على اختلاف أذواق الناس وعاداتهم، هناك من لديهم شغف حضور المسابقات التي تقام أملاً في الجوائز ويتزاحمون للوصول إليها، سواء في المراكز العامة والتجارية أو متابعتها عبر شاشات التلفزيون وأثير الإذاعة . هؤلاء يتبعون كل السبل للمشاركة والفوز والتسلح بكل أنواع المعلومات، مستفيدين من توافر الهواتف المحمولة الذكية المزودة بخدمة الإنترنت والحواسيب المحمولة، بالإضافة إلى إتقان الألعاب التنافسية المعتادة . ويقابل ذلك قبول وتشجيع من مقدمي المسابقات، كي يتفاعل معهم الجمهور بدرجة أكبر ويحققوا لأنفسهم جماهيرية أكبر . المسابقات تستقطب أفراد الجمهور عبر التواجد في الأماكن العامة التي يرتادونها، وبدورهم يتفاعلون معها، وتقول عائشة صادق "ربة منزل في الشارقة«: عبر قيامي بجولات التسوق ألاحظ في بعض المواسم المسابقات التي تقام في المراكز التجارية، خاصة في رمضان، وهناك العديد من الأسر تزور تلك الأماكن بصفة شبه يومية للحصول على الجوائز والهدايا . وبحكم تجربتها ومن حولها مع المسابقات أكدت صادق أنه لا يحق للشخص الواحد الدخول في المسابقة لأكثر من مرة وأن المشرفين على المسابقة يقومون بتفحص وجوه المشاركين وتسجيل أسمائهم لعدم تكرارها، لذا يقوم بعض المهووسين بالمسابقات بالحضور يومياً وتغيير لباسهم وتسريحة الشعر كي لا يكشفهم مقدم الحفل، ورغم ذلك يتم اكتشاف بعضهم . أمين محمود "أمين مستودع في شركة مقاولات في أبوظبي"أكد أنه رغم عمله المضني، ينتهز الفرصة بشكل شبه يومي للتردد على الأماكن العامة ومراكز التسوق، لذا فإنه على احتكاك مباشر مع العروض التي تقام على السلع التجارية ويحضر المناسبات والحفلات المجانية التي تقام وعلى رأسها المسابقات . وقال: نظراً لخبرتي في كل المجالات، أملك معلومات كافية للإجابة عن الأسئلة التي يتم توجيهها للجمهور وأجيب عنها بكل سهولة، وأفوز بالجوائز، ولكن مشكلتي عدم قبول المشاركة أكثر من مرة، لذلك أوزع الإجابة الصحيحة على من حولي من الجمهور . وأضاف: بالنسبة للمسابقات التي تعتمد الألعاب لا أجد أية صعوبة معها، لأنني أصبحت أتقنها كلها، لذلك أغلبية مقدمي المسابقات يعرفونني ونشأت بيننا علاقة عبر تكرار لقاءاتنا . وأشارت أماني شفيق "24 سنة"إلى أنها قليلة التردد على الأماكن العامة، ورغم ذلك لا تتردد في التزاحم على الصفوف الأولى لمتابعة مسابقة تقام في حديقة عامة أو الشارع أيام المناسبات، إذ يدب فيها الحماس وتنافس الجمهور على الإجابة عن أسئلة مقدم المسابقة والصعود على المنصة للاشتراك في الألعاب للفوز بجائزة . وقالت: وجود مثل تلك المسابقات يزيد من رسم الابتسامة على وجوه الناس، بخاصة الأطفال الذين يرافقون أهلهم في التسوق ويقصدون ركن الألعاب للترفيه عن أنفسهم . حسام الصافي "مهندس مدني في دبي"يرى أن تهافت الآباء والأمهات على المسابقات طمعاً بالجوائز يقلل من احترام أطفالهم لهم، لأنهم يجدونهم في لحظة من اللحظات ضعافاً أمام مقدم المسابقة والصراخ من أجل الالتفاف إليهم لاختيارهم للإجابة عن سؤال أو لعبة ما . لذا لا يحبذ مرافقة أطفاله إلى تلك الأماكن، وإن حصل ذلك فإنه لا يشترك في المسابقات، بل يترك المجال أمامهم كي ينافسوا الجمهور ويتفاعلوا على راحتهم ويكتفي بتقديم الدعم لهم عبر تشجيعهم . الوضع يختلف بالنسبة لرقية مظلوم "ربة منزل في الشارقة"إذ إنها تعد المسابقات فرصة للحصول على الهدايا التي يطالبها بها أطفالها لذا تتابع أخبار المسابقات وتحضرها مع زوجها وأطفالها، ويشارك كلهم في تلك المسابقات إلى درجة أنهم يحصلون فيها على عدد كبير من الجوائز والهدايا . وقالت: أعد المسابقات رحلة ترفيهية بالنسبة لي ولأطفالي، لأنه يسودها جو من المرح والسعادة وتنشيط الذاكرة عبر الإجابة عن الأسئلة التي يوجهونها لنا والألعاب التي تستهوي الأطفال كثيراً . وهناك من يتابعون مسابقات التلفزيون والإذاعة، إذ إنهم يتنقلون من قناة ومحطة إذاعية إلى أخرى بحثاً عن المسابقات . وقال بهاء الدين محمد "موظف في دبي"إنه يتابع المسابقات الإذاعية في سيارته، وأثناء تواجده في البيت يقوم بمتابعتها مع أسرته عبر التلفاز، ولكنها برأيه غير مضمونة، فقد نجري