غدا بدء العام الدراسي الجديد    خبير أثار يكشف عرض 4 قطع أثرية يمنية للبيع بمزاد عالمي    الوزير البكري يزور مسجد عمر بن الخطاب في عدن ويستنكر اقتحامه واعتقال إمامه    روسيا.. استخراج كهرمان بداخله صرصور عمره حوالي 40 مليون سنة    الأوقاف: اقتحام المساجد أمر مستنكر يسيء إلى هيبة الدولة ويزرع الفوضى ويفتح أبواب الفتنة    الحثالات في الخارج رواتبهم بالدولار ولا يعنيهم انهيار سعر الريال اليمني    أحزان الكعبة المشرفة.. هدم وحرائق من قبل أمراء مسلمين    خبير دولي يحذر: العد التنازلي للمؤامرة الكبرى على مصر بدأ    مورفي يكذب مزاعم ترامب تدمير البرنامج النووي الإيراني    مانشستر سيتي ينتظر الهلال السعودي في ثمن نهائي كأس العالم للأندية    الفزعة الإماراتية.. نخوّة وشجاعة في كل موقف    الهلال السعودي إلى ثمن نهائي كأس العالم    نادي النصر يجديد عقد الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو    في مساحة الاختلاف.. يبقى الوطن أولاً..    لماذا لن يقمع الانتقالي مظاهرات الجنوب الحقيقية؟    وزير الأوقاف يؤكد أن ما حدث لشيخ الكازمي في المسجد يعد انتهاكًا صارخًا ومرفوضًا لا يقره دين ولا قانون    امتيازات خيالية وأرقام ضخمة بعقد رونالدو الجديد مع النصر السعودي    عراقجي: لا نقبل حاليا زيارة غروسي لطهران    Fairphone تعود لعالم أندرويد بهاتف منافس    عدن تشتعل بالأسعار بعد تجاوز الدولار حاجز 3 آلاف ريال    حقيقة "صادمة" وراء تحطم تماثيل أشهر ملكة فرعونية    كأس العالم للاندية: السيتي يكتسح اليوفنتوس بخماسية ليخطف الصدارة    التكتل الوطني يحذر من تفاقم الأوضاع ويدعو الرئاسة والحكومة لتحمل مسؤولياتهما    عدن.. انعقاد الورشة التشاورية لصياغة خطط حماية المرأة ضمن برنامج تعزيز الوصول إلى العدالة للنساء والفتيات    شهادات مروعة.. معتقلون يكشفون تفاصيل تعذيبهم داخل زنازين الحوثي    عن الهجرة العظيمة ومعانيها    إدارة أمن عدن توضح حول اقتحام مسجد في المنصورة وتلمح إلى الاسباب    كلمة السيد القائد بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية وآخر المستجدات (فيديو)    وفاة واحد من ابرز الجيولوجيين اليمنيين    عبده شرف الشامخ بفكره وعلمه ومبادئه    مبابي يتهم باريس سان جيرمان بالتعامل معه بطريقة "غير أخلاقية"    الارصاد يتوقع استمرار هطول الامطار الرعدية على المرتفعات    الدولار يسجل مستويات متدنية وسط مخاوف أمريكية    شرطة تعز تلقي القبض على متهم بارتكاب جريمة قتل في مديرية مقبنة    استبصار وقراءة في سردية احمد سيف حاشد الجزء الثاني (فضاء لايتسع لطائر)    زينة: «ورد وشوكلاته» يكشف مشاكل الشخصيات    صفقة جديدة تثير الجدل في ليفربول.. ومخاوف من التأثير على دور محمد صلاح    من الماء الدافئ إلى دعامة الركبة.. دراسة: علاجات بسيطة تتفوق على تقنيات متقدمة في تخفيف آلام الركبة    بفاعلية الحقن ودون ألم.. دراسة : الإنسولين المستنشق آمن وفعّال للأطفال المصابين بالسكري    طرق الوقاية من السكتة القلبية المفاجئة    تسجيل هزات أرضية من المياه المجاورة لليمن    من يومياتي في امريكا .. مرافق بدرجة رجل أعمال    كيف نطالب بتحسين الأوضاع    استئناف نقل النفط الخام من عقلة شبوة لكهرباء الرئيس    من يدير حرب الخدمات وتجويع المواطنين في عدن؟    فعالية ثقافية في مديرية السخنة بالحديدة إحياءً لذكرى الهجرة النبوية    العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد    تحذير أممي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن    عينيك تستحق الاهتمام .. 4 نصائح للوقاية من إجهاد العين في زمن الشاشات والإضاءة الزرقاء    5 مشكلات صحية يمكن أن تتفاقم بسبب موجة الحر    تجارة الجوازات في سفارة اليمن بماليزيا.. ابتزازًا مُمَنهجًا    الشاعر المفلحي.. رافعات الشيادر روحن فوق جيل الديس    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    الحديدة و سحرة فرعون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد الجحمي - الخبير في شئون الجماعات الإسلامية ل «الجمهورية» :
اجتثاث القاعدة من اليمن ليس مستحيلاً
نشر في الجمهورية يوم 02 - 07 - 2014

يؤكد سعيد الجحمي الخبير في شئون الجماعات الإسلامية أن اجتثاث القاعدة في اليمن ليس مستحيلاً في ظل الإرادة السياسية التي أدركت مخاطر القاعدة على الوطن والمواطن ومستقبل الدولة ، مشيراً إلى أن النظام السابق كان يواجه القاعدة على طريقة من له مصلحة فيها.. واستعرض الجمحي في الحوار التالي مراحل نشوء وتكوين تنظيم القاعدة وعلاقته بالخارج ومخاطر الجماعات الإرهابية القادمة من المحيط الإقليمي والدولي .. فإلى نص الحوار.
