أثار المصير الغامض للرهائن، في حقل للغاز في الجزائر بعد عملية نفذها الجيش، حفيظة الكثير من دول العالم التي استدعى بعضها السفير الجزائري للاطلاع على ملابسات الحادث. انهمكت الكثير من دول العالم في معرفة مصير الرهائن الغامض في الجزائر، في أعقاب عملية عسكرية نفذها الجيش الجزائري في أحد حقول الغاز في محاولة لتحرير رهائن من يد خاطفيهم الإسلاميين المتشددين، فيما عبّرت بعض الدول عن غضبها من العملية التي لم تتكشف تفاصيلها لحد الآن. وشنّ الجيش الجزائري الخميس هجومًا على المجموعة المسلحة الاسلامية التي تحتجز الرهائن ولم ترد أي حصيلة رسمية محددة لهذه العملية العسكرية في موقع انتاج الغاز في ان امناس على مسافة 1300 كلم جنوب شرق العاصمة الجزائرية، غير أن متحدثا باسم الخاطفين افاد عن سقوط خمسين قتيلاً هم 34 رهينة و15 خاطفًا، وهي معلومات لم يتم التأكد منها. واكد مصدر امني جزائري لوكالة فرنس برس ان فوجا آخر من منفذي الهجوم على مصنع الغاز في ان امناس "ما زال متحصنا" في جانب من الموقع. وقال المصدر "ما زال فوج متحصنا" في الموقع بعد 24 ساعة من بداية الهجوم الذي شنه الجيش الجزائري منذ فجر الاربعاء لتحرير الرهائن الذين تحتجزهم مجموعة اسلامية مسلحة في الموقع القريب من الحدود الليبية (1600 كلم جنوب شرق الجزائر). فيما اكد مصدر امني أيضا ان الارقام التي يقدمها الاسلاميون حول عملية الجيش الجزائري لتحرير رهائن ان امناس "خيالية". وقال المصدر في اتصال هاتفي ان "الارهابيين اتصلوا بوكالة اخبار نواكشوط (الموريتانية) لاعطائهم الاخبار بصفة حصرية وهي مصدر هذه الارقام الخيالية". من جهتها اعلنت مانيلا اليوم الجمعة ان 34 فيليبينيا نجوا من عملية احتجاز الرهائن التي قامت بها جماعة اسلامية في موقع لانتاج الغاز يعملون فيه في الجزائر ومن الهجوم الكثيف الذي شنه الجيش، نقلوا جوا الى بريطانيا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفيليبينية راوول هيرنانديز ان بين الموظفين الذين قامت شركتهم بترحيلهم الخميس واحد اصيب بالرصاص. وكان فيليبيني آخر هرب مع ياباني قبل الهجوم الذي شنته قوات الامن الجزائرية على موقع ان امناس في الصحراء الكبرى على بعد 1300 كلم جنوب شرق العاصمة الجزائرية. وتحدثت معلومات نشرتها صحف عن مقتل اثنين من الفيليبينيين خلال العملية لكن الناطق باسم الخارجية رفض تأكيد ذلك. وقال ان "الجزائريين اعترفوا بسقوط قتلى وجرحى من الرهائن بعد العملية التي قامت بها القوات المسلحة الجزائرية لكن لم نبلغ باي تفاصيل". لندن: "الحادث الارهابي في الجزائر" لا يزال جاريًا وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية صباح الجمعة أن "الحادث الارهابي لا يزال جاريًا" في الجزائر، حيث شن الجيش الجزائري هجومًا الخميس في محاولة لتحرير الرهائن المحتجزين في منشأة للغاز. وجاء في بيان صادر عن الوزارة أن "الحادث الارهابي لا يزال جاريًا" وأن رئيس الحكومة ديفيد كاميرون سيترأس اجتماع ازمة جديدًا مع وزراء ومسؤولين أمنيين الجمعة في لندن. واضاف البيان أن لجنة "كوبرا" التي سبق وعقدت اجتماعين الخميس "ستواصل الاجتماع طالما أن الازمة مستمرة". واعلنت لندن عن وجود العديد من المواطنين البريطانيين بين الرهائن الذين تحتجزهم مجموعة مرتبطة بتنظيم القاعدة