في السنوات الأخيرة انكمش فيها مُجْهدا تحت رَحى خلافات حادة بين أعضائه، وتجاهل من الجهات الرسمية، ولم يعد ثمة ما يدل عليه غير بيانات الإدانة وبرقيات التعازي والتهاني تصدر عنه بين الفينة والفينة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين تاريخ حافل بالأسماء والأحداث والإنجازات والإخفاقات أيضاً, شأنه شأن أي عمل بشري, لكنها لا تتفوق على المشاريع الثقافية العملاقة, التي ستبقى علامة فارقة في التاريخ اليمني.. كان موحداً قبل الوحدة واقعاً, انشطر نصفين مؤخراً, سابقاً الكثير من التنظيمات السياسية, وكأنه يأبى إلا أن يأتي بالجديد ويكسر القاعدة واللحن معاً, وإن لم يوافق التوقعات هذه المرة, كما يرى الكثيرون كونه وحدوياً وحالماً ومبدعاً ويحتض الأكثر إحساساً والأرهف إنسانية ووطنية, فلربما أتى على غير سجيته, أو هكذا قدر له من غير موعد..بدايات في الماضي كان بوتقةً, انصهر تحت مظلتها الجميع شيباً وشباباً, من شعراء وقاصين وكتّاباً, أسماء مازالت في الذاكرة وأعمال تأبى المغادرة: عمر الجاوي, القرشي عبدالرحيم سلام, محمد عبدالباري الفتيح, عبد الله البردوني ، أحمد دماج، محمد علي الأكوع, عبدالعزيز المقالح, يوسف الشحاري, الصريمي, الحكمة, المعرفة المنارة, وأعمال كثيرة قد لا نستطيع حصرها هنا, كانت نتاجاً لخلايا نخل, وإسراب حمائم ومشاريع سلام ولقاء, في كل مناطق اليمن التي هي قريبة من القلب والإبداع.. سيمفونية عشق جسدت في أعمال خالدة, تنتظر اليوم من يجليها ويخرجها إلى النور, بعد أن نسيت أو أريد لها النسيان والانتهاء.. استفهامات اتحاد الأدباء في أعين المبدعين الشباب, هل مازال يراود أحلامهم.. أم ولّوا وجوههم شطر جهات أخرى, هي من تسعى لاحتضانهم واحتضان مشاريعهم ونتاجاتهم الإبداعية؟ هل مازالوا على أمل باتحاد بدأ يتآكل من الداخل, ومازال يسيطر عليه الشيوخ ومن بلغوا من العمر عتيا؟ ماذا يعني لهم اتحاد لا يرى إلا في بيانات الإدانة وبرقيات التعازي والتهاني؟ هل يسعون لعضويته والاستظلال في ظل شجرة لم تعد وارفة كما يرى البعض؟ قامة أحمد عطا يرى بأن الاتحاد يعد القامة الثقافية الكبرى (رسمياً) وكل شاعر يتمنى أن ينتمي لها.. وعن عدم انضمامه للاتحاد حتى اللحظة يقول عطا: لم أنتمِ للاتحاد لظروف الدراسة, ولكن أتابع نشاطه الذي بصراحة كثيراً ما يفتقد للدعم الحكومي, بل إن الدولة لا تعيره أي اهتمام وأجهل السبب, وكما يقول الشاعر الروحاني والكبير إسماعيل مخاوي بأنه وطن بلا ثقافة, وطن ميت, وعليهم أن يعوا هذا الكلام كي نستطيع النهوض بالوطن والخروج من هذه الصراعات القاتلة علينا أن نزرع جيلاً ثقافياً متعلماً بعيداً عن لغة السلاح. جدة وعن فعاليات الاتحاد ومدى نجاحه أو إخفاقه يقول أحمد عطاء: إذا نظرت من آخر الفعاليات التي أقامها الاتحاد كانت في الشارع, فهي البحث عن الجدة, والتعبير عن الواقع الثقافي الراكد, إذ افتتحها أحد المجانين, وهو