العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    كيف طوّر الحوثيون تكتيكاتهم القتالية في البحر الأحمر.. تقرير مصري يكشف خفايا وأسرار العمليات الحوثية ضد السفن    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    صور الاقمار الصناعية تكشف حجم الاضرار بعد ضربة إسرائيل على إيران "شاهد"    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    تظاهرات يمنية حاشدة تضامنا مع غزة وتنديدا بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن    شبوة.. جنود محتجون يمنعون مرور ناقلات المشتقات النفطية إلى محافظة مأرب    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    لحظة بلحظة.. إسرائيل «تضرب» بقلب إيران وطهران: النووي آمن    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متنفذون يستولون على أراض خاصة وعامة في محافظة الحديدة
النهب بقوة السلاح..!
نشر في الجمهورية يوم 13 - 03 - 2014

يتابع حسن أبكر ، شوبع سليمان ومحمد سيلي بأسى حركة شاحنات الإسمنت والحديد وهي تلقي بحمولتها قرب ورشات البناء الممتدة فوق أراضيهم الزراعية في قرية الجميشة التابعة لمحافظة الحديدة غرب اليمن مثلهم مئات آخرون من أهالي القرية لا يستطيعون الاقتراب من أراضيهم أو زراعتها لجني قوت يومهم، بعد أن استحوذ عليها متنفذون وعسكر على مراحل.
يخوض المزارعون معركتهم ضد متنفذين وعسكريين من خلال الاحتجاجات والمواجهات أحياناً، بعد فشل السلطة التنفيذية، مجلس النواب والقضاء في إنصافهم واستعادة أراضيهم، حسب ما يؤكدون.
وتتكسر كل محاولات استعادة الأراضي على صخرة الحصانة الممنوحة للمستولين عليها، سيما أن بعضهم من شاغلي المناصب العليا في الدولة وهو ما يتطلب إجراءات خاصة ومعقدة بناءً على قانون إجراءات اتهام ومحاكمة شاغلي وظائف السلطة التنفيذية العليا في الدولة يضاف إلى ذلك تلكؤ الأجهزة الأمنية أو عدم قدرتها على مواجهة جنود مسلحين تمردوا على قادتهم، تضارب مسؤوليات الدوائر المعنية بتسجيل وبيع الأراضي وغياب القرار السياسي لإنهاء هذه الأزمة التي تعمّقت عقب الثورة التي أطاحت بحكم علي عبد الله صالح عام 2011، على ما توصل إليه هذا التحقيق بعد سنة من الجولات الميدانية والتوثيق. وأسهم بطء إجراءات التقاضي وتدخّل متنفذين في حرمان المزارعين من استعادة أراضيهم، إذ سجلّت 450 قضية منذ 2010.
نيابة الأموال العامة وحدها سجلت 79 قضية من يناير 2013 وحتى أغسطس 2013 وقد تم التصرف ب 58 وبقيت 21 قضية معلقة.
كتيبة «منطاد» الحرس سابقاً تستولي على قرية الجميشة
في شباط/ فبراير 2013 استولى جنود وضباط من كتيبة منطاد اللواء العاشر بالاستيلاء على أراضي الجميشة بقوة السلاح بحسب سكان الجميشة. كانت الضحية هذه المرة 64 أسرة متضررة، بحسب رصد عاقل الجميشة.
حسن أبكر (40 عاما) يعول أسرة من 10 أفراد يعمل معظمهم في الزراعة ورعاية الماشية يقول المزارع إن جنودا من اللواء العاشر “نهبوا” أرضه الزراعية المقدر مساحتها ب 12600 متر مربع مطلع 2013وتوقف عمله فيها بعد أن هدموا السقاية وشبكة الري، فبات عاطلاً عن العمل منذ ثمانية اشهر. وفق أبكر، الذي يقول إنه مهدد وعائلته بالنزوح إلى مدينة الحديدة للتسول.
أما شوبع محمد سليمان (30 عاما)، فاستولى الجنود على أرضه رغم أنها زراعية لا تصلح للبناء فيما جاره محمد عبد الله سيلي يقول إن حياتهم في القرية أضحت جحيما: “نحن وآباؤنا بلا أعمال، لدينا أوامر من رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع، والسلطة المحلية والمحافظ ولكنها لم تُعِد لنا أرضنا المنهوبة”.
