قضية تجنيد من هم دون السن القانونية من قبل بعض الدول للعمل في القطاع العسكري أو الأمني أو استغلالهم لمثل هذه الأعمال في مليشيات مذهبية أو طائفية أو حزبية جريمة نكراء لايقرها دين ولا شرع وتحرمها جميع الدساتير بكافة دول العالم حتى التي لم تكن عضواً في الأممالمتحدة، ورغم ذلك فإن بعضاً من هذه الدول ترتكب هذه الجريمة مع سبق الإصرار والترصد على مرأى ومسمع المجتمع الدولي ولم يشملها أدنى عقاب. الأممالمتحدة بدأت تدشين حملة في مقرها بنيويورك تحت شعار «أطفال وليس جنوداً» والتي تتبناها حكومة لكسومبورج بالتعاون مع مكتب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للأطفال والنزاع المسلح ومنظمة اليونيسيف وتهدف الحملة إلى انهاء تجنيد الأطفال وإخراج المتواجدين منهم في القوات المسلحة والعمل على إعادة دمجهم في المجتمع من خلال برامجة مخصصة لذلك قبل نهاية عام 2016م، وفي حفل تدشين الحملة ألقى مندوب اليمن الدائم لدى الأممالمتحدة جمال عبدالله السلال كلمة أكد فيها أن قوانين الجمهورية اليمنية تنص على عدم تجنيد الأطفال في القوات المسلحة والأمن دون سن 18 عاماً وأن اليمن ملتزمة بذلك، موضحاً الجهود التي بذلتها وماتزال تبذلها الحكومة في هذا المجال والتي ستتوج قريباً باعتماد وتوقيع خطة العمل مع الأممالمتحدة والتي هي الآن في مراحلها الأخيرة من أجل إعادة دمج وتأهيل الأطفال المعنيين.. وعبر السفير السلال عن ترحيب اليمن باطلاق هذه الحملة.. لافتاً إلى أن اليمن سيواصل تعاونه مع الأممالمتحدة ومنظمات المجتمع المدني المعنية من أجل إنجاح هذه المبادرة. وأكد مندوب اليمن الدائم أهمية تقديم الدعم المالي والفني من قبل الدول المانحة والبنك الدولي لبلادنا من أجل إنجاح هذه الحملة وخطة العمل في اليمن، وذلك عبر استراتيجية شاملة تقوم بها الحكومة اليمنية من خلال برامجها المعنية وذلك لتحقيق أهدافها خلال المدة المحددة.. كما كشف تقرير دولي عن تفاقم ظاهرة تجنيد الأطفال في اليمن خصوصاً منذ اندلاع الأزمة السياسية الطاحنة التي عاشتها البلاد مؤخراً. وأشار تقرير قدمه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى مجلس الأمن الدولي إلى أن المنظمة الدولية وشركاءها وجدوا تجنيداً لأطفال في اليمن في صفوف الجماعات القبلية المسلحة وأيضاً من جانب بعض الجماعات. ولفت تقرير بان كي مون السنوي حول الأطفال في الصراعات المسلحة إلى أنه تم توثيق تجنيد واستخدام الأطفال من قبل القوات التي يقودها أقارب الرئيس السابق فضلاً عن تجنيدهم ضمن المليشيات القبلية المسلحة وأدرجت الأممالمتحدة الأطراف المتورطة في تجنيد الأطفال في العالم ضمن لائحة العار السنوية للذين يجندون ويستخدمون الأطفال في أعمال القتال ولمن يقومون بقتل وتشويه واستغلال الأطفال جنسياً والاعتداءات على المدارس والمستشفيات حول العالم ورصد التقرير مقتل 159 طفلاً وكذا جرح 363 آخرين خلال العام المنصرم 2011م وأوضح أن من بين هؤلاء 31 قتيلاً و28 جريحاً سقطوا جراء المواجهات بين القوات الحكومية وعناصر القاعدة وأنصار الشريعة في محافظة أبين كما قتل 14 طفلاً وأصيب 29 آخرون نتيجة مواجهات وقعت في محافظة صعدة.. وفي السياق ذاته قال رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة في اليمن أحمد القرشي إن الأحداث التي شهدتها اليمن في العام الماضي أظهرت بشكل كبير جداً مشكلة تجنيد الأطفال في اليمن. مشيراً إلى أن الظاهرة تستند إلى ثقافة قبلية ودينية تشجع على حمل السلاح.. وأوضح القرشي أن منظمته أجرت دراسة ميدانية خلصت إلى تجنيد الأطفال في صفوف بعض الجماعات يصل إلى ما بنسبة 50 % مقابل 40 % لمجندين أطفال يقاتلون في صفوف القبائل والجماعات المسلحة، وأكد أهمية تضافر جهود منظمات المجتمع المدني وهيئات التوعية من أجل تسريح الأطفال المجندين والعمل على إعادة دمجهم في المجتمع المدني والعمل على إيجاد تدابير عملية من قبل الحكومة من شأنها أن تعمل على تسريح وإعادة تأهيل وادماج الأطفال المجندين.. ومما سبق نلاحظ أن تجنيد الأطفال يعد جرماً ليس له ما يبرر القيام بارتكابه ونأمل أن تسفر الحملة الأممية عن متابعة الدول والجماعات التي تسخر وتستغل الأطفال لتحقيق مآربها أولاً بأول مع تشديد العقوبة على كل من يرتكب هذا الجرم.