من قص الشريط وقام بإلقاء كلمة الافتتاحية, وفي اعتقادي أنها أصدق من كلمات كثيرة.. فمن هنا لكي نحكم على الاتحاد من ناحية النجاح أو الفشل, علينا أولاً أن نحقق الدعم المادي والمعنوي من الحكومة بشكل عام ومن وزارة الثقافة بشكل خاص, فنحن نعيش حالة من الموت البطيء ثقافياً, ولكن أعجبني جداً نشاط مؤسسة الإبداع الثقافية للآداب والفنون, حيث جمعت في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي خمسين شاعراً وشاعرة من عموم المحافظات, وكنت أنا أحدهم, وكانت دورة رائعة ومفيدة بكل المقاييس.. رابطة بدوره طلال قاسم يرى أن الاتحاد رابطة مؤسسية تهدف إلى تكثيف التركيز والاهتمام ب الكاتب والأديب اليمني، والعمل على رفعه أو ضمه إلى ذلك المستوى الذي يليق به ككاتب وأديب، له حضوره وله مشاكله التي يجب أن يصغى إليها ومحاولة حلها من قبل مثل هذه الرابطة التعريفية والتكافلية، بداية من رئيس الاتحاد والجهات الداعمة والمسؤولة وانتهاء بالأعضاء. واجهة وعن دور اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين يقرر طلال بأنه مجرد الوسط الراعي للأديب والكاتب اليمني, كما أنه يعتبر الواجهة التي يفترض أن تكون سفيراً لبوابة اليمن الثقافية والأدبية بكل أدبائها وكتابها ومثقفيها.. وتمنى أن يصل الاتحاد إلى مثل هذه المستويات بشكل حقيقي لا بشكل ظاهري فقط. وبالنسبة للعضوية قال لم أحصل على البطاقة الرسمية حتى الآن، والإجراءات جارية لذلك.. إنتماء بشير الصلوي يذهب إلى أن اتحاد الأدباء اليمنيين من إسمه يعني الشيء الكبير, لكن لم نلتمس وجودها إن كان موجوداً حقاً, فهو يعني الانتماء للوطن الانتماء للهوية اليمنية.. التي جسدت من قبل في مسيرة حافلة بالعطاء والإنجاز في فترة تمتد إلى أكثر من ثلاثين سنة. صعوبة عن عضوية الاتحاد التي يسعى إليها الأدباء خصوصاً الشباب منهم لإثبات الانتماء, وعن رحلة المعاناة التي يجدها البعض ومن واقع عايشه يقول الصلوي: لست عضواً فيه وقد أخبرني أحدهم ذات صباح إن كنت أفكر بالانضمام إلى اتحاد الكتاب فيجب عليّ أن أرافق أديباً كبيراً “مبندقاً” ولابس المعوز إلى الركبة لمدة لا تقل عن شهر, حتى يتوسط لي بالانضمام إلى الاتحاد.. ثم ما الفرق كونك عضواً أم لست عضواً في الاتحاد, لأن نتاجك سيطبع على نفقتك الخاصة وفي كل الحالات أنت من يدفع لنشر قصائدك وأمسياتك. فالاتحاد وبياناته للأسف لا نسمعها إلا في العزاء فلا عمل له إلا الرثاء والبكاء على أطلال الماضي السحيق الذي ذهب ذهاباً لا رجعة فيه كما يبدو.. مرجع وهذا أحمد أبو النصر يرى بأن الاتحاد هو المرجع والرابط الرئيس بين كل الأقلام والأفكار اليمنية, وهو ما كان مفترضاً أن يكون أي الاتحاد, لكن للأسف لم نعرف عنه إلا اسمه فقط على الرغم أنني لست عضواً فيه, إذ لاوجود له على أرض الواقع, وحين يصحو من سباته فبالتأكيد سنسعى لكي نكون أعضاء فيه, فحينها سيشرفنا جميعاً ككتاب، وشعراء وأدباء