الحفاظ على الهوية اليمنية في وضعنا الراهن بات يحتل الصدارة وهنا يعد التراث مرجعاً ومنهلاً لا غنى عنه ، لأن أمة بلا تراث هي أمة بلا هوية ، والهوية الوطنية التي نقصدها هي حصيلة تراث وتاريخ وواقع وآمال مستقبلية والحفاظ على هذه الهوية ، فالإرث الشعبي اليمني موروث ثقافي على درجة عالية من التميز والتفرد ، فالتراث الذي ظلت الأجيال تتوارثه على مر العصور والأجيال أصبح لزاماً علينا الحفاظ عليه وعلى هويته الثقافية . على سبيل المثال الآثار والمخطوطات والزخارف والأعمال اليدوية المطرزة التي صنعتها أيادي أجدادنا القدماء بدأت تتلاشى عن أنظارنا وتختفي من الوجود خاصة في هذه الفترة التي تعيشها بلادنا الحبيبة فمنها ما ينهب ويسرق ويباع خارج البلد ومنها ما يظل مدفونا في باطن الارض أو يتعرض للتخريب والاندثار ، ومع تزايد الأخطار التي تهدد بضياع هذه الثروة واندثارها تسعى الدولة بالتعاون مع المنظمات المانحة والمجتمعات المحلية لحماية مكونات هذه الثروة والحفاظ عليها من شتى المخاطر، وفي سياق الاستطلاع التالي تسلط صحيفة "الجمهورية" الضوء حول الدور الذي يجب علي الشباب وعلي المجتمع ككل في الحفاظ والحماية للتراث اليمني والموروث الشعبي بما فيها من آثار ومخطوطات ومدن تاريخية وكذا الجوانب الأخرى الأدبية والفنية وغيره. مسئولية جماعية مع تزايد حجم المشاكل التي يواجها التراث والموروث الشعبي اليمني، بدأت الأنظار في الآونة الأخيرة تتجه نحو عناصر هذا التراث التاريخي والفني والعريق وسبل الحفاظ على مكوناته وعناصره التاريخية والثقافية والمادية المتنوعة في ظل الظروف الأمنية المتدنية والتي تجعل اليمن مرتعا خصبا للصوص الآثار وغيرها . وفي هذا الصدد يقول الأستاذ أحمد محمد المقحفي رئيس المركز الوطني للمخطوطات وأحياء التراث " مركز خاص "، أن دور الشباب في الحفاظ على التراث والموروث الثقافي والشعبي في اليمن هو دور مكمل للدور الحكومي في قضية الحفاظ على التراث والموروث اليمني وكذلك توثيق وحفظ التراث من السرقة والضياع والاندثار وهذه مسؤولية جماعية يتحملها المجتمع والحكومة والدور الذي يلعبه الشباب للحفاظ على هذه الثروة التي لا تقدر بثمن لأن اليمن تمتلك من الكنوز التراثية الحضارية والثقافية اكثر من اي دولة اخرى وأنا اعتبر ان اليمن عبارة عن متحف مفتوح لما يمتلكه من كم هائل من الموروث والتراث الحضاري , وأشار المقحفي الى أن سرقة وتهريب هذا التراث سواء كانت آثار او مخطوطات او قصائد او الحان او غير ذلك يعتبر جريمة بل كارثة تعاني منها اليمن من قبل سنوات طويلة حيث تم سرقة وتهريب موروثاتنا وتراثنا الى بلدان أخرى فتجد الان قطع أثرية يمنية ومخطوطات تعرض في متاحف عالمية كثيرة في ايطاليا وأمريكا وبريطانيا وكذلك في بلدان عربية توجد قطع اثرية ومخطوطات تم تهريبها من اليمن , وهذه جريمة لا تغتفر ان يبيع الشخص تراثه وموروثة التاريخي فهو يعتبر كمن يبيع عرضة وشرفة لان تراثنا هو اصلنا وذاكرتنا . .