قراءتك لآخر مستجدات المشهد “القاعدي” في اليمن؟
نحن اليوم نسجل لأول مرة مواجهات حقيقية مع القاعدة ميدانياً، المواجهات السابقة كانت على مستويات مختلفة، النظام السابق كان يواجه القاعدة على طريقة من له مصلحة فيها، وعلى طريقة من لا يدرك حقيقتها، وعلى طريقة من هو مدفوع لمقاتلتها، لأن القاعدة أصبحت اليوم خطرا ذا شأن كبير، حصل اليوم تقدم في أداء القاعدة وتطور فكانت المواجهة بمستوى تطورها. وطبعاً فقد كانت القاعدة قبل 2009م أقل مستوى مما هي عليه اليوم، كانت القاعدة قبل هذا التاريخ عبارة عن مجاميع متوزعة الولاءات هنا أو هناك. المحضار مثلا في 97 و98م وقبله جمال النهدي كانا قاعدة لكن لم يكونا جزءاً من الهيكل التنظيمي للقاعدة..
عفواً.. المحضار وجماعته نشأ قبل الإعلان عن تنظيم القاعدة؟
نعم، لهذا كانت كل هذه التشكيلات تتبع أسامة بن لادن، ولها ولاء، وهؤلاء يتحدثون عن أسامة بن لادن كقاعدي منذ أن خرج من أفغانستان، وقد كانت تلك التشكيلات والمجاميع جزءاً من عمل أسامة بن لادن، وجزءاً من تكوينه ومشروعه، حتى عملية المدمرة “كول” لم تكن من أهداف أسامة بن لادن نفسه، إنما من أهداف مجموعة عاهدت أسامة بن لادن، أو خلية نفذت العملية.. اليوم المشهد القاعدي مختلف، تنظيم له أمير ونائب ومسئول عسكري وإعلامي وله قياداته الميدانية، وقد كانت فترته التأسيسية بدأت منذ خروج الثلاثة والعشرين عنصراً من السجن من صنعاء، في 2006م، وكان من هؤلاء ناصر الوحيشي وقاسم الريمي، وخلال هذه الثلاث السنوات قدموا لأسامة بن لادن والظواهري أدلة وبراهين أننا نستحق دعمكم ورعايتكم، وتم تنفيذ بعض العمليات، كالهجوم على السفارة الأمريكية في 2008م، وقبله الهجوم على السياح الأسبان، وغيرها من العمليات.
الفرق بين التكتيك السابق والأداء الحالي لهم؟
كانوا في السابق عبارة عن خلايا متفرقة، قبل 2009م لهم ارتباطاتهم الفردية، حتى عملياتهم التي كانوا يقومون بها سابقا كانت تقليدية وبسيطة للغاية، فمثلا عام 92م العملية التي قام بها جمال النهدي في فندق عدن وهو منتظر مجيئ الأمريكيين إليه كانت بمنتهى البدائية والبساطة، حتى إنه فقد أحد يديه فيها، لأنه لم يعرف يتعامل مع المادة المتفجرة بصورة صحيحة، في هذه الحالة كانوا في بداية ظهورهم، وكانوا يريدون لفت نظر أسامة بن لادن فقط، وقد كانت مواجهتهم على حسب أدائهم.
حسب ما أعرف ظلت العلاقة طبيعية أو شبه طبيعية على الأقل فيما بين النظام السابق وبين القاعدة حتى قتل المحضار، من هنا بدأت تنحو منحى آخر، وبدأت حالة جديدة..؟
مرحلة المحضار كانت مرحلة متقدمة، وجاءت مرحلة كول فخطت إلى الأمام، ثم ليمبورج، لكني أؤرخ للقاعدة من العام 2009م، أضف إلى ذلك المرحلة الانتقالية أو المرحلة التأسيسية إن صح التعبير، أي أنها مرحلة قدمها الشباب تجاه أسامة بن لادن، ولسان حالهم نحن نستحق الدعم ونستحق رعايتكم، الاعتراف الرسمي جاء في العام 2009م، قبل ذلك لم يكن هناك قاعدة لا بالمسمى ولا بالتبعية..
ماذا كان قبل؟
كانت هناك مجاميع جهاد عشوائية، التحالفات التي حصلت أو ما نقول إن هناك قاعدة وقواعد، تأسست في هذه الفترة، واندمجت كلها في تنظيم واحد في العام 2009م في التنظيم الذي نعرفه اليوم. فيما قبل 2009م كان بوسع النظام أن يشتري ولاءات البعض بكل سهولة، وكان بعض العناصر الجهادية هؤلاء يعمل مع الأمن السياسي، ومن هنا بدأت فترة الاختراق الحقيقية.
هل هناك دور ما لجهات إقليمية أو عالمية في المساهمة لتأسيس هذا الكيان هنا في اليمن؟
شخصياً لا أعتقد هذا. لا أرى أن ثمة يداً خارجية أو حتى محلية في تأسيس هذا الكيان، لا قبل 2009م ولا بعده.
على ذكر «كول» قبل قليل لمن تشير أصابع الاتهام بدرجة رئيسية في هذه العملية؟
لاشك أن العملية تتبع أسامة بن لادن..
عفواً.. هل لهذه المجموعة علاقة ببعض رجال الدين في الداخل؟
لا نستطيع أن ننفي، لأنه في تلك الفترة كان هناك خلط واختلاط، بمعنى أن هذه المجاميع أو بعضها مرتبطة بالأمن السياسي، بل إن قاعدة منهم كانوا يتبعون الأمن السياسي والعملية فيها نوع من الضبابية، ولا شك في ذلك، هناك دعم من بعض المشايخ، هناك دعم من بعض رجال الدين، أو العلماء، هذه الفترة شهدت حدوث عناصر من القاعدة ليست متدينة، وبعض العناصر التي اشتركت في العملية لا شأن لها بالتدين، وكانت تقوم بعمليات انتحارية، وكانت النزعة نحو الزعامة لها دور، وكانت النظرة نحو التحصيل المالي أيضاً لها دور. في هذه الفترة التحالفات كانت موجودة، القاعدة كانت قواعد. كانت مخترقة للدولة، الدولة أيضاً اخترقتها، الأمن السياسي أيضاً تطوع بتجنيد مجموعة وحشرها مع هؤلاء الجهاديين، المرحلة فيها من الضبابية والغموض الشيء الكثير..
عقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وفي منتصف العام 2012م حصلت ضربة قوية للقاعدة في أبين وشبوة.. وطبعاً فقد كانت هذه العملية مختلفة عن سابقاتها في المواجهة كما وكيفا، كيف تقرأ تفاصيل هذه المواجهات؟
صحيح ما أشرت إليه، ولكن لماذا؟ أقول: لأن القاعدة خرجت عن استراتيجيتها في العام 2012م، القاعدة أساساً قالت بملء الفم: نحن هنا! وحين تقول نحن هنا، تصبح في هذه الحالة هدفاً سهلاً. والواقع أنه كان يمكن للقاعدة أن تستمر في جعار وما حولها، لأن الدولة لا تزال غضة طرية، والجيش لا يزال منقسماً، لكن ما أخرجها من هذه المناطق، لأنه حصلت مواجهات برية قبل ذلك فحسمتها القاعدة لصالحها. بل كانت تأسر مجاميع من الجنود، ولقد وصل بعض أسراها في عملية واحدة من الجنود إلى 72 جندياً!!
ولك أن تتصور الطرف الذي يستطيع أن يأسر 72 جندياً ما هي قوته؟ وكيف استطاع السيطرة عليهم؟! في الأمر ما يستدعي الوقوف عنده.. الذي آلم القاعدة وأقضها هي الطائرات .. وقد خرجت في هذه الفترة بتجربة كبيرة، وطبعاً كان ينقصها أن تقدم أدلة حقيقية على سلمية منهجها وأدائها وعلى أيضاً أن تقدم خطاباً ذكياً وسياسياً للناس. وطبعاً الجيش لم يكن يريد القضاء عليها ولم يكن يستطيع القضاء عليها أصلاً، الجيش آنذاك عمل على زحزحة القاعدة عن هذه المناطق ويفرض سيطرته عليها بدلاً عن القاعدة. وطبعاً فقد أعادت بناء نفسها منذ تلك الفترة لتعود الآن أعتى و أقوى..
ذلك أسلوب العام 2012م ماذا عن قراءتك لطبيعة العمليات التي يقوم بها الجيش اليوم؟ هل هو في طريقه لاجتثاثها والتخلص منها نهائياً؟
شخصياً أرى أن كلمات من مثل القضاء النهائي أو التدمير أو الاجتثاث أو الإبادة عملية غير صحيحة، صحيح أن ثمة تكتيكات جديدة ومختلفة عن السابق، هناك اليوم جدية في المواجهة، إسقاط للمناطق التي استوطنتها سابقاً والسيطرة عليها من قبل الجيش، أيضاً سقوط عناصر وأعداد كبيرة يومياً من عناصر القاعدة..
ماذا عن الأغلبية من الأجانب في القاعدة الذين يصلون إلى 70 % منهم؟
لاشك أن الرئيس عنده خلفية معرفية في هذا الجانب، وله منطقه الخاص طبعاً في الحديث أو الإشارة إلى هذا الرقم لأن منطق الحرب له خصوصيته، والدولة تريد أن تبرر عدم الحوار مع القاعدة، كون الأغلبية منهم أجانب، يعني من غير المعقول أن تتحاور مع الأمريكي والسعودي، والشيشاني والفرنسي والجزائري، وغيرهم الحوار يجب أن يكون وطنياً داخلياً. وللعلم ف 35 % من القاعدة هم سعوديون. و15 % من جنسيات أخرى تقريباً.
يبقى السؤال المطروح من الذي جمع هذه الوحوش وكون هذه المسبعة؟شخصياً ألمح ناظم ما لهذا العقد اللعين!
