كثير من الناس يتساءلون عن حالة أول منتخب موحد، وكيف أن كرة القدم لم تخدم اللاعبين، وهي الشيء الأول والوحيد الذي تقاسمه السياسيون مع الرياضيين آنذاك، ولماذا لم تصبح الوحدة اليمنية أرضية صلبة للارتقاء بمستوى المعيشة أم أن «السحراني» و«العديني» و«جباري» وأمثالهم كثر لم يكونوا محظوظين بالوحدة.. «ماتش» بحثت عن المنتخب الذي أنهى التشطير لأول مرة، منتخب 88، ما صنعوا لهذا البلد وماذا ردت لهم من جميل.. شرف : علينا ان لا ننساهم * الكابتن شرف محفوظ اللاعب الذي تقاسم وزملاؤه فرصة إعلان اليمن الموحد يروي قصص وحكايات نجوم كرة كانوا يشكلون قيمة رياضية لليمن وقيمة إنسانية لذواتهم.. ويقول: جميعنا سرّه إعلان تشكيل أول منتخب موحد يمثل اليمن في منافسات كرة القدم العربية والقارية وقت ذاك كان البلد لايزال مشبعا بالنجوم الكبار.. ولفت نجم التلال واليمن شرف محفوظ إلى أن أول منتخب تم تشكيله قبل الوحدة ضم لاعبين بارعين شكلوا امتدادا لأجيال ما بعد الوحدة منهم الكابتن أبوبكر الماس - أحمد الأحمدي – محمد حسن أبوعلاء وأنا.. هؤلاء بعض ممن مثل لاعبي الجزء الآخر من الوطن، فيما كان يمثل الشمال جمال حمدي خالد العرشي رامي عبدالرزاق أنور عديني إبراهيم الصباحي إلى آخر قائمة الأسماء التي وحدت كرة القدم اليمنية مطلع العام 1990م. ويقول شرف: هناك لاعبون قدامى مثلوا المنتخبات الوطنية وخدموا الحركة الرياضية بصورة مشرفة ويستحقون أن نتذكر مواقفهم الوطنية من خلال الرياضة من جانب إنساني علينا أن لا ننساهم ونحن نحتفل بالعيد الرابع والعشرون لإعلان الوحدة المباركة وبالأخص أن هذه المناسبة تمثل ارتباطا لنجوميتهم أثناء مشاركة المنتخب اليمني تحت شعار موحد من هؤلاء النجوم الكابتن أنور عديني لاعب خط الوسط الأنيق الذي كان يلقب ب”تيمومي” الكرة اليمنية، هذا اللاعب الذي يغيب عن العيون ويحضر في الذاكرة الرياضية، قد سمعت عن أحواله الصحية المتدنية وظروف معيشته الصعبة صحيح الشيخ أحمد العيسي له مواقف طيبة مع هؤلاء الناس لكن وطن الوحدة يفترض بأن لا ينسى أمثال العديني.. ويضيف شرف: ونحن نحتفل بالأجواء العيدية يجب بأن نسترجع قصص لاعبين كانوا ينعمون بوافر الصحة قدموا ما قدموه للكرة والآن حالات بعضهم المرضية والاجتماعية جداً قاسية مثل هؤلاء يحتاجون إلى لفتة مسئولة والأكثر من ذلك بأن يعرف الجميع كيف كان وضع هؤلاء اللاعبين من قبل وأين أصبحوا اليوم. * ربما أن الخوف من القادم لم يكن قد سكن قلوب اللاعبين القدامى وأن صدق العطاء كان علامة ميزت الجميع حين كانوا يؤدون كرة القدم بحب إلى أن أصبح الجميع يمتلك الكثير من الذكريات التي أصبحت ذخيرة لقصص يروونها عن ماضي الرياضة في زمن الوحدة اليمنية وقتها لم يكن أحد يدرك بأن مصيراً صعباً ينتظره وأن حظوظه مع الحياة الاجتماعية أبداً لن تكون كحظوظه مع الكرة.. أنور عديني.. النجم الموجوع * لم يكن نجوم الكرة الذين تمكنوا من المشاركة ضمن منتخبات ما قبل الوحدة وبعدها في مأمن من تقلبات الزمن، لاعب أهلي الحديدة الكابتن أنور عديني الذي اشتهر مطلع الثمانينيات حين أدهش المتابعين