لاشك في أن محمية برع تعد لوحة إلاهية بديعة بطبيعتها الخضراء وبجمالها الساحرة و التي تحتضن في ثناياها مخزوناً طبيعياً، ينتشر في اتجاهاتها المختلفة وبمحتوياتها الفريدة، الممتدة بطول خمسة كيلو ونصف، وبارتفاع جبالها الشاهقة التي تحتوي غابات برع بارتفاع من 2700 إلى 3000 متر، وتغطي أشجارها الباسقة ونباتاتها الكثيفة مساحته الجبلية من أسفل جبل إلى أعلى جبل من شمالها إلى جنوبه. لكونها أغنى مناطق اليمن من حيث التنوع البيئي والبيولوجي كما تحتوي على كثير من الحيوانات النادرة المستوطنة والمهاجرة، فقد اكتسبت أهمية وطنية وعالمية فحيثما سرحت الأبصار فيها لا تقع العين إلا على لوحة سندسية خضراء بديعة التكوين مازالت بكراً كما أبدعتها يد الخالق بما تحويه من أشجار زاهية ونباتات خضراء، يتناغم حفيف أوراقها مع هدير المياه المنحدرة من أعلى قمم الجبال على مدار العام، حيث تذهب بخيال المرء بعيداً خارج حدود الزمان والمكان، فينتعش الذهن وصاحبه يستنشق هواءً صافياً عليلاً منزهاً عن ملوثات العصر، و محمية برع ثروة طبيعية بما حباها الله من تنوع حيوي والتي يمكن أن تكون مرتكزاً لتنمية المناطق المجاورة لها، ومصدراً من مصادر الدخل ولهذه الأسباب أعلنت في 2006م محمية طبيعية. موقع متميز تقع محمية جبل برع الطبيعية في محافظة الحديدة مديرية برع في الجنوب الغربي من مدينة رقاب في وادي رجاف الواقع في الناحية الغربية من منطقة مرتفعات برع الجبلية و التي تقع شرق مدينة الحديدة على بعد حوالي (50 كيلومتراً)، وعلى بعد حوالي (20 كيلومتراً) من الطريق الرئيسي (الحديدةصنعاء) يحدها من الغرب وادي سهام ومنطقة الخليفة والقطيع والمراوعة ومن الجنوب وادي الأسود وقرى خراشة ومدينة السخنة السياحية الاستشفائية ومن الشرق قرى الجيلان وسلسلة من الجبال الشاهقة ومن الشمال عزلة بني باقي والفاش والمنوب وبني سليمان. وترتفع محمية برع بحوالي (300 - 800 متر) عن مستوى سطح البحر. تبلغ مساحة محمية برع حوالي (4100 هكتار)، ويبلغ طول المحمية حوالي 5 كيلومترات ابتدءً من منطقة سوق السبت نزولاً حتى منطقتي قريتي الكاحل والمرخام، ويبلغ متوسط عرض المحمية حوالي (400 متر)، وتقع المحمية في مناطق سفوح التلال التهامية، ويمكن الوصول إلى المحمية بسهولة عبر طريق مرصوف بالإسفلت يمتد من المنصورية إلى السخنة ثم إلى المحمية أو عن طريق آخر يصل المحمية ببلدة القطيع الواقعة على طريق( صنعاء- الحديدة). تنوع نباتي وحيواني تتميز محمية برع بتنوع نباتي وحيواني حيث تمثل محمية برع آخر وأهم بقايا الغابات الاستوائية التي كانت سائدة في الجزيرة العربية وتسودها نباتات الإقليم السوداني وقليل من نباتات الإقليم الصحراوي ويقدر الخبراء عدد الأنواع التي تنمو في أراضي المحمية ب315 نوعاً تتبع 83 فصيلة و209 أجناس ويشكل هذا العدد حوالي 15% من إجمالي تنوع النباتات في بلادنا، منها 63 نوعاً نادراً على المستوى الوطني والإقليمي و85 نوعاً مهدداً بالانقراض كما تم تسجيل ثمانية أنواع نباتية متوطنة وموطنها الأصلي هو محمية برع فقط وأهم تلك الأنواع هي نبات القطن، البياض و نوعان من الصبر. كما تتميز مديرية بُرع بزراعة البن والزنجبيل وإنتاجها أفضل أنواع البُن المسمى بالبُن البرعي. والتنوع الحيوي الفريد الذي تتميز به غابة برع جعلها متحفاً للتاريخ الطبيعي، فإلى جانب تواجد شجرة (البرطم) بشكل يشد الانتباه، فإن الغابة تحتضن عدداً من الأشجار والنباتات النادرة أهمها: العرفط، خرمش، كمب، بياض طنب، مداخ، أذخر، ضبر، إلى جانب شجرتي يزاغ وعتم. أما التنوع الحيواني الذي يوجد في غابة برع فهناك العديد من أنواع الحيوانات التي استطاعت البقاء رغم التهديدات المتواصلة التي تواجه المحمية حيث يعيش في الغابة بحسب بعض الدراسات (9) أنواع من الثدييات