أمر محزن جداً وعلقم مرير عندما تلتقي أحد النجوم البارزين والواعدين وتقول له: كابتن من ناديك القادم ولمن ستلعب الموسم القادم..؟ ليصدمك: بارك لي طلعت لي فيزا للسعودية.. فتظن أنها رحلة احترافية.. لكنها تكون رحلة عمل شاقة بعيدة عن كرة القدم المتدهورة في اليمن والتي لا تجعلك تبني مستقبلاً بتاتاً.. بل تجد نفسك بعد تركها على قارعة الطرقات.. وسجين بيتك.. وحبيس جدران حارتك.. وغريباً وسط أهلك وجيرانك.. ودخيلاً على ناديك الذي خدمته أكثر من عقد من الزمن.. ومتطفلاً ومزعجاً إذا تم ترشيحك للمنتخبات الوطنية ولم يعجبك الأمر..لاعبو كرة القدم في اليمن لا يحلم أغلبهم بأن يستطيع بناء بيت خاص به من كرة القدم أسوة بأفقر دولة تمارس كرة القدم.. وبعدها يدوشونا بحكاوى وخرافات دوري محترفين.. للمحيرفين.. وقاطعي الجيوب.. عقود خادعة ومزيفة.. يجعل مستقبل كرة القدم في اليمن على كف عفريت.. أعرف كثيراً من الآباء ممن يتابعون كرة القدم في بلاد خلق الله أتبادل معهم الأحاديث حول الكرة ويحدثونني عن مواهب ومهارات أبنائهم في كرة القدم ويتأسفون لعدم وجود أندية حقيقية يثقون بانضمام أبنائهم لها ليمارسوا الكرة.. وعندما أدخل في نقاش حاد معهم لأعرف سر الامتناع.. يصفونني بالجنون واللاوعي.. ليقاطعوني: ليش في رياضة وكرة قدم باليمن.. يعني اسلم لهم ابني سليم وارجع بعدين أعالجه..؟! والامثلة كثيرة كما حدثت معش احد ناشئي نادي التلال من قبل والذي جعل والده يشكو ادارة التلال في موقع يمني سبورت الالكتروني من قبل.. أو كما قال لي احد الآباء ان ابنه انضم الى احد اندية الساحل الغربي وطلب منه بعد ذلك شراء حذاء له وعل حسابه مع زي رياضي فوافق لتشجيع ولده.. وكان يسأل ابنه هل تلعبون مباريات قال له الابن لا.. نتمرن يومين فقط بالاسبوع.. وفي احدى الحصص التدريبية اصيب الولد.. فجأة اداري النادي يطبطب عليه.. ومعليش وقل لوالدك يذهب بك الى مستشفى خاص لإجراء أشعة لقدمك ضروري وأدوية وبعدها تعال معك ورقة من المستشفى انك سليم.. ومن شدة الخوف للابن تردد بالقول لوالده وشاهده والده يمشي على غير عادته بل لا يقدر ويعرج ولا يذهب للتمارين كعادته.. فسأله ما بك.. فقال له بما حصل.. نزل عليه مادار كالصاعقة فذهب مسرعا لإسعاف ابنه حيث اظهرت الأشعة اصابته بالتواء في المفصل ويتطلب راحة ومتابعة والذهاب إلى صنعاء لمتابعة حالته وهو على قده.. فلعن اليوم الذي شجع ولده على الذهاب للنادي والانتماء والتمارين.. كان يظن ان ابنه سيصبح نجما يوما ما وان النادي سوف يقدر موهبته ويحافظ عليه ويقدم له كل شيء.. حينها حمد الله على كل حال بعد تعافي والده ورفض عودته بل انه طالبه بالالتفات الى تعليمه ودروسه ولا يشاهد كرة القدم سوى بالتلفزيون ولا يمارسها سوى بالمدرسة فقط.. كم من نجم فل.. ذهب.. رحل.. انتهى قبل أوانه..؟ جميع لاعبينا الآن ونجوم الصف الاول من تراهم الجماهير انهم مشهورون ونجوم واصحاب زلط على الواقع كلى واحد منهم.. مستور بحاله ونفسه.. ويدعو الله بحسن الخاتمة.. رواتب مخزية.. ومكافآت مضحكة.. ومقدم عقود لا تكفي حتى لشراء أواني طبخ منزلية.. ويقال عنهم المحترفين.. لماذا غادروا؟ الكل يعرف المونديالي نجم منتخب الأمل طارق الحيدري من ذهب بنا الى مونديال فنلندا للناشئين بهدفه الذهبي في المنتخب الصيني.. توقع له الجميع مستقبلاً واعداً.. لكنه كان أكثر ذكاء من الجميع عرف ان لا مستقبل له في اليمن بكرة القدم.. غادرها فورا ذهب الى بلاد العم سام امريكا للعمل وهو الآن هناك يعمل وبراتب أخضر افضل بكثير من كرة القدم باليمن لكان الآن.. الخائن لفريقه.. والبائع لوطنه.. والدلوع.. وهات من فنون انواع الشتائم التي ينالها لاعبو اليوم. نبيل عطيفة نجم الدفاع من كان يرشحه الجميع ليكون خليفة الوزير خالد عفارة للامكانات الفنية والبدنية العالية وبعد ثلاثية تايلند الشهيرة في صنعاء ارتفع أسهم النقد تجاهه ورفعت السكاكين لتحطيم موهبته سريعا بصورة افزعت اللاعب وجعلته يذهب الى لندن ويلعن ابو الكرة في اليمن واللي يلعبها. تامر حنش الذي عاد مؤخرا للعب في اليمن بعد ان كان في المانيا يعمل مع احدى الشركات ويقود فريقها الكروي اعترف في اكثر من مناسبة ان الكرة في اليمن مشاكل وتعقيدات وحرمانات فقط.. غادر ومكث هناك طويلا ولم يسأل عليه احد مع انه مهاجم من طراز فريد يحتاج للعناية والاهتمام بموهبته. عمر هيثم لاعب أظهره مقبل الصلوي ابو المدربين مع الأهلي الساحلي في أحد اللقاءات امام التلال فقدم فواصل من الابداع والامتاع والموهبة التي اذهلت الجميع وبعدها اختفى وغاب عجز الجن عن معرفته وبعد سنوات اتضح ان اللاعب تلقى عقد عمل بدولة الإمارات فذهب إليها. محمد فاروق لاعب أهلي تعز والمدافع الذي تنتظر منه المنتخبات اليمنية الكثير مازل في ريعان شبابه قبل أسبوعبين فقط غادر اليمن الى السعودية بعد أن حظي بفرصة عمل براتب جيد جعله يقطع وعداً وعهداً وتفكيراً نهائياً بالذهاب الى هناك وإلغاء فكرة الاستمرار بكرة القدم باليمن.. ياالله.. ماالذي يحصل بالضبط.. ما هذا العزوف الجماعي..؟ أين بلبل التلال بليغ نعمان.. والصقر منيف شائف.. ودعا الكرة في اليمن الى الخليج باعمال اخرى لأنهما اقتنعا بعد ان شاهدا من كانوا قبلهم أين وكيف أصبح مصيرهم..؟ جمال العولقي وعلي رمضان من أبرز لاعبي منتخب الامل ماذا تعني لهما الكرة الآن..؟ أبناء الغزال جمعينا يعرف الان وجد وعادل وجدان شاذلي.. ابناء الغزال والانيق.. قائد الاخضر العدني.. والهدف الرأسي القاتل ضد نشامى الاردن في تصفيات مونديال 94.. هما الآن في فرنسا باكاديمية نادي ليون يلعبان ويمتعان ويبرزان كمواهب يمنية.. ودليل على ان ابن الوز عوام.. حتى الأب وجدان في قمة سعادته في تغريدته في الفيس بوك على نعمة المولى التي انزلها على ولديه التي جعلته يعرف كيف يستمثرها.. واستغرب من العقليات التي تهاجم وجدان بلماذا ذهب بعياله الى فرنسا ولم يجعلهم يمارسون الكرة خارج اليمن.. ولست ادري ان طرهطقتهم ذلك بلغة عقل ومنطق أو بشطحة غباء مستلطف.. من هو النادي الذي لديه قاعدة اهتمام واكاديمية مثل ليون جزر القمر وليس ليون الفرنسي.. من حقه تأمين مستقبل أولاده.. ومن حقه الذهاب بهم الى ارفع المستويات لانه عاقل ويعرف “تعاسة بلاده الكروية“ ووجع الدماغ اللي به.. بل قد نراهم في قادم الايام والمستقبل وهم يرتدون شعار الديوك الفرنسية وقمصانهم وليس مستبعداً ذلك.. لان كرة القدم في اليمن لا تؤكل عيش ولا تشربك حليب ولا تجعلك تهنا يالتسجيل لعيالك وأبنائك واحفادك في انديتها أو فرقها.. كرة القدم في اليمن مشي حالك.. العب وازبط واردع.. انتبه تخليه يهرب منك.. عليك برجله تصعد لحافلة الفريق وانت تقرأ الدعاوي للوصول لأن الإطارات مبنشرة.. وياويلك تطالب بقارورة ماء وسط الطريق لانك سوف تفلس النادي صوم حتى الوصول.. وقلك يشتوهم يبقوا باليمن.. يلعبوا كرة قدم.. طيب كيف.. على أي اساس.. غماية بيضاء.. أو استغماية سوداء.