مشددا على ضرورة الحفاظ على التراث الذي صنعه اجدادنا وبذلوا من اجل ايصاله الينا اوقاتهم وأموالهم بل وأرواحهم لكي نعرف تاريخنا وحضارتنا وتراثنا , لافتا الى ان معظم هذا التراث لم يظهر الى النور على اعتبار انها ما زالت مكدسة ونتمنى ان توثق من قبل المختصين في وزارة الثقافة , ومسؤولية الحفاظ عليها هي مسؤولية جماعية يتحملها المواطن والدولة. توثيق وحفظ التراث وعن كيفية الحلول والمعالجات لحماية التراث والموروث اليمني يقول المقحفي اولا لابد ان تقوم الدولة بدورها في توثيق وحفظ التراث سواء كان هذا من ضمن ممتلكات الدولة او ملك للقطاع الخاص سواءً كانت مكتبات شخصية او مراكز اهلية فدور الدولة هو ان تقوم بتوثيق هذه الموروثات بحيث تعطى كل منها رقم وطني يتم اشهاره في العالم كله بحيث تعرف هذه القطعة انها موجودة في اليمن وهي تحت ملك الدولة ممثلة في متاحف او في مكتبة خاصة او مركز , بحيث يصعب تهريب اي قطعة تراثية واذا حصل وهربت يسهل اعادتها لأنها تمتلك رقم وطني اي بطاقة تكتب فيها جميع مواصفاتها الفنية والشكلية والنوعية . توفير الامكانيات اللازمة وأشار المقحفي الى أن هناك دور كبير يجب ان تلعبه الحكومة من اجل الحد من سرقة وتهريب التراث اليمني وهو توفير الامكانيات اللازمة من اجل البحث عنها في جميع انحاء اليمن وأيضا شرائها اذا كانت ملك لأشخاص يمنيين ' فهناك العديد من الاشخاص الذين يأتون بهذه القطع التراثية سواء كانت اثار او مخطوطات او غيرها من الموروث التراثي فهم يأتون من القرى لبيعها في صنعاء فيجب على الدولة ان تكون أول من يستقبلهم وتشتريها منهم لكي لا تذهب لأيادي سماسرة التاريخ وبائعي الوطن الذين يبيعون انتمائهم وتاريخهم , فالمواطن الذي يأتي الى الدولة لبيع هذه القطع او المخطوطات تطول الاجراءات اذا تم الشراء فلا يأخذ هذا المواطن مقابل احضاره هذه القطع إلا بعد تعب وعناء بحيث تجعله لا يعود اليها ويضطر إلا بيعها الى السماسرة وهذا شيء خطأ , الامر الذي دفع بعض المراكز مثل المركز اليمني الى جمع القطع الاثرية والمخطوطات وفي حدود الامكانيات المتوفرة , ونحن نتمنى ان يكون هذا الدور الذي نقوم به يخدم المجتمع اليمني ويساعد الدولة حيث وفي الاساس هذا هو دور الدولة ولكن نتيجة عدم توفر الامكانيات والظروف الامنية التي مرت بها اليمن لم تقوم الدولة بدورها فحدثت سرقات الاثار والتراث والمخطوطات , وكذلك الظروف المادية الصعبة التي تجعل المواطن اليمني يضطر بيع هذه المقتنيات من اجل لقمة العيش وأنا اعتبر هذا خطأ لان الذي يبيع تراثه وحضارته كمن يبيع عرضه لان هذه ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها من قبل الجميع الدولة والمواطن . دعم طفيف وحول ما يتعلق بالمقتنيات الخاصة به من مخطوطات وأثار وغيرها يقول المقحفي: إن جمع هذه القطع والمخطوطات تم بجهود شخصية ليس جهودي انا وحدي ولكن لدي مجموعة من الاكاديميين والباحثين الذين تعاونوا معي في هذا الجانب اما الدعم من الحكومة فهو ضعيف جدا ينحصر في دعم الدكتور عبد الله عوبل وزير الثقافة الذي يدعم بتكاليف الايجار فقط . مبديا استعداده