سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي والاجتماعي ل «الجمهورية»: التأمين الصحي الاجتماعي يحمي المجتمع من التصدع والانهيار وعلى الحكومة أن يتصدر أولوياتها في المعالجات
قال رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي الاجتماعي الدكتور أحمد الخرساني بأن التأمين الصحي هو أحد مكونات الحماية الاجتماعية ووسيلة مضمونة لمحاربة الفقر، موكداً بأنه يعمل على إحداث التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتقدم العلمي في المجتمع. وأوضح الدكتور الخرساني في حوار أجرته معه الجمهورية بأن الهيئة أتمت مراحل كثيرة في الإعداد والتجهيز لنظام التأمين الصحي، وتبقّى فقط الشروع بالتنفيذ ، مشيراً إلى وجود عراقيل تحول دون تنفيذ النظام ، تتمثل بوجود تكتل معارضين مستفيدين من عدم وجود تأمين صحي، بالإضافة إلى رفض وزير المالية الأسبق صرف مبالغ للهيئة وللصندوق لاستكمال البنى التحتية والبدء بتنفيذ القانون. في البداية دكتور، نرجو إعطاءنا فكرة مختصرة عن مسيرة التأمين الصحي الاجتماعي؟ أولاً نتوجه بالشكر الجزيل لصحيفة الجمهورية ولمحرريها والعاملين فيها ، فهي بحق تعبر عن الهوية الثقافية لعاصمة الثقافة تعز، وأبدأ بالقول ، إن الدول التي تسعى إلى تحسين جودة حياة مواطنيها تعتمد سبلاً فاعلة لتحقيق ذلك ، ومن هذه السبل التأمين الصحي، ولهذا ارتبط تأسيس التأمين الصحي بقيادات عظمية لها بصمات في التاريخ الإنساني ،«فبسمارك» هو أول من أنشأ نظام التأمين الصحي الاجتماعي في ألمانيا و«ديجول» في فرنسا ، وفي الوطن العربي هناك الزعيم الخالد جمال عبد الناصر في مصر والزعيم بورقيبه في تونس “ رحمهم الله” ،وهذا يعني أن أي زعيم يقوم بتأسيس نظام التأمين الصحي في أي بلد لابد وأن يكون في مصاف عظماء التاريخ الذين احدثوا تحولات عميقة في مجتمعاتهم والعالم ، ونحن نستنبط سيرهم من خلال قراءتنا لسياقات التاريخ الإنساني وهذا شاهد على أن هؤلاء القادة كانوا مدركين معنى وجود تأمين صحي في مجتمعاتهم من حيث الأهداف والاستراتيجيات على المدى القريب والبعيد. طيب دكتور ، إلى ماذا يهدف التأمين الصحي الاجتماعي؟ نص القانون على أن هدف التأمين الصحي الاجتماعي أساساً هو إيصال الخدمة الصحية للمؤمن عليهم بيسر وسهولة وجودة عالية وبكلفة معقولة ويترتب على هذا الهدف الرئيسي التحسن المطرد في تحسين الخدمات الطبية المقدمة من خلال التنافس الشريف بين المنتجين للخدمات الصحية والذي يستلزم تطبيقهم المتواصل لمعايير الجودة التي تحددها هيئة التأمين الصحي ، كما أن مبدأ التأمين الصحي يترتب عليه الرضا الوظيفي والاطمئنان الاجتماعي لدى المؤمن عليهم من خلال إزالة هموم التكلفة المالية للمرض وحصول المؤمن عليهم على الخدمة الطبية وقت الحاجة إليها كما يعمل على إحداث التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتقدم العلمي في المجتمع بديناميكية متلاحقة لا تستطيع أن تضع حدوداً لها. ما هي هذه التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي يحدثها ؟ هذا السؤال إجابته طويلة ومتشبعة لكن أود التأكيد على أمور معينة منها ،هو أن التأمين الصحي أحد مكونات الحماية الاجتماعية المهمة كونه الوسيلة المضمونة والناجحة لمحاربة الفقر، ويعمل على زيادة الإنتاجية لدى العمال وبالتالي زيادة معدل النمو الاقتصادي باستمرار، و يساعد على تحديث وتطوير القطاع الخاص والعام من خلال التنافس في تقديم الخدمات بجودة عالية، ونتيجة للتطور المأمول في قطاع الخدمات الصحية سيؤدي ذلك إلى التقليل من سفر المواطنين للعلاج في الخارج وتشجيع المستثمرين على المزيد من الاستثمار في الصحة ، وهذا سيؤدي إلى الحد من نزيف العملات الصعبة ، كما أن الاهتمام بصحة المواطن يأخذ أولوية قصوى لدى الدول ، لأن ذلك يعتبر استثماراً في الموارد البشرية ، وتقليل الخسائر الاقتصادية الناجمة عن المرض وانقطاع العمال عن العمل ، كما يرسخ مبدأ التكافل الاجتماعي فالصحيح يساهم في علاج المريض ، والغني يعطى للفقير وهذا مبدأ قامت من أجله - ولا تزال - الثورات والانتفاضات الشعبية في العالم ، ولذا نرى أنه لزام على الحكومة أن تضع التأمين الصحي ضمن الأوليات والمعالجات التي تنوى القيام بها لأن الإسراع في تنفيذه يحمي المجتمع اليمني من التصدع والانهيار والتخلف الفكري والثقافي والعلمي ويعمل على منع انزلاق المجتمع أيضاً إلى دروب الفقر والفقر المدقع. وأختم إجابتي هنا ، بسؤال سألني إياه رئيس التأمين الصحي في كوريا الجنوبية عندما قال لي كيف تطورت كوريا ووصلت إلى هذا المستوى المتقدم اقتصادياً وعلمياً ؟ فقلت بالعلم، والتكنولوجيا والشركات العملاقة ، قال لي نعم ولكن التأمين الصحي كان ركيزة أساسية في هذا التطور. كيف تم التمهيد لإصدار قانون وتشكيل الهيئة العامة للتأمين الصحي ؟ من المعلوم أن قانون التأمين الصحي في اليمن صدر عام (2011م) بعد مخاض طويل استمر قرابة خمسة وعشرين عاماً ، وتلا ذلك إصدار قرار إنشاء الهيئة واللائحة في العام ( 2012م) وكذا صدور قرارات جمهورية في فبراير عام (2013م) بتعيين رئيساً للهيئة ورئيساً لمجلس إدارة الصندوق ونائباً له بغية التسريع لظهور التأمين الصحي إلى حيز الوجود وهنا لا يفوتني أن أتقدم بالشكر الجزيل للقيادة السياسية ممثلة برئيس الجمهورية عبده ربه منصور هادي لاهتمامه بالتأمين الصحي ضمن الأولويات الوطنية خاصة في ظل الظروف الراهنة التي يواجها الوطن ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن القيادة السياسية مدركة تماماً لما يمثله التأمين الصحي من نقلة نوعية في حياة الناس ، خاصة محدودي الدخل والعمال والفقراء ، كما لا يفوتني أن أشكر وأشيد بجهود الأخ معالي وزير الصحة في إخراج التأمين الصحي إلى حيز الوجود ، فجهوده تركت بصماتها على ما تم إنجازه في الجوانب التشريعية والإدارية والتهيئة لتنفيذ النظام وإن كانت هذه الجهود قد اصطدمت بتكتل رهيب من المعارضين لنظام التأمين الصحي تمتد شرايينهم عبر أجهزة الدولة المختلفة في تحالف عجيب مع وسطاء التأمين خارج أجهزة الدولة ومؤسساتها ويقاتلون باستماته لإعاقة عجلة التأمين الصحي الاجتماعي ، ومع ذلك فإن القيادات الخيرة من المخلصين تتحرك صوب المستقبل لتصنع واقعاً مجيداً وجديداً لمواطني اليمن غير متهيبة لما تواجه من صعوبات ومعاناة من ذلك التحالف وغيره. طيب دكتور، كيف سيتم التعاطي لتأسيس التأمين الصحي في اليمن ، في كونها من دول العالم الثالث؟ من الراسخ لدينا أن بناء نظام التأمين الصحي يمر بثلاث مراحل والتي سلكتها وزارة الصحة والحكومة والهيئة، فالمرحلة الأولى تتمثل في إصدار التشريعات وتصميم الإطار لعمل السياسات والإجراءات ، وقد تم تحديدها ووضع أطرها المرجعية المتضمنة في قانون التأمين الصحي ولائحته التنفيذية وقرار إنشاء الهيئة وخلاصتها أن التأمين الصحي الاجتماعي اليمني يتكون من مؤسستين هما (الهيئة العامة للتأمين الصحي الاجتماعي وصندوق التأمين الصحي الاجتماعي) وفقاً لذلك حددت لهما المهام والاختصاصات بشكل واضح ، وتأتي المرحلة الثانية وهي التخطيط والإعداد للتنفيذ ، وهنا باشرت الهيئة عملها بالإعداد والتهيئة لتنفيذ النظام ، وأصدقك القول إننا ما زلنا في هذه المرحلة ، ونحن بالتأكيد نمهد للمرحلة الثالثة والتي تعنى بتنفيذ النظام ، وهذا التمهيد بالتأكيد وفق الإمكانيات والاعتمادات المخصصة لنا من المالية ، ومع ذلك فنحن نسير بسرعة كبيرة إذا قارنتها بأنظمة تأمينية سابقة في المنطقة والعالم. أما بخصوص أن اليمن تعتبر من دول العالم الثالث فهذا لا يمنع مطلقا قيام نظام للتأمين الصحي الاجتماعي ، إذ لا يتطلب الأمر أن تكون اليمن دولة غنية، فقد تم البدء بتطبيق التأمين الصحي في دول كان نصيب الفرد من الناتج القومي فيها متدنياً جداً كتركيا ولبنان وتونس ، وقد تندهش إذا قلت لك إن كوريا الجنوبية بدأت بتنفيذ التأمين الصحي ومستوى نصيب الفرد من الناتج القومي فيها ألف دولار والآن يتجاوز خمسة وثلاثين ألف دولار ، وإذا ما قارنت ذلك بظروفنا فستجد أن نصيب الفرد من الناتج القومي في اليمن حوالي (926) دولاراً حسب إحصاء عام (2008م) ويكون الآن أكثر من ذلك. طيب دكتور ، مضى قرابة ثلاث سنوات على إصدار قانون التأمين الصحي الاجتماعي وسنتان على إنشاء الهيئة ، ماهي النجاحات التي تحققت خلال هذه الفترة؟ نعم صدر قانون التأمين الصحي رقم (9) لسنة 2011م في أواخر العام 2011م وصدر قرار إنشاء الهيئة لسنة 2012م كما تم إصدار اللائحة التنفيذية للقانون لسنة 2012م وصدرت القرارات الجمهورية بتعيين قيادة الهيئة والصندوق في فبراير 2013م وتم البدء بالعمل في الهيئة في شهر مايو 2013م وهو تاريخ اطلاق الميزانية المعتمدة من وزارة المالية أي إن الهيئة لم تكمل الآن سنة ونصفاً وتم أيضاً إصدار قرار مجلس الوزراء بتحديد وتعيين أعضاء مجلس الإدارة للهيئة في سبتمبر 2013م أي إن العمل القانوني للهيئة من تاريخ هذا التعيين ، أي منذ قرابة العام، ولك أن تتخيل حجم مشاكل التأسيس في ظل ظروف مالية شحيحة وحروب طاحنة مستمرة وظاهرة ضد التأمين الصحي عموماً وضد الهيئة خصوصاً، ومع ذلك فقد تم إنجاز الكثير من وثائق البناء المؤسسي كالاستراتيجية ، وحزمة الخدمات وهي فريدة من نوعها وتعتبر أساساً مهما في تنفيذ نظام التأمين الصحي ، كما تم إعداد الدليل الرقابي النظري