قال أكمل الدين إحسان أوغلي، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى، إن مصر تتسلم دفة قيادة الدول الإسلامية في ظروف تاريخية حساسة جدًا، وفي مواجهة تحديات جسيمة في غمار التحديات التى يعيشها العالم الإسلامي والظروف التي تشهدها مصر ذاتها، داعيًا إلى استثمار الفرص المتاحة لاستعادة الأمة الإسلامية مكانتها بين دول العالم المتقدم. وأكد "أوغلى" فى حواره ل "البديل" ضرورة توافر الإرادة السياسية الصادقة وتطبيق مبدأ التضامن الإسلامي في دلالاته وتجلياته الحقيقية، مضيفًا " يجب أن ندرك أولًا أنه قد جرى تأسيس المنظمة في ظل تحديات جسام ألمت بالعالم الإسلامي وشكلت تحديًا كبيرًا بالنسبة له. وأشار إلى أن من بين تلك التحديات كان حريق الأقصى المحفز لمشروع إسلامي نهضوي أسس له المفكرون، ورسموا خطوطه العريضة قبل الحدث بعقود، وحولّه الملك الراحل فيصل رحمه الله إلى واقع ملموس في عام 1969، وأقصد هنا أن المنظمة ولدت في رحم الأزمات، وأنه جرى إنشاؤها لمواجهة الأزمات التي تواجه العالم الإسلامي، واليوم إذ نرى الكثير من التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط وفي آسيا وإفريقيا أو حتى التحديات التي تواجه المسلمين في الدول غير الأعضاء بالمنظمة، فإننا ندرك أن المنظمة تمثل الأداة الأمثل لمواجهة هذه الأزمات والتحديات. وحول الدعم الذى تقدمه المنظمة لدول الربيع العربي، قال أكمل إحسان الدين أوغلى "تعد المنظمة جهة داعمة بامتياز لتطلعات شعوب المنطقة نحو الديمقراطية والحكم الرشيد وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، فهذه المبادئ تشكل أساسا في ميثاق منظمة التعاون الإسلامي الجديد الذي استبق الأحداث بسنوات، وأهدافًا لخطتها العشرية التي أقرتها قمة مكة الاستثنائية الثالثة في 2005، كما تعتبر في الوقت ذاته، موقفًا ثابتًا للمنظمة التي كانت أول من بادر به، وعبّرت عنه في ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن واليوم سوريا، وباركنا كذلك الإصلاحات والتغييرات الديمقراطية التي شهدتها الكثير من الدول الأعضاء مثل المغرب وسلطنة عمان والأردن. وصغنا مواقفنا على أساس احترام الديمقراطية وحق تداول السلطة، ودعونا في أكثر من مناسبة إلى ضرورة تلبية تطلعات الشعوب وآمالها، وقدمنا دعمنا من خلال مؤسساتنا المختلفة للأنظمة السياسية التي انبثقت عن هذه الثورات، وأعتقد أن المراقب لخطاب المنظمة منذ اندلاع الثورة في قيرغيستان منذ أبريل 2010 وأحداث تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، يعرف أن المنظمة كانت تؤيد على الدوام إرادة الشعوب ورغبتها في الحرية والكرامة، ولا تزال تؤيدها. وعن تكرار وقائع الرسوم المسيئة للرسول، وموقف المنظمة منها، لفت "أوغلى" إلى منظمة التعاون الإسلامى "لم تكتف باستنكار هذه الأعمال المسيئة، بل مضت خطوات المنظمة في طريق منهجي أخذ في أهدافه ضرورة معالجة ظاهرة ما يعرف بالإسلاموفوبيا بطريقة جذرية انطلقت من أروقة الأممالمتحدة، بدءا بإصدار قرار 16/18 عن مجلس حقوق الإنسان لدولي بمبادرة من منظمة التعاون الإسلامي، وتوافق مع الدول الغربية بما فيها الولاياتالمتحدة، حيث يهدف هذا القرار إلى الحد من الكراهية وإثارة النعرات على أساس الدين والمعتقد، ومرورا بترجمة هذا القرار إلى إجراءات عملية من خلال اجتماعات (وتيرة اسطنبول) التي تحاول مع الشركاء الغربيين وضع أطر للحد من هذه الظاهرة، بالإضافة إلى إصدار قرار في نسخة أوسع في الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة؛ فضلًا عن الاجتماع الأخير الذي عقد في اسطنبول 7 يناير الجاري، والذي وضع بالفعل مشروع استراتيجية قانونية لمناهضة الإسلاموفوبيا.. هذه خطوات قلتها بعجالة تعكس الإجراءات العملية والفنية التي يطول شرحها حول جهود مضنية قمنا بها على مدى سنوات لوضع خطة تتصدى للتحايل الذي يعطي الذريعة لبعض وسائل الإعلام الغربية في الإساءة لرموزنا المقدسة. وحول دعم المنظمة لمناطق الصراع مثل ميانمار، قال إن " مسألة مسلمي أقلية الروهينجيا على رأس جدول أعمال القمة الإسلامية الثانية عشرة في القاهرة، لكننا أيضًا نعمل بجهد كبير للقيام بإجراءات عملية ونوعية ستكون الأولى من نوعها في هذه القضية، وسوف يتم الإعلان عن نتائج هذه الجهود قريبًا جدًا، أما ما قمنا به لصالح مسلمي الروهينغيا في ميانمار فقد بدأ منذ مايو 2011، أي قبل الأزمة بأكثر من سنة، حين وحدنا صفوف المنظمات الروهينجية في اتحاد تحت مظلة المنظمة، كما أستطيع أن أقول بثقة إن المنظمة هي التي وقفت وراء وضع قضية مسلمي الروهينغيا على مسرح الأحداث حين كانت وسائل الإعلام مشغولة بقضايا ساخنة في منطقة الشرق الأوسط في الصيف الماضي، وكان موقف المنظمة الأول في 11 يونيو إعلانًا مبكرًا ودقا لناقوس الخطر الذي يواجه المسلمين هناك، وتوالت خطواتنا من خلال اجتماع اللجنة التنفيذية التابعة للمنظمة في أغسطس الماضي، وبحث القضية في قمة مكة الإسلامية الاستثنائية في شهر رمضان المبارك الماضي، وإيفاد بعثات إنسانية إلى ميانمار للوقوف على الوضع الإنساني للمسلمين هناك في سبتمبر. وتابع: رغم كل التحديات والعقبات التي واجهت المنظمة إلا أننا لم نأل جهدًا في مخاطبة الجميع وحثهم على تقديم المساعدة لأقلية الروهينجيا بدءً بأمين عام الأممالمتحدة بان كي مون، والرئيس الأمريكي باراك أوباما قبيل زيارته الشهيرة إلى ميانمار، وتفعيل القضية في مجلس حقوق الإنسان الدولي، والجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، وحتى اليوم إذ نقوم بدبلوماسية هادئة لمعالجة القضية المعقدة، ومن أجل تسهيل ذلك قمت بتعيين مبعوث خاص لي للأزمة، ووجهت بإرسال ضابط اتصال للوقوف على الشأن الإنساني في إقليم آراكان. وعن الحوار بين الحضارات ودور المنظمة فى ذلك، أشار "أوغلى" إلى أن مسألة حوار الحضارات تعد جزءً أساسيًا من اهتمامات المنظمة بشكل عام، واهتماماته الشخصية على وجه الخصوص، حيث شارك في جميع المنتديات العالمية التي نظمتها الأممالمتحدة انطلاقًا من مبادرة خوسيه لويس رودريجيز، رئيس الوزراء الإسباني، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أوردوغان في ذلك الوقت. وأضاف: كان لنا شرف عقد طاولة مستديرة في 17 مايو 2010، على هامش المنتدى الثالث لتحالف الحضارات في ريو دي جانيرو بالبرازيل، وكانت قد تمت بمبادرة من منظمة التعاون الإسلامي وبرعاية مشتركة مع تحالف الحضارات والمجلس الأوروبي والمجلس البريطاني، وهي لم تنجح في وضع الأوروبيين أمام مسؤولياتهم تجاه ظاهرة الإسلاموفوبيا فحسب، بل نجحت في خلق نواة قوية لشراكات مع مؤسسات ومنظمات أوروبية مرموقة ومقدّرة في أوروبا من أجل بدء حملة مضادة إزاء هذه الظاهرة. ونوه "أوغلى" إلى أنه خلال الفترة القادمة سيتم التركيز على قضية القدس الشريف، بالإضافة إلى مسائل، مثل تمكين المرأة عبر إنشاء منظمة تنمية المرأة التي ستكون القاهرة مقرا دائمًا لها، ومحاربة الفقر، ورعاية الأطفال، والمضي في العديد من البرامج الإنسانية في الصومال وغزة وسوريا.