أفريقيا كشفت حال المدربين الأثرياء و الفقراء مواضيع ذات صلة إذا ارادت المنتخبات الأفريقية المتأهلة لنهائيات كأس أمم أفريقيا أن تتألق في البطولة فما عليها سوى الاستنجاد بمدرب مغمور اجره الشهري متواضع ،أما إذا ارادت أن تخرج من الدور الأول فما عليها سوى التعاقد مع مدرب من طينة المدربين العالميين براتب فلكي . ديدا ميلود - إيلاف : يبدو ان هذه القاعدة أصبحت واقعية في كأس أفريقيا و هو ما ترجمته النتائج التي حصلت عليه المنتخبات المشاركة في المسابقة خاصة ان سيناريو اقصاء منتخبات المدربين الاثرياء مبكراً و تألق منتخبات يشرف عليها مدربين فقراء يتكرر للمرة الثانية على التوالي بعد دورة 2012 بالغابون و غينيا الاستوائية سواء تعلق الأمر بالمحليين او الأجانب ، رغم ان المنتخبات الأفريقية تعتتقد بإن المدرب صاحب الراتب العالي اقدر على المضي إلى أبعد الحدود في البطولة . ففي نسخة 2012 خرج المنتخب المغربي من الدور الأول رغم أنه كان مرشحا على أقل تقدير لبلوغ الدور النصف النهائي و كان يشرف على تدريبه البلجيكي ايريك جيرتس و وقتها كان صاحب أعلى راتب بين نظرائه المدربين بعدما فاق ما يحصل عليه شهرياً ال 200 ألف يورو ، و اثار ضجة كبيرة في الوسط الرياضي و الإعلامي في المغرب بسببه بينما حقق المنتخب الزامبي المفاجاة و نال البطولة لأول مرة في تاريخه بفضل حنكة مدربه الفرنسي هيرفي رونار الذي لم يكن وقتها يحصل سوى على عشرين ألف يورو قبل ان يزيد بعد حصوله على اللقب الأفريقي إلى الضعف. الدورة الحالية المقامة بجنوب أفريقيا لم تختلف نتائجها عن التي سبقتها ، فالمنتخب الجزائري احد ممثلي أفريقيا في المونديال الأخير خرج من الدور الأول بعدما وضعها الخبراء في خانة المرشحين لتجاوزه بسهولة رغم وقوعه في المجموعة الصعبة نظرياً و الأسهل فنياً ، و رغم انه يشرف على إدارته التقنية اغلى مدرب في أفريقيا حالياً و هو البوسني وحيد خليلوزيدش الذي يتقاضى من الجزائريين راتباً يفوق ال120 الف دولار و فضلا عن امتيازات عينية اخرى ، و لم يكن شقيقه المنتخب المغربي الاختصاصي في التعادلات افضل شأناً منه رغم وجود المدرب رشيد الطوسي الذي يحصل شهرياً على سبعين ألف يورو اذ استغل الطوسي جيداً حالة جيرتس و تمكنه من تأهيل الأسود للنهائيات للحصول على مبتغاه المالي الذي لم يحصل عليه حتى بادو الزاكي عندما بلغوا معه النهائي في 2004 ، و بدوره انكوى منتخب ساحل العاج مع جيله الذهبي بنار المدرب الثري ممثلا في الفرنسي صري العموشي صاحب أعلى راتب في كان 2013 ب 150 ألف دولار شهرياً مقابلها الفني كان تاهلاً باهتاً للدور الربع النهائي قبل ان يغادر البطولة أمام نيجيريا ، و كانت كوت ديفوار قد بلغت العام المنصرم المباراة النهائية مع المدرب العاجي فرانسوا زاهوي الذي كان يتقاضى اجراً قليلا مقارنة مع العموشي. و في الوقت الذي رفع كالوشا بواليا رئيس إتحاد زامبيا من الراتب الشهري لمدرب الرصاصات النحاسية رينار إلى أربعين الف دولار ليكون خامس أغلى مدرب في البطولة لتحفيزه على المناورة أكثر و الحفاظ على البطولة لضمان المشاركة في كأس القارات بالبرازيل كانت النتيجة عكسية حيث خرج من الدور الأول ، و السيناريو نفسه عرفه المنتخب التونسي مع مدربه سامي الطرابلسي الذي سجل مشاركة طيبة العام الماضي حيث كان قاب قوسين أو اندى من العبور إلى المربع الذهبي لولا الخطأ الفادح للحارس ايمن المثلوثي و وقتها لم يكن راتبه يصل العشرين ألف دولار لكنه في الدورة الحالية قاد نسور قرطاج إلى واحدة من اسوء مشاركتهم حيث غادر البطولة مبكراً و بأداء شاحب رغم ان الاتحاد التونسي رفع من راتبه إلى ثلاثين الف دولار ،و لم يكن المدرب الجنوب الافريقي جوردان ايجسوند افضل حالاً مع منتخب الأولاد رغم انه يتقاضى خمسين ألف دولار كل شهر و رغم انه كان مدعما بعاملي الارض و الجمهور إلا انه اكتفى بالمرور إلى الدور الثاني قبل ان ينهزم من مالي بركلات الترجيح. و مقابل سقوط المدربين الأثرياء فإن نظرائهم الفقراء حققوا أفضل النتائج مع منتخباتهم فراتب النيجيري ستفيان كيشي مع منتخب النسور الخضراء لا يتجاوز ال 15 الف دولار و راتب البلجيكي بول بوت مدرب منتخب بوركينافاسو اقل من ذلك و مع ذلك بلغا الدور النهائي بل أن بوت ممنوع عليه التدريب في بلجيكا بسبب تورطه في التلاعب بنتائج المباريات هناك مما يفرض عليه القبول بتدريب اي منتخب أفريقي بأي راتب يقتات منه ، و بدوره قاد الفرنسي ديديي سيكس منتخب توغو للدور الثاني في المجموعة التي سميت بالحديدية بعدما فاز على المنتخب الجزائري و للعلم فان سيكس راتبه يقل عن العشرة الاف دولار . و الواقع ان رواتب مدربي المنتخبات الافريقية تخضع لمعايير معقدة فنية و مالية و حتى إعلامية ، فالأسماء الأجنبية الرنانة التي سبق لها ان دربت أندية في أوروبا و لو من الدرجة الثانية تجيد التفاوض مع الاتحادات و تغالي في مطالبها المالية مستندة على سيرها الذاتية ، اما الأسماء المغمورة فهي لا تركز في بداية مسيرتها على الجانب المالي و الاهم بالنسبة لها هو ابرام العقد لكنها بمجرد ما تحقق نتائج فنية إيجابية تنال رضا الجمهور حتى تنقلب راسا على عقب و تصر على مراجعة رواتبها مع الاتحاد مثلما حدث مع الفرنسي رونار الذي كان مجرد موظف في احدى شركات النظافة قبل ان ياتي به كلود لوروا الى القارة السمراء كمساعد له في أمم افريقيا غانا 2008 و بالتأكيد فإن مواطنه سيكس لن يقبل بعرض اقل من ضعف ما يناله حالياً سواء بقي مع التوغو او في تجربة أفريقية اخرى ، و ينطبق هذا المعيار أيضاً على المدربين المحليين الذين أصبحوا يطلبون تقريباً نفس الحقوق التي يحصل عليها الاجانب بمساعدة من الاعلام خاصة بعد الانتكاسات التي سجلها الكثير منهم . و يساهم الإعلام في تحديد الراتