تقع مدينة ثلا في الشمال الغربي من مدينة صنعاء على بعد حوالي 50كم ، يحددها ابن المجاور بقوله (من صنعاء إلى حصن ثلا ثلاثة فراسخ ) وتقع ضمن منطقة الهضاب التي تشكل جزءاً من المنطقة الجبلية التي يقطعها عدد من الوديان العميقة ، والمسالك المائية والطرق وتنتهي هذه الوديان مع وديان المنطقة الجبلية.. نشأة المدينة لقد تداخلت الاساطير مع الحقيقة في تاريخ نشأة المدن اليمنية القديمة وذلك لقلة التنقيبات الأثرية ، وفي بعض الاحيان لم يتمكن الباحثون من التحديد الدقيق لتاريخها.. حيث تتكون من -: - أولاً: السور: كان السور من العلامات البارزة في عمارة المدينةاليمنية القديمة وكان يتخذ شكلين إما مستطيل أودائري ، ويحتمل ان السور الدائري كان هو الأكثر شيوعاً لأنه يوفر الأمن أكثر ولأنه يساعد في الحراسة . وقد جاء سور ثلا على شكل دائري ولأن ثلا بنيت فوق تل جبلي في سفح جبل فهي مسورة بسور جزئي غير كامل . - ثانياً: المعبد: إن المعبد في المدينة المتأخرة في العصر الحميري كان يقع غالبا في وسط المدينة ،وبالنسبة لثلا فلا نجد فيها حاليا أي أثار لمعبد ظاهر على وجه الأرض ولكن يعتقد أنه موجود في المنطقة التي بني فيها الجامع الكبير ،لأن هذا المكان يمثل أكبر موقع في المدينة حيث إتساعه وارتفاعه. - ثالثاً: القصر: وهذه الوحدة المعمارية كانت في العادة تتوسط المدينة أيضاً لذلك كان القصر يعتبر بجوار الجامع في محل الجامع الكبير ولكن لانجد أي دليل باق يؤيد هذا الافتراض . - رابعاً: السوق: ويتوفر في مدينة ثلا أحد مكونات المدينة في اليمن القديم وهو السوق وهوعبارة عن محلات تجارية بجانب بعضها ولقد تمت إضافة هذا الموقع إلى قائمة التراث العالمي في اليونسكو في يوليو 2002 م . تسمية المدينة يرى بعض المؤرخين ان المدينة قد سميت باسم (ثلا بن لباخه بن أقيان بن حمير الأصغر). إلا أن اسمها قد اشتق من ثلئ أي كثير المال، ثم خففت إلى ثلا على الألسن وصارت معروفة بهذه الصيغة. قلعة ثلا التاريخية كانت ثلا خلال فترات العصور التاريخية المختلفة وحتى بداية القرن العشرين واحدا من أهم المواقع الحصينة. ففي العصر الإسلامي كانت المدينة، بسبب موقعها الحصين بالقرب من مدينة صنعاء، تقدم ملجأ حصيناً عند الحاجة، وقد حرص الملوك والأئمة الزيدية، الذين تولوا الحكم في اليمن، على إخضاع هذه المدينة لسيطرتهم. في العصر العثماني انطلقت منها الجيوش اليمينة لمحاربة الاحتلال التركي لليمن. حصن الغراب يوجد فيها آثار حميرية قديمة منها حصنها المنيع المعروف بحصن الغراب الذي يسيطر على المدينة، ويرتفع عن سطح البحر ب2960م. في فترة الاحتلال التركي تعرضت أجزاء الحصن الخارجية للتدمير. يوجد في الجزء الشرقي من الحصن مسجد جميل ومنشأة سكنية وبالقرب من ذلك يوجد برج عال. تشغل المدينة الحالية مساحة تقدر بعشرين هكتارا وهي محاطة بسور من الحجر يبلغ طوله1162م تقريبا. يتخلل السور ستة وعشرون برجاً بعضها دائري والبعض الآخر نصف دائري، يتم الدخول إلى البرج بواسطة سلم يؤدي إلى ممر ينتهي بغرفة مزودة بعدد من المزاغل لرمي السهام. للمدينة الحالية تسعة مداخل تفتح في السور هي: باب المشرق وباب الفرضة وباب السلام وباب الهادي وباب الحامد وباب المياه والباب الجديد وباب إبراهيم، وباب الفرضة الجديد وباب الحصن. يكتنف كل باب برجان منيعان يجعلان اقتحامه مستحيلاً. خمسة من هذه المداخل التسعة استحدثت على ما يبدو في القرن العشرين، وهذا يعني أن عدد الأبواب الأصلية للمدينة كانت أربعة أبواب فقط. أحياء المدينة المدينة مقسمة إلى عدد من الأحياء منها رأس الميدان في الغرب، قرية المحاميد في الشمال الشرقي، قرية اللؤلؤة وقرية الطلح التي يحتمل أنها أقدم أحياءالمدينة. يبلغ عدد المنشآت الدينية من مساجد ومدارس وأضرحة ومصلى في مدينة ثلا خمسا وعشرين منشأة. يقع الجامع الكبير في الطرف الجنوبي للسوق الذي يتوسط المدينة ويتكون من142 حانوتاً متقاربة في أحجامها وأشكالها. يقع حي اليهود القديم في الجنوب