صنعاء.. اعتقال الدكتور العودي ورفيقيه    التوقيع على اتفاقية انشاء معمل للصناعات الجلدية في مديرية بني الحارث    قبائل المنصورية بالحديدة تجدد النفير والجهوزية لإفشال مخططات الأعداء    وبعدين ؟؟    اليوم العالمي للمحاسبة: جامعة العلوم والتكنولوجيا تحتفل بالمحاسبين    قراءة تحليلية لنص "خصي العقول" ل"أحمد سيف حاشد"    الجدران تعرف أسماءنا    التلال بحاجة إلى قيادي بوزن الشرجبي    قرارات حوثية تدمر التعليم.. استبعاد أكثر من ألف معلم من كشوفات نصف الراتب بالحديدة    تمرد إداري ومالي في المهرة يكشف ازدواج الولاءات داخل مجلس القيادة    صحة غزة: ارتفاع الجثامين المستلمة من العدو الإسرائيلي إلى 315    شبوة تحتضن بطولة الفقيد أحمد الجبيلي للمنتخبات للكرة الطائرة .. والمحافظ بن الوزير يؤكد دعم الأنشطة الرياضية الوطنية    موسم العسل في شبوة.. عتق تحتضن مهرجانها السنوي لعسل السدر    أبين.. حادث سير مروع في طريق العرقوب    مليشيا الحوثي تسعى لتأجير حرم مسجد لإنشاء محطة غاز في إب    القائم بأعمال رئيس الوزراء يشارك عرس 1000 خريج من أبناء الشهداء    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأتَي صرافة    الأرصاد يتوقع أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    وزارة الخدمة المدنية توقف مرتبات المتخلفين عن إجراءات المطابقة وتدعو لتصحيح الأوضاع    توتر وتحشيد بين وحدات عسكرية غرب لحج على شحنة أسلحة    تسعة جرحى في حادث مروع بطريق عرقوب شقرة.. فواجع متكررة على الطريق القاتل    صلاح سادس أفضل جناح في العالم 2025    عالم أزهري يحذر: الطلاق ب"الفرانكو" غير معترف به شرعا    سؤال المعنى ...سؤال الحياة    برباعية في سيلتا فيجو.. برشلونة يقبل هدية ريال مدريد    بوادر معركة إيرادات بين حكومة بن بريك والسلطة المحلية بالمهرة    جحش الإخوان ينهب الدعم السعودي ويؤدلج الشارع اليمني    هل يجرؤ مجلس القيادة على مواجهة محافظي مأرب والمهرة؟    الأربعاء القادم.. انطلاق بطولة الشركات في ألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    العسكرية الثانية تفضح أكاذيب إعلام حلف بن حبريش الفاسد    إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثيين بمدينة نصاب    غارتان أمريكيتان تدمران مخزن أسلحة ومصنع متفجرات ومقتل 7 إرهابيين في شبوة    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    مرض الفشل الكلوي (27)    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    عين الوطن الساهرة (1)    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جناية فتاوى سد الذرائع عبر العصور الإسلامية - الجزيرة السعودية - حمزة بن محمد السالم
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 02 - 2012


مواضيع ذات صلة
حمزة بن محمد السالم
كل معاملات الخلق من لبس وأكل وشرب وتجارة وتعامل واختلاط اجتماعي وثقافي، الأصل فيها الحِل، ما لم يأت نص بالتحريم. فالبراءة الأصلية هي أعظم أصول التشريع على الإطلاق من حيث كونها قطعية الثبوت والدلالة. وقد بينت في الأسبوع الماضي أن أحكام المعاملات هي نواهٍ تنقسم إلى محرمات لذاتها، ومحرمات لأنها وسائل تُوصل إلى المحرمات لذاتها.
والمفهوم الشرعي الصحيح لسد الذرائع هي أنها المحرمات لغيرها (الوسائل) هي التي حُرمت بنصوص شرعية . فقاعدة سد الذرائع تعني الأحكام الشرعية المنصوص عليها والمتعلق حكم تحريمها بالذريعة، ولا تعني أن يأتي بشر كائن من كان فيحرم ما لم يحرمه الله ورسوله لذريعة يراها، فالبشر لا يسلم من الهوى والخطأ.
والذريعة هي الحكمة والمقصد الذي يدور معه الحكم. فيزول التحريم بزوال الذريعة (أي الحكمة والمقصد) ولا يقاس عليها غيرها لامتناع وجود علة منضبطة. وذلك بعكس المحرمات لذاتها، فيقاس عليها مثلها عند وجود علة منضبطة صحيحة ، وتظل محرمة بغض النظر عن وجود حكمة التحريم أو عدمها. مثل الأمن من اختلاط الأنساب لا يزيل حكم الزنا، وعدم الظلم لا يزيل حكم ربا القروض، وعدم فقدان العقل لا يزيل حكم الخمر. بينما يزول حكم التحريم بزوال ذريعته في أحكام الوسائل التي حرمها الشارع لسد الذرائع. فأمن الرفقة يزيل حكم تحريم سفر المرأة بلا محرم، وتجوز الخلوة بالأجنبية إذا أمنت الفتنة، ويحل ربا الفضل للحاجة، ويمنع سهم المؤلفة من مستحقي الزكاة، وهكذا. لذا فالصحيح أن أصل قاعدة سد الذرائع هي أنها نصوص شرعية من الشارع تخص البراءة الأصلية من عمومها، فتخصص بالتحريم أموراً منها لكون هذه الأمور ذرائع توصل للمحرم لذاته.