شخصياً لا أميل إلى نظرية المؤامرة كثيراً وإن كانت المؤامرة فعلاً موجودة، وأتتبع الأدلة المادية التي أمامي وأنظر إلى الواقع، وشخصياً أقول: لا يمكن أن يكون تجمع بهذا الشكل وبهذا الحجم ما لم تكن هناك تسهيلات إقليمية ودولية أيضاً، الشيء بالشيء يُذكر، ألا ترى أنه لولا التسهيلات التي قدمت لهم من أكثر من جهة للدخول إلى سوريا مثلاً هل كانوا يستطيعون الدخول؟! الأمر واضح. مع الإشارة طبعاً إلى أن مجيء هؤلاء كلهم إلى اليمن كان بدافع عقائدي، وجهادي وديني، هذا لا أشك فيه. وأنت تعرف أنه عندما اشتدت ضربات الجيش على القاعدة في أبين هبت بعض هذه العناصر من الصومال، بأننا سوف نعبر البحر للجهاد في اليمن. مثل هذه التسهيلات أيضاً تشبه أحداث 11 سبتمبر 2001م ،صحيح أن من قام بها هي القاعدة، وكل القائمين بالعملية عقائديون، لكن هناك من غض النظر وقدم التسهيلات.
لكن من ناحية ثانية قد يقول قائل: ما مصلحة هذه الأطراف من هذه التسهيلات؟
أحياناً هناك من يريد السوء لليمن، وهناك تقاطع مصالح وللسياسة حساباتها الخاصة في هذا الجانب، وأنا أعتقد أن الأمريكيين أنفسهم الذي يتصدرون الحرب على القاعدة ويحاربون الإرهاب لا يريدون القضاء عليه نهائيا، لأن الإرهاب نفسه يحقق لهم مكاسب سياسية أخرى، حيث يجعلون منه ذريعة للتغول في الشئون الداخلية للبلدان التي يريدون الوصول إليها، صحيح أنهم قد يخسرون من العمليات الإرهابية هنا أو هناك، لكن ما يربحون من ورائه في هذا الجانب أكثر!
الداعشيون يحاربون اليوم جنبا إلى جنب مع القاعدة وقد كانوا مختفين في العراق وسوريا إلى قريب، بل ويكفر بعضهم بعضاً.. ما الذي فرقهم هناك ووحدهم هنا؟
قاعدة اليمن أصلاً عندما حصل خلاف بين داعش والنصرة، ظلت في منطقة الوسط في بيانها، ودعت المتقاتلين أو الطرفين إلى الكف عن القتال. فاحتفظت بعلاقة جيدة مع الفرع القاعدي السوري، “النصرة” ومع داعش الفرع القاعدي العراقي، الفروع القاعدية في أكثر من منطقة مال إلى هذا الطرف أو ذاك، لكن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب “اليمن” أخذ موقفاً حيادياً وذكياً من الطرفين، وحافظ على علاقته مع الكل، لذا تأتيه مجاميع من النصرة، وتأتيه مجاميع من داعش.. أي أنه يدير شئونه بالطريقة اليمنية الخالصة!!
الداعشيون بالعراق من وراءهم، أقصد الداعم والمشجع السياسي لهم؟
تكونت هذه الأذرع في بلاد العراق والشام على مراحل، منذ عام 2003 تقريباً، من أيام أبي مصعب الزرقاوي، وقد كان رفيقاً للمجاهدين في أفغانستان، وللعلم القاعدة لا تؤسس كيانات وإنما تضم المجاميع الجاهزة، التي تتأسس لوحدها في الغالب، الكيان القاعدي الذي ولد من رحم القاعدة نفسها هو فرع القاعدة في جزيرة العرب فقط، أما فرع القاعدة في المغرب العربي أو الشام أو العراق أو غيرها فقد تشكلت لوحدها ثم حضرت القاعدة لاحقاً، وهو تكتيك خطير من القاعدة نفسها، لتضم الكيانات الجاهزة، وتأخذ الجاهز، مع العلم أن داعش اليوم تمردت على الظواهري بعد أن اختلفت معه..
برأيك لماذا تركوا القتال في العراق أو في سوريا وجاءوا إلى اليمن؟
طبعاً بدافع الجهاد حد اعتقادهم. وللعلم فداعش هذا يعتبر كياناً عسكرياً عريقاً، حتى إن لديهم أساليب خطيرة لمواجهة الطائرات بدون طيار، هؤلاء لديهم خبرات عسكرية عريقة، هؤلاء هم من واجهوا الجيش العراقي في بيئة كانت الطائرات الأمريكية تضرب فيها بشكل قوي جداً، لديهم الخبرات الواسعة، وهم حضروا لا كمقاتلين فحسب، ولكن كخبراء في مجال التدريبات العسكرية..
هل كلهم عراقيون أم فيهم غير عراقيين؟
الداعشيون في الأصل عراقيون، وقد دخل فيهم مؤخراً بعض الأردنيين وغيرهم..
أخبار تذكر أن 250 داعشياً جاءوا إلى اليمن.؟!
لو كان هذا الرقم صحيحاً لكانت الكارثة، لأن الواحد منهم بمائة من الآخرين، هم أصحاب خبرات ومؤهلات، بعضهم خبراء في صناعة المتفجرات، نحن والعالم نتحدث عن إبراهيم العسيري “سعودي الجنسية” هذا الرجل كان قوة جبارة ومهولة في هذا الجانب، أما لو جاء هؤلاء كلهم فستكون الكارثة أعظم..
بم تعلل غياب قاسم الريمي عن المشهد الأخير بصورة ملفتة؟
هو و الوحيشي وغيرهما من القيادات غائبون هذه المرة ،لأن المتابعة صارت جدية أكثر، هؤلاء قيادات، وأنت تعرف أنه حين قتل سعيد الشهري نائب الأمير اهتز التنظيم قليلاً، أيضا حين قتل عاد العباب وهو كان رئيس الهيئة الشرعية، أثر على التنظيم. فهد القصع قتل كذلك في العام 2012م، في شبوة، وقبل هذا عبد المنعم الفطحاني، وهو من القيادات المتمكنة، وهذا قيادي عسكري أقوى من قاسم الريمي، هذه قيادات قوية، والفطحاني هذا حين قتل هو الوحيد الذي بكى عليه ناصر الوحيشي، وحسبما وصلنا من معلومات فإن ناصر الوحيشي قد شارك في دفنه في إحدى المناطق في أبين اليوم الثاني من مقتله.
