السلاح لا يمنح الشرعية    البيض: المرحلة تحتاج إلى احتواء وإدارة لا مغامرة وفرض وقائع    تعز.. بئر المشروع في عزلة الربيعي :جهود مجتمعية تنجح في استعادة شريان الحياة المائي    تعز.. بئر المشروع في عزلة الربيعي :جهود مجتمعية تنجح في استعادة شريان الحياة المائي    برشلونة يحقق فوزا هاما امام اوساسونا في الليغا    شاهد بالصور .. انتقالي لحج ينجح في حشد الآلاف في ردفان للمطالبة بإعلان دولة الجنوب العربي    السفينة جالاكسي .. اولى صفحات البطولة اليمنية .. الحلقة (1)    وقفة مسلحة لقبائل ذويب بصعدة تعلن الجاهزية لمواجهة الأعداء    وقفة قبلية مسلحة في مديرية الحصن بصنعاء إعلانًا للجهوزية    الصين تختبر طائرة مسيّرة جديدة تزن 800 كغ    بن بريك: خروج القوات الجنوبية من حضرموت مطلب لأطراف معادية وليس للشعب الحضرمي    حضرموت أم الثورة الجنوبية.. بايعشوت وبن داؤود والنشيد الجنوبي الحالي    هولندي يتوج بجائرة أفضل كاريكاتير عن رسم يفضح الإبادة الإسرائيلية    قوات الحزام الامني بالعاصمة عدن تضبط عصابة متورطة في ترويج مادة البريجبالين المخدرة    تدشين حملة رقابة على الأسواق والمخابز في بيت الفقيه    مدير ميناء المخا: تطوير الميناء يهدف إلى استقبال سفن الحاويات    صنعاء.. توقيع عقود زراعة تعاقدية لتعزيز الإنتاج المحلي    أمانة العاصمة تطلق حملة "12/12" للنظافة والتوعية المجتمعية    انضمام تحالف عماد والاتحادات المهنية إلى مخيم الاعتصام بالمكلا    أمن العاصمة عدن يطيح بعصابة متخصصة في سرقة منازل وممتلكات المواطنين بالممدارة.    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة العميد مهندس طيران عبدالله سعيد حسين    غوتيريش: ما يجري في حضرموت «مشكلة إقليمية معقّدة»    وفد من جماهير الأزارق يصل إلى مخيم اعتصام الضالع    رونالدو شريكا رئيسيا في خصخصة النصر السعودي    القيادة التنفيذية العليا تشيد بجهود تطبيع الأوضاع بوادي حضرموت والمهرة    رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة عبد الفتاح الماوري    الأرصاد: أجواء باردة إلى باردة نسبيًا على المرتفعات وبحر مضطرب جنوب الساحل الغربي    عن محادثات المعاشيق ومشاركة الإمارات إلى جانب السعودية في التفاوض مع الانتقالي    واشنطن تسعى لنشر قوات دولية في غزة مطلع العام    صلاح يعود إلى قائمة ليفربول أمام برايتون    بوقرة يستقيل من تدريب الجزائر    وفاة المناضل سيف صائل    موعد مباريات نصف نهائي كأس العرب 2025    مدرسة أمي الليلية: قصص وحكم صاغت الروح في زمن البساطة..(من قصة حياتي الأولى)    الأجهزة الأمنية في سيئون تضبط عصابة تنتحل صفة القوات الجنوبية لنهب منازل المواطنين    القوات الجنوبية تطلق عملية الحسم في أبين    كم من الناس هذه الايام يحفظ الجميل..!    الصحفي والقيادي الإعلامي الراحل راجح الجبوبي    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    هيئة الآثار تنشر القائمة ال30 بالآثار اليمنية المنهوبة    أيها الكائن في رأسي    الصحفي والقيادي الإعلامي الكبير ياسين المسعودي    كبار الوطن.. بين تعب الجسد وعظمة الروح    الأمين العام للأمم المتحدة: "ما حدث في محافظتي حضرموت والمهرة تصعيد خطير"    ثلاث عادات يومية تعزز صحة الرئتين.. طبيب يوضح    الجنوب راح علينا شانموت جوع    السيتي يحسم لقاء القمة امام ريال مدريد    لا مفر إلى السعودية.. صلاح يواجه خيبة أمل جديدة    فعالية حاشدة للهيئة النسائية في صعدة بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    المنتخب الوطني تحت 23 عاما يغادر بطولة كأس الخليج بعد تعادله مع عمان    ندوة بصنعاء تناقش تكريم المرأة في الإسلام وتنتقد النموذج الغربي    بيان مرتقب لقائد الثورة في اليوم العالمي للمرأة المسلمة    "اليونسكو" تدرج الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي غير المادي    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    إتلاف 8 أطنان أدوية مخالفة ومنتهية الصلاحية في رداع    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» تنفرد بنشر تفاصيل «عيون الحرية» قبل عرضه غدًا ب«الجزيرة»
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 02 - 2012


كتب – محمد أبو الغيط:
"جدع يا باشا .. جت في عينه" كانت هذه العبارة، التي وجهها أحد مرافقي الضابط أحمد الشناوي إليه، بعد إطلاقه الخرطوش على متظاهري محمد محمود، من أكثر ما لفت الأنظار إلى ملف إصابات العيون بالثورة، ومن الأسباب التي دفعت الباحث ومنتج الأفلام الوثائقية، حسام دياب إلى الاستقصاء حول الموضوع، بفيلمه الوثائقي "عيون الحرية"، الذي يحوي معلومات تكشف لأول مرة عن هذا الملف، إخراج تامر فتحي، وسيتم عرضه على قناة الجزيرة غدًا الخميس، "الشروق" تفتح الملف مع دياب، متحدثًا عن تجربته الشخصية، والمعلومات التي قام بتوثيقها.