ويضيف شويع : شرع الجنود في بدايات سبتمبر 2010 ببناء وحدات سكينة وإقناع الأهالي بأنه سيتم بناء وحدات سكنية مدنية وعسكرية مقابل مبالغ مالية تدفع لمهندسين بإيصالات تحمل ختماً خاصاً بالكتيبة.
تقدر مساحة أراضي الجميشة بمليون و300 ألف متر مربع بحسب مذكرة التخاطب رقم 150 مع رئيس مجلس الإدارة المحلية تنقسم الأرض إلى قسمين: أكثر من ثلثها أملاك مواطنين (361 ألفاً و547 متراً مربعاً) وأراض مملوكة للدولة (980 ألفاً و100 متر مربع) مؤجرة لمزارعين وبحسب أهالي القرية والمذكرات فقد تم الاستيلاء على الأراضي المؤجرة والمملوكة بالكامل ولم يتبق للمزارعين سوى بيوت بسيطة يعيشون فيها.
ميناء مدينة الحديدة
تعديّات اللواء العاشر لم تقف عند هذا الحد، إذ أقدمت كتيبة من اللواء في 28 يناير 2014م على اقتحام مبنى محافظة الحديدة وفرض سيطرتها عليها لساعات قبل أن تتدخل قوات من الأمن المركزي لإخراجهم بالقوة من خلال موجهات أسفرت عن وقوع مصابين.
أسباب الاقتحام - بحسب محافظ الحديدة - تعود إلى رفضه التوقيع على محضر التسليم الخاص بحرم آبار مياه الشرب ليكون مدينة سكنية للجنود، في تعارض مع قرار رئيس الوزراء 217 لسنة 2010 بعدم التصرف بتلك الأرض وترسيم حدودها ومساحتها. كان عبد الله بافياض مدير الأراضي أمر بتسليم الكتيبة آبار المياه التابعة وقد صدر قرار بتوقفه من قبل محافظ محافظة الحديدة.
السلطة المحلية علّقت أعمالها لمدة يومين في إضراب شامل عمّ جميع الدوائر الحكومية احتجاجاً على الاعتداء الذي تم على ديون المحافظة وطالبت رئاسة الجمهورية بإخراج اللواء من المحافظة، لكن دون فائدة.
أوامر من السلطة المحلية
أثناء بحثه، عثر معد التحقيق على وثيقة مؤرخة ب2013/1/19 لدى منظمة تهامة الشعبية موجهة من قائد اللواء العميد ركن أحمد علي ناصر الحاوري سابقاً إلى أمين عام المجلس المحلي ومحافظ المحافظة يطالبهم فيها بتخصيص أراض لبناء مساكن لمنتسبي اللواء العاشر، المتمركزين في معسكر بالقرب من أراضي الجميشة وقد استندت الوثيقة إلى قرب أراضي الجميشة من معسكر الجنود وأسوةً بزملائهم من وحدات محور الحديدة على حد قول الحاوري في خطابه دون أن يكون لها أي مسوق قانوني.
أمين عام المجلس المحلي العميد حسن الهيج وجه بتحويل الأمر إلى “هيئة تطوير أراضي تهامة”، التي اعتذرت عن عدم قدرتها تلبية الطلب لأن الأرض تخص ملاكها (ورثة عبد الله قائد البعوه وورثة أحمد طاهر رجب وصالح باعوضة). كما أن المزارع تحت تصرف المزارعين من عشرات السنين، بحسب الهيئة العامة لتطوير تهامة في مذكرتها رقم 150 بتاريخ 11 مارس 2013. ومع ذلك استمرت الاعتداءات.
خاطب السكان هيئة الأراضي، ومحافظ المحافظة والإدارة المحلية ووزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد كما نفذوا مسيرات سعيا لاستعادة ممتلكاتهم؛ ومصدر رزقهم الوحيد. في 5 أبريل 2013 تضامن ناشطو “الحراك التهامي” معهم فأقاموا صلاة الجمعة عند المدخل الشرقي لمدينة الحديدة، للفت انتباه الحكومة لكن دون فائدة.