منذ الاربعاء في موقع لانتاج الغاز في الصحراء الجزائرية وقتل بريطاني خلال الهجوم الاربعاء. واكدت وزارة الخارجية الجمعة "كما سبق وقال رئيس الوزراء ووزير الخارجية (وليام هيغ)، وبناء على ما نعرفه على ضوء المعلومات التي نقلتها الينا الحكومة الجزائرية، فقد قتل بريطاني. ليس بوسعنا اعطاء المزيد من المعلومات في الوقت الراهن لكن رئيس الوزراء حذر من أنه علينا أن نتوقع انباء سيئة". اجلاء مئات الاشخاص من الجزائر والتحضير لرحلة رابعة وأعلنت مجموعة بريتيش بتروليوم النفطية البريطانية ان ثلاث رحلات اقلعت الخميس من الجزائر حاملة 11 من موظفيها و"مئات" الموظفين في شركات اخرى من موقع احتجاز الرهائن في جنوب شرق البلاد على ان يتم تسيير رحلة رابعة الجمعة. وقالت متحدثة باسم مجموعة بي بي لوكالة فرانس برس انه تم اجلاء الاشخاص من موقع ان امناس لانتاج الغاز في شرق الصحراء الجزائرية حيث نفذت مجموعة مسلحة اسلامية عملية احتجاز الرهائن، ومن مناطق اخرى في الجزائر. نجاة رهينتين فرنسيين من الجزائر والفرنسيون في الموقع "قلائل جدًا" واعلن وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس الجمعة أن فرنسيين كانا ضمن الرهائن المحتجزين في موقع لانتاج الغاز في الجزائر "عادا" سالمين، مشيرًا الى أن الفرنسيين الذين كانوا في الموقع عند حصول عملية الاحتجاز "قلائل جدًا". وقال فالس متحدثًا لإذاعة ار تي ال: "كان هناك فرنسيون قلائل جدًا في هذه القاعدة الشاسعة على مسافة 1600 كلم جنوب العاصمة الجزائرية" مضيفًا: "لدينا انباء عن اثنين منهم عادا، اما بالنسبة للإثنين الآخرين، إن كان هناك اثنان آخران، فلا معلومات اضافية لدينا في الوقت الحاضر، ونأمل في الحصول على معلومات قبل الظهر". فرنسي: إطلاق النار كان غزيرًا ومتقطعًا وقال مواطن فرنسي بقي مختبئا تحت سريره طوال 40 ساعة ونجا من عملية احتجاز الرهائن في الجزائر ان "اطلاق النار كان كثيفا ومتقطعا". وفي حديث مع اذاعة اوروبا 1، قال الكسندر برسو احد الفرنسيين العاملين في شركة "سي آي اس كيتيرينغ" ان "اطلاق النار كان كثيفا ومتقطعا، تبعا لتطور الاحداث". واكد انه كان موجودا "في قاعدة سوناطرتك بان مناس". وقال "قتل ارهابيون واجانب ومن ابناء البلد"، لكنه لم يستطع القول هل ما زالت العملية العسكرية مستمرة صباح الجمعة. واضاف انه خلال احتجاز الرهائن صباح الاربعاء "سمعت اطلاق نار غزيرا. وجرس الانذار الذي يقول لنا بأن نبقى حيث نحن كان يلعلع. لم اكن اعرف هل هو تمرين او انه انذار فعلي". وتابع "لم يكن احد يتوقع حصول ذلك. كان الموقع محميا وتنتشر فيه قوات عسكرية". واوضح هذا المواطن الفرنسي "بقيت مختبئا حوالى 40 ساعة في غرفتي. كنت تحت السرير. وضعت الواح خشب في كل انحائها تحسبا لأي طارىء. كان لدي بعض المواد الغذائية وكمية قليلة من الماء ولم اكن اعرف كم من الوقت سيستمر هذا الوضع". واكد ان جنودا جزائريين على الارجح هم الذين انقذوه. وقال "كانوا جنودا يرتدون البزة الخضراء. اعتقد انهم جنود جزائريون". وذكر هذا الفرنسي "كانوا مع زملاء لي وبهذه الطريقة صدقت وإلا لما كنت فتحت" الباب. وقال انه اختبأ خلال عملية خطف الرهائن "في مكان يبعد دقائق عن المكان الذي كان يتمركز فيه الارهابيون". واضاف هذا الفرنسي "كان لدي معلومات عن وجود جريح