الأكثر فتكًا في محمد محمود الثانية
"رغم أن أحداث محمد محمود هي الأكثر شهرة في ملف إصابات العيون، إلا إن البحث أثبت أن العدد الأكبر من الإصابات كان في أيام الثورة الأولى، وبلغ 1000 إصابة من حوالي 1800 إصابة في العين"، يقول حسام مردفًا أن إصابات محمد محمود تأتي في المرتبة الثانية؛ من حيث العدد، بحوالي 600 إصابة،عدد من فقدوا الإبصار في أحد عيونهم أو كلاهما لم يتم حصره بشكل نهائي، لكن التقديرات تشير إلى أن نسبتهم الأكبر كانت في أحداث محمد محمود، التي سجلت حوالي 80 حالة فقد للإبصار.
اختلفت الأسلحة المستخدمة في إصابات العيون، فبينما يحتل الخرطوش المرتبة الأولى، يأتي الرصاص المطاطي في المرتبة الثانية، ثم الجروح القطعية ومصدرها الطوب أو كسر الرخام في المرتبة الثالثة، وحدث هذا بشكل خاص في أحداث مجلس الوزراء، بالإضافة إلى تسجيل حالات من الحرق الكيماوي للعين، نتيجة الاستخدام الكثيف للغاز المسيل للدموع.
"اختلاف نوع الخرطوش المستخدم هو المعلومة الجديدة، التي لم تخطر بأذهاننا، فالخرطوش المعتاد الذي كان يستخدم منذ بداية الثورة، هو الذي يطلق البلي الصغير؛ حيث تحوي الخرطوشة على 50 بلية تقريبًا، لكن في أحداث محمد محمود الثانية، التي تلت مذبحة بورسعيد، ظهر نوع جديد من الخرطوش يتميز ببلي كبير الحجم للغاية؛ حيث تحوي الخرطوشة 3 بليات فقط، لكن تأثيرها هو الأشد فتكًا، وإصابة العين بها تعني انفجار مقلة العين، وفقد الإبصار فورًا" .
يقول حسام: "إن هذا هو سبب أن القصر العيني قد وثق استقبال 50 إصابة عيون، أثناء تلك الأحداث، فقد 90% منهم أبصارهم، وهو أعلى معدل يتم تسجيله".
هذا النوع من البلي الكبير هو ما قتل جابر "جيكا"؛ حين تم إطلاقه على رأسه، أثناء اشتباكات ذكرى محمد محمود.
استهداف الجزء العلوي متعمد
"سجل أطباء القصر العيني أن أكثر من 65% من جميع إصابات الثورة حدثت في الجزء العلوي من الجسم، في الصدر والرأس، وهو ما جعلنا نطرح سؤالا عن بروتوكول استخدام قوات الأمن للسلاح"، يقول حسام مشيرًا إلى لقاءه باللواء ممدوح عبد السلام، أحد قادة قوات الأمن المركزي، الذي شرح أن فض التظاهرات يتدرج، من المستوى الأول وفيه يتم توجيه تحذير بالميكروفون للمتظاهرين بالانصراف في وقت محدد وعبر طريق محدد، ثم يتم استخدام الغاز المسيل للدموع، ثم يتم الاشتباك بالعصي والدروع، ثم يتم استخدام الخرطوش من مسافة أبعد من 10 أمتار بإطلاقه نحو الأرض، ليرتد البلي على أرجل المتظاهرين، ولا يتم توجيهه نحو أقدام المتظاهرين مباشرة، إلا إذا اقتربوا مسافة أقرب من 10 أمتار.
"حين سألنا اللواء عن سبب كل هذه الإصابات في العيون مما يتناقض مع كلامه، كان تفسيره الوحيد أن هذه كلها أخطاء فردية، قد تعود لقلة التدريب"
لكن حسام يختلف مع رؤية اللواء، ويراه أسلوبًا ممنهجًا، لأن كل المشاهد التي حصل عليها فريق إعداد الفيلم من مختلف الزوايا، تصور إطلاق الجنود والضباط لأسلحتهم على المتظاهرين، وتظهر التصويب بشكل أفقي مباشر، فلم نجد مشهدًا واحدًا لضابط يطلق النار نحو الأرض أو نحو الأقدام.