مشكلة عمرها نصف قرن
الشيخ هادي هيج- أحد القيادات الاجتماعية والحقوقية المطالبة بإيقاف “أعمال النهب يرجع المشكلة إلى مرحلة ازدهار الحديدة في الثمانينيات وتدفق الاستثمارات، عندما اتجهت قوى عسكرية ومدنية حاكمة آنذاك للاستيلاء على أراض واسعة”. وحين اتسع النزاع، صدر قانون بشأن الأراضي قضى بتأميم كل أراضي تهامة البعيدة عن مركز المدينة واعتبارها ملكاً عاماً للدولة. في التسعينيات منحت الحكومة “بعض الأراضي كهدايا وترضيات لمتنفذين، الأمر الذي أدّى إلى الاقتتال وشجّع العديد من الطامعين والناهبين وأغراهم بالتمدد في النهب”.
مئات القضايا معلقة
يؤكد مدير الأمن بالمحافظة العميد محمد المقالح أن أرقام الضحايا تمثل عمق المشكلة، ويرى أن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق فرع مصلحة الأراضي وعلى المحاكم المطالبة بسرعة الفصل لأن “أي اختلال في هذا الجانب يؤدي إلى مضاعفات وتحديات أمنية”. ولأن الخلافات على الأراضي “ذات طابع مدني، لا نستطيع إقحام أجهزتنا الأمنية لكن من واجبنا كأمن التدخل والسيطرة على الموقف وضبط الأمور”، يضيف المقالح.
من جانبه ينفى مدير عام مكتب أراضي وعقارات الدولة المهندس عبد الله بافياض الإهمال، ويؤكد أنه خلال العشر السنوات الماضية حرّك فرع هيئة الأراضي 450 قضية ضد أفراد ومتنفذين قاموا بالنهب حسب آخر إحصائية لعام 2012 في مختلف المحاكم والنيابات” فيما يخص أراضيها التي تم الاستيلاء عليها من قبل متنفذين في المقابل، رفع متضررون قضايا ضد فرع الهيئة التي تدعي هيئة الأراضي بمليكتها بسبب تداخل الأراضي وسوء التخطيط والتمييز بين أراضي المواطنين والدولة .. بحسب بافياض، الذي يرفض الإفصاح عن أي معلومات إضافية إلا انه اكد هيئة الأراضي عاجزة عن تقديم أي حلول بسبب قلة الإمكانيات البشرية والقانونية والمالية. والهيئة توقفت في الفترة الحالية عن دفع تعويضات للمتضررين، حسب إفادة مديرها الحالي عبد الله فياض.
79 قضية في النيابة
في المقابل، يؤكد وضاح القرشي رئيس نيابة الأموال العامة لمحافظة الحديدة ان هناك 79 قضية سجلت منذ يناير 2013 وحتى أغسطس 2013 تم التصرف بإحالة 58 منها إلى المحاكم وبقيت 21 قضية تحت تصرف النيابة، في مجملها قضايا رفعتها الدولة ضد أفراد ومتنفذين. وتطول بعض القضايا لسنوات في نيابة الأموال العامة إلى ثلاثة عشر عاماً مثل قضية تعويضات أصحاب الأراضي التي وقعت داخل نطاق حرم مطار الحديدة والتي تقبع في أروقة نيابة الأموال العامة الابتدائية منذ العام 2000م حتى 2013 م حيث تم إحالة 67 متهماً بنهب أموال التعويضات وقد منع القضاء إعطاء أي معلومة بخصوصها حتى يفصل القضاء في الأمر؟
عجز برلماني وضعف التشريعات
قضية الاستيلاء على الأراضي أثارت جدلا واسعا على المستوى الوطني منذ 2010، في 3 مارس 2010 شكّل مجلس النواب ( في قراره رقم 20/1/8) لجنة لتقصي الحقائق حول نهب الأراضي بالحديدة بعد المسح الميداني، أصدرت اللجنة تقريرا تضمن 148 اسما ل”الناهبين الكبار” من بينهم: ثلاثة وزراء، 20 ضابطا و33 شيخ قبيلة. وتوزعت البقية بين تجار ونواب وفنانين. كما وثّق التقرير 400 حالة اعتداء و106 ملف شكوى من مواطنين نهبت أراضيهم.
