلماء حول العديد من المسائل الفقهية المتعلقة بالزكاة وهنا نستطلع بعض من تلك الآراء وخاصة في القضايا الخلافية تبصيراً للناس وتيسيراً لهم في أداء هذه الفريضة من خلال هذا اللقاء مع فضيلة العلامة الشيخ أحمد مقبل بن نصر عضو جمعية علماء اليمن.. تطهير للمال بداية تحدث عن الزكاة باعتبارها ركناً من أركان الإسلام لقول الرسول عليه الصلاة والسلام ((بني الإسلام على خمس شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة)) ولقوله عز وجل ((أقيموا الصلاة وأتوا الزكاة)). - وأضاف: الزكاة تطهير للمزكي أولا من البخل والشح وهي أيضا تطهير للمال لأنه إذا لم تخرج زكاة هذا المال يصبح غير طاهر وغير زكي لعدم إخراج الزكاة التي هي حق الله عز وجل فيها ولذلك قال الله عز وجل (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكنا لهم ) ولذلك كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) إذا اخذ الزكاة يدعو للمزكي فيقول (اللهم بارك لآل بني أوفى) فالمال بدون زكاة يبقى غير طاهر فيه ما يجعله غير حلال لصاحبه وعندما يزكي يصبح طاهرا حلالا يأكل ويعطي طاهر. زكاة الفطر وماذا عن زكاة الفطر؟ هي تابعة للزكاة وزكاة الفطر واجبة على المزكي الذكر والأنثى الصغير والكبير من المسلمين والذي يجب إخراجها عليهم هو الولي الذي يتولى الأسرة عن نفسه ومن يعول فإذا كان لا يملك شيئا (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) لكن إذا تحصل هذا المسكين زكاة من الآخرين في هذه الحالة أن يخرج عن نفسه وعلى من يعول مما تحصل عليه من المسلمين. متى تبرأ ذمة المكلف من الزكاة؟ لا تبرأ ذمة المكلف الذي يملك نصابا إلا بعد إخراجه زكاة ماله لمن يستحقها من الفقراء والمساكين وغيرهم من المستحقين. لمن تدفع الزكاة، هل للدولة أم لولي الأمر أم يقوم المزكي بدفعها بطريقته الخاصة؟ إذا كانت الدولة منتظمة وملتزمة بأن ترسل الجباة الصالحين الأتقياء الورعين الذين سيجمعونها بأمانة ثم يأتون بها إلى الوالي والوالي يقوم بتوزيعها وصرفها على من يستحقها فهذا هو المصدر، لكن إذا لم تكن الدولة منتظمة وإذا لم تقم بواجبها فأنا أرى أن صاحب الزكاة هو الذي يقوم بإخراج زكاته ويعطيها لمن يستحقها بنفسه. ألا يعد مرتدا من لا يدفع الزكاة للدولة كما يقول بعض العلماء؟ الذي ينكر الزكاة ويقول أنها ليست فريضة هذا مرتد لأنه ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة أما إذا كان معترفا بأن الزكاة واجبة ولكن لا يؤديها هذا يعتبر (عاصياً) مرتكب كبيرة إذا وجدت الحكومة الرشيدة كما هو مذهب الإمام الشافعي، وامتنع من أدائها للحاكم أن يأخذها وشطر ماله عزيمة (عقوبة) لكن مادام مسلما لا ينكرها لا يخرج من دائرة الإسلام الأصل في حقه هذا مادام الله قد اخلف عليه وأعطاه مالا وقد خرج من بطن أمه لا يملك شيئاً هذا ينبغي أن يتذكر وأن يتعظ وان يعلم بأن لولا فضل الله عليه لكان كغيره من الفقراء ولذلك ينبغي أن يكون شاكرا لله على ما أعطاه ومن شكر الله إخراج زكاة المال. هل يجوز دفع الزكاة للجمعيات التي ترعى الأيتام والفقراء وتعليم القرآن الكريم ومكافحة السرطان؟ هذا الجمعيات التي تقوم برعاية وخدمة بعض المواطنين شريحة من شرائح المجتمع يجوز أن يعطوا من الزكاة من أجل أن يقوموا بما يقوموا به ويمكنهم من إيصال المساعدة إليهم من الفقراء والمساكين والمرضى وغيرهم. هل يجوز نقل الزكاة من محافظة إلى أخرى ومن دولة إلى أخرى؟ بالنسبة لهذه المسالة الأصل أن الزكاة توزع في المكان الذي فيه رأس المال وتكون لفقراء المدينة ذاتها لأن المال في نفس المدينة، فإذا لم يكن هناك من يستحقها في المدينة أو كان هناك من هو أضر منهم بعيداً في هذه الحالة يجوز نقلها. عقوبة هل من عقوبة رتبها الشارع لمانعي الزكاة؟ هناك عقوبة إلهية قال تعالى ((والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)) فهذه عقوبة من الله للذين لا يؤدون زكاة أموالهم أما العقوبة من ناحية الحكومة للحاكم الصالح العدل التقي أن يأخذ منه جبرا ونصف ماله تكون عقوبة ولا عقوبة غيرها. بماذا تنصح الحكومة والمكلفين؟ انصح أرباب الأموال أن يخرجوا زكاة أموالهم لأنها فريضة ولا تبرأ ذمتهم إلا بإخراجها فإن وجد في الحكومة رشداً أن تأخذها منهم وتوزعها لمن يستحقها فهذا هو الأصل وإذا لم فهم الذين يقومون بإخراج زكاة أموالهم وان يستشعروا حاجة المجتمع المسلم بحيث يكون المسلمين أمة واحدة متعاونة ومتحابة ومتآلفة كالجسد الواحد كما أخبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) (المؤمن للمؤمن كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) والأصل أن يكون المسلم على اتقى قلب رجل واحد فإذا وجدت هذه الروح ستكون هناك أمة خيرة يسود أفرادها التعاون والتآخي والتآلف.