بفنونه المهارية ربما لم يكن هو على دراية بأن كرة القدم ستأخذ كل الوقت منه ولن تمنحه أهمية تطوير وضعه الاجتماعي، فالظروف التي خدمته رياضياً وجعلته صاحب شهرة كبيرة عندما بلغ القمة بانضمامه للمشاركة ضمن أول منتخب موحد الذي تم الترتيب له عام 1988م لم تفده في الحياة اليومية، فالنجم الذي لعب للأهلي الساحلي والمنتخبات الوطنية ترك بصمات واضحة. ويمكن القول بأنه على الصعيد الفني اعتبر أنور عديني من أبرز لاعبي خط الوسط لدرجة أن الجماهير الرياضية التي مازالت تشهد على طريقة لعبه الأنيق والتزامه بالأخلاق الرياضية ولم يكن بينها من يتصور بأن النجم الكروي برز مع منتخب الوحدة قد يتعرض للنسيان، وهو الذي كان جديراً بأن يكون جزءاً من المنتخب الذي مثّل اليمن الموحد كروياً قبل إعلان ال22 من مايو. بالنسبة لنجم كرة سابق مثل الكابتن أنور من المخزي بأن يتحول إلى شخص آخر غير لاعب كرة القدم الذي احتفظ لنفسه بسمعة رياضية كبيرة، غير أن الكرة لم تحتفظ بذلك التميز الذي ظهر به العديني الذي عاش على أمل رد الجميل بعد أن فتح المرض باباً ليدخل العديني إليه، وعندما ساءت صحته وأصبح عاجزاً عن مداواة أوجاعه كان رئيس اتحاد الكرة إلى جانبه وهذا ما يفترض أن يقابل به نجم كرة أمضى سنين طويلة مع الرياضة. محمد السحراني.. الهداف الذهبي لم يقوَ على هزيمة الواقع * من بين لاعبي كرة القدم الذين واجهوا المصير المجهول , اللاعب “محمد السحراني” , الهداف الذهبي لشعب إب والمنتخبات الوطنية، فبعد أن ذهب هذا النجم الكروي عن الرياضة باحثاً عن مصدر رزق ومركز اجتماعي يحفظ قيمته الرياضية عانى ما عاناه من مرارة التعب بعد الرياضة وخلال مشواره الطويل الذي بدأ من نادي وحدة عدن عام 1981م حتى العام 1984م كلاعب خطير ظهرت موهبته التهديفية باكراً إلى أن انتقل إلى العاصمة صنعاء ولعب لموسم كروي واحد في عام 1989م رفقة كوكبة من نجوم الوحدة أيام العرشي، عبدالناصر عباس، طارق السيد.. مع الوحدة حقق محمد السحراني كأس الجمهورية قبل انتقاله إلى شعب إب مطلع العام 1987م، وفي إب كتب له التألق مع الفريق الأخضر الذي حقق معه الهداف الذهبي للشعب أنجاز بطولتين. واصل اللعب في الأندية المحلية ابتداء من عدن ومروراً بصنعاءوإب كل هذا التاريخ لم يؤثر في المسئولين الرياضيين بما يجعلهم يساندون هذا المشوار الحافل بالعطاء وخدمة الرياضة لدرجة أن المنظر الإنساني الذي لم يعجب عشاق السحراني دعا أكثرهم إلى التعاطف معه حد أن الصحافة الرياضية كتبت عنه ما كتبت وكشفت للمسئولين في البلد شكل الإهمال الذي يواجهه اللاعبون، بصورة كشفت عن ضياع حق المواطنة.. مر الوقت وطوت الأيام أربعة وعشرين عاماً من الوحدة فيما هداف اليمن مازال غير قادر على طي سنين العناء من عدم استيعابه في وظيفة رسمية وهو النجم الذي كان ينعم بشهرة واسعة وكان الحب يأتيه من كبار المسئولين وعامة الناس. في عام 1991م التحق السحراني بمنتخب اليمن الموحد وألحق الهزائم الكروية بخصوم اليمن غير أنه على الصعيد الإنساني لم يقوَ على هزيمة الواقع الذي يعيشه وسط وضع اقتصادي متدهور وحالة إنسانية