ظلت قضية إنشاء رابطة للأدباء السعوديين حاضرة في أجندة مؤتمر الأدباء الرابع، الذي تضمنت توصياته صراحة المطالبة بتكوين هذه الرابطة، ومنذ ذلك الحين أصبحت الساحة الأدبية والثقافية في انتظار تحرك الحلم من حيز التنظير والمطالبة إلى مساحة الواقع المعاش، غير أن الإرهاصات العامة لا تشي بقرب قيام هذه الرابطة، الأمر الذي يرفع السؤال إلى مستوى السطح: ألم يحن الأوان لتكوين رابطة أدباء المملكة؟ المشاركون في هذا التحقيق يذهب أغلبهم إلى القول بوجوب قيام الرابطة على وجه السرعة وحجتهم في ذلك أن قيامها وضع طبيعي أسوة ببقية دول الخليج العربية، وبما يمثلها إنشاؤها من تكوين صوت للأدباء السعوديين في الاتحاد العام للكُتّاب العرب، فضلاً عن كونها ستكون نافذتهم إلى الفضاء العربي والإقليمي والدولي، غير أن هذا «الحلم» في صورته المشرقة تتناوشه مخاوف قبل تنزيله على أرض الواقع، فثمة من يرى أن الساحة الأدبية والثقافية مطالبة أولاً بتحديد واضح لماهية «الأديب» حتى يتسنى له الانضمام تحت راية اتحاد أو رابطة الأدباء السعوديين، مشيرين في ذلك إلى وجود «أدعياء» للأدب في الساحة، بما قد يتيح لهم عدم تحديد فرصة في ولوج الرابطة وإضاعة أهدافها المرجوة، آخرون يشيرون إلى خلافات الأدباء الكثيرة التي لن تجدي معها قيام رابطة، بل يذهبون إلى القول بأن قيامها سيعمق من هذه الخلافات التي دأب الأدباء والمثقفون على طرحها في الساحة بين الفينة والأخرى.. جملة هذه الآراء حول رابطة الأدباء السعوديين المنتظرة في سياق هذا التحقيق. تعريف قبل المطالبة يستهل الحديث الشاعر سعد بن سعيد الرفاعي قائلاً: في واحدة من توصيات مؤتمر الأدباء السعوديين الرابع، طالب المجتمعون بتكوين رابطة للأدباء؛ وهذا مطلب مستحق فلا غرابة أن يتطلع الأدباء إلى رابطة تجمعهم أو اتحاد ينضوون تحت رايته، لكن السؤال الذي يقف كإشكالية في طريق التوصية يكمن في تعريف الأديب، فمن هو الأديب الذي يمكن له الانضمام للرابطة؟ وما هي شروطه ومواصفاته؟! ويتابع الرفاعي طرح أسئلته عن ماهية الأديب قائلاً: إن تعريف الأديب لدينا من المختلف فيه وعليه، فهل يتيح الحصول على شهادة عليا في الأدب أو اللغة الدخول إلى عوالم الأدب؟ وهل يمكن أن نصنف من ألف كتابًا عن الأدب ولو كان كحاطب ليل أديبًا؟ وهل تتيح أي مجموعة قصصية أو ديوان شعري أو رواية - مهما تدنت درجة الإبداع في أي منها - لصاحبها أن يدرج في قائمة الأدباء؟ ويختم الرفاعي بقوله: إن مما يؤسف له أن الساحة الأدبية لدينا تعج بالأدعياء والمتمسحين بثياب الأدب؛ لعدم وجود ضوابط واضحة تمنعهم، ولأن الأديب الحق هو مصدر إشعاع فكري فإنني أقول: أيها الأدباء: كما تطالبون بحقكم في إنشاء رابطة؛ فإن عليكم - قبلاً - واجب النهوض بتعريف الأديب، بالتعريف الذي ترتضونه لكم وللأجيال المقبلة. صوت منتظر ويسرد القاص محمد الشقحاء الخطوات التي اتبعها مع مجموعة من الأدباء والكُتّاب لإنشاء هذه الرابطة