كما لو أن الموت على الطرقات حدث عرضي لا يستوجب اجتماعاً طارئاً للحكومة كي تعلن عن بلاد منكوبة بطرقات ومركبات مهترئة وجهات معنية لا تقدم شيئًا أبعد من تجميع الإحصائيات التي تقول: إن الآلاف يموتون بحوادث سير مرعبة.. أكثر من ألف شخص سقطوا بين قتيل وجريح بحوادث مختلفة خلال شهر سبتمبر الماضي فقط, هكذا قالت إحصائية نشرتها وزارة الداخلية يوم أمس, وكالعادة تكون السرعة الزائدة واستخدام الهاتف أثناء القيادة وعدم التقيد بالسلامة المرورية سبباً كافياً لدى تلك الجهات لأن يموت كل هؤلاء. إحصائيات وزارة الداخلية الخاصة بحوادث السير فقط خلال السنوات الماضية تدعو إلى إعلان حالة طوارئ مستمرة في البلاد، كما يؤكد عدد من نشطاء حقوق الإنسان, فخلال الست السنوات الماضية فقط توفي أكثر من 17 ألف شخص وأصيب أكثر من 95 ألفاً, بينما كانت فاتورة العام الماضي 2012 مثقلة بأكثر من 1700 قتيل ومايزيد عن ثمانية آلاف مصاب, لذا يؤكد العديد من المهتمين أن حوادث السير هي أيضاً من أهم الأزمات التي تعانيها اليمن وكان يجب أن تأتي على قائمة المحاور التي تناولها الحوار الوطني, حيث تشير تقارير عدد من المنظمات المهتمة أن اليمن تتصدر دول العالم في ضحايا حوادث السير بمعدل 2500 قتيل وأكثر من 15 ألف مصاب سنوياً. وتشير إلى أن الصلاحية الفنية للطرقات بالإضافة إلى صلاحية المركبات التي تعمل على الخطوط السريعة وتتولى نقل المسافرين بين المحافظات من أهم الأسباب التي تصادر أرواح العشرات وبشكل يومي, وتؤكد تلك التقارير أن عملية الحد من هذا الموت الذي يتربص بالمسافرين لاتحتاج سوى أن تشعر الجهات المختصة بحجم المعاناة التي تتكبدها الأسر اليمنية, فأحياناً يسرق الموت على قارعة الطريق عائلاً وحيداً لأسرة معدمة تظل تتكبد العناء أبد الدهر, بينما بحسب التقارير لو فكرت وزارة الأشغال مثلاً بتوسيع بعض الخطوط وخصوصاً تلك التي تربط بين المحافظات التي تشهد غالباً حوادث سير مرعبة «كمعبر ذمار» وطريق الراهدة والنجيبة بتعز وغيرها، بالإضافة إلى حضور الدور الغائب للجهات التابعة لوزارة الداخلية في إلزام السائقين بكل قواعد السلامة وفحص المركبات التي تكتظ بها فرزات النقل لما حدث ذلك الموت ولا تلك المعاناة. قبل أسبوعين انحرفت حافلة نقل صغيرة عن مسارها وهي تحمل أكثر من 29 مواطناً صومالياً في ذمار بسبب حمولتها الزائدة مما أدى إلى وفاة عدد منهم ، كما صرح بذلك مصدر أمني مسؤول بالمحافظة, وهو ما يؤكد أن الموت الذي يتربص بالمئات على الطرقات ليس عرضياً وإنما لأسباب يتقاسمها الجميع سائقين وجهات مختصة.