كالذئاب والثعالب والضباع والنمور والأسود والوشق وقرود البابون والقط البري. يوجد في محمية برع أكثر من 90نوعاً من الطيور وهناك أنواع منها مهددة بالانقراض وبعضها انقرضت، وتوجد مجموعة من الطيور النادرة مثل الحمام البري والحسون اليماني ونقار الخشب والحمامة المطوقة وطائر الزرياب والزر زور الأسود والنساج وجاكرا والتميز اللماع والكوكالو والكوكو و العقاب. و يوجد في المحمية أيضاً 13نوعاً من الزواحف مثل الثعابين والسلاحف الصغيرة، منها أربعة أنواع متوطنة في الغابة، إلى جانب خمسة أنواع من البرمائيات و60 نوعاً من الفراشات النادرة المستوطنة بالمحمية. أكبر محمية حراجية يتفق المهتمون بقضايا البيئة على أن غابة برع تُعد أكبر محمية حراجية مدارية ليس في اليمن فحسب بل في شبه الجزيرة العربية كلها، فهي امتداد حقيقي يبرهن على تلك الحقبة الزمنية التي كان فيها الاخضرار سمة المكان بلا منازع، وكانت مساحات واسعة من الغابات الاستوائية لازالت تعمر الأرض وتبث فيها الحياة، وهي تلك الحقبة التي أعقبها تغيرات المناخ وتدخلات البشر والتي نجم عنها تقهقر تلك الغابات واختفائها إلى الأبد. ربما كان لموقع هذه المحمية – الذي ظل بكراً لقرون – أثر في بقائها صامدة أمام الظروف والمتغيرات وربما لذلك التنوع المناخي الذي تميزت به المنطقة، والذي ساهم بشكل كبير في تشكيل البيئة النباتية المتنوعة والمتميزة من حيث كثافتها وتعدد أصنافها. على المستوى التصنيفي فقد رصدت الدراسات حوالي (315) نوعاً نباتياً تتبع (83) فصيلة و(209) أجناس، المسوحات أثبتت تواجد (63) نوعاً نادراً على المستوى الوطني والإقليمي مما جعلها ذات مكانة بيئية خاصة، هناك (35) نوعاً مهدداً بالانقراض تحرص قيادة المحمية أيما حرص على استدامتها خاصة بعد أن فشلت جهود العاملين في الحقل البيئي داخل المحمية على استعادة أحد الأنواع الذي تسببت فيها الاستحداثات الأخيرة المتمثلة بشق وسفلتة الطرق داخل المحمية، رغم ما حرصت عليه المادة (20) من قانون حماية البيئة رقم (26) لسنه 1995م حين أطلقت تحذيراً بهذا الخصوص. ثمة أنواع مستوطنة لا توجد بأي مكان آخر أهمها نبات التنوا لكن الملاحظ في هذه النباتات وخصوصاً النادرة منها أنها تحمل طابع الإقليم السوداني وقليلاً جداً ذات طابع صحراوي، نذكر منها نبات العرفط، خرش، المسرح، الطنب، حوجم، قرف، شهث، حنة الفيل، عثرب، هدس، تألب، أراك، ظبر، رعد .....إلخ وكلها بالطبع مصنفة تصنيفاً علمياً دقيقاً، ولعل أهم ما يميز هذه المحمية اليوم هو أنها أصبحت معلماً بيولوجياً طبيعياً توفر قاعدة معلوماتية ينهل منها الباحثون والمؤسسات والمهتمون بدراسة الطبيعة ومواردها الحية، بالإضافة إلى انفرادها ببعض الأصناف التي تستعمل لغرض العلاج أمثال نبات العثرب والأراك (السواك) والبابونج والهيدر، وهذه الأخيرة يُستفاد من عصارتها في القضاء على سموم الأفاعي في الجسم البشري، ولا ننسى تلك الأصناف العطرية التي تمنحك طاقة أمل لرؤية الحياة بشكل أفضل، ومن أهمها أشجار الشذاب والريحان. في لائحة التراث العالمي ونظراً لمدى أهمية محمية برع فقد سبق واعتمدتها (اليونسكو) ضمن لائحة التراث الإنساني العالمي وإضافتها أيضاً إلى الشبكة العالمية للإنسان والمحيط الحيوي. خطر التصحّر ومحمية برع أضحت تعاني مثل غيرها من المحميات اليمنية من خطر الإصابة بالتصحر نتيجة استمرار ظاهرة الاحتطاب العشوائي، فقطع الأشجار ساهم كثيراً في اختفاء أنواع نادرة من الطيور والحيوانات التي كانت تشتهر بها المحمية وتقاعس الجهات المعنية بإدارة وحماية المحمية عن الحد من هذه الظاهرة لعب هو الآخر دوراً كبيراً في اتساع رقعة الاحتطاب العشوائي وهذا من شأنه أن يعجّل من وصولها إلى التصحر، أضف إلى أن المحمية غدت تفتقر إلى أبسط الخدمات السياحية.