عبّر عدد من طلاب الثانوية العامة وأولياء أمور عن استيائهم الشديد من قرارات تأجيل اختبارات مواد الرياضيات “الجبر والهندسة، التفاضل والتكامل” والجغرافيا والتاريخ للقسمين العلمي والأدبي التي أعلنت عنها وزارة التربية والتعليم الأسبوع الماضي، على خلفية تسرُّب أسئلة الامتحانات في عدد من المحافظات.. وأبدى عدد من طلاب القسم العلمي قلقهم الشديد من أن يؤثّر هذا الوضع على أدائهم في الاختبارات، وفوق ذلك أجمعوا على أن أسئلة اختبار مادة الفيزياء التي جرت يوم الأحد الماضي، كانت معقّدة وصعبة جدّاً..!!. مفاجآت وزارة التربية والتعليم في سابقة هي الأولى من نوعها، أعلنت وزارة التربية والتعليم فجر الثلاثاء الماضي تأجيل امتحان مادتي الجبر والهندسة والجغرافيا لطلاب الشهادة الثانوية بقسميها العلمي والأدبي في عموم البلاد باستثناء محافظة عمران، واللتين كان مقرراً أن يؤديهما الطلاب في اليوم نفسه بعد تسرُّب أسئلة الامتحانات في عدد من المحافظات. ومساء الأربعاء الماضي، أعلنت التربية مجدّداً تأجيل اختبار مادة «التكامل والتفاضل» للقسم «العلمي – الإنجليزي» إلى تاريخ 28 يونيو 2014، باستثناء محافظة عمران، وتأجيل اختبار مادة (التاريخ) للقسم الأدبي إلى يوم 28 يونيو 2014، باستثناء أيضاً محافظة عمران «كان مقرراً أداؤهما يوم الخميس الماضي». وقال بيان للوزارة – نشر على صفحتها في «الفيس بوك» – إن اللجنة العليا للاختبارات ووزير التربية والتعليم الدكتور عبدالرزاق الأشول اتخذوا القرار بعد اجتماع استثنائي وقفت فيه أمام تسرُّب أسئلة الاختبارات. وأعلن البيان إلغاء أسئلة الاختبارات للمواد «اللغة العربية – الكيمياء – أحياء» التي سبق توزيعها على المحافظات والقيام بالتحريز على المظاريف في غُرف السيطرة والتحكُّم بمكاتب المحافظات وإعداد محاضر بذلك، كما أعلن أنه تم إحالة المتسبّبين في قضية تسريب أسئلة الاختبارات إلى النيابة وسرعة استكمال إجراءات التحقيق. وقال البيان إن اللجنة والوزارة سيقومان بإعداد نماذج أسئلة بديلة للمواد التي تم سحبها من الحافظات أو تأجيلها، وبقاء مواعيد اختبار المواد المتبقية للأقسام «العلمي – الأدبي – الإنجليزي». وقال إن اللجنة العليا للاختبارات أقرّت استمرار عمل اللجان الفرعية والإشرافية الخاصة بعملية الاختبارات في الميدان، وإنشاء كنترول ومطبعة سرّية في كل محافظة «ولاية» لاختبارات المرحلة الأساسية، وإنشاء كنترول ومطبعة سرّية في عاصمة كل إقليم لاختبارات المرحلة الثانوية، فضلاً عن وضع خطّة لتنمية قدرات العاملين في المطابع والكنترولات التي سيتم إنشاؤها على مستوى كل محافظة «الولاية» وإقليم بحيث تؤدّى الاختبارات بكفاءة ومهارة عالية، إلى جانب اعتماد 50 % من درجات الاختبارات الصف الثالث ثانوي و50 % من محصلة الطلاب في الصفين «أول ثانوي – ثاني ثانوي» ابتداء من العام القادم. وانتهى كل من القسمين العلمي والأدبي «إجمالي عدد المتقدّمين 241 ألفاً و861 طالباً وطالبة» من اختبار أربع مواد حتى الآن، حيث اختبر الطلاب في القسم العلمي مواد “القرآن