مثلت عدن المكان المناسب لتجمع الأحرار اليمنيين من الشمال ومن الجنوب ضد حكم الإمامة في الشمال والاستعمار في الجنوب، وكان للنوادي والجمعيات والهيئات الشعبية التي ظهرت في عدن دوراً بارزاً في نشر الوعي خصوصاً مع تطور الصحافة ، ففي عهد الحكم الإمامي في المحافظات الشمالية ومع بداية الأربعينيات كانت سياسة الإمام في حكم البلاد قد خلقت جواً مشحوناً بالتذمر وبدأت أفواج وطلائع الأحرار تتوجه إلى عدن التي كانت الصدر الرحب لاستقبالهم ووجد الأستاذان أحمد محمد نعمان ومحمد محمود الزبيري الظروف المواتية لنقل حركة المعارضة إلى مرحلة جديدة ، مرحلة التماسك والتنظيم عندما وجدا تجاوباً شعبياً كبيراً في وقت كان النازحون من أبناء شمال اليمن قد أسسوا نوادي قروية لتسهيل استقبال الواصلين لإيوائهم وشكلت تلك النوادي مراكز نشاط اجتماعي وثقافي وتجمع أثناء تناول القات في فترة الظهيرة وكانت تلك التجمعات فرصة لتناقل الأخبار والأحداث في شمال اليمن وما يقوم به نظام الأئمة من ظلم للمواطنين، وقد سهل انتشار النوادي للنعمان والزبيري فرصة الالتقاء بأكبر عدد من الساخطين على نظام الإمامة وفي مقدمة تلك النوادي نادي الاتحاد الأغبري ونادي الاتحاد الذبحاني وغيرهما، حيث استطاع النعمان والزبيري من خلال محاضراتهما رفع مستوى التوعية وإلهاب وإثارة الحماس للعمل الوطني. وتوجا ذلك بتأسيس أول حزب سياسي. حزب الأحرار تأسس الحزب برئاسة أحمد محمد نعمان وتولى الشاعر محمد محمود الزبيري إدارة الحزب في يونيو 1944والذي سمي بحزب الأحرار، وأول نشاط للحزب كان القيام بتوجيه رسالة إلى الإمام يحيى تضمنت المطالبة بمعالجة الأوضاع والمظالم التي يعاني منها الشعب والتي لخصت بالمطالبة بإنقاذ الأمة من المجاعة والسماع لأبناء الأمة ببث شكواهم، والعمل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإعفاء الفقراء من الضرائب والتقيد بأحكام الشريعة الإسلامية وإزالة الفوارق والتورع في جمع الزكاة وعدم فرض العقوبات على المواطنين بدون محاكمة والنظر في قضايا الأوقاف وغيرها، وقد رفضها الإمام يحيى، ومضى الأحرار في تكثيف الاتصالات بالمهاجرين في الخارج أمثال الشيخ عبدالله الحكيمي في بريطانيا و عبدالقوي الخرباش وأحمد عبده ناشر في الحبشة. الدور البريطاني كانت بريطانيا قد سمحت لحزب الأحرار بممارسة نشاطه بهدف إتاحة الحرية النسبية من جهة واستخدام ذلك النشاط للضغط على الإمام من جهة أخرى ولكن حزب الأحرار لم يحقق آمال البريطانيين بل على العكس فقد لعب دوراً بارزاً في نشوء الحركة الوطنية وبلورة الوعي الوطني ونشر الأفكار الوطنية المعادية للاحتلال، وقد أوفد الإمام يحيى إلى عدن وفداً برئاسة القاضي محمد بن عبدالله الشامي للتفاوض مع البريطانيين وإبلاغهم بالاحتجاج على نشاط الأحرار في عدن والمعادي للنظام الإمامي ووقف أي نشاط وإعادة الهاربين وعدم السماح لهم بالبقاء في عدن، وعلى ضوء ذلك أمرت السلطات البريطانية بوقف أية نشاطات لحزب الأحرار. الجمعية اليمنية الكبرى وعندما رفعت بريطانيا الأحكام العرفية في مستعمرة عدن بعد الحرب العالمية الثانية قام النعمان والزبيري بتأسيس (الجمعية اليمنية الكبرى) والحصول على امتياز لإصدار صحيفة «صوت اليمن» يناير 1946 كامتداد لحزب الأحرار ووضعت برنامجاً لنشر الوعي الثقافي والوطني عن طريق المحاضرات وإصدار صحيفة «صوت اليمن» ورأس الجمعية الزبيري فيما تولى النعمان منصب سكرتيرها العام، وجاء في بيان إنشاء الجمعية المطالبة بإنشاء مجلس شورى منتخب وإقرار دستور للبلاد.. وكفالة الحرية لكل فرد والمساواة بين المواطنين، وقد اتسع نشاط الأحرار بين أوساط الجماهير بعد تأسيس الجمعية وكان همهم هو إنشاء مطبعة خاصة بالجمعية تمكنهم من طباعة صحيفتهم ونشراتهم وما يصدر من مؤلفات وكتيبات. ولما فشل السيف أحمد في إقناع الزبيري والنعمان بالعودة إلى الشمال قام بزيارة عدن في إبريل 1946لطرح قضية الأحرار على السلطات البريطانية وإرغامهم على العودة ولكنه عاد إلى تعز بخفي حنين دون تحقيق مأربه، رغم محاولة الشيخ البيحاني التوسط بين الفريقين لكن الزبيري والنعمان قدما شروطاً باسم الجمعية اليمنية ومنها قبول تأسيس مجلس شورى وتشكيل وزارة من رجالات البلاد الأكفاء وتشكيل لجنة مراقبة من المواطنين.. والتي رفضها الإمام أحمد.