الشرقي للمدينة على بعد500م تقريباً من الباب الجديد، وكان يسكنه حوالي ثلاثين شخصاً هاجروا جميعاً إلى فلسطين. فن العمارة الإسلامية تقدم مدينة ثلا نموذجاً من نماذج المدينةاليمنية الإسلامية من حيث التخطيط العام وطرق ومواد البناء. ومنشآت ثلا المعمارية: الدينية كالمساجد والقباب والعمائر المدنية كالسوق والمنازل والحمامات العامة والمنشآت الحربية كالحصن والخندق والسور والأبراج هي العناصر الرئيسية التي توجد في المدينة العربية الإسلامية، لكنها في اليمن تختلف خصوصاً في المباني السكنية والحربية عن غيرها من حيث التخطيط ومواد البناء، والمكونات المعمارية لكل منشأة وأسسها وتقسيماتها من الداخل والخارج، وحتى في بعض العناصر الزخرفية المستخدمة في تزيين هذه المنشآت التي تقدم طرازاً معمارياً يمنياً متميزاً مستمداً من تراث معماري تتوارثه الأجيال منذ أكثر من أربعة آلاف عام. آثار حميرية وصف المؤرخ اليمني الكبير أبو الحسن الهمداني في كتابه «صفة جزيرة العرب» مدينة ثلا، فقال: ثلا حصن وقرية للمرانيين من همدان، وتقع البلدة في السفح الشرقي للحصن. واهتم الحميريون بالمدينة وحرصوا على التمسك بها للسيطرة على المناطق المجاورة، لأنها من أهم المواقع الحصينة، إذ تقع المدينة على ربوة مربعة الشكل أسفل السلسلة الجبلية الممتدة شرقا باتجاه سلسلة جبال كوكبان وحضور الشيخ، ويطل عليها الحصن المنيع المعروف بحصن الغراب الذي يبلغ ارتفاعه 2960 متراً عن سطح البحر وهو بمثابة ملجأ حصين عند الحاجة وما زالت الآثار الحميرية كالمقابر الصخرية وبعض المخربشات على جوانبه». فيما تحيط بالمدينة من جميع الاتجاهات عدة حصون توجد في بعضها عدد من الكهوف والمدافن الصخرية وبرك الماء. من الناحية الأمنية أحيطت ثلا بسور حجري يضم منازل المدينة القديمة، يصل طوله إلى أكثر من ألفي متر تقريباً ووضع فيه أبراج مراقبة مرتفعة حوالى ستة وعشرين برجاً تُشعرك بالأمان، ويشبه سور ثلا سور مدينة صنعاء القديمة، ويختلف عليه بأنه لا يعلوه ممر للحراس كما في سور صنعاء، كما أنه مبني من الحجارة بينما سور صنعاء القديمة مبني من الطين، وللسور سبعة بوابات مصممة تصميماً هندسياً حربياً يضم «المشراق، الهادي، السلام، الفرضة، المحاميد، المنياح، الحصن». أما فيما يخص المياه، فتبعاً لقلة مصادر المياه الجوفية، اتجه أبناء ثلا قديما إلى نحت خزانات وبرك في أعلى الجبال تحفظ تلك المياه ثم بنوا بركاً أسفل المنازل لتجري الماء تحتها كما لو كانت نهراً يجري طيلة العام، وبالتالي يسهل الحصول على الماء إلى المدينة عبر ساقية صخرية قديمة محفورة في الصخر وتعد أشهر شبكة مياه قديمة كما يوجد بالمدينة شبكة صرف صحي صخري تعتبر من أقدم المعالجات البشرية لمشكلة الإصحاح البيئي وأبرز البرك المائية هي بركة جعدان جنوبالمدينة وبركة باب المياح في الجزء الشمالي الغربي من المدينة. من جهة أخرى يلاحظ الزائر أنه تم تدشين حمام بخاري صحي في القرن الثامن الهجري، ويعد معلماً من معالم ثلا الأثرية، ويتميز بموقعه وفائدته العظيمة، وتوجد فيه قباب وخزائن وبرك، ويقصده الناس من داخل المدينة وخارجها للاستحمام والتداوي من بعض الأمراض. مدينة العلم والعلماء يبلغ عدد المنشآت الدينية في ثلا نحو 25 منشأة، أقدمها يعود الى ما قبل 1200 عام، أشهرها قبة محمد بن الهادي التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن السادس الهجري. غير ذلك تمثل ثلا اليوم أهم المزارات السياحية بالنسبة للسياح الأجانب بعد صنعاء القديمة، وقد دخلت ضمن المدن التاريخية للتراث العالمي، حيث يزورها سنوياً نحو 40 ألف سائح يطلقون عليها «فينسيا العرب» و«بندقية اليمن»، وقد أعجب بها الكثير من الرؤساء الذين زاروها، إذ قال عنها الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران عندما زارها: «ثلا تحفة رائعة تبهر العيون وتزين اليمن». وقال أحد المثقفين اللبنانيين في الأممالمتحدة: «يكفي اليمن أن بها مدينة مثل ثلا التاريخية».