الكريم، والتربية الإسلامية، واللغة الإنجليزية والفيزياء” وتبقى لهم مواد “لغة عربية، وكيمياء، وأحياء، ورياضيات «تفاضل وتكامل، جبر وهندسة»”. أما القسم الأدبي فقد اختبروا مواد “القرآن الكريم، والتربية الإسلامية، واللغة الإنجليزية، والفلسفة والمنطق وعلم النفس” وتبقى لهم مواد “لغة عربية، ورياضيات، وجغرافيا، وتاريخ”. أشعر بإحباط شديد..!! وأثارت هذه القرارات موجة غضب واسعة في أوساط عدد من الطلاب وأولياء الأمور وجدلاً مستمراً على مواقع التواصل الاجتماعي في مقدّمتها موقع “فيس بوك”.. يقول أرحب ردمان، أحد طلاب الثانوية قسم علمي في محافظة تعز: “تفاجأت عندما وصلني نبأ تأجيل اختبار الجبر والهندسة، كنت متجهاً إلى المركز الامتحاني ووجدت المراقبين عائدين بالقرب من المركز وأبلغوني بهذا التأجيل الصادم، وتحديداً قبل موعد الاختبار ب 40 دقيقة، والصدمة الكبرى عندما أبلغت مساء الأربعاء بتأجيل اختبار التفاضل والتكامل، هؤلاء يلعبون بأعصابنا «يقصد المعنيين في وزارة التربية والتعليم» إنهم لا يقدّرون الأوضاع التي نعيشها، أنا كنت مستعداً بشكل جيد لأداء الاختبار، وأشعر الآن بإحباط شديد، لا نفس لدي للقراءة، نحن ضحايا..!!”. “تقول كيف بايجيبوا الأسئلة البديلة..؟! ” تساءل الطالب أرحب، وفوق ذلك يرى أن النتيجة التي سيحصل عليها في المواد التي تم تأجيل اختباراتها لن تكون إيجابية كما كان مستعداً لها. وأضاف أرحب ردمان ل “الجمهورية” عبر الهاتف من أحد أرياف محافظة تعز: “ليس هناك ما يمكن أن نقلق بشأنه بالنسبة للمواد التي انتهينا من اختباراتها «القرآن الكريم، والتربية الإسلامية، واللغة الإنجليزية» أجبت بشكل جيد، أما أسئلة مادة الفيزياء فقد جمعت بين السهل والصعب، تقريباً سأحصل في هذه المادة على 70 % من إجمالي الدرجات..”. فيزياء «كونية»..!! من جهته قال ل “الجمهورية” أحمد شوقي، أحد طلاب ثانوية عمر المختار «قسم علمي» ويؤدّي اختباراته في مدرسة الفاروق بالعاصمة صنعاء: “سوق سوداء لأسئلة الاختبارات؛ هذا شيء محزن؛ طيب نحن أيش ذنبنا كنّا جاهزين للاختبار ولا علم لنا بمسألة تسرُّب الأسئلة، لا شك أنني تضايقت من تأجيل الاختبارات، وأرفض رفضاً قاطعاً الاختبار في شهر رمضان، كما أرفض دمج اختبار مادة الرياضيات «تفاضل وتكامل، جبر وهندسة» في يوم واحد، نريد امتحان المادة على يومين، دون ذلك معناه الفشل بالتأكيد، والأهم أمام كل هذا العبث هو ألا يرسب أي طالب هذا العام”. وحول أدائه في اختبارات المواد الأخرى، قال أحمد شوقي: “إجاباتي في اختبارات القرآن الكريم والتربية الإسلامية واللغة الإنجليزية كانت جيدة، أما في مادة الفيزياء فلست راضياً عنها، اختبار الفيزياء لم أكن أتوقّعه كان صعباً ومعقّداً جداً بالنسبة لي وأيضاً لغالبية زملائي، فمعظم الأسئلة قوانين ومسائل طويلة وإثبات نشاطات وغيرها، باختصار وجدنا أسئلة فيزياء كونية وليست فيزياء ثالث ثانوي..!!”