أصعب الإصابات
"طبيب العيون لا يمكنه القيام بأي تصرف داخل المستشفى الميداني، لا يمكن وقف النزيف بالضغط عليه، لأن هذا قد يرفع ضغط العين ويزيد من إضرارها، ولا يمكن أيضًا نزع الضمادة اليدوية لو كان هناك من وضعها للخوف من احتمال تساقط أجزاء من العين"، يقول حسام مشيرًا إلى أن طول الفترة الزمنية، التي تمضي منذ لحظة الإصابة وحتى التدخل الطبي المتخصص في مكان مؤهل تزيد من الضرر واحتمالية فقد الإبصار.
رصد مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب، أن مصابي العيون هم الأكثر تأثرًا نفسيًا، ويدخل صاحبها في حالة من العزاء كأنه فقد أحد أفراد عائلته، خصوصًا أن إصابات العاهات المستديمة في الثورة تكاد تقتصر على العيون، فلا يفقد احد أطرافه مثلا، بل الإصابات المعتادة هي كسور وكدمات، لذلك تصبح إصابة العين كارثة غير متوقعة.
"منطقة الوجه تمثل لنا قمة ذاتنا من الناحية النفسية، لذلك الإصابة بها حساسة، وتؤثر نفسيًا إلى أقصى مدى، مصاب العيون يشعر بالتشوه، ويصبح أكثر حساسية في تعامله مع الناس" يقول حسام
أبطال مجهولون
"هناك الكثير ممن ساعدوا المصابين خارج إطار الدولة، دون أن ينتظروا أي مقابل أو شهرة"، يقول حسام، مشيرًا إلى أن أبرز مثالين؛ هما سيدة الأعمال هبة السويدي، التي تكفلت على حسابها الشخصي بنفقات علاج الكثير من المصابين وحتى السفر بهم إلى العلاج بالخارج بأرقى مستشفيات العيون في العالم، الجندي المجهول الآخر هو الدكتور يحيى صلاح، أستاذ العيون بالقصر العيني وصاحب مستشفى "آي كير" التخصصي للعيون؛ حيث قام بعلاج الكثير من المصابين مجانًا ورفض تقاضي أي أموال حتى من الميسورين ماديًا، الذين حاولوا معه كثيرًا أن يدفعوا مقابلا للعمليات.
البحث عن أمل
"أكثر الحالات التي تأثرت بها هي حالة الطفلة مي ناصر12 سنة، تنتمي لعائلة بسيطة ليس لها أي نشاط سياسي، مساء يوم 25 يناير، كانت مع والدها عائدين من بيت جدها في شبرا ومتوجهين إلى موقف عبد المنعم رياض في لحظة فض المظاهرات، حاول والدها حمايتها خلف السور الحديدي، إلا إن بلية خرطوش أصابتها بين يدي والدها، وأفقدتها عينها".
يحكي حسام عن أن مي لم تجد الدعم النفسي الكافي من عائلتها، فوالدتها خائفة من تقليل فرص زواجها، لكنها وجدت كل الدعم من الثوار، حتى أنها تحدثت على أحد منصات الميدان الرئيسية، وغنت أغاني الثورة، أصبح الثوار كأنهم عائلتها الأكبر والثورة مصدر فخرها.
"لما اتكلمت مع مي كنت باشوف فيها الأمل، ولما أتفرج على رسوماتها أحس إن البلد دي هتكون أحسن".
رضا عبد العزيز حالة أخرى تأثر بها حسام بشدة، حاصل على دبلوم سياحة وفنادق 18 سنة، فقد كلا عينيه دفعة واحدة أثناء أحداث محمد محمود، كان رضا متواجدًا دائمًا بكل المواقع الثورية في الصفوف الأولى؛ أثناء المواجهات، وفقد العديد من أصدقائه، رفاق الصف الأول، في كل محطات الثورة، انتهاء بموقعة العباسية، رغم كل الآلام النفسية، التي يعانيها رضا، إلا إنه يشارك حتى الآن في المظاهرات، مرددًا قول أحمد حرارة له حين التقاه "ماتزعلش على عينيك اللي اتاخدت، ازعل على إخواتنا اللي اترمو في الزبالة"
"بعيدًا عن الموقف السياسي وعن صراعاتنا وخلافاتنا، البحث والفيلم دعوة لفكرة البحث عن قضايا تجمعنا، قابلت مصابي عيون من كل فئات المجتمع، أطفال وشيوخ، أصحاب أعلى الشهادات والأميين، أبناء القاهرة والدلتا والصعيد، ذهبنا للتصوير في منزل احد المصابين بفيلا فاخرة بالشيخ زايد، وآخر بمنطقة عشوائية"، يقول حسام مشيرًا إلى أن هناك لحظات يمكن أن توحدنا جميعًا، سواء على أهداف جامعة كأيام الثورة الأولى، أو على التعاطف الإنساني ومحاولة مساعدة من يتعرضون لأمثال هذه الكوارث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.