يمنيين أن يضمنا ممثل واحد, وهو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.. خوف عادل مداحش يؤكد بأن اتحاد الأدباء والكتاب يعني الشيء الكثير, والملاذ الذي نأوي إليه إذا انتابنا الخوف من التشظي وهواجس التخلف.. إذ لا يخفي أن هذا الكيان وحد اليمن قبل أن تتوحد في 90م.. أزمة عن تاريخ الاتحاد يقول عادل: لقد كان للجاوي الفضل الكبير بعد الله في لم شمل الكتاب والأدباء من كل أنحاء اليمن قبل الوحدة وكانت له نشاطات وفعاليات عظيمة جداً, كان هذا في السابق أما اليوم وأقولها بكل أسف أن هذا الكيان المسمى اتحاد الأدباء والكتاب أصبح في وضعنا الراهن يعاني من أزمة حقيقية.. لم يعد كما كان .. لا نكاد نسمع عن الاتحاد إلا من خلال بيانات النعي والعزاء التي يصدرها بين الفينة والأخرى.. منذ ما يقارب الشهر والأستاذ الأديب والناقد عبد الله علوان يعاني من مرض الغرغرينا وقد بترت أصابع قدمه وهو إن لم نتداركه يسعى إليه الموت بسرعة فما الذي سيقدمه هذا الاتحاد.. هل سينتظر موته ليصدر بيان تعزية.. ولو سألتني عن انعقاد مؤتمر الاتحاد.. فسوف أجيبك بمثل جواب كبيرنا الذي علمنا الأدب عبدالله البردوني حين قالوا له: لماذا لا تكتب عن الديموقراطية .. أجاب قائلاً : الغيبة حرام ..!!. تمنيات سمية الفقيه تبدأ حديثها بتمنيات الانتماء للاتحاد والانضمام إليه, كما تتمنى أن يصبح للحراك الثقافي صدى أوسع وعمل إيجابي، يحرك ركود الثقافة والإبداع ويستخرج الدرر، فهناك إبداعات مطمورة في كل أرجاء الوطن على حد تعبيرها، فيصبح لدينا حراك ثقافي حقيقي، وليس مجرد أشكال صورية بينما الواقع هو سراب.. وتستطرد قائلة: إن ما نعوله ونرجوه من اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين هو الارتقاء بالواقع الثقافي والعمل على تحريك كل ما هو آسن، من أجل النهوض بالأدب والشعر والقصة والمسرح للأفضل إن شاء الله. مصابيح من الأمور التي لا غبار عليها بأن هناك ماضياً ناصعاً تعرفه الأجيال عن اتحاد الأدباء وإنجازاته التي لا تخفى على أحد, إذ يظل اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بنظر أحمد الجهمي صرحاً أدبياً راقياً تشهد له الفعاليات الكثيرة جداً التي كانت في الماضي، ومع أنني لست عضواً فيه ولم أسع حقيقةً لذلك بحكم بعدي عن الوطن لسنوات, لكنني أعرف مئات من المصابيح الأدبية, التي أنارت سماء الأدب في اليمن فلهم مني كل المحبة، لكن أعيب على الاتحاد خفوت فعالياته في السنوات الأخيرة وانزوائه في آخر الركب. أمل هناك أمل كبير أن يتعافى هذا الصرح ويقف من كبوته التي طالت نوعاً ما, فالكثير من الأدباء الشباب يسعون إلى العضوية سعياً حثيثاً, اتكاءً على وقع الزمن الجميل والكثير من الذكريات, التي تحمل في طياتها الإبهار والدهشة والإبداع, بل والخلق والابتكار من هؤلاء منى سليمان وفهد العشاري وآخرون كثر لوقع هذا الاسم على مسامعهم نغم جميل وأكثر من أثير..