في غرفة مؤن المطعم صباح امس. عثر اولا على ثلاثة بريطانيين كانوا مختبئين في السقيفة بالاضافة الى هذا الجريح الذي توجه مباشرة الى المستشفى". وقال "اعتقد ان اشخاصا آخرين ما زالوا مختبئين. انهم هنا يقومون بتصفية الحسابات". واعلن مصدر قضائي اليوم الجمعة ان القضاء الفرنسي فتح تحقيقا في قضية "خطف ادى الى الموت" حول عملية احتجاز الرهائن. ويفتح القضاء الفرنسي هذا النوع من التحقيقات عندما يتعلق الامر بفرنسيين وقعوا ضحايا حوادث في الخارج. ويتعلق هذا التحقيق الذي فتحته نيابة باريس "بعملية خطف تلاها موت مرتبطة بمنظمة ارهابية" و"جمعية اشرار للاعداد لجريمة او اكثر للمساس بالاشخاص". طوكيو تستدعي السفير الجزائري كما استدعت وزارة الخارجية اليابانية سفير الجزائر في طوكيو سيد علي كترانجي الجمعة بشأن قضية الرهائن المحتجزين في جنوبالجزائر وبينهم يابانيون والعملية التي شنتها القوات الجزائرية لمحاولة تحريرهم، على ما افاد مسؤول دبلوماسي ياباني. وقال المسؤول في الخارجية إن نائب الوزير سيستقبل السفير، وذلك بعدما اتصل رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي من بانكوك بنظيره الجزائري عبد المالك سلال للاحتجاج بعد هجوم الجيش الجزائري والمطالبة بوقفه فورًا. وبسبب هذه الازمة، قرر ابي الجمعة أن يختصر جولته في آسيا لعدم وجود معلومات جديرة بالثقة حول مصير 14 يابانيًا ما زالوا مفقودين، وأن يعود صباح السبت الى طوكيو بدلاً من مساء السبت، كما كان مقررًا من قبل. واعلن مسؤول أنه "سيلغي جزءًا من برنامجه في اندونيسيا، بما في ذلك خطابه السياسي والعشاء مع الرئيس (سوسيلو بامبانغ يودونويو) حتى يكون في طوكيو فجر السبت". الصحف الجزائرية تنتقد تعامل السلطة مع أزمتي الرهائن ومالي و انتقدت الصحف الجزائرية الصادرة الجمعة تعامل السلطة مع ازمة الرهائن التي اثبتت أن "القضاء على الارهاب" فشل، واعتبرت أن السياسة الخارجية لم تكن واضحة بخصوص التدخل العسكري في مالي. ورأت صحيفة الخبر في مقال إن عملية الهجوم على قاعدة ان امناس "تؤكد أن الخبرة التي ندعي نحن -الجزائريين- أننا اكتسبناها في مجال مكافحة الارهاب يجب أن نعكسها، أي أن الجماعات الارهابية هي التي اكتسبت الخبرة في الميدان". واضافت أن "السلطات الامنية والسياسية عندنا، فشلت في القضاء على الارهاب ولا يمكن أن يتحول استمرار الارهاب لمدة عشرين سنة في بلد ما مكسبًا حققه مسؤولوه، وخبرة تؤهلها للتفاوض على أساسها مع الشركاء الأجانب من موقع قوة". واشارت الخبر الى ان عملية امناس تؤكد ايضا أن "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قد تضرب في الجزائر كلما توفرت لها ظروف ذلك". من جهتها قالت الشروق إنه "يجب الاعتراف بأن السلطة اخطأت فعلاً في حق مواطنيها يوم اعلن وزير الخارجية الفرنسي (لوران فابيوس) أن الجزائر فتحت مجالها الجوي للطائرات الحربية الفرنسية لدك فلول المسلحين شمال مالي، بينما التزمت السلطات الخارجية الجزائرية الصمت المطبق في اهانة رسمية لشعبها". وخلصت الصحيفة في افتتاحيتها الى أنه "مهما كانت نتائج العملية العسكرية بان امناس فإن الجزائريين لا خيار لهم الا الوقوف مع دولتهم (...) لكن هذا لا يمنعنا من القول إن السلطة اخطأت التصرف والتقدير واظهرت نفسها للجزائريين وللعالم أنها