لبيع هذه المقتنيات الخاصة من الدولة بنسبة 25 % مما يباع في الخارج. ندوات ومحاضرات توعوية وعن الدور الذي يجب على الشباب القيام به يقول الأستاذ احمد علي احمد شذان مدير عام الانشاد الديني والوطني بديوان عام وزارة الثقافة نحن كشباب يمنيين يجب علينا ان نحافظ على تراثنا القديم وعلى موروثاتنا الثقافية المهمة , وذلك يتم بالتوعية للمجتمع عامة والشباب خاصة عن طريق اقامة الندوات الارشادية والمحاضرات التوعوية التي تبين للناس قيمة هذا التراث اليمني وأيضا التعاون مع الادارات العامة في اي مجال حيث انها ستكون دعما كبيرا لتلافي ما اخفي او سرق من الموروثات القديمة فبالتعاون مع الادارات العامة سيتم استرجاع هذه الموروثات الشعبية المهمة .. وهذه مأساة كبيرة ان يتم سرقة الموروثات الشعبية سواء كانت آثار او قطع اثرية او قصائد او الحان شعبية قديمة ولكن لن ينتهي هذا الشيء إلا بتكاتف الشباب وباحترام النظام والقانون الذي يخص هذه المجالات سواء آثار او انشاد او فنون شعبية . تطور الجانب الانشادي ويضيف شذان بقوله: أنا كمدير عام للإنشاد اقول ان الانشاد في اليمن يعتبر من ركائز الثقافة العربية الاسلامية وهو ايضا من اهم المجالات الثقافية كما ان الانشاد له ارتباط في جميع المجتمعات العربية والإسلامية ويحتك هذا الارتباط بالجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي . الانشاد من الموروث الشعبي الهام ويجب الاهتمام به , حيث كان الانشاد في السابق مهمل الى درجة اخفاء القصائد والألحان التراثية وانتهائها من اليمن ولكن يتضح فيما بعد انها تظهر في دول عربية اخرى على انها من تراثهم , وفي الاصل هي عبارة عن تراث يمني اما حضرمي او صنعاني لان التراث الصنعاني والحضرمي هما أكثر مايوجد فيهما القصائد والألحان الانشادية المعروفة والغير معروفة حتى الان . 350 لحناً تراثياً وأضاف شذان اما من ناحية الموروث الانشادي في هذه المرحلة اي من بعد الثورة الشبابية اتضح ان الانشاد تطور وارتقى بشكل كبير بجهد الشباب من المنشدين على مستوى جميع المحافظات حيث قمنا بتجميع اكثر من350 لحن تراثي في المرحلة الانتقالية من 2011 الى 2013 كذلك تم العثور على اكثر من 217 قصيدة تراثية بأوراقها القديمة المكتوبة فيها وانتعش الانشاد التراثي خلال هذه السنتين بشكل كبير برعاية الدكتور عبد الله عوبل وزير الثقافة الذي يولي هذا المجال اهتمام خاص سوى من الجانب المعنوي او المادي او الاداري حيث تم تأسيس ادارة عامة للإنشاد الديني والوطني تختص بمجال الانشاد بشكل عام الديني والوطني من الحان وكلمات وأداء وغير ذلك ونشكر الشباب المنشدين على تكاتفهم ونشاطهم في احياء الموروث الانشادي الوطني والديني . صعوبات وعوائق ويشير شذان إلى أن أكبر العوائق وأهمها هو الدعم المادي فهو يسبب عائق ومشكلة تأخر تطور الانشاد في اليمن فالمواهب الانشادية تحتاج الى تشجيع ودعم مادي لكي تستمر في العطاء .. وعلى جميع المنشدين في كل المحافظات التكاتف مع الادارة العامة للإنشاد الديني والوطني وكذلك