. ويوافقه جانباً من الرأي زميله حسام أسعد الذي تلقّى تعليمه في ثانوية الكويت الشهيرة بأمانة العاصمة ويؤدّي اختباراته في مدرسة الزبيري قائلاً: “تأجيل الاختبارات من أسوأ ما حدث لي طوال العام الدراسي، الإشكالية أن إجاباتي في مادة الفيزياء لم تكن على ما يرام لصعوبة الأسئلة، وأتمنّى أن يضعوا لنا أسئلة بسيطة في المواد المتبقية مراعاة لمعاناتنا النفسية؛ لأن الخوف بات مسيطراً علينا، كما نتمنّى إنزال أقصى العقوبات بالمتورطين في تسرب أسئلة الاختبارات”. بدأت ومازالت مقلقة على الرغم من أن فترة الاختبارات هي مرحلة للتحفيز الذهني ليس إلا على افتراض أن الطلاب قد أنجزوا مراجعة الكتب في أشهر سابقة؛ إلا أن ذلك لا يبدو منطقياً من وجهة نظر كثير من الطلاب وأولياء الأمور. يقول عبدالعزيز أحمد، والد إحدى طالبات الثانوية العامة التي تخوض الامتحانات حالياً ل “الجمهورية”: “مراجعة الدروس في فترة الاختبارات هي أهم مرحلة بالنسبة للطلاب؛ اختبارات هذا العام بدأت ومازالت مقلقة، منذ أول يوم من الاختبارات ونحن نعاني مشكلة الانطفاءات المتكرّرة للتيار الكهربائي، حيث لا يستطيع الطلاب مراجعة دروسهم بالشكل المطلوب، وصولاً إلى قرارات وزارة التربية بتأجيل اختبارات بعض المواد، وإعداد نماذج أسئلة بديلة، هذا أمر محبط ويؤثّر سلباً على أبنائنا الطلاب”. ثلاثة نماذج سهلة وفي تقييمها لأسئلة امتحان الفيزياء لطلاب القسم العلمي؛ قالت معلّمة مادة الفيزياء في محافظة تعز التربوية انجيلا ناصر ل “الجمهورية”: “لم يتسنّى لنا الاطلاع على أسئلة الامتحان لأنها وُضعت في داخل دفتر الإجابات، ولكن بحسب ما شرحه لنا بعض الطلاب كانت ثلاثة نماذج من الأسئلة سهلة ونموذج فيه صعوبة وتحديداً في «المسائل» وبشكل عام أسئلة الفيزياء هذا العام لم تخرج عن المقرّر الدراسي، كانت متنوّعة «صح وخطأ واختيارات واكمل الفراغات، مسألة نهاية كل سؤال أو منتصفه، ونحوها» ومناسبة لمستوى غالبية الطلاب..”. وفوق ذلك بحسب التربوية المتخصّصة في مادة الفيزياء فإن الأسئلة لم تخلُ من قياس مستوى مهارات الطالب: “معظم أسئلة الامتحان مكرّرة من اختبارات سابقة «تقصد أنها تتشابه أو قريبة من أسئلة وردت في امتحانات سنوات سابقة» في المقابل كانت هناك أسئلة مركّزة من بين السطور وأخرى لاختبار المهارات؛ أي أنها تقيس مستوى المعرفة والمهارات التي يتمتّع بها الطالب”. أكثر من 900 حالة اختلال وكالعادة لم تخلُ اختبارات هذا العام من ظاهرة الغش، فقد نقل موقع “26سبتمبرنت” الأربعاء الماضي عن وكيل وزارة التربية والتعليم، نائب رئيس اللجنة العليا للامتحانات علي الحيمي قوله: إن إجمالي الاختلالات بشكل عام تجاوزت 900 حالة في عموم محافظات الجمهورية، وإنه تمّت إحالة 300 حالة اختلال إلى الشؤون القانونية لاتخاذ الإجراءات اللازمة وإحالتها إلى النيابة العامة على خلفية تسريب امتحانات الثانوية العامة، فيما بلغ عدد المراكز الامتحانية التي تم نقلها إلى مراكز أخرى 50 مركزاً امتحانياً. وأوضح الحيمي أنه تم نزول عدد من اللجان إلى المراكز الامتحانية للتحقق من مستوى الأسئلة لمادة الفيزياء وتفاعل الطلاب معها وسوف تشكّل لجنة من المطبعة السرّية ولجنة النظام والمراقبة والتوجيه التربوي لدراسة