برأيك أين تتمركز قياداتهم الرئيسية؟
هذا الجواب بمليون دولار لو أعرف الإجابة عنه! “يضحك”
طيب غلبة ظن، أو ترجيح؟
أعتقد أن قياداتهم موزعة في أكثر من مكان، بمعنى أنه لا يمكن أن يتواجد قاسم الريمي مع ناصر الوحيشي في مكان واحد، فهذا من الغباء أصلاً، بل حتى القادة العسكريون أنفسهم لا يتواجدون في مكان واحد، والطائرات حين قتلت بعضاً منهم كانت تصطادهم فرادى. وطبعاً يأتي هذا بواسطة الجواسيس أو بواسطة الشرائح. قيادات القاعدة لا تتواجد مجتمعة في مكان واحد أبداً. وطبعاً مقتل الوحيشي مثلاً وقاسم الريمي والعسيري هو أكبر بالنسبة للقاعدة من هزيمة الجيش ميدانياً، هذه قيادات لها وزنهم، ومقتل هؤلاء له تأثير كبير وواسع.
لكن هل من المعقول أن لديهم هذه القدرة الكبيرة على التخفي إلى هذا الحد عن أعين الدولة وأجهزتها وكذا الأمريكان؟!
نعم ..وهذا يشير إلى شيء مهم، وهو أن القاعدة لديها حواضن آمنة في منطقة القبائل، خاصة في المناطق النائية، الاختفاء محكم، وأنت تعرف أنهم أحياناً يظهرون في تسجيلاتهم المرئية في أماكن تستدعي كثيراً من الإمكانيات كتوفير الكهرباء وأجهزة التسجيل والديكور الخلفي، مثلاً يظهر لنا قاسم الريمي وهو في أحسن حلة، وبنظارة أنيقة، وفي أجمل مكان، يبدو أن ثمة بؤراً آمنة لهم..
طيب يبقى أمر المعسكرات التابعة لهم، معامل تصنيع المتفجرات، أماكن التدريب..؟
طبعاً لهم أماكنهم الآمنة لكل هذه التي ذكرتها، ولهم أماكنهم في المغارات والكهوف والأودية كأماكن احتياطية، لكن الأماكن الأساسية لهم المناطق القبلية التي توالي القاعدة، ولاءً حقيقياً، والتي قد تتظاهر بتأييد حملة الجيش ضد القاعدة..
لكن هل تخفى هذه المعلومة على أجهزة الأمن وعلى الاستخبارات المحلية والإقليمية والدولية؟
أكيد.. وهنا يأتي إبداع التنظيم. وانظر أنت كصحفي تستطيع أن تقابل بعضاً من قيادات القاعدة لكنك لن تستطيع أن تقابل القيادات الكبيرة والفوقية أبداً حتى ولو كنت متديناً أو يثقون بك، في هذه الفترة لا يمكن أن يثقوا بأحد حتى ولو كان جزءاً من التنظيم؛ فبعض أعضاء التنظيم أنفسهم لا يستطيعون الوصول إلى قياداتهم أو يعرفونها..
تعليقك على موقف بعض علماء الدين تجاه ما يحدث.. حقيقة ثمة أمر يستلفت النظر في موقف هذه القيادات الدينية؟!
للأسف موقفهم فيه وجهة نظر، وأنا أتكلم عن العلماء المؤثرين، لأن عندنا علماء ما شاء الله بلا عدد، وبعدين عندنا هيئة ورابطة وجمعية ومجلس، أنا أتكلم عن العلماء المؤثرين و أنت تعرف من أقصد تماماً، كل ما صدر عنهم كان مجرد إسقاط واجب، قرأت بيان علماء اليمن الصادر عن هيئة علماء اليمن فلم أجد فيه أي إدانة للقاعدة، ومن يقرأه شكلاً وبطريقة سطحية قد يجد إدانة للطرفين... صنفت الاغتيالات ثلاثة تصنيفات أيضاً في البيان لكنها لم تشر إلى الاغتيالات التي تقوم بها هذه العناصر.... وكنت أقول ربما كانت قراءتي قاصرة فأعطيت البيان لبعض المثقفين، وبعضهم من المتدينين أيضاً، فوجدتهم يشاركونني الرأي، وأيدوا الرأي.
ماذا عن قراءتك لتصريح الشيخ الدكتور عبدالوهاب الديلمي؟
قرأته، وقرأت ما قيل عنه أيضاً وفيه تفسيرات للبعض ربما لم يردها الشيخ، وأيضاً قرأت بيان مجلس حضرموت للشيخ أحمد حسن المعلم، دعا إلى هدنة ودعا إلى التحاور معهم، وربما للعلماء مقصد آخر أن مواجهتها ومآلات المواجهة قد تكون لها ضرر أكبر.
باختصار كيف تقيم موقفهم؟
باختصار لم يقوموا بالدور المطلوب منهم.