مقرر اللجنة النائب مفضل إسماعيل يقول: “ما تعرضت له الحديدة من نهب للأراضي يفوق كثيراً ما تعرضت له سائر المحافظات الجنوبية بعد حرب 1994” إلا “أن تقرير اللجنة لم يطبّق لأن اللجنة المكلفة بمتابعة التوصيات لم تنزل للميدان بعد موجة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد”(2012-2011).
استنتاجات لجنة تقصي الحقائق البرلمانية تؤكد دور الاختلالات التشريعية في نهب الأراضي إذ ذكر تقرير اللجنة الصادر في 5 إبريل 2010 عدة أسباب وراء نهب الأراضي منها: طول فترة التقاضي، القصور في التشريعات العقابية المتعلقة بتجريم التزوير من البائعين والمشترين ومحرري العقود، فضلا عن مرونة التشريع في إبقاء المسؤولين لفترة طويلة في مقرات أعمالهم.
ويرى البعض أن طول فترة التقاضي تكمن في خلل بالتشريع الذي لم يلزم القضاء بفترة محددة للبت في القضية، بالإضافة إلى أن بإمكان القضاء تعليق بعض القضايا لاستكمال الأدلة بشأنها.
تضارب في الصلاحيات
في 2006 تم دمج مكتب السجل العقاري ومكتب الأراضي الأمر الذي حمل إشكالية جديدة، وفق المحامي جميل القدسي، الذي يوضح أن السجل العقاري كان قبل الدمج يسجّل محررات دون العودة لمكتب أراضي الدولة وقد منح حينها العديد من المدعين بملكيات أراض صكوكا شرعية، وبعد الدمج رفضها مكتب الأراضي لأنه لم يعد يعترف بأي عقود تمليك سابقة إلا بموافقته باعتباره الجهة المخولة بالتمليك. هذا الوضع ضاعف من فوضى التمليك ولم يفرق بين صاحب الحق والناهب.
حصانة لعلية القوم
يرجع وضاح القرشي اتساع رقعة الاستيلاء إلى الحصانة الممنوحة لشاغلي الوظائف العليا في الدولة والتي تجعلهم غير مساءلين أمام القضاء، كذلك عدم وجود شرطة قضائية تساهم في تطبيق الأحكام التي لا تنفذ.
فيما يرى المحامي والناشط الحقوقي صلاح القميري أن “الأوضاع الأمنية المضطربة في الجنوب جعلت العديد من الناهبين - يزحفون إلى محافظة الحديدة. ويقول القميري “إن عمليات النهب بلغت ذروتها بين 2011 - 2012 اثر موجة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، عندما شعر النظام السابق بقرب رحيله فأعطى أوامر وتوجيهات بصرف أراض للأفراد النافذين”.
مطار الحديدة في مرمى الناهبين
في عام 2011 قام أفراد وضباط من اللواء 67 طيران، وكتيبة 130 دفاع جوي وكتيبة من الحرس الجمهوري« سابقاً» (والذين أوردتهم المذكرة المصادق عليها من رئاسة الجمهورية رقم (4517) بتاريخ 10/15/) بالاستيلاء على الأراضي التابعة ل “حرم المطار” وهي المساحة المسموح بها دوليا لحماية عملية الهبوط والإقلاع للطائرات والتي تقدر بحوالي 1400 متر.
استولى الجنود على حرم المطار بعد صدور مذكرة من ديوان المحافظة (من أمين عام المجلس المحلي ) إلى مدير فرع هيئة الأراضي يطالب فيها مدير الفرع بالاطلاع واتخاد الإجراءات بتخطيط الأرض لمنحها كمساكن للجنود.
