في تصريح للدكتور الأكاديمي واللاعب السابق إيهاب النزيلي قال فيه إنه فضّل المغادرة من البلاد بعد أن وصل إلى قناعة أن اليمن لا تقدر المواهب وكذلك القائمون على القرار لا يعجبهم أن يكون هنالك أي شخص مؤهل بالقرب منهم.. وعن تعامله مع اتحاد الكرة قال الزرياب إيهاب إنه تقدم للاتحاد العام بالكثير من الطلبات بغرض ترشيحه لحضور دورة إعداد مراقبي المباريات لدى الاتحاد الآسيوي في عام 2013 ووعدوه بترشيحه ثم اكتشف أنهم رشحوا شخصا آخر وللأسف فشل، ثم كرر تقديم الطلب في 2014 ووعده الأمين العام بأنه سيتواصل مع الاتحاد الآسيوي لتعيينه في لجنة المسابقات، لكن لا صحة لكل هذه الوعود.. ليختتم الحديث إيهاب بالقول: ولأنني أجزمت أنه لا يريد ترشيحي فقد تبين لي مؤخرا أنه رشح شخصا آخر ومرة أخرى فشل بسبب اللغة.. للأسف الشديد بمرارة يقول الزرياب: اكتشف لي مؤخرا أنهم لا يريدون أحداً مؤهلاً جنبهم.. ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن الكثير من النجوم اليمنية غادرت سماء المنطقة بحثاً عن بقعة ضوء في سماء الكون الفسيح.. حيث تبقى مشكلة مغادرة النجوم اليمنية إلى الخارج واحدة من أكثر المشاكل التي تؤرق الإبداع اليمني وكذلك الحكومة اليمنية، على اعتبار أن الثروة البشرية هي الأغلى والأهم والأصعب، ولكن ما يحدث حالياً أن الرحيل بالنسبة للكوادر اليمنية بات يتزايد مع مرور الوقت ومن هنا نبدأ.. الحيدري.. في بلاد سام من ضمن كتيبة “الأمل المفقود 2003” تلك الأسماء التي جعلت الكبار والصغار يهيمون عشقاً وحباً في كرة القدم يأتي اسم طارق الحيدري وهدفه الجميل في مرمى المنتخب السوري.. الحيدري لاعب يحمل مواصفات النجومية وكان الجميع يتوقع أن يصبح نجماً في الملاعب عطفاً على الأداء الكبير الذي كان يقدمه ابن الثمانية عشر ربيعاً.. مرت الأيام والسنوات ولم يجد لاعب 22 مايو والمنتخب الوطني ما يكفيه للعيش.. فترك البلد وهو في قمة عطائه بحثاً عن لقمة العيش في بلاد العم سام.. الحيدري التقيته في مباراة نظمها أنصار الله مع المنتخب الوطني، وظهر فيها الحيدري بقامته الفارعة التي لم تعد تمت للرياضة بصلة بعد أن كان بالإمكان الاستفادة منه وصناعة نجم يساعد منتخبنا في الخروج من المركز 174. الشاذلي اخوان وجدان شاذلي.. هكذا يكفي أن تعرف به ولا يحتاج أن تقول عنه أكثر من وجدان شاذلي.. لاعب وحدة عدن والمنتخبات الوطنية طيلة سنين وبين شمال وجنوب مثّل المنتخبات خير تمثيل.. لاعب لا يشق له غبار، مهاجم من طراز فريد ولاعب حاذق يعرف كيف يسير الفريق في الميدان.. طالت الإيقافات والتهديدات في بلد الحكمة ولم يعد من حكمتهم شيء سوى إيقاف وحرمان الشاذلي. وجدان اليمن اختفى قليلاً قبل أن يظهر علينا بلاعبين رائعين يحملان اسمه.. إنهما نسخة متطورة من وجدان.. عادل الشاذلي المتواجد الآن في إحدى أهم الأكاديميات في أوروبا.. احفظوا هذا الاسم جيداً فلربما يصبح اسماً شهيراً، بل إنني أجزم من الآن أنه سيصبح من الأسماء الشهيرة في قادم الأيام.. ومن غير المنطق أن يقبل ابن شاذلي بتمثيل اليمن الذي لم يحترم أباه.. وكم من وجدان في أوروبا.. لم نعرفهم لكنهم يعرفون أسماءهم. الهردي.. والناخب الوطني يحكي العم علي شاهر، وهو أحد أهم المصورين الصحفيين في بلادنا، قصة رحيل النجم اليمني أحمد الهردي من الدوري اليمني الى دوري نجوم قطر بالقول: ذهبت به الى الناخب الوطني وأعطيته معلومات عن هذا اللاعب الذي يلعب ضمن صفوف نادي 22 مايو ولكنه رفض ضمه في وقتها.. أو حتى