بقوله: سعيت مع مجموعة من الأدباء والكُتّاب لتأسيس جمعية الأدباء والكُتّاب، ولم ترد وزارة الثقافة والإعلام على طلبنا هذا أولًا ولما عرفت أن وزارة الشؤون الاجتماعية هي المسؤولة عن جمعيات النفع العام (جمعيات المجتمع المدني) فشلت في إقناع من شاركني في الطلب بأن هناك آلية يجب اتباعها للفوز بتحقيق تأسيس جمعية الأدباء والكُتّاب، وتطرق حضور ملتقى المثقفين الأول إلى هذه الرغبة فكان من توصياته المسارعة في الموافقة على تأسيس الجمعية. وقد ناقش مجلس الشورى هذا المطلب وأصدر نظام رابطة الأدباء والكُتّاب السعوديين وإلى اليوم أنا والأدباء والكُتّاب ننتظر إقراره لقيام هذه الجمعية على مستوى المملكة العربية السعودية. وزرع تصريح لأحد أعضاء مجلس الشورى وهو أديب وكاتب منذ أشهر أن وزارة الثقافة والإعلام منحت مجموعة من الأدباء والكُتّاب تصريحًا تأسيس الجمعية إنما هذا حتى الآن لم يتحقق منه. ويخلص الشقحاء إلى القول: نحن بحاجة إلى جمعية للأدباء والكُتّاب كما القائم في دول الخليج العربية ليكون لنا صوت في الاتحاد العام للكُتّاب العرب، وهذه الجمعية إضافة للدور الريادي للأندية الأدبية القائمة اليوم؛ لأن النادي الأدبي مع عموميته خاص بأبناء المدينة القائم بها ويفترض أن يوسع نشاطه داخل المنطقة المحيطة بالمدينة وهذا نجده واضحًا في اللائحة لائحة الأندية الأدبية. تطلعات مستقبلية ويطرح المخرج السعودي محمد أبوحريد رؤيته بقوله: مجتمعنا السعودي تميز عن غيره بالمثابرة والعطاء اللامحدود في الكثير من الزوايا الاجتماعية المساهمة بإيجابية ملموسة في ثقافة مجتمعنا بكافة طبقاته من الجنسين، وهذه بمثابة فهرسة أدبيه عنوانها الجنسية السعودية بصفة خاصة داخل الدولة وبصفة تمثلية مميزة كسفراء خارج الدولة ترسم وتخطط وتعمل بإتقان متقن لطرح الهوية الثقافية الأدبية السعودي بإطار جذاب يجعل منا نفخر ونفاخر بها في أوساط أدباء نتحاور ونتعاون معهم في طروحات تجادلية بين سلبيات وإيجابيات والنتيجة حلول مطروحة تنتظر التنفيذ ومازلت هناك عوائق ومن أهمها صلة التواصل في استنتاج صلة تواصل عملية رابطة اجتماعية كجهة مسؤولة تعمل على التنسيق والتنفيذ والاتصال داخل الدولة لجمع كافة الأدباء تحت مظلة موحدة في الفكر والحوار الهادف البناء في سلسلة من حلقات تعمل كدروس مستفادة وتوصيات عملية جاهزة للتنفيذ وهنا نكتشف الفقد الواضح لآلية الترابط والحاجة الماسة لتطبيق جهة متخصصة تعمل بهذا الدور الريادي في ضم هذه الآلية بطريقة نظامية وحقوقية تضمن لكافة الأدباء حقوقهم الأدبية والتطلع المرموق اللائق للأديب السعودي الذي دائمًا نجد أن الأقلام والصحف والاحتفالات الأدبية والفلاشات الضوئية تترصد له في كافة الزوايا لأخذ كل ما هو في مجال الأدب والثقافة. ويضيف أبوحريد: لذا نحتاج ونأمل في تنفيذ هذه التطلعات المستقبلية وربطها بجهة مسؤولة ذات إدارة واضحة وبنود تعاملية وترشيحية لكل مؤهل يحق له أن يكون