اتصالات يستغرق دقائق عدة بانتظار التحويل إلى المذيع ونتفاجأ أخيراً بقطع الاتصال أو عدم فهم السؤال بالضبط، وبالتالي عدم الفوز بأية جائزة، بل نخسر ثمن المكالمة . وعن أحدث مسابقة شارك فيها قال: اتصلت ببرنامج مسابقات يعتمد على قوة الذاكرة في حفظ الأشياء التي تراها العين في الشاشة والسؤال لاحقاً عن مكان تواجدها في الغرفة التي يجلس فيها المذيع، وذلك في ظرف زمني قصير، وللأسف لم أتمكن من ذلك، فاعتذر المذيع وأنهينا المكالمة، وفي المقابل حصلت سابقاً على مبالغ نقدية وقسائم للمشتريات . شكري أبو العز "مدير مبيعات في شركة إنارة في دبي"أكد أن نسبة من مشاهدي القنوات التلفزيونية يستغلون برامج المسابقات للظهور على الهواء وتعريف الجمهور بأسمائهم كوسيلة للتباهي، خاصة بالنسبة للشباب الذين تهويهم مسألة الشهرة، لذلك نجد نسبة المتصلين الشباب تفوق الكل . وقال: أسعى الاشتراك في مسابقات التلفاز بغرض الفائدة المالية والحصول على الجوائز، ولكننا في الحقيقة نخسر وقتنا وأعصابنا التي نتلفها في ترقب عرض المسابقة والبحث عن الإجابات وإجراء المكالمات الهاتفية المكلفة . وبالتركيز على الجانب النفسي لمتابعي المسابقات، أكد أبو العز أنه يحرم نفسه أحياناً من متابعة المسلسلات والبرامج القيّمة وحتى النوم عندما يكون متعباً، وكله في سبيل متابعة برامج المسابقات، وأكد أنه يعلم تماماً أن متابعتها والمشاركة في الإجابة عن الأسئلة لا يقللان من قيمتنا، لكن شرط أن يكون ذلك باعتدال، وهذا ما يفتقده بطبعه . وفي الجهة المقابلة، يقف القائمون تنظيم المسابقة ومقدموها، وقال حسن المعلم "مقدم مسابقات«: نعتمد في المسابقات التي نجريها على الألعاب الجماعية والأسئلة التي نطرحها على الجمهور، ونحاول أن نضعهم في شكوك لاختيار الإجابة الصحيحة للتشويق وإطالة الوقت، وفي كل إمارة نجري فيها المسابقات هناك جمهور جديد ووجوه شبه ثابتة، وهناك من يأتون من إمارات أخرى لحضور مسابقاتنا لتعلقهم بها والحصول على جائزة على المنصة للشعور بالسعادة التي تغمرهم في لحظتها، وهناك آباء يحضرون أبناءهم كي يعلموهم المنافسة عبر المسابقات، بالإضافة إلى وجوه تطاردنا من أجل الحصول على الجوائز لقيمتها المادية ويتسببون في إزعاجنا . وأضاف المعلم: هناك من يطلبون مني رقم هاتفي المحمول لمتابعة أخبار المسابقات التي أجريها، بالإضافة إلى متابعتهم للجرائد للاطلاع على المسابقات التي ستقام، وعندما يسألوننا عن مصادر الأسئلة والأجوبة التي نوجهها إليهم نقول إنها من الكتب، بخاصة الدراسية، لذلك فإنهم يطالعونها ويحضرون معهم أطفالهم كي يساعدوهم في الحصول على الإجابات الصحيحة . وأوضح علي الشريف "رئيس قسم المذيعين ومقدم برنامج "الصوغة"ب "تلفزيون الشارقة"أنه يقدم برامج المسابقات منذ أن بدأ العمل في إذاعة رأس الخيمة في 1986 ولاحظ من ذلك التاريخ أن من يتابعون برامج المسابقات لا يتغيرون باستثناء ظهور وجوه جديدة كل فترة . وقال: في البداية كنت أنفعل لتكرار مشاركتهم فقط، بعدها تغيرت نظرتي، حيث تأكدت أنهم يجتهدون في سبيل الوصول للمسابقات ويستحقون ما يحصلون عليه، وفي شهر رمضان تتزايد الجوائز وكل من يحضر المسابقات ويضيع وقته سواء في المراكز التجارية أو عبر التلفاز ويقتنص يومياً مبلغاً مالياً أعتبره ذكياً . 70% من يشاركون يوجد لديهم معلومات والباقي يتابعون من دون أن يشاركوا بها، لذا فإنهم يضيعون وقتهم، وفريق العمل يتذمر من بعضهم ممن يتكرر وجودهم على الشاشة، ولكن لا نستطيع أن نطردهم، لأنه من حق أي أحد أن يحضر ويشارك . ورغم ذلك أتمنى ألا يخجل الناس ويشاركوا في المسابقات . أما بالنسبة للبرامج التي يتم بثها من الاستوديو أو الإذاعة، قال الشريف: يتكرر ظهور بعض المشاركين بأسماء أحد أقربائهم أو أصدقائهم، وعلماً بأننا نعلم صاحب الصوت، ولكن لا نستطيع أن نمنعه من المشاركة . واختتم الشريف حديثه قائلاً: الجمهور هذه الأيام أصبح لا يستهان به، خاصة مع استخدام أجهزة الكمبيوتر المحمولة المزودة بخدمة الإنترنت والهواتف الذكية التي تتيح إمكانية الرد على أي سؤال عبر الإنترنت خلال ثوان، وبالتالي تكون الإجابة جاهزة لديهم .