إعطائه فرصة أن يكون ضمن التشكيلة الأولية.. وتمر الأيام ويأتي مهرجان عربي باختيار ثلاثة لاعبين من كل بلد ومن ضمنهم كان لاعبنا أحمد الهردي الذي تم اختياره للمشاركة في المهرجان. الحديث للعم علي شاهر.. وبعد أن شاهده القائمون على المهرجان اقتنعوا به وأوصلوه الى النادي الأهلي بقطر بعد أن مرّ بأكاديمية التفوق الرياضي اسباير.. اليوم أحمد الهردي تم استدعاؤه الى الأولمبي القطري ولم يعد لاعباً يمنياً.. شاهدوه على شاشات التلفاز حين يلعب الأهلي القطري ستشاهدون فتى يمنياً أسمر اللون هو الأفضل في تشكيلة الفريق من اللاعبين العرب، ولكن أن تعيشوا حجم المأساة أن يرفضه الناخب الوطني ويستقبل استقبال الأبطال في الخارج. القباطي.. هروب بطل أولمبي في أولمبياد لندن 2012 رحلت بعثة اليمن الى لندن للمشاركة بأربعة لاعبين وحوالي عشرين إداريا يتقدمهم بالطبع وزير الشباب ومدير الصندوق وأمين عام اللجنة الأولمبية.. شدوا الرحال وذهبوا في أحد صباحات شهر رمضان المبارك الى مدينة الضباب.. وعند العودة تفرقوا وتلاحقوا.. وهرب تميم القباطي ولم يعد.. لقد غادر اليمن وذهب الى إحدى المقاطعات البريطانية بحثاً عن العيش. ولكم أن تتخيلوا حجم المأساة “بطل أولمبي يبحث عن لقمة عيش” أي بلد هذا.. بينما في كل بلدان العالم هناك وصف خاص وتعامل محترم ومعيشة هنيئة للأبطال الأولمبيين.. عادت البعثة الى اليمن ولم يعد معهم تميم.. وقال حينها أمين عام اللجنة الأولمبية إن عودة تميم في شهر يناير، ولكن مرّ يناير ثلاث مرات ولم يعد تميم.. سمعنا عنه وقرأنا في الصحف أنه أصبح لاعباً محترفاً في إحدى المقاطعات.. ولن يمثل اليمن في الأولمبياد المقبل. من الملاعب إلى الشاشات من يتابع القنوات الرياضية لابد أن عينيه اكتحلتا ب”رائد عابد” هذا المذيع الذي يطل باستمرار من القناة الأولى رياضياً “bien sport”، يمني الجنسية لم تفتح له القنوات اليمنية ذراعيها ولم تحتضنه، بل إنها لم تساعده كي يقدم موهبته وينشر عبير إبداعاته.. كان خياره الذي لابد أن يفكر به كل من وصل الى مثل هكذا حال هو “الرحيل”.. رائد عابد صاخب الابتسامة الجميلة والأسلوب الشيق والسرد اللطيف في التقديم.. وجد نفسه اليوم في أفضل المحطات الرياضية العربية، وماذا عسى أن يقول عنه اليوم من لم يفسح له المجال في بلده بالأمس..؟! ومثله السواري معين الذي يتألق في كتابة وقراءة التقارير الرياضية من قناة العربية إحدى أهم المحطات على مستوى الشرق الأوسط.. معين الذي حاول أن يفعل شيئا وهو في اليمن ولكن كل الظروف كانت تدفعه للمغادرة ليجد نفسه مجبراً على مغادرة البلد في منتصف العام 2013 رحل معين ومن قبله رائد عابد ومن قبلهما الكثير وبالتأكيد سيلحق بهما الكثير. ختاماً.. مقابل كل هذه الأسماء التي تم الاستدلال بها وهو على سبيل المثال لا الحصر لم نجد أن أحدا من الموهوبين سياسياً قد غادر البلاد.. فقط كل الذين يغادرون البلاد من المبدعين والموهوبين.. الذين يتزايد معدل رحيلهم من اليمن يوماً بعد آخر ولكم أن تتخيلوا أن أحد الأكاديميين أخبرني العام الماضي حين التقيته في المدينةالمنورة أن إحدى الجامعات في المملكة يوجد فيها مائة دكتور يمني، وهو معدل لا يمكن أن نراه في أية دولة أخرى.. ليظهر سؤال صعب مفاده: إذا كان يرحل عشرات الأكاديميين في رحلة نزوح جماعي فمن سيستطيع العيش بعدهم.. وإذا كانت الدولة لا تهتم بالمبدعين فمن سيهتم بهم.. وإذا كان الرحيل واجباً فإن الأوجب منه أن تهتم الحكومة بمثل بهؤلاء..؟ وكفى.