من الصعب جداً الحديث عن تطور الكرة اليمنية بمعزل عن الإعلام الذي يمثل شريكاً رئيسياً للاتحاد في عملية البناء والتطوير المنشود. وطوال عقد كامل اتسمت علاقة اتحاد الكرة بالإعلام الرياضي اليمني بشيء من الفتور بسبب سياسات مسئولي الاتحاد الذين خلقوا بقصد أو دون قصد فجوة واضحة انعكست بشكل جلي في التراجع الكبير للكرة اليمنية التي حصدت كثيراً من الخيبات طوال السنوات العشر الأخيرة لاسيما على صعيد المنتخب الوطني الأول الذي تراجع إلى أسوأ تصنيفاته على لائحة الفيفا. ووصلت علاقة الإعلام الرياضي مع رئيس الاتحاد العام لكرة القدم الشيخ أحمد صالح العيسي إلى أقصى حالات التوتر عقب تصريح الأخير الذي هاجم فيه الصحفيين بازدراء، مطلقاً عبارته الشهيرة التي لايزال الشارع الرياضي يتذكرها: “سفرية تطلعك وسفرية تنزلك”، غير أن جليد تلك العلاقة السيئة بدأ في الذوبان تدريجياً قبيل الانتخابات الأخيرة للاتحاد السنة الفائتة بعدما أكد الشيخ العيسي الذي نجح في الفوز بولاية ثالثة كرئيس للاتحاد عزمه فتح صفحة جديدة مع الصحفيين الرياضيين الذين أبدوا ترحيبهم بهذه التصريحات، الأمر الذي أسهم في الاصطفاف خلف منتخب الوطن الذي كان يستعد حينها لبطولة خليجي22 مما انعكس على نتائجه في الرياض بشكل إيجابي، ليحقق تلاميذ المدرب “سكوب” أفضل نتيجة في تاريخ مشاركات المنتخب اليمني في البطولات الخليجية ومستوى فني رائع أذهلوا به الجميع. خلافاً لعبارة العيسي المسيئة لكيان الإعلام الرياضي، يرى كثير من الإعلاميين أن النقطة الجوهرية للخلاف مع شيخ الكرة يتركز في طريقة إدارته لشئون اللعبة واعتماده على أشخاص معينين كان لهم الأثر السلبي في خلق الفجوة بين الطرفين من خلال احتكار المعلومة وحجبها عن الجميع بطريقة تفتقر للمهنية المطلوبة فضلاً عن استثمار مناصبهم لخدمة المقربين دون إعطاء الفرصة للآخرين الذين يرون بأنهم قادرون على المساهمة في خدمة المنتخبات الوطنية. ولاحقاً بدا واضحاً أن رئيس اتحاد الكرة كان حريصاً بالفعل على ردم هذه الفجوة بعد فوزه برئاسة الاتحاد للمرة الثالثة توالياً، من خلال تشكيل لجنة إعلامية تابعة للاتحاد.. ورغم أن البعض انتقد طريقة تشكيل اللجنة التي ضمت 21 إعلامياً معتبرين الخطوة بمثابة السعي لكسب ولاءات البعض وتكميم الأفواه، إلا أن آخرين رأوا في ذلك محاولة طيبة تهدف إلى كسر احتكار عمل هذه اللجنة في شخص محدد. كان متوقعاً أن تصطدم محاولة الشيخ أحمد العيسي وأعضاء اتحاده الهادفة إلى ردم الفجوة مع الإعلاميين بكثير من المطبات، لكن أحداً لم يتوقع أن يكون الاصطدام الأول بهذه القوة والسرعة بعدما واجهت اللجنة الإعلامية المشكلة حديثاً صعوبة بالغة في البدء بممارسة مهامها بعد مضي نحو 4 شهور على تشكيلها نتيجة رفض رئيس اللجنة العمل مع باقي الفريق. ويمثل ملف اللجنة الإعلامية واحداً من الملفات الشائكة أمام اتحاد الكرة، إذ أكد عضو في اتحاد الكرة أن هناك صراع أقطاب في اتحاد الكرة أدى إلى عرقلة البدء في عمل هذه اللجنة تحديداً. وقال: إن هناك موقفا رافضا من الأمين العام المساعد على تشكيل هذه اللجنة منذ إعلانها، يهدف من خلاله إلى الإبقاء على إمساك كل خيوط الإعلام في يديه، وفي المقابل هناك رغبة كبيرة من نائب رئيس اتحاد الكرة مسنوداً بدعم عدد كبير من أعضاء الاتحاد المنتخبين في تغيير الشكل النمطي لعمل هذه اللجنة وتحريرها من قيود الاحتكار التي فرضت عليها بفعل سياسات “الخميسي” على مدى سنوات طويلة مما أدى إلى حدوث شرخ كبير بين الاتحاد والصحافة الرياضية على مدى السنوات الفائتة. وبين رفض معاذ الخميسي ورغبة حسن باشنفر يقف رئيس الاتحاد حائراً دون القدرة على حسم الموضوع بشكل قاطع خشية الوقوع في إشكاليات جديدة قد تؤثر على عمل الاتحاد. ومؤخراً عقد أعضاء اللجنة الإعلامية المتواجدون في صنعاء ما أسموه «لقاء تشاوريا» بهدف التشاور حول تحديد مهام وعمل اللجنة خلال السنوات الأربع القادمة، لكن الاجتماع ربما أزعج الشيخ العيسي خصوصا حينما علم بغياب رئيس اللجنة الذي رفض الحضور، مبدياً رغبته في الاحتفاظ بمنصبه ك“أمين عام مساعد للشئون الإعلامية في الاتحاد” وهو ما اعتبره البعض مؤشراً لرغبته في احتكار العمل مجدداً وتهميش دور اللجنة التي لم تتسلم مهمتها بعد. وتالياً حدد أعضاء اللجنة الخميس الماضي موعداً لاجتماع ثانٍ في صنعاء وفقاً لما تم إقراره في الاجتماع السابق، على أن يتم توجيه رسالة لقيادة الاتحاد تطالبه فيها بتمكينها من عملها أو حل اللجنة، لكن الاجتماع الأخير تعذر إقامته بعدما اقترح نائب رئيس الاتحاد تأجيل موعده حتى يتم تقريب وجهات النظر، مؤكداً رغبة الاتحاد الصادقة في تمكين اللجنة من القيام بدورها وأداء مهامها. وفي أول رد على تأجيل الموعد أعرب عدد من أعضاء اللجنة عن استيائهم من هذا التأجيل الذي سيسهم في تعقيد الأمور وليس حلها.. مشيرين إلى أن ما حدث في الأيام القليلة الفائتة يؤكد حقيقة أن قرار الاتحاد مختطف بيد أشخاص يحاولون الضغط على الشيخ العيسي لتمرير رغباتهم والوقوف أمام أية رغبة حقيقية في إصلاح الوضع المختل.