الدوحة - ميدل ايست أونلاين قدم المؤلف الموسيقى مارسيل خليفة ونجله رامي مع أوركسترا قطر الفلهارمونية، عملين قالا إنهما يشكلان دعوة "من أجل الحياة" والفرح في وجه الألم والموت في الدول العربية التي تشهد انتفاضات للتغيير. وعزفت الأوركسترا التي تحولت في غضون سنوات قليلة الى المؤسسة الأبرز للموسيقى الكلاسيكية في العالم العربي، مساء الأحد متتالية "لوريانتال" (تهاليل الشرق) لمارسيل خليفة والموسيقى الجنائزية "روكوييم" لرامي خليفة بمشاركة كورال الإذاعة الألمانية الذي أنشد باللغة العربية. ومع أكثر من مئتي عازف ومنشد على مسرح دار الأوبرا في الدوحة، انطلقت الموسيقى موغلة في الألم والصراع في عمل رامي خليفة لتصل مع "لوريانتال" إلى عرس من الأهازيج العربية والفرح ضمن توزيع أوركسترالي حيوي. وقال خليفة "أردت مواكبة صرخة الشعوب العربية للحرية بدعوة إلى الحياة والصفاء"، وهو عمل فيه "الكثير من صناعة الفرح". وينطلق العمل بلحن من المقام العراقي ليتنقل بعدها من ألحان شعبية من مصر وبلاد الشام الى ألحان الاندلس والمغرب العربي، في ظل ايقاع حيوي يهدأ أحيانا ليدخل المستمع في لحظات من التأمل. وقال خليفة "مقابل صرخة الشعوب التي نسمعها في العالم العربي، هناك في عملي مقتطفات من تراث وموسيقى العراق وبلاد الشام ومصر والمغرب والأندلس ضمن مشروع موسيقي واحد. هذه الجولة ليست رحلة سياحية". وأضاف "الأهازيج هي أيضا صرخات الشعوب العربية التي ألفها في الأساس أشخاص مجهولون عاديون، وأنا أردت أن ننطلق من أصوات هؤلاء المجهولين التي أنتجت هذا الفرح لندعو الأصوات التي تصرخ حاليا للحرية والفرح". ورأى أن هناك تكاملا بين عمله وعمل نجله رامي الذي "يتأمل في حقيقة الحياة والموت"، و"تواطؤ" بين جيله الذي "يملك ذاكرة ويبحث عن فهم العصر"، وجيل ابنه "الذي ينبض على وقع العصر ولا يملك ذاكرة". وحبست موسيقى رامي الجنائزية أنفاس المستمعين الذين صفقوا مطولا للمؤلف وعازف البيانو الشاب الذي درس في باريس ويقيم فيها. وأدت القسم الرئيسي في عمل رامي السوبرانو الكورية الجنوبية الشهيرة وال ران سيو التي تستطيع الوصول الى طبقات شديدة الارتفاع بصوتها (سوبرانو كولوراتورا)، ما يعكس الرغبة في "الارتقاء". وبالرغم من اعتماد رامي خليفة التسميات الاعتيادية لحركات الموسيقى الجنائزية مثل "كيريي" و"دييس ايراي" و"لاكريموزا"، لم ينشد الكورال أي كلمات بل آهات وصرخات وضجيج. فالآهات هي "كلمات القلب" حسب المؤلف الشاب الذي شارك في اداء "الروكوييم" على آلة الكلافسين، وهي سلف البيانو في عصر الباروك. وصفق الجمهور مطولا للعميلن اللذين يشكلان أول معالجة بالموسيقى الأوركسترالية لحركة الربيع العربي، وهي تسمية لا يستسيغها مارسيل خليفة. وعن هذا الربيع الدامي، قال مارسيل خليفة الذي ألهب خلال مشواره الفني الباحثين عن الحرية والمساندين للقضايا العربية لا سيما قضية فلسطين، "هذه صرخة بدأت وليس هناك تراجع". وأضاف "الناس الذين خرجوا إلى الساحات خرجوا بصفاء وانسجام للمطالبة بحرية مقموعة منذ خمسين سنة، ولا نستطيع أن نقول إنهم خرجوا بدفع من قوى خارجية. قد تكون حصلت تدخلات لتحويل هذه الصرخة عن مسارها ولكي تحصل القوى الخارجية على حصتها من هذا التحرك، لكن الجوهر صاف، وهو صرخة فيها ألم وعذاب". وتوقع خليفة الذي طالما حسب على التيار اليساري، أن "هذا المشروع (الانتفاضات) بدأ ولن ينتهي، وحتما لن ينتهي بتسويات كتلك التي نسمع عنها اليوم، لكن المخاض طويل". وخلص خليفة إلى القول "ستكون هناك سنوات صعبة، لكن المشروع سيستمر بالرغم من مطبات الأصولية والطائفية".