بلا سياسة خارجية واضحة، ولا مؤسسات تحترم شعبها، ولا حجج تدافع بها عن خياراتها". ولا يصدر من الصحف الجزائرية الجمعة سوى ثلاث هي الخبر والشروق وهما اكبر يوميتين (اكثر من مليون نسخة) والوطن الاسبوعي باللغة الفرنسية. الصحافة الفرنسية تشير الى حزم الجزائر بينما اشارت الصحافة الفرنسية الجمعة الى "حزم" الجزائر في تعاطيها مع قضية احتجاز رهائن في موقع انتاج الغاز في ان امناس معتبرة أن هذه القضية تشير الى "تدويل" النزاع مع الارهاب في الساحل. وتحت عنوان "عملية احتجاز الرهائن تتحول الى مأساة" كتبت صحيفة لو فيغارو (يمين) "الجزائر اختارت القوة الخميس" وتابعت "تطلق فرنسا منذ اشهر جرس الانذار. الجزائر بدلت موقفها اخيرًا" داعية الى استراتيجية مشتركة للتصدي لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي في الساحل لأنه "لم يعد من الممكن تجاهل اندفاعة المتطرفين في مجمل منطقة الساحل أو التقليل من شأنها". ورأت صحيفة ليبيراسيون (يسارية) أنه "لا يسعنا سوى أن نشيد بأول بوادر مشجعة تصدر عن الجزائر. فهي سمحت للمرة الاولى لطائرات عسكرية فرنسية بالتحليق فوق اراضيها وتؤكد أنها اغلقت حدودها المشتركة الطويلة جدًا مع مالي" مضيفة أنه "اذا ما جاءت مؤشرات ملموسة أخرى لتؤكد سياسة الحزم هذه، فسيشكل ذلك منعطفًا إن لم يكن قطيعة مع الماضي". واوضحت صحيفة لو باريزيان اوجوردوي اون فرانس (شعبية) "لماذا اختارت العاصمة الجزائرية القوة"، فرأت أنه "في مواجهة الارهابيين فإن النظام الجزائري يتصرف دائمًا بأقصى درجات الشدة، وهو لا يزال يهجس الحرب الاهلية التي اوقعت 150 الف قتيل في عقد التسعينيات. فهو يضرب بسرعة وبقوة من دون أن يترك ادنى مجال للتفاوض لاسلاميين هم انفسهم على استعداد للموت كانتحاريين". وعنونت صحيفة لومانيتيه (شيوعية) "مأساة في موقع انتاج الغاز" معتبرة أن "عملية احتجاز الرهائن الضخمة في ان امناس تؤكد المخاوف من اتساع النزاع (المالي) الى المنطقة". ورأت الصحيفة أن "تحرك القوات الفرنسية والقوات الأفريقية التي ستنضم اليها لن يكون له معنى الا اذا ما اقترن بالاستثمار بقوة في تقاسم جديد للثروات مع أفريقيا". ورأت صحيفة لا كروا (كاثوليكية) أن "العواصم الغربية التي كان لها مواطنون محتجزون في ان امناس لم يتسنَ لها مباشرة بذل جهود لحمل الجزائر على التعقل في معالجة هذه القضية". وتساءلت صحيفة لا نوفيل ريبوبليك دو سانتر وست "هل كان هناك من خيار امام الرئيس (عبد العزيز) بوتفليقة؟" معتبرة أنه "لا يمكن للجزائر ابداء ضعف حيال احتمال حصول عمليات احتجاز رهائن متكررة نتيجة الازمة المالية واتساع الخطر ليشمل كامل منطقة الصحراء التي تعجز عن السيطرة عليها فعليًا". واكدت صحيفة لو ريبوبليكان لوران أنه "لن يعود بوسع الجزائر أن تمارس الازدواجية كما من قبل، وقد باتت أيديها ملطخة بالدماء" مضيفة أنه "سيترتب اخيرًا على الاوروبيين ابداء تضامن ملموس، لا يزال غائبًا الى حد بعيد في الوقت الحاضر". وكتبت صحيفة لا فوا دو نور "أن الولاياتالمتحدة وشركاءنا الاوروبيين اكتفوا حتى الآن ببذل الحد الادنى من الجهود خلف فرنسا" غير أن "عملية احتجاز الرهائن الضخمة يفترض أن تقنعهم الآن بأن تنظيم القاعدة في المغرب يهدد امننا اليوم اكثر بكثير مما تفعل حركة طالبان في افغانستان".