التعاون مع الفرقة الانشادية الرسمية في وزارة الثقافة وكذلك التعاون والتكاتف بين الشباب للحفاظ على الموروث وإحياء التراث الانشادي ونحن بدورنا سنتعاون معهم بالدعم المعنوي والمادي . إهمال في حفظ التراث وحول رأي الاكاديميين يقول الدكتور عزيز عايض السريحي (دكتوراه في الادب العربي الحديث وباحث ومخرج مسرحي) بأن التراث هو ذاكرة الامم والشعوب وماضيها الذي به تبني حاضرها ومستقبلها فبدون الماضي لا يوجد حاضر ولا مستقبل ولكن كيف يكون استخدام هذا التراث وكيف يكون توظيفه لما يخدم هذه الامة ويخدم اليمن بشكل خاص ونحن اليمنيين عندنا تراث عظيم له مكانته فنحن اكثر الشعوب العربية والإسلامية التي لازلنا متمسكين بتراثنا ولكن هناك بعض التراث يحصل له اندثار بسبب عدم الحفاظ علية وعدم توثيقه , فنحن الشباب المثقفين اليمنيين يجب علينا ان نحافظ على تراثنا ومورثاتنا القديمة وكذلك يجب علينا ان نستغل هذا التراث ونوجهه في ما يخدم الامة والوطن ولا نجعله للفرجة فقط والسياحة فنحن في اليمن عندنا في المسرح تراث عظيم مثل الزوامل الشعبية وكذلك القصائد الشعرية المسرحية ولكن نحن في اليمن مهملين من ناحية حفظ التراث وتوثيقه وتوظيفه لما يخدم المجتمع . مهمة تكاملية ويرى الدكتور السريحي أن الحفاظ على التراث والموروث الشعبي ليس مهمة فئة مخصصة بل هي مهمة كل يمني شريف يجب علينا ان نحافظ وان نهتم بالتراث وان نحافظ خاصة على المواقع الاثرية والمدن التاريخية وعلى شكلها المعماري وكذلك يجب على الدولة ان تهتم بالحفاظ على المدن والمواقع الاثرية التاريخية وترميمها وان يفعلوا جانب السياحة لكي يرى العالم تراثنا القديم العظيم ولخدمة المجتمع . دور الثقافة الأهم من جانبه يرى الأستاذ احمد محمد راجح (مدير الحسابات بصندوق التراث والثقافة) أن الموروث الشعبي جزء من الهوية الوطنية يجب ان نتمسك به جميعا ونحافظ عليه مهما كانت الظروف حيث ونحن في هذه المرحلة الصعبة التي نعاني منها سواء بضياع التراث او سرقته ويجب على الدولة ممثلة بوزارة الثقافة ان تحافظ على الهوية الوطنية والتراث الوطني مساهمة مع الشباب والشباب يجب عليهم ان يكونوا متعاونين ومتكاتفين من اجل الحفاظ على التراث الوطني والهوية الوطنية . التاريخ ملك للأجيال بينما يقول رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث عبد السلاممحمد:أنالآثار والمخطوطات والموروث الشعبي هو تاريخ اليمن وأي تفريط فيه هو طمس لحضارتنا وللأسف ما نراه الآن نزيف للتاريخ ولأن هذه المهمة أساسا هي مهمة الدولة، ولكن بالإمكان أن يسهم الشباب في ذلك بمساعدة الدولة لان التأريخ ملك للأجيال اليمنية وليس ملكا لأحد، وارى أن تكون هناك فعاليات ومبادرات شبابية لتحديد الأماكن والمناطق الأثرية وجمع قواعد معلومات للموروثات الشعبية ومن ثم تأسيس كيانات ومنظمات تختص بالاهتمام بهذا الأمر، والضغط على حضور هذا الاهتمام في برامج الأحزاب السياسية وأولويات الدولة، ، لأن بناء الدولة المستقبلية التي حلم بها شباب اليمن يبدأ من هنا من التاريخ .