بالرغم من أن اللاعبين الذين وصلوا إلى زمن تحقيق إنجاز الوحدة اليمنية يوم ال22 من مايو بالرغم من أنهم اعتبروا ذلك التاريخ محطة هامة في تاريخ حياتهم الرياضية، إلا أنه لم تكن هناك التزامات اجتماعية تجاههم يغير ذلك، وفوق عديد توصيات عليا كان قد حصل عليها هذا اللاعب آخرها كان في عهد الوزير حمود عباد جميع التوجيهات والأوامر التي تقضي بمنح نجم كرة سابق بقامة السحراني وظيفة حكومية، جميع ذلك بالإضافة إلى رصيده الرياضي الكبير كل ذلك لم تشفع في تحسين الحالة الإنسانية لهذا اللاعب. حسين جباري * قبل سنوات من الآن كان الرياضيون جاهزين لدعم وحدة الأرض والإنسان المعلن في يوم ال22 من مايو عام 1990م، وعرف الرياضيون كيف يوظفون الرياضة لمصلحة الوحدة.. لاعبو كرة القدم كانوا يعون جيداً طريق الانتصار من أجل الوطن وبمنطق تعزيز مشاعر الناس تجاه الوحدة الوطنية بين نجوم كرة القدم اليمنية لأول منتخب موحد هناك من نسي بأن يرتب الأوضاع من حوله فأخذته الأزمان إلى واقع مغاير عما كان عليه لحظة أن كان لاعباً. من بين هؤلاء يأتي اسم الكابتن حسين جباري، اللاعب الذي مازال سجله الكروي يحتفظ بتاريخ مشاركاته ضمن أول منتخب موحد عام 1990م.. ومع مضي أكثر من 24 عاماً على الوحدة مازال النجم الكروي، لاعب نادي الزهرة والمنتخبات الوطنية، بشكله الجديد يعيش مع ويلات المرض الذي حلّ به خطورة أمر الرياضيين المهملين. شنب حمادي: أضعت عمري هدراً يعترف نجم نجوم أهلي الحديدة والكرة الساحلية شنب حمادي بمرارة وحسرة أنه نادم كل الندم على ضياع سنوات عمره في كرة القدم، وأهمل خلالها تعليمه الذي كان سيسهم حتماً في تحسين وضعه المعيشي، حيث إنه دون وظيفة إلى الآن ولا أحد يلتفت آليه لا نادي ولا اتحاد ولا وزارة شباب. وقال لاعب أهلي الحديدة السابق ل«ماتش»: أهملوني ورموا بي خارج الحسابات، متسائلاً: ماذا أعطتني كرة القدم غير حب الناس والجمهور؟ ، ذلك الجمهور الذي كان بالأمس يرفعني على الأعناق، لايملكون اليوم سوى التحسر والحزن على وضعي، كما أنهم يحملونني جزءاً من مسؤولية إهمالي لنفسي. وبحسرة كبيرة يضيف “شنب حمادي“ كنت أتمرن ليل نهار لإسعادهم بتحقيق الفوز وحين تقدمت لإدارة النادي بطلب إقامة مهرجان اعتزال لي رأت الادارة أن ذلك نوع من الجنون، فهي لم تكرم أو تقم اعتزالاً لأي لاعب، فأي إدارة هذه؟!!، حتى اتحاد القدم لا ينظر للاعبي الأمس سوى القريبين منه.! وقال: كرة الأمس غير كرة اليوم ، كانت كرة جميلة وجماهيرية كبيرة وكان الجمهور يحضر كل اللقاءات منذ وقت مبكر ويشجع ويهتف ويصفق ويحفز، كنا نلعب لأجلهم ولم نكن نحصل على شيء.. أما لاعبو اليوم فإنهم يلعبون بدون حماس وإخلاص، يلعبون من أجل المادة وياريت يقدمون مقابل ما يستلمون على العكس فإنك تشاهد عكا كرويا و”دلعٍ”. وأضاف: تسألني ماذا أعطتني كرة القدم؟.. كما ترى لا شيء!! لا أملك وظيفة أو عملاً أو أي شيء غير أنني أدبر نفسي يوميا بمصاريفي ومصاريف الأسرة، من كان يسمع عن شنب في سنوات الشهرة سيظن أنني اليوم في برج عالٍ ولا يعلم أنني لا أملك قوت يومي.. ضاع عمري هدر..!!!