ضمن هذه الرابطة ومنشى إداري خاص كناد أدبي يحتوي على كافة هذه الأسماء الأدبية تفيد وتستفيد في عملية التطور الذاتي والفكري وأدب الحوارات والسهولة المطلقة في تسهيل كافة المعوقات التي تجعل من البحث الأدبي ذا بصمة لكافة فئات المجتمع فهل من مسؤول هنا أو هناك يكون سببًا في تحقيق هذه الأمنية تجعل من الهوية السعودية الأدبية أنموذجًا جميلاً يقتدى به على المستوى الدولي. أسس علمية دقيقة ويرى الشاعر أحمد عيسى الهلالي أنه: بات من الضروري أن ترى رابطة الأدباء السعوديين النور، خصوصًا في ظل تداخل العديد من المعطيات على الساحة الثقافية، فالأندية الأدبية قد اتسعت بالشق (الثقافي) لتشمل مناشط أخرى غير الأدب، والأكاديميون والإعلاميون زاحموا الأدباء، وعمل بعضهم على إقصائهم. ومن حق الأدباء إنشاء رابطتهم التي لا ينتمي إليها إلا من كان له نتاجٌ أدبي حقيقي، تقوم هذه الرابطة أولا ببناء آلية على أسس علمية دقيقة تعرّف بها الأديب، وتنظم بها مستويات العضوية للأدباء الراسخين، والأدباء المبتدئين، فلا يحق للمبتدئ الانتقال إلى المستوى الأعلى إلا من خلال تحقيق شروط مدروسة، تحفزه على الإنتاج والعطاء، وتضمن نضجه عندما يحتل مركزًا منافسًا في الرابطة. ثم تبصّر الأديب بحقوقه وواجباته. ويتابع الهلالي حديثه محددًا واجبات الرابطة المنتظرة بقوله: ومن واجبات هذه الرابطة المدافعة عن حقوق الأدباء، وتنظيم الدورات واللقاءات الضرورية لهم، وإبراز جهودهم في الساحة المحلية والعربية، وتيسير مشروعاتهم الأدبية والمعرفية، وتلمس احتياجاتهم من خلال صندوق الأدباء الموصى به في اختتام أعمال مؤتمر الأدباء السعوديين الرابع، وأن تتبنى قضاياهم مع الجهات التي تمارس عليهم الضغوطات، وتضيق حرياتهم والإقصاء عن المشهد بسبب آرائهم ومواقفهم. ويلخص الهلالي مداخلته في قوله: وفي نظري أن الظروف مواتية جدًّا الآن لإنشاء الرابطة، للملمة الشتات الذي عصفت به رياح انتخابات مجالس الأندية الأدبية، وردم الهوة التي حدثت، وليشارك أعضاء الرابطة في وضع تصورهم (المتفق عليه) للائحة انتخابات الأندية الأدبية، التي يرونها حقًّا مسلوبًا منهم، تجب استعادته. لا جدوى من الرابطة ويقف الكاتب المسرحي فهد ردة الحارثي على الرصيف الآخر من هذه المطالبات المتعجلة لقيام وإنشاء رابطة الأدباء، إذ يرى أن الرابطة لن يكون في مقدورها أن ترتب فوضى الأدباء والساحة الأدبية، ويبرز ذلك جليًا في قوله: لا أعتقد أن الوقت قد حان لإنشاء رابطة الأدباء السعوديين، فهؤلاء الأدباء عجزوا تمامًا عن الاجتماع حول الأندية الأدبية، وقد طال أمد الخلاف بهم، وامتد كخيط من الدخان لا ينتهي، فهل الرابطة ستغير من وضعهم؟! لا أعتقد ذلك. وتأسيسًا على هذه الرؤية المناقضة لقيام الرابطة يضيف الحارثي: نحتاج لوقت طويل حتى يستوعب المثقف لدينا كيف يختلف ويناقش ويحاور ويقيم مشروعه ويستوطن به، الرابطة لن تقدم له الشيء الكثير في ظل تنازع السلطات، وتنازع الأدباء، وسلبية الوزارة حيال المثقف ودوره، وسلبية المثقف نفسه في القيام بمشروعاته، قد تبدو نظرتي للأمر سلبية، لكن الواقع يدفع لذلك، أتذكر الآن عشرات الروابط التي بدأت لتنتهي دون أثر، الموضوع أولاً وأخير مرتبط بطقس عام لا يساعد على أن يكون هنالك ملمح إيجابي، هل الأدباء بحاجة للرابطة؟ نعم، هل ستكون؟ لا، بين نعم ولا يسكن سر المسافة بين الواقع والطموح. اتحاد وليس رابطة وعلى خلاف رؤية فهد الحارثي يرى الدكتور أحمد قران الزهراني حاجة ملحة لقيام الرابطة، مؤكدًا على ذلك في سياق قوله: هناك حاجة ملحة لإنشاء اتحاد الكُتّاب السعوديين لكي يتم بقولنا كعضو في اتحاد الكُتّاب العرب، فاتحاد الكُتّاب سيكون بوابة للمشاركة في اتخاذ قرارات اتحاد الكُتّاب العرب، وسيسهم في الحضور السعودي على المستوى الثقافي العربي والدولي. إذًا نحن فعلا بحاجة إلى اتحاد الكُتّاب أو رابطة الأدباء السعوديين، وإن كنت أميل إلى اتحاد الكُتّاب السعوديين ليتوافق مع مسمى الاتحادات العربية المشابهة. سؤال متكرر القاص عمرو العامري بدا مشككًا في احتمال قيام الرابطة رغم الخطوات المتخذة في هذا الجانب، حيث اختصر حديثه بقوله: ألم يحن الوقت لرابطة تجمع الأدباء السعوديين؟.. سؤال يتكرر كل يوم.. رابطة أدباء، وصندوق للأدباء، ولكن لا حياة لمن تنادي.. الأديب يتسوّل أحيانًا ثمن الدواء ومأساة الثبيتي ما زالت وستظل خالدة في الأذهان. حاجة إلى الوعي ويربط «شاعر عكاظ» عيسى جرابا قرار إنشاء رابطة للأدباء السعوديين بفشو الوعي في الساحة، ويُقرأ ذلك في قوله: الوعي في الساحة الثقافية هو الذي يحدد الحاجة إلى (رابطة أدباء).. فكلما ازداد الوعي غُلّبت المصلحة العامة وذابت الخلافات التي تسوِّقها الأهواء.. حينها ستكون هناك رابطة، وستكون آلياتها واضحة في أذهان المعنيين بذلك. أمنية للتحقيق الدكتور الناقد عالي القرشي آثر أن يختصر حديثه بالتمني فقط، بقوله: نتمنى أن يتحقق قيام رابطة للأدباء السعوديين، ليرفد جهودًا قائمة تبذلها وزارة الثقافة والإعلام، والأندية الأدبية، ودارة الملك عبدالعزيز.. ونأمل أن تكون هذه الرابطة مؤسسة مدنية. في الانتظار وقريبًا من هذه الأمنية يضع الدكتور سلطان القحطاني أمنيته المطابقة لها في الرؤية والمختلفة عنها في الألفاظ فقط، حيث يقول: نحن في انتظار الإفراج عن رابطة الأدباء، فقد صممنا برنامجها، وبقيت تحت النظر إلى اليوم، وأرجو أن ترى النور. موت في المهد والحال نفسه في حديث الدكتور ظافر الشهري وهو يقف أمام السؤال: ألم يحن الوقت لتكون لأدباء المملكة رابطة تجمعهم، ليجيب بقوله: نتمنى ذلك، وكان هناك جمعية أسست في جامعة أم القرى تحت مسمى (الجمعية السعودية للأدب) لكنها ماتت حيث ولدت، ولا نعرف مصيرها ولا من يديرها. a href="http://www.al-madina.com/node/517148/رابطة-الأدباء-السعوديين-حلم-لايزال-في-ملف-"التوصيات".html" rel="nofollow" target="_blank"صحيفة المدينة