ومع تفاقم هذه المشكلة تم رفعها إلى رئيس الجمهورية الذي اصدر قراراً في أغسطس 2012 يقضي بتشكيل لجنة تقصّي حقائق لتحديد سور المطار، وإزالة الاستحداثات، والتحقيق مع المتورطين في عمليات النهب والمتعاونين معهم من مراكز النفوذ والمتواطئين بالصمت ومع ذلك لازالت الأراضي منهوبة حتى الآن بحسب نائب مدير المطار علي التويتي.
محافظ الحديدة أكرم عطية يوضح بأن “مشكلة المطار قديمة ولكنها تفاقمت في الفترة الأخيرة بسبب الأوضاع التي تشهدها البلاد ودخلنا في إشكاليات وتعرضنا لرفع السلاح من قبل بعض الجنود أثناء النزول الميداني. واجتمعت مع اللجنة الأمنية بحضور قائد الدفاع الجوي سابقاً و قائد اللواء 67 وأوضحت لهم أنه لا يمكن ان نكون على رأس السلطة والأمور تتفاقم بهذا الشكل، ولكن اللجنة أفادت بأنها، لا تستطيع مواجهة معسكرات بسلاحها وان قيادة اللواء في وضع صعب لا يستطيعون السيطرة على تمرد الجنود “.
يؤكد نائب مدير هيئة الطيران المدني بمحافظة الحديدة علي التويتي أن منظمة الطيران الدولي تفرض شروطاً عامة للسلامة ومن ضمنها أن لا تقل مساحة الحرم عن 1400متر كأقل تقدير في حين مطار الحديدة وبسبب الاعتداءات على الأراضي تقلصت هذه المساحة إلى 400 متر فقط وإذا استمر الحال على ما هو عليه فقد يغلق مطار الحديدة قريباً.
معسكرات تمردت على قادتها وعلى القانون
حين التقينا جنوداً وضباطاً من اللواء 67 طيران، وكتيبة 130 دفاع جوي وكتيبة من الحرس الجمهوري سابقاً المتهمة بالاستيلاء على ما يقارب ألف متر داخل حرم المطار، اكدوا أن هذه الأرض اشترتها وزارة الدفاع لتكون سكنا لأسرهم، .
اتصلنا بمكتب وزير الدفاع وإدارة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة للحصول على تأكيد أو نفي بهذا الخصوص دون جدوى. لكن مدير صندوق الإسكان العسكري العقيد الركن عبدالرحمن الأديمي يؤكد ان الوزارة تعتمد على بناء وحدات سكنيةs وتسليمها للجنود بالتقسيط وهو إجراء معتمد في الوزارة ولا يخص جنود الحديدة وحدهم وان لا فكرة لديه حول شراء الوزارة لأرضية حرم المطار مدير فرع الهيئة العامة للأراضي بالحديدة يقول «ان الهيئة تنظر إلى الجنود كمعتدين وان فرع الهيئة لم يمنحهم أي صك ملكية».
محافظ الحديدة المهندس أكرم عطية يرى أن نهب الأراضي يعد عاملاً رئيسياً من عوامل التوتر في المحافظة فقد أدى نهب الأراضي إلى تشكّل حراك سياسي ومجتمعي بات يعرف “بالحراك التهامي”، وهو حراك يدعو إلى إيجاد حل عادل “للقضية التهامية”.
مسلسل النهب مستمر
وحتى ساعة إنجاز هذا التحقيق لا يزال أهالي قرية الجميشة بلا أرض ولا مصدر رزق وتزداد حالتهم سوءا بعد ان بدأ الجنود في الأسابيع الماضية بالبناء على الأراضي المنهوبة.
ولا يزال أبكر شليته وشوبع سليمان وعشرات غيرهم ينتظرون من يحميهم ويستعيد أرضهم ويتطلع المواطنون في الحديدة إلى الوعود بحل هذه المشكلة التي تؤرق السكان، حيث وجه بتشكيل لجنة أخرى لتقصي الحقائق لكن ثمة تخوف من قبل من التقيناهم في الحديدة سواء أكانوا قيادات من الحراك أو المواطنين العاديين بأن يكون مصيرها مصير سابقتها ويعاد السيناريو القديم للجان انتهت بإدانة الناهبين دون أي إجراءات لاستعادة الأراضي المنهوبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.