للشيخ عبدالمجيد الريمي أيضاً موقف داعم للقاعدة ومشجع وبكل وضوح؟
الشيخ عبد المجيد الريمي متعاطف مع القاعدة من سابق؛ لكن الواضح أنه بعد مقتل ابنه بدا أكثر تعاطفاً، وأظن أن الجانب العاطفي قد غلب عليه هنا، وربما أنه قد يفيق منه لاحقاً، وعلمياً لا نستطيع تقييم موقفه من القاعدة في مثل هذا الظرف لأن العاطفة واضحة على نبرة خطابه وننتظر فترة لاحقة فقد يخف هذا التعاطف. وأنا أدعو الدولة إلى عدم استفزاز المشايخ أو مواجهتهم ،لأن هذا قد يجعلهم يتخذون موقفاً متعاطفاً مع القاعدة، وهذا سيؤثر لصالح القاعدة.
بعض السياسيين يلمح إلى أن ثمة شخصيات عسكرية من الوزن الثقيل لها ارتباطها بالقاعدة؟
عندما نتحدث عن مثل هذه الأمور نحتاج إلى أدلة، نحن نتحدث عن قضايا الاختراق، اختراق تنظيم القاعدة للدولة، فالتمسناه بالعمليات الميدانية، كالهجوم على منطقة عسكرية ما أو إخراج 29 عنصراً منهم من سجن محكم في وسط العاصمة، هذه لا يمكن أن تتم إلا باختراقات، وقد تم الاعتراف بذلك رسمياً، أن هناك اختراقات، نحن الآن نمتلك قرائن باختراق القاعدة للدولة أو للجيش، لكننا لا نمتلك أدلة حقيقية على هذا الاختراق. ومن تشير إليهم في حديثك ليسوا قاعدة بأي حال من الأحوال، ربما لهم أغراض أو مصالح مع القاعدة يعملون لتحقيقها، بل حتى القاعدة نفسها لا يمكن أن تقبل بهم أن يكونوا جزءاً منها، إنما هناك حسابات خاصة لهم.
هناك سطحية لدى تنظيم القاعدة في التعامل مع الآخرين أحيانا، نحن نلاحظ أن هناك إعدامات داخل تنظيم القاعدة لعناصر قبلت بهم فيها، ثم اكتشفوا خيانتهم بعد ذلك، وقد دفع التنظيم ثمن سطحيته ، بمقتل العديد من عناصره – وفيهم قيادات- وهذا الخلل، ليس في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب فحسب، بل وقع فيه تنظيم القاعدة الأم أيضاً.
هناك من يقول: إن ثمة قاعدة تخص علي عبدالله صالح، وواحدة تخص السعودية، وأخرى لها علاقتها بإيران وكذا أمريكا.. إلخ. ماذا ترى؟
هذه القواعد كانت في مرحلة الشغب الجهادي، قبل العام 2009م، حين كان ابن لادن يبعث ببعض أتباعه إلى اليمن، بغرض تأسيس أرضية للعمل الجهادي ، وكان التركيز حينذاك على الجانب الدعوي ، والحشد للجماعة، وأخذ البيعة نيابة عن ابن لادن... وحينها كانت الأعمال الميدانية – العسكرية نادرة، وربما جاءت تطوعية، من بعض المتحمسين، وفي أحيان أخرى، يكون الهدف منها، تأكيد قدرة هذه المجموعة (الخلية) على القيام بعمل ميداني، يتم من خلاله تأكيد ولائها لأمير الجهاد الشيخ أسامة بن لادن، وكسب مزيد من ثقته.
كان الرئيس السابق علي عبدالله صالح، يدرك هشاشة الذين أمامه، كما كان يتعامل مع أبرز هذه العناصر، بالترهيب حيناً، وبالترغيب حيناً آخر. واستطاع استمالة أعداد منهم، وأوكل لجهاز الأمن السياسي، مراقبة من يصعب احتواؤه.. ومن هنا، كان لعلي عبدالله صالح (قاعدة).
ولم يجد أي صعوبة في استدراج أغلب الجهاديين في حرب 94م، وبعد الانتهاء من الحرب، أعطى بعضهم ما وعدهم من أموال ومناصب عسكرية، بينما أهمل آخرين.. فقام بعض هؤلاء ليتحالفوا مع قائد عسكري، ليكون منهم (قاعدة ) لتعمل لصالحه، “بلا ذكر أسماء” فأعطاهم من الأموال ما أعطاهم وكونوا قاعدة، ولكن هذه هي من قواعد الضد. وهناك (قاعدة) من الذين ليسوا مع هذا ولا ذاك، واضطروا للخروج إلى ميادين القتال خارج اليمن، حتى يحين وقت العودة. ولا يمكن الحديث عن أكثر من قاعدة بعد يناير 2009م، وقد حاول من حاول أن يوجد قاعدة مضادة بعد ذلك ففشل؛ ولكن ( قاعدة لأمريكا) و (قاعدة لإيران) كما في سؤالك، لا وجود لها، إلا إذا كنت تعني ، من تم تجنيدهم لصالح المخابرات الأمريكية أو الإيرانية، فهؤلاء شيء آخر.
كيف نقرأ مستقبل الدولة مع القاعدة في اليمن؟
تظل القاعدة مشكلة قائمة، وتظل أكثر الأطراف العسكرية عنفا وشدة، ويمتلك التنظيم من عوامل القوة ما يمكنه من مواصلة حربه والحفاظ على كيانه ، وربما بمساعدات خارجية أيضاً، وأعتقد أن غاية ما يمكن الوصول إليه في هذه الحرب، هو إيقاع أكبر خسارة ممكنة بالتنظيم وكتم أنفاسه، بمعنى شل حركة التنظيم عن عمليات ميدانية وقتل يومي، واستهداف مقار حكومية، أما الاجتثاث ليس مستحيلاً، إن توافرت عوامله ولوازمه .
