الشيخ أحمد الكاتب ولد بكربلاء العراق 1953 التحق بالحوزة العلمية في كربلاء سنة 1968وأصبح أستاذاً فيها في الفقه والأصول واللغة العربية، كتب عدة كتب عن الفكر الشيعي الإمامي وأئمة أهل البيت في السبعينيات والثمانينيات، الإمام الحسين كفاح في سبيل العدل والحرية1970 الإمام الصادق معلم الإنسان 1971تجربتان في المقاومة 1972 عشرة - واحد = صفر «حول نظرية الإمامة» 1973 تجربة الثورة الإسلامية في العراق من 1920 - 1980 مشكلة النفاق في العمل الإسلامي 1981 آلية الوحدة والحرية في الإسلام 1984 يوميات فاطمة الزهراء 1987 إنضم إلى منظمة العمل الإسلامي المعارضة لنظام حزب البعث، 1970 فحكم بالإعدام غيابياً سنة 1975 التحق بالثورة الإسلامية الإيرانية. وقام بفتح وإدارة القسم العربي في إذاعة طهران سنة 1979 قام بمراجعة الفكر السياسي الشيعي ونظرية ولاية الفقيه سنة 1990 ونشر كتابه النقدي الأول: تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه، سنة 1997وهو الكتاب الذي ينفي فيه أهم أعمدة الفكر الشيعي أي ولادة ووجود الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري قام أيضاً بنقد الفكر السياسي السني سنة 2007 تحت عنوان: تطور الفكر السياسي السني نحو خلافة ديمقراطية وقام كذلك بدراسة الفكر الوهابي، تحت عنوان: جذور الاستبداد في الفكر السياسي الوهابي قام أخيراً بدراسة مقارنة لتطور الفكرين السني والشيعي، تحت عنوان: الشرعية الدستورية في الأنظمة السياسية الإسلامية المعاصرة، دراسة مقارنة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، يقيم حالياً بلندن منذ 1991.. الإيمان بالمهدي المنتظر من العقائد المشتركة بين السنة والشيعة و إن كان لكلّ منهما خصوصيته العقدية – كيف تنظرون إلى الاعتقاد بوجود المهدي المنتظر – هل هو حقيقة شرعية – أم أسطورة خيالية – أم مزيج من هذا و ذاك؟ - الإيمان بالمخلص شعور عالمي يتكثف لدى الشعوب المظلومة والمسحوقة، وهو أمر طبيعي يرد فيه الإنسان على الواقع الأليم بالأمل، ولكنه يتحول إلى شعور سلبي عندما يكتفي الإنسان بالأمل وانتظار المخلص أن ينزل من السماء، بدل أن يقوم بالعمل والسعي من أجل تغيير الواقع السيئ نحو الأفضل. وقد انتظر الشيعة الاثنا عشرية قروناً طويلة المهدي المنتظر الذي قيل انه ولد سراً واختفى في منتصف القرن الثالث الهجري، ولكنهم قاموا منذ عقود أو حتى قرون بإقامة دول لهم كما قاموا بثورات وبحركات تحررية ضد المحتلين والمستعمرين، وآمنوا أيضاً بفكر الشورى أو ولاية الفقيه، أو ولاية الأمة على نفسها، أو حتى الفكر الديمقراطي، من أجل تحقيق العدل والحرية في بلادهم مع سائر إخوتهم المواطنين من المسلمين وغير المسلمين، ولا زالوا ينتظرون تحقيق العدل في كافة البلاد الإسلامية والعالم ويعملون من أجل ذلك بإيجابية ملحوظة. .. إذن هل نستطيع أن نقول: إن المهدي المنتظر الذي يجب أن يظهر هو العقل المفكر؟ - المهدي المنتظر ليس إنساناً معيناً، وإنما هي صفة لكل إنسان يهديه الله وينشر العدل في الأرض، ولذا فيمكن لأي إنسان أن يتصف بهذه الصفة في كل زمان ومكان. .. كيف تقيّم أداء التيارات الدينية السنية؟ هل تراها تواجه مأزقاً فكرياً ومنهجياً؟ - التيارات الدينية الإسلامية السنية تختلف من تيار إلى آخر، فهناك من يؤمن بالديمقراطية والدولة المدنية وهناك من يؤمن بدولة الخلافة والحكومة الإسلامية، وتختلف أيضاً في طريقة الوصول إلى السلطة، فبعض التيارات يؤمن بالطرق الشعبية السلمية، وبعضها يؤمن بالقوة والعنف والإرهاب والاستيلاء على السلطة بالانقلابات العسكرية. وقد قام بعض التيارات الإسلامية بمراجعة الفكر التراثي الموروث من عصور الانحطاط، وتبني الأفكار والنظريات الإنسانية المتقدمة، وبعضها لا يزال يصر على التمسك بالفكر السياسي القديم الديكتاتوري الذي لم ينزل به الله من سلطان، والاعتقاد بأنه يمثل الإسلام. .. هل يعني هذا أن هذه التيارات تعاني هوة بينها و عدم ثقة؟ - طبعاً هناك هوة بينها وهناك صراع وقد يتطور إلى العنف كما هو الحال بين الأنظمة القائمة والثورات المعارضة لها. ذكرت في كتابك « تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه» أن الإمام علياً كرم الله وجهه لم يطلب البيعة، إذن، كيف تفسر امتناعه عن إعطاء البيعة لأبي بكر لمدة ستة أشهر؟ الخلافات السياسية بين الصحابة كانت خلافات شخصية ومؤقتة، ونتجت عن غياب الدستور الواضح لتبادل السلطة وطريقة الحكم ، وعدم وجود مجلس شورى مسبق يبت في انتخاب الخليفة، ولذلك كان اجتماع السقيفة بعد وفاة الرسول الأكرم سريعاً ومن طرف واحد هم الأنصار، وتم انتخاب أبي بكر في السقيفة بشكل سريع أيضاً، عبر عنه الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بأنه كان فلتة، ورفض أن يعود المسلمون لمثلها، وقال: من عاد إليها فاقتلوه. ولذلك فقد كان من المتوقع أن تحدث بعض المشاكل أو أن يتخلف البعض عن مبايعة أبي بكر لبعض الوقت، كما حدث مع الإمام علي. وعلى أي حال فإن موقف الإمام علي موقف شخصي لا يهمنا كثيراً بقدر ما يهمنا المبدأ الذي قامت عليه الخلافة وهي إرادة الناس وبيعتهم ورضاهم. .. تتحدث في كتبك ومقالاتك عن فكر سني وشيعي ميت، كيف نعيد الحياة إلى هذا الفكر؟ - نعم، واقصد بالفكر السياسي الشيعي والسني الفكر الديكتاتوري الذي يحصر الخلافة في سلالة معينة أو عائلة معينة وتوريث الحكم بالقوة، وهو فكر من إنتاج عصور الانحطاط التي انحسر فيها فكر الشورى التي كان يجمع عليها المسلمون في العهد الأول. وأقول أن البديل عن الفكر الوراثي والعسكري هو الفكر الديمقراطي الذي يساوي بين جميع الناس في الحق بالترشيح والانتخاب ويوفر العدل والحرية لجميع المواطنين، بلا تمييز عائلي أو قومي أو طائفي أو طبقي. .. وما يدور في واقع اليوم، أليس هذا الفكر موجود و يتحكم في واقع اليوم ؟ - أجل، نحن نعيش مع الأسف في مجتمعات كثيرة تحت سيطرة الفكر الديكتاتوري المتخلف، أو نعيش بعض مخلفات ذلك الفكر القديم على المستوى الفكري والثقافي، على الرغم من حدوث تطورات جذرية ديمقراطية، كما هو الحال في إيرانوالعراق، والمفروض أن ندرك طبيعة الاختلافات المذهبية أنها اختلافات كانت تدور حول السياسة والدستور، وأنها اختلافات منقرضة وبائدة، ونعمل من أجل تكريس الفكر الديمقراطي البديل. .. من القضايا التي أثارت جدلاً قضية التقريب بين السنة والشيعة و هنالك من يطرح أن المفروض هو التعايش و ترسيخ قيم التعايش و ليس التقريب، ما رأيكم؟ - التعايش ضروري والتقريب مهم أيضاً، ولكن الحل الجذري لمسألة الاختلاف المذهبي هو الاتفاق على نظام سياسي واحد عادل يتمثل في النظام الديمقراطي، مع ضمان الحرية للجميع على كافة المستويات الفكرية والثقافية والسياسية، وذلك لأن جوهر الخلاف القديم بين الطوائف كان يدور حول طريقة انتخاب الحاكم ومواصفاته وأسلوب حكمه، ولكن تلك الاختلافات اتخذت مع مرور الزمن طابعاً دينياً مذهبياً مزيفاً. ولا فائدة من إثارة الجدل حول تلك الأمور القديمة اليوم، بقدر ما يهمنا التفكير والعمل من أجل إرساء النظام الجديد الديمقراطي العادل. .. لدينا ركام هائل من المرويات في التراث الإسلامي عموماً و كثير من الإشكاليات هي مرتبطة بتلك المرويات و التي في الغالب لا تصح ، كيف يمكن للفكر الإسلامي أن يتقدم و هو مثقل بتلك المرويات؟ - الدين الإسلامي يتوفر بين دفتي المصحف الشريف، وهو يتلخص بعقيدة التوحيد والإيمان بالآخرة والنبوة والأنبياء والصلاة والزكاة وسائر العبادات، وهي لا خلاف حولها بين المسلمين، ولا تحتاج إلى كثير من الأحاديث، وأما المشاكل التي يعاني منها المسلمون فهي ناتجة من الأحاديث الموضوعة لخدمة السياسة والسياسيين والصراعات السياسية، وعلينا التخلص من ذلك الركام الهائل من الأحاديث الموضوعة المنافية للعقل والعلم والعدل وروح القرآن الكريم. .. هناك من ينادي بتجديد الفقه الإسلامي برأيك على من توكل هذه المهمة، و هل هذا الأمر منوط برجال الدين فقط؟ - إن كثيراً من ما يسمى برجال الدين، يعانون من مشكلة التمويل سواء من الناس أو من الحكومات، وبالتالي فإنهم يخضعون للمجتمع والحكام، ويكررون نفس الأفكار السلبية الموروثة ويعززونها ولا يستطيعون التحرر لنقدها بموضوعية وجرأة وإصرار، ولذلك فإن ما يسمى برجال الدين هم اعجز الناس عن التجديد، وعلى المثقفين والباحثين الأحرار الذين لا يرتبطون بأية مؤسسة رسمية أو جهاز حكومي أن يقوموا بعملية النقد والتجديد، وآمل أن يتوفقوا في عملهم. .. ما ملامح مستقبل الربيع العربي؟ - الربيع العربي جاء بعد انتظار طويل وفترة طويلة من السبات والجمود، وكان دليلاً على حيوية الشعب العربي وانتفاضته ضد الظلم والاستبداد والتهميش، ولكن ثورات الربيع العربي تعرضت إلى انقلابات وثورات مضادة، وإلى عمليات سرقة واغتصاب من قبل عصابات إرهابية حاولت وتحاول أن تفرض على الشعوب العربية أنظمة ديكتاتورية متخلفة باسم الدين والخلافة، كما حول بعض الأنظمة وبعض حركات المعارضة الثورات السلمية الشعبية المنادية بالحرية والعدالة إلى فتن طائفية متوحشة، مما قضى على النتائج المرجوة وأبعد النصر. .. هل معنى هذا أن ثورات الربيع العربي لم تؤتِ ثمارها المرجوة ؟ - لا نستطيع أن نقول ذلك بالمرة، فهناك بعض التقدم هنا وبعض التراجع هناك، ولكن بالعموم أن روحية الإنسان العربي تغيرت وأصبح هو أكثر اهتماماً بالسياسة وبمستقبله وبمراقبة ومحاسبة ومعارضة الحكام الظالمين والفاسدين، ويطالب بإرساء أنظمة ديموقراطية حقيقية ودساتير مكتوبة بإرادة الشعب وليست مفروضة عليه من فوق، وإذا لم تؤتِ الثورات العربية ثمارها في هذا البلد أو ذاك اليوم فإنها لاشك سوف تؤتي ثمارها بعد حين، ولا يمكن أن نتوقع من مظاهرة أو مظاهرتين تغيير النظام بسرعة بصورة كاملة فإن الفساد يضرب بأطنابه عميقاً في هياكل الأنظمة العربية، ولا بد أولاً من ثورة ثقافية وروحية وأخلاقية وفكرية على مستوى الوطن. .. واليمن يخطو خطوات واثقة نحو المستقبل عبر بوابة الحوار الوطني، ما النصيحة التي يوجهها أحمد الكاتب إلى اليمنيين؟ - اليمن منبع العرب والعروبة، وهو أصل أجدادنا الذين انحدروا من سفوح جبال اليمن وانتشروا في الجزيرة العربية وسائر أنحاء الأرض، ونأمل لإخوتنا اليمنيين الحرية والعدل والمساواة والوحدة، والتعايش بمحبة وسلام، وإذا كانت هنالك بعض المشاكل فلا بد من التعامل معها بصورة إيجابية تحافظ على الوحدة وتطالب بالإصلاح والتغيير والمزيد من الديمقراطية. .. ثلاث رسائل خاصة لمن ترسلها؟ - لدي رسالة ساخنة إلى الذين يطالبون بانفصال الجنوب، أطالبهم بتعزيز الوحدة اليمنية والمطالبة بحقوقهم إذا كانوا يشكون من ظلم أو إهمال أو عدم مساواة، فإن الحل ليس في الانفصال وإنما بالوحدة وتعزيز هذه الوحدة ، فإنها كفيلة بحل كثير من مشاكل اليمن التي لا يمكن حلها في ظل التفرقة والانفصال فضلاً عن الدماء والطاقات التي ستهدر في أية عملية انفصال لا سمح الله، وأرجو منهم أن ينظروا إلى حال الدول العربية الممزقة التي تتعرض إلى اعتداءات متتالية من هنا وهناك، ولو كانت موحدة لكانت قوية ولما كان يجرؤ أي أحد على مهاجمتها أو النيل منها، ولكنها اليوم تعيش بين أقدام الدول الكبرى تلعب بها كيفما تشاء، وآمل أن لا تكرر اليمن تجربة التمزق والانفصال، بل تكون قاعدة للوحدة العربية في المستقبل، وبالطبع أن العدل لا يمكن أن يتحقق في اليمن وفي أي مكان آخر إلا في ظل الديمقراطية الشعبية ومطالبة الناس بحقوقهم بصورة سلمية. الرسالة الثانية أوجهها إلى الإخوة الحوثيين وأقول لهم: إن إخوتهم الشيعة الإثني عشرية طوروا فكرهم السياسي وآمنوا بالفكر الديمقراطي الذي يساوي بين الناس جميعاً ولا يميز عائلة أو سلالة على أخرى، وقد كان الزيدية في بدء نشوئهم ينتقدون الإمامية والإثني عشرية على تمسكهم بنظرية الإمامة الوراثية المحصورة في سلالة علي والحسين، فإن من الأحرى بالزيدية اليوم أن يعودوا إلى فكر الإمام زيد بن علي الذي لم يكن يقول بحصر الإمامة في أبناء علي أو بني هاشم أو قريش وإنما يسلم بأنه حق لجميع المسلمين، أي أنه كان أقرب إلى الفكر الديموقراطي.. وأنا اعرف أن كثيراً من الإخوة الزيدية قد قاموا بمراجعات فكرية باتجاه تبني الفكر الديموقراطي. الرسالة الثالثة أوجهها إلى الإخوة السلفيين والوهابيين وقد التقيت بعضاً منهم في مؤتمر الوهابية الذي انعقد في الدوحة قبل أسبوع، وأقول لهم: إن عليهم أن يعيدوا النظر في أصول الفقه ويقدموا القرآن الكريم والعقل والعلم على الأحاديث المشكوك في صحتها والتي لم تكتب إلا بعد قرون، وأن يبنوا فكرهم السياسي على إجماع الأمة وإرادتها واحترام كلمتها، وهذا يقتضي منهم تجنب تكفير أو تفسيق أي شعب أو أية طائفة أو مجموعة، واحترام الاختلاف بين المسلمين، وتبادل السلطة بشكل سلمي بعيداً عن العنف والإرهاب. .. ما هي آخر أعمال أحمد الكاتب الفكرية و ماذا عن أهدافكم المستقبلية؟ - كان آخر كتاب لي نشر في بداية عام 2013 هو الشرعية الدستورية في الأنظمة السياسية الإسلامية المعاصرة، دراسة مقارنة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهو يدور حول ضرورة إقامة الأنظمة المدنية الديموقراطية بعيداً عن دعاوى الشرعية المزيفة التي تتلفع بها بعض الأنظمة والحركات السياسية التي تدعي الإسلام وتحاول فرض نفسها على الشعوب والمجتمعات بالقوة والإرهاب.