ورسولنا عليه السلام لا ينطق عن الهوى، لذا فهو لم يحرم حلالاً وإن كان هناك ذريعة لذلك. وأوضح مثال على ذلك موقفه في بقاء حرمة الرضاع، على الرغم من ذريعة الفساد العظيم الممكن أن يحدث بها. فقد يلتقي - أو يتفق - رجل بامرأة جميلة يقال له إنه أخته بالرضاع فيخلو بها. فلم يتجاوز رسولنا عليه السلام حدود الله متحججاً بسد الذرائع فيحرم خلوة محرمات الرضاع على الرغم من كراهيته لرؤيته للرجل الذي أنكره عند أم المؤمنين عائشة بنت الصديق - رضي الله عنهما -.
والعجيب أننا نرى كماً عظيماً من الفتاوى الخاطئة عبر عصور الإسلام التي حرمت أموراً بغير نص شرعي متخذة من سد الذرائع مستنداً لها، وحملت المسلمين القيود والآصار والأغلال لقرون من الزمن، وبعضها قد أصبح اليوم تندراً يتندر بها طلبة العلم في مجالسهم الخاصة.
وأقول إن غلبة التقليد ونزعة التأله والتسلط في صدور بعض أهل العلم تجعلهم يتعامون عن هذه الحقيقة. حقيقة انه على الرغم من الكم الهائل للفتاوى المستندة على سد الذرائع في الفقه الإسلامي إلا أنه لا يوجد - على حد علمي - خلال أربعة عشر قرنا، فتوى واحدة بتحريم أمر حادث وقد كان مستندها سد الذرائع دون النص الشرعي، ثم يُشهد لها اليوم بأنها كانت صائبة، أو أنها لم تجر بلاء وضيقاً على الأمة وتفتح أبواب الحيل والتهاون بالدين والتفريق بين المسلمين.
ومما اختلط على الأمة هو كون الأمر حراماً شرعاً أو كونه ممنوعاً تنظيماً بشرياً. وفعل الفاروق عمر - رضي الله عنه - في إمضاء الطلاق الثالث كان أمراً تنظيمياً إدارياً عقابياً - لا حكماً شرعياً - لما رأى من تلاعب الناس بالطلاق. فنقلته الأمة عنه وحفظته على أنه أمر شرعي، فكان ما كان من الضيق والحرج وتنطع الفقهاء وفتح باب الحيل وابتلاء الأئمة المجددين كابن تيمية - رحمه الله - بذلك.
لذا فلا يقال للشيء حراماً ولا للحرام حلالاً بحجة سد الذرائع. بل يقال بحلية الحرام إذا كان من باب الوسائل وقد زالت عنه ذريعة تحريمه، فيرجع حينها إلى أصله بالبراءة الأصلية. ولا يقال للشيء حراماً لأنه خُشي أن يكون ذريعة يتوصل به إلى حرام، فالمُحرم هو الله ورسوله حتى في أحكام الوسائل (وهذا مجمع عليه نظرياً في الأمة غير مطبق في حياتها). بل يقال هو أمر جائز على البراءة الأصلية ولكن يُرى منعه من ولي الأمر إدارياً وتنظيمياً - لا شرعياً -. ومثال ذلك مثلاً سياقة النساء عندنا، ومشاركة المرأة وعملها واختلاطها في غير خلوة، وإقفال المحلات لغير صلاة الجمعة. فهذه الأمور يُنصح فيها، أما أن تُحرم هذه الأشياء شرعاً، ثم يقال إن الفتوى توقيع عن الله، فهذا من الافتيات على الربوبية. فالفتوى الشرعية في باب المعاملات التي تأتي بحكم لأمر حادث جديد لم ينص النص الشرعي عليه لا تتجاوز أمراً واحداً، وهو أن يكون الأمر الحادث الجديد يشترك بعلة صحيحة منضبطة مع محرم لذاته. مثاله مما عمت به البلوى حديثاً من الصور المتنوعة للميسر والقمار. فالعلة في تحريمهما هو كونهما شراء للحظ. فكل فعل هو شراء للحظ في أصله فهو محرم قياساً صحيحاً بالعلة المنضبطة على القمار. وتحريم الغرر إنما هو مقصد من مقاصد الشريعة التي تدل على استنباط العلة الشرعية لا حكماً قائماً بذاته فهو غير منضبط. ولا يقال بالتحريم في الأمور الحادثة التي قد يرى البعض أنها ذرائع إلى المحرم بذاته، فهذا تقول بالهوى والرأي لعدم وجود علل منضبطة في محرمات الوسائل. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغير على الدين وأعراض المسلمين وأموالهم وأحرص من كل بشر. والمسكوت عنه أن تاريخ الفقه الإسلامي يشهد بجناية فتاوى سد الذرائع بلا استثناء على الإسلام والمسلمين ولكن من يعتبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.