هل أنت مع الحوار مع القاعدة؟
أنا أتمنى أن يكون هناك حوار، والحوار أسلوب حضاري وفعل عقلاني، يمكن من خلاله حل الكثير من القضايا المختلف حولها. لكن إذا نظرنا للواقع فلا القاعدة تريد حواراً ولا النظام أيضاً يستطيع أن يحاور القاعدة، الحوار لابد أن يكون بين طرفين للوصول إلى توافق، يرغب الطرفان بالوصول إليه. أما القاعدة فلا تؤمن بالحوار السياسي الذي هو مطروح حالياً..
القاعدة تؤمن بالحوار الديني الذي يمكن أن يأتي من الشيخ عبدالمجيد الريمي أو الشيخ عبدالمجيد الزنداني، أي الحوار الشرعي. إن تبرير القتل واستباحة الدماء بمسوغات وأدلة دينية، يحتاج إلى علماء وفقهاء ل(المناظرة) لكن الحوار السياسي الذي يؤدي إلى التهدئة والحل لا يمكن أن يحصل، والدولة تدرك هذا، وكذلك تنظيم القاعدة .
جرت حوارات سابقة معهم أُثناء النظام السابق؟
تلك كانت مسرحيات. كان من يتم التحاور معه سابقاً يوقع في النهاية على المحضر ويتم إخراجه، الرئيس هادي دعاهم للحوار في 2012م واشترط اشتراطات هم يرون أنها تمنع حصول الحوار أصلاً، مثلاً التخلي عن الأجانب، وتسليم الأسلحة، والتخلي عن العنف والدعوة إلى التوبة، وهذه اشتراطات لو طبقوها لن يحتاجوا بعدها إلى حوار من أساسه. وهم أيضاً اشترطوا شروطاً معقدة لا يمكن أن يتم تطبيقها. باختصار.. اشترطوا ألا تكون الدولة دولة، بمعنى أن تكون دولة بحسب الرؤية والمواصفات التي يتبناها التنظيم ، والنظام اشترط عليهم ألا يكونوا قاعدة، وأن يكونوا مواطنين عاديين، ولذا فإن طرح الحل من خلال الحوار ، سواء من النظام أو القاعدة ، يأتي بهدف إحراج كل طرف للطرف الأخر.
هل ترى أن القاعدة اليوم مخترقة للدولة؟
يبدو أن هناك اختراقاً، من قبل أطراف ذكية ذات نفس عميق. الاختراق لم يعد ذلك الاختراق التقليدي، والاختراق اليوم من داخل كل مؤسسة أو منظومة نفسها، كان سابقا مثلا تقوم حملات عسكرية على بعض الخلايا المتواجدة في هذا المكان أو ذاك، وعندما تصل هذه الحملة إلى المكان الهدف تجد هذه العناصر قد فرت، لأن بعضاً من أعضاء الحملة كانوا يبلغونهم فيخرجون قبل وصول الحملة العسكرية بساعات، فالقاعدة تجيد شراء بعض الشخصيات. وقد ذكرتُ سابقاً، مرور الجهاديين بمراحل تغلغلوا فيها داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، كمكافآت قدمها النظام السابق لهم، جراء مشاركتهم في حرب النظام ضد خصومه.
من أين تحصل القاعدة على الأموال؟
لهم قنوات كثيرة، أحياناً لهم قنواتهم الشعبية، وإن جفت أحياناً فلهم دعمهم من بعض المتعاطفين من دول الخليج – وليس على المستوى الرسمي- ، ولهم نصيب من الزكوات، حيث يروج التنظيم بأنه أحد الأصناف الثمانية التي نص عليهم القرآن الكريم.. وهذه الموارد تقوى أحياناً وتجف أحياناً. وقد كسبوا ملايين الدولارات من الاختطافات، وتحصلوا على أموال عند بسط سيطرتهم على بعض المدن والمناطق في أبين وشبوة، حيث وقعت كافة مؤسسات الدولة ومبانيها تحت أيديهم.
هل لديها استثمارات تجارية وعقارية مثلاً؟
ليس ببعيد، فقد يكون لها استثماراتها التجارية والعقارية بواسطة شخصيات غير مشبوهة مثلاً محلية وإقليمية. وهي لديها البدائل والطرق التي تستطيع أن تعوض به خسارتها، وهذا تكتيك أسامة بن لادن نفسه، فرغم امتلاكه لثروة هائلة يمول بها الجماعة، لكنه كان يدرك بأنه لابد أن يأتي زمن، لا يستطيع تغطية كل متطلبات التنظيم ، فضلاً عن احتمال بروز عوائق تحول دون إيصال الأموال إلى عناصره، فكانت هناك أموال تدار من قبل شخصيات بعيدة عن أسامة بن لادن نفسه مع أن الأموال تتبعه، وقد عرفنا ذلك من خلال بعض حالات الخيانة التي حصلت من أطراف ائتمنها ابن لادن في إدارة بعض أمواله، فتنكرت له، وانكشف الأمر لاحقاً .