الوضع واتخاذ الإجراءات الملائمة بما يحقّق مطالب الطلاب؛ لأننا نعمل من أجلهم ولا نعمل ضدّهم. انعكاسٌ لسلسلة الفشل الكلّي ويصف خبراء أخصائيون قرار وزارة التربية والتعليم بتأجيل اختبارات لبعض مواد طلاب الثانوية العامة وإعداد أسئلة بديلة على خلفية تسرُّب أسئلة الاختبارات ب “الكارثة” ويقول أستاذ علم النفس والخدمة الاجتماعية في جامعتي صنعاءوعمران الأستاذ الدكتور صلاح الدين الجُماعي: ما أراه الآن شيئاً مفجعاً ومبكياً أن التربية والتعليم وصلت إلى هذا المنحدر الذي ما وصل إليه لا في شرق ولا في غرب؛ أن تتواجد أسئلة الامتحانات النهائية في مواقع الإنترنت وتُتداول عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وما خفي كان أعظم، هذا مؤشر بل دليل قاطع على أن وزارة التربية وإدارة الامتحانات والمطبعة السرّية غير مؤهّلة وفاشلة..!!”. وتابع الدكتور الجُماعي: “هي كارثة بكل المقاييس لكون امتحانات الثانوية العامة تعني المستقبل للطلاب وانتقالهم من مرحلة إلى أخرى، الغرابة في الأمر أنها تستثنى من عدم أداء امتحانات الثانوية العامة محافظة عمران، ونحن نعلم أن عمران تشهد اقتتالاً وحروباً قبلية وتقطُّعات وليس فيها أمن وأمان حتى تُسمح بأن تؤدّى الامتحانات بانسيابية..”. وأضاف الجماعي: “الطلاب في مرحلة الثانوية العامة يعانون طوال العام ضغوطاً وصعوبات وعقبات غير عادية مثل انطفاءات الكهرباء المتكرّرة وانعدام وسائل النقل والمواصلات، وبالتالي إلغاء الأسئلة وتأجيل الاختبارات يعني ضغوطاً إضافية على الطلاب وأولياء الأمور إلى جانب الكُلفة النفسية التي سيدفعها الطالب الذي كان مهيّأً رغم الظروف الصعبة لأداء الامتحانات، هذه كارثة الكوارث كون أنها تشكّل عبئاً نفسياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً وأسرياً ومادياً سواء على المواطن أم الوطن برمّته، الوطن يخسر والمجتمع يخسر الوقت والجهد والمال”. وقال الأستاذ الدكتور صلاح الجُماعي: “إن وزارة التربية تتحمّل كامل المسؤولية الناتجة عن هذه الكارثة سواء من الناحية القانونية أم التربوية وما سيترتّب عليها من مشكلات مستقبلية” مطالباً بعدم السماح بتكرار مثل هذه المهزلة ومعالجتها بشكل إيجابي، إضافة إلى إبعاد وزارة التربية والتعليم عن المماحكات والمكايدات السياسية وهيكلتها بحيث تصبح وزارة كفاءات لا ولاءت، وقدرات لا محاصصة. وأضاف: “لو كنت وزيراً أو وكيلاً أو مسؤولاً لقدّمت استقالتي؛ وحتى تقديم هذه الاستقالة لابد من التحقيق العلني وكشف حقيقة من وراء هذه التسريبات وليكن من كان ويُقدّم إلى العدالة”. أسئلة ستكون “بسيطة” ولم تتطرق وزارة التربية والتعليم في بيانها مساء الأربعاء إلى طمأنة الطلاب حول طبيعة نماذج الأسئلة البديلة للمواد التي تم سحبها من الحافظات أو تأجيلها، لكن موقع “المصدر أونلاين” نقل عن مكتب وزير التربية والتعليم قوله إنه سيتم إعداد اختبار يجمع «التفاضل والتكامل والجبر والهندسة» على أربعة أسئلة يوم 28 يونيو، ستكون فيها أسئلة الامتحان “بسيطة” حسب تعبيره..!!. [email protected]