مع بعض النماذج الخاصة به وتم إعداد مسودة استراتيجية قواعد البيانات والنظام الآلي والربط الشبكي وهي في اللمسات الأخيرة حيث يتم استكمال الأخذ بالملاحظات المقدمة من أساتذة الجامعة المختصين ليتم إصدارها بشكلها النهائي – كما تم إنجاز المعايير الخاصة بالجودة والتي سيتم اعتمادها في مجلس الإدارة وعليها سيتم إجراء التعاقد مع منفذي الخدمات ، كما تم إنجاز الأطر العامة للعقود ومنها سيتم استخلاص المواد القانونية بصورة مختصرة مع كل الجهات التي تقدم خدماتها للتأمين الصحي بمختلف مستوياتها ،كما تم الانتهاء من مشروع التهيئة لجمع بيانات المؤمن عليهم من وحدات الخدمة العامة إلكترونياً ويدوياً ،ويتم بعد ذلك تجميع هذه البيانات في مركز المعلومات الأولي والذي تم إنشاؤه بالهيئة، ووزارة المالية على وشك أن تصرف التكاليف الخاصة به كأثمان المواد المستخدمة في الإنشاء وأجور المهندسين والعمال والإداريين الذين صمموا المشروع وأخرجوه إلى حيز الوجود وكلهم يمنيون نفخر بهم ، وعليه ، أطلب من منظمة الصحة العالمية أن تمدنا بخبراء لتقييم ما أنجزناه في فترة زمنية وجيزة جداً على أن يقارن الخبراء ذلك الإنجاز بما كتبوه في تقرير سابق تم إعداده عن التأمين الصحي اليمني قبل عام ونصف تقريباً وبهذه الطريقة نستطيع القول إننا نسير في الاتجاه الصحيح ولنرسم معهم خارطة طريق للخطوات اللاحقة ،فهي منظمة اضطلعت بدور ريادي في إخراج قانون التأمين الصحي إلى حيز الوجود وقد أنفقت كثيراً من الأموال ولا تزال ، كما يجب الاستعانة بخبراء في البنى التحتية لنظام التأمين الصحي لمساعدتنا بخبرتهم في تجاوز كثير من المشاكل ووضع الحلول لها قبل البدء بالتنفيذ. إذا ما دور الهيئة الحقيقي في التأمين الصحي الاجتماعي؟ دور الهيئة الحقيقي هو الإشراف على عمل الصندوق، إذ إن الصندوق هو المخول قانوناً بتنفيذ التأمين الصحي الاجتماعي على الواقع ،فالهيئة تقوم بإعداد الاستراتيجيات والبرامج ووضع السياسات والإجراءات للنظام ، التخطيط للتنفيذ بالاشتراك مع الصندوق ، ولك أن تتخيل حجم المهزلة التي يعيشها التأمين الصحي حيث لم يتم حتى الآن إخراج الصندوق إلى حيز الوجود ، لماذا؟ ربما يكون ذلك له علاقة بالتكتل الشرير الذي أشرت إليه سابقاً. دكتور ..هناك الكثير ممن انتقد بعض القصور والتضارب في مهام الهيئة والصندوق ما رأيكم؟ قلت سابقاً إن الرؤية للتأمين الصحي كانت غائبة ما يقارب الخمسة والعشرين عاماً وصدر القانون بعد مخاض عسير، وجهود ودراسات لا يمكن إنكارها ، وعند العودة إلى بعض أدبيات منظمة الصحة العالمية وجدنا أن المنظمة بالاشتراك مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي وال GIZ وضعوا مسودة للقانون ، غير أن من قام بإعداده لم يأخذ بتلك المسودة كاملاً ،وأعتقد أن هذا خلق بعضاً من التداخل في الاختصاصات بين الهيئة والصندوق مع أن المادة (29) من القانون تطلب من الهيئة والصندوق العمل معًا على إنجاز البنى التحتية لنظام التأمين الصحي وهذا يستدعي بالضرورة العمل على إزالة التداخل في الاختصاصات بين الهيئة والصندوق ومن المبكر جداً الحكم على هذا التضارب إن وجد قبل البدء بتنفيذ النظام عموماً. مهتمون انتقدوا قانون التأمين الصحي الاجتماعي؟ وأوضحوا بأنه ليس مكتملاً؟ نحن في دولة تؤمن بالديمقراطية وتعدد الآراء وتؤمن بالتداول السلمي للسلطة فكل من له علاقة بالتأمين الصحي يتناول القانون والنظام وفق رؤيته الخاصة وربما وفق منطلقاته السياسية والأيديولوجية وربما مصالحه الخاصة ولا نستطيع أن نصادر أو ننتقد رأيًا ، إنما نستمع لكل الآراء مهما كانت منطلقاتها بصدر رحب و أفق في التفكير ، تحكمنا المصلحة الوطنية ومصلحة المواطنين ، نحن سمعنا بعضًا من هذه الانتقادات على القانون، وأي قانون في الدنيا ليس قرآنا من السماء ، فالقانون من صنع البشر ولا بد أن له عيوبًا وفيه فجوات ، وأضرب لك مثلاً ، القانون اللبناني للتأمين الصحي تم تعديله سبعة وثلاثين مرة في خلال أربعين عامًا، ومن قبل أن يبدأ التنفيذ وبالمثل قوانين التأمين الصحي في مختلف دول العالم ، ونحن نحكم على ديناميكية القانون من خلال ما يطرأ عليه من تعديلات ، فبعض الدول لم تعدل قوانين التأمين الصحي منذ الخمسينيات ،تجمد نظام تأمينها الصحي ، ولم يصل إلى الهدف الذي أنشئ من أجله وهو شمول التغطية التأمينية لكل مواطني هذه الدول ، كما تولدت مشاكل كثيرة جداً تراكمت عبر مراحل زمنية طويلة دون حل ويصعب حلها الآن ، وإذا تم إيجاد الحلول لها الآن فسيكلف الدول وأنظمتها التأمينية مبالغ باهظة، وعليه فإن لنا رؤيتنا الخاصة لقانون التأمين الصحي الاجتماعي تنطلق من فهمنا للمسؤولية الدستورية ومخرجات الحوار الوطني ولواقعنا وظروفنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمالية وتراعي حقوق المؤمن عليهم ومحدودي الدخل والفقراء والعجزة وذوي المخاطر العالية، ومع ذلك فنحن نمتلك مناقشتنا الخاصة لقانون التأمين الصحي، ولن نألو جهداً في السعي لتعديله متى كان ذلك ضرورياً وفق الاعتبارات السابقة ونحبذ أن يكون بعد التطبيق له على أرض الواقع. دكتور حالياً ، هل ترى ممارسة الجهات الحكومية التأمين الصحي لموظفيها؟ استنساخ صناديق للتأمين الصحي في بعض الجهات الحكومية واستخدام وسطاء لتنفيذ تأمين صحي شكلي إجراءات مخالفة للقانون ، فالجهة المكلفة قانوناً بتنفيذ التأمين الصحي في اليمن لموظفي الدولة هو صندوق التأمين الصحي تحت إشراف ورقابة الهيئة وبالتالي فإن أي جهة تمنح أي ترخيص لهؤلاء الوسطاء هو غير قانوني كما أن اعتماد ميزانيات بمئات الملايين وبالمليارات هو إجراء مخالف للقانون ويعتبر فساداً واضحاً ويجب على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الاضطلاع بدورها في إنهاء هذه المهزلة وتوجيه هذه الأموال للنهوض بالهيئة وبناء نظام التأمين الصحي الاجتماعي لكل موظفي الدولة أولا، ثم ليشمل جميع المواطنين ثانياً، طبعا وزير المالية الأسبق لم يوافق على صرف هذه الأموال من الميزانيات المعتمدة لتلك الجهات وهو يعلم مخالفة ذلك للقانون ، في حين أنه منع صرف ملايين قليلة للهيئة وللصندوق لاستكمال البنى التحتية لهما والبدء بتنفيذ القانون. في القطاع الخاص يشكو الكثير من موظفيه بأن التأمين الصحي المؤمن عليهم هو صوري ؟ ما دور الهيئة في ذلك؟ صحيح، التأمين الصحي المقدم لموظفي القطاع الخاص صوري ، لعدم وجود جهة تراقب هذا السلوك ،فعلى الجهات التي منحت التراخيص لوسطاء التأمين الصحي العمل على منع تلك الانحرافات كمساهمة في محاربة الفساد ، وأما دور الهيئة في ذلك ،فإنها ملزمة إجبارياً بقوة القانون ،إدخال موظفي القطاع الخاص ممن ينطبق عليهم قانون العمل اليمني ضمن مظلة التأمين الصحي الاجتماعي، والقانون الحالي يلزم نظام التأمين الصحي باستيعاب كل شرائح المجتمع في نظامه، والهيئة تقوم بإعداد الدراسات والبرامج الخاصة لاستيعابهم ،ولم يفوض القانون الهيئة بالرقابة على وسطاء التأمين المتواجدين في الساحة. كيف تقيم شركات التأمين الصحي في اليمن ؟وهل تدرك هذه الشركات أهمية ما تقوم به؟ أولاً، لا توجد في اليمن شركات تأمين صحي ، باستثناء شركة أو شركتين وفق مواصفات ومعايير يتم تطبيقها على الشركات الموجودة في العالم ،وما هو موجود في اليمن هم وسطاء فقط ،ولا نريد أن نقول سماسرة كما هو التوصيف الحقيقي وفق بعض قوانين التأمين الصحي في دول العالم، وعلى كل حال لم يرد في قانون التأمين الصحي ذكر لهم بشكل واضح لكن مفهوم المادة رقم (15) يحرم الوسطاء بين الجهة المكلفة بتطبيق نظام التأمين الصحي ومقدمي الخدمة تحت أي مسمى سواء المساعدة في جمع الاشتراكات لدى جهات العلاج أو وسطاء بينها والصندوق ، أما إدراك ما تسمى بالشركات لما تقوم به فهذا عائد لهم لكننا نعلم أنهم يملكون قدرات مالية ونفوذاً في أجهزة الدولة قد تمكنهم من تأجيل تنفيذ التأمين الصحي ووضع العراقيل وخلق ضجيج إعلامي معاد للتأمين الصحي بغرض حماية مصالحهم الشخصية وقد عرض أحدهم عشرين مليون ريال لمن يؤخر تنفيذ النظام طبعاً هذا سيتم من خلال برامج وآليات خاصة لأن الفساد له ثقافته وآلياته ولا نستطيع تجاهل هذا ومع ذلك فنحن مستعدون لسماع آرائهم ومناقشتها من خلال ندوة تقام لهذا الغرض إذا توفر لنا التمويل. ما ضرورة وجود شركات تقدم خدمات التأمين الصحي في حال تفعيل الهيئة وممارسة مهامها؟ تفعيل الهيئة تعني ولادة الصندوق و قيامه بتنفيذ قانون التأمين الصحي لموظفي الدولة وكل المشمولين بالمادة رقم (4) بالقانون ، أما الفئة الاختيارية فقد حددها القانون وتشمل فئات محددة ، وعليها الاختيار أما الانضمام إلى التأمين الصحي الاجتماعي بعد موافقة مجلس الوزراء أو تؤمن لدى القطاع الخاص وفي هذه الحالة فإن القانون الحالي لا يلزم هذه الجهات أن تخضع لرقابة الهيئة ، وعلى الدولة في هذه الحالة تحديد الجهة التي تراقب وتشرف على هذه الجهات الخاصة حفاظاً على حقوق المواطنين. كيف يمكن الوصول إلى تأمين صحي اجتماعي شامل لجميع الموطنين ؟ يتم أولاً تأسيس نظام التأمين الصحي الاجتماعي وتنفيذ النظام وفق القانون الحالي بحيث يشمل المؤمن عليهم ومن يعولون والمحدد فئاتهم في القانون وتقديرنا أنهم يصلون إلى (40 %) من سكان اليمن ، وهذا يعني أن يتم الإعداد الجيد والتهيئة الصحيحة بحيث تشمل كل مفردات التأمين الصحي مهما كانت بسيطة حتى يكون التنفيذ صحيحاً وملبياً للطموحات والأهداف التي تم تحديدها في الاستراتيجية الوطنية للتأمين الصحي ، وحال الانتهاء من هذه المرحلة ، فإن الهيئة تكون قد أعدت الخطط والبرامج لإضافة شرائح جديدة من الموطنين للتأمين الصحي ، حتى يتم استيعاب كل المواطنين ،وهذا ليس بالأمر السهل ،فلابد من القيام بدراسات وأبحاث متعمقة للجوانب الاقتصادية والاكتوارية والمالية والظروف الاجتماعية وغيرها، وستقوم الهيئة بكل ذلك إن شاء الله. دكتور قمت بزيارة بعض الدول للتعرف على تجاربها في التأمين الصحي ، ترى ما هي الدولة الأولى في تأمينها لمواطنيها وهل نستطيع تطبيق نظامها هنا في اليمن؟ أنظمة التأمين الصحي الاجتماعي في المنطقة والعالم لا تأخذ نمطاً واحداً يسهل نقله وتطبيقه لكل الدول، فكل دولة لها نظامها التأميني الخاص والذي يُعكس فيه ملامح تراثها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والديمغرافي، فتونس ولبنان والجزائر يأخذون طابع التأمين الصحي الفرنسي لكنه بنكهة الشرق وهنا نستنتج أنه لا بد أن يكون للتأمين الصحي الاجتماعي اليمني مرجع نستفيد منه من خلال الدراسات والأبحاث التي يقوم بها المرجع والتي تشكل العمود الفقري في النظام ، وفي هذا المجال فنحن نحبذ الاستعانة بالتأمين الصحي التونسي واللبناني كونهما يملكان تراثاً واسعاً وتراكماً معرفياً مذهلاً في التأمين الصحي الاجتماعي وبالتأكيد سيفيدنا هذا في تدريب كوادرنا في مجالات مختلفة ومهمة لنظامنا وفي مجالات البناء المؤسسي – وهناك نظام التأمين الصحي السعودي والذي له نكهة خاصة حيث إن السعودية تؤسس لنظام تأمين صحي متميز في المنطقة ولا يقل كفاءة عن الأنظمة التأمينية في العالم وقد استفدنا وسنستفيد مستقبلاً إن شاء الله منه في إكمال عملية التأسيس للبنى التحتية لنظامنا ، كما أن ما يميز التأمين الصحي السعودي أنه يعتمد الآن على الطرف الثالث في التنفيذ وهو شركات التأمين وشركات المطالبات ولديهم معايير لعمل هذه الشركات وهذا غير موجود في أنظمة كثيرة في العالم لذا فإننا نرى أن التنوع في الأنظمة التأمينية يعطيك كتباً مفتوحة لتأخذ منها إلى كتابك الذي لا يزال أبيض وما عليك سوى الاجتهاد واستخدام ملكات العقل والفكر لتستفيد من هذه التجارب، كما أذهلتني الجوانب التنظيمية والمعلوماتية والتكنولوجية للتأمين الصحي الكوري الجنوبي، وهو يعتبر النظام الأحدث بين الأنظمة التأمينية في العالم ، حيث تم تنفيذ التأمين الصحي لكل مواطني كوريا في فترة زمنية قياسية استغرقت اثني عشر عاماً وهذه تعتبر فترة قصيرة في الأنظمة التأمينية حيث إن عملية التنفيذ لم يصاحبها مشاكل تذكر ، وهذا ما يغرينا في هذا النظام للاستفادة منه ،وعليه فإننا مصممون على أن ندرس بعمق التجربة الكورية وكيف نستفيد منها في إعداد قواعد البيانات والنظام الآلي والربط الشبكي ولا يفوتني التوضيح أن قانون التأمين الصحي الكوري صدر عام (1963م) وتم البدء بتنفيذ النظام عام (1977م) أي بعد (14) أربعة عشر عاماً من الإعداد والتخطيط ،لخمسين مليون مواطن كوري وهذه الخطوة أحد أسرار نجاحهم الكبير في التنفيذ ،فأتمنى أن يطبق النظام الكوري الآلي في اليمن مهما كان مكلفاً لأن العائد سيكون سريعاً ومثمراً وكونه يعتبر إدارة فعالة لمكافحة التحايل والفساد اللذين يعتبران الآفة التي ستلتهم أموال التأمين الصحي اليمني. ماهي العوائق التي تعيق تحقيق التأمين الصحي الاجتماعي اليمني؟ هناك الكثير من العوائق التي تقف أمام تنفيذ التأمين الصحي ، وأبرزها الارتباك التشريعي ويتمثل بما أشرت إليه بسؤالك سابقاً ، وهذه لا تشكل في حد ذاتها عائقاً الآن، لكنها مرتبطة بما هو آت ،وقصور المواطنين بفهم التأمين الصحي ودوره الاجتماعي ، فالثقافة التأمينية مطلوبة بكل معانيها وهذه مهمة يجب على الهيئة القيام بها من خلال وسائل الإعلام وأنتم جزء من هذه المنظومة ونعول عليكم الكثير، توفير التمويل اللازم لبناء قواعد البيانات والنظام الآلي والربط الشبكي مع مقدمي الخدمة وتمويلات لازمة لتدريب الكوادر اليمنية في مختلف مجالات التأمين واستكمال البنى التحتية للنظام ومن أهمها إنشاء الصندوق ، أما الاعتماد على مخصصات وزارة المالية - وهي ضئيلة - سيؤدي إلى التأجيل في تنفيذ النظام لسنوات قادمة ما لم تتنبه القيادة السياسية والحكومة وتتدخلا بصورة فاعلة لإنجاز متطلبات النظام والبدء بالتنفيذ مع علمنا أن الأزمة المالية لاتزال تحدياً حقيقياً وماثلاً للعيان ، وإيجاد مقر دائم وآمن للهيئة والصندوق حتى يتم حفظ بيانات النظام بطريقة صحيحة وحتى لا تتعرض للتلف جراء التنقل من مقر إلى آخر، عدم فهم الجهات ذات العلاقة بطبيعة التأمين الصحي فيقل اجتهادهم بالتفاعل مع مشاكله ومتطلباته، العوائق كثيرة، وهذه سنة الحياة لكن الإرادة قوية وبعون الله سيتم مواجهة وحل المشاكل بوضوح الرؤية والأهداف وسيتم تنفيذ النظام الذي هو أمل الموظفين و الفقراء والمهمشين من شرائح المجتمع اليمني الذي طال انتظاره. كلمة أخيرة تود قولها دكتور؟ لأهمية التأمين الصحي الاجتماعي وما يحدثه من تأثيرات متعددة في المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً اعتبرت كلها في طليعة الأولويات التي تأخذ بها الدول والحكومات لتنمية مجتمعاتها فمن ثم كان لزاماً على هذه الحكومات أن تقوم هي بنفسها بإدارة التأمين الصحي الاجتماعي الغير ربحي حتى تلك الدول الموغلة في الرأسمالية والتي تقدس الفرد كبريطانيا، وفرنسا، وكندا ،وألمانيا، وأستراليا ، وكوريا وأمريكا ، وكلها تدير التأمين الصحي الاجتماعي أما دور القطاع الخاص فهو مهم جداً وأساسي في إنتاج الخدمات الطبية والتنافس على تقديمها وبيعها للتأمين الصحي الحكومي الغير ربحي وفق عقود وآليات يتم الاتفاق عليها مع إدارة التأمين الصحي. كما أن الدولة مطالبة الآن أكثر من أي وقت مضى بضرورة أن يتصدر التأمين الصحي أولويات المعالجات للتخفيف من معاناة الناس ومحاربة الفقر ، وتحسين جودة حياتهم المعيشية صحياً واجتماعياً وثقافياً ..... الخ، والعمل على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني في هذا الجانب، وما أتمناه هو التكثيف والاستمرار بتوعية المجتمع بأهمية واهتمامات التأمين الصحي الاجتماعي.