هناك من يقول : إن السعودية تعمل على تقوية القاعدة؟
السعودية تدرك جيداً أن تنظيم القاعدة له خطورته، وأنه ورقة لا يمكن التلاعب بها، والتلاعب بها سوف يعود عليها بالضرر، بمعنى أن تقوية القاعدة بشكل أو بآخر سوف يكون له عواقبه الخطيرة. النظام السعودي كغيره من الأنظمة تهمه مصالحه قبل كل شيء، ولكن في اعتقادي لن يكون تنظيم القاعدة وسيلة لتحقيق تلك المصالح.
والسعودية تعاملت مع التنظيم، وذاقت من ويلاته الكثير.. وقد كان سابقاً، يتم ترويج فكرة أن السعودية سهلت للمتواجدين في أراضيها للانتقال إلى اليمن، وهذا في عهد الرئيس صالح، بهدف الإبقاء على اليمن في حالة تصدع أمني، يحول دون تحقيق أي استقرار في اليمن، ولكن لا دليل على استخدام المملكة للقاعدة، سواء في عهد الرئيس السابق أو الرئيس الحالي. وإنما هناك ادعاء بعد محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف، من القاعدة والتي وجهت رسالة للسعودية في مجلتهم( صدى الملاحم) خلاصتها أنكم دعمتمونا بالمال لنتجه إلى اليمن ولنبتعد عنكم؛ ولكننا سنظل وراءكم. بمعنى أن القاعدة تستفيد منهم على طريقتها، لأنه لا يمنع أن تستخدم خصمك للاستفادة منه..
بما في ذلك إيران؟
نعم.. بما في ذلك إيران، وهي الأكثر وضوحاً، إيران تتواجد فيها قيادة القاعدة وأسرة ابن لادن، والمصالح التي حققتها إيران أكثر وضوحاً، النظام السعودي يريد ألا تكون القاعدة في أراضيه بأي ثمن، بينما براجماتية النظام الإيراني، جعلته يتعامل مع «خصم خصومه» والاستفادة منهم.
قراءتك لمسألة الاغتيالات الأخيرة لعدد من ضباط الأمن السياسي خلال السنتين الأخيرتين؟
الواقع أن مسلسل الاغتيالات لضباط الأمن السياسي، قد فاق بكثير ما كان يجري سابقاً. وربما كان لتعامل هذا الجهاز مع عناصر التنظيم بشكل مباشر من خلال الاعتقالات، وكذا حلقات التواصل التي يتم تكليف بعض عناصر الأمن السياسي بها مع عناصر القاعدة... جعلت المنتسبين لهذا الجهاز الأمني أكثر انكشافاً للتنظيم، وخاصة سوء معاملة من يتم اعتقالهم، الأمر الذي يدفع التنظيم إلى الانتقام ممن يعتبرونهم أداة لتنفيذ المشيئة الإمريكية و( أعداء الإسلام). وقد فاقت عداوة القاعدة لمنتسبي الأمن السياسي من سواهم، بما في ذلك جنود وضباط الجيش، حيث قام التنظيم بالإفراج عمّن تم أسرهم من الجيش، في الوقت الذي رأينا القاعدة تقتل ضابطاً في الأمن السياسي، قد تقاعد من عمله وبلغ السبعين من العمر، بل واستهدفت القاعدة ضباط الأمن السياسي وهم في طريقهم إلى المساجد.
ما بين مهول ومهون لتنظيم القاعدة من حيث العدد.. برأيك كم يصل عدد أعضاء التنظيم ولو على سبيل التقريب طبعاًً؟
هذا السؤال مهم، ولا تكاد تخلو مقابلة لي في العديد من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، سواء المحلية أم العربية أم الأجنبية، إلا وقد تم طرحه.
وكما تعلم، ليس لتنظيم القاعدة أي إحصائيات مؤكدة حول عدد أعضائه، بل أظن أن عدم الدراية بعدد الأعضاء، يشمل حتى أغلب قيادات الصف الأول من التنظيم، وهذا أمر ناتج عن الطبيعة العسكرية للتنظيم التي تستلزم التشدد في سرية المعلومات للحفاظ على حياة الأعضاء.
ويمكن تقسيم أتباع التنظيم إلى ثلاثة أنواع :
الأول : الأعضاء المبايعون لأمير التنظيم – ناصر الوحيشي بشكل مباشر، وهؤلاء يمكن تقدير عددهم ب 1000 عنصر ، ولكن يتم رفد هذا المستوى بأعضاء جدد يتم استقطابهم محلياً، أو من القادمين من خارج اليمن، من الذين يتم إرسالهم من فروع القاعدة الأخرى أو ميادين القتال.
الثاني: الأنصار، وهم الذين يقدمون أنواع الدعم المباشر للتنظيم، كالحماية والمساعدة للحصول على الدعم المالي والمعلومات وهؤلاء لا يشترط مبايعتهم للأمير بل يكتفى بأخذ تعهدات منهم تؤكد ولاءهم للتنظيم وعدم خذلانهم له. وعدد هؤلاء يمكن أن يصل إلى ضعف النوع الأول.
الثالث: وهؤلاء، داعمون ومروجون لفكر التنظيم، ويستخدمهم التنظيم بواسطة بعض عناصره، لبث وترويج ما تريد القاعدة ترويجه، ولكن مستوى الثقة بهم من قيادة التنظيم وعناصره ضعيفة، ولا ترقى لاستئمانهم على معلومات حساسة ومهمة.. وهذا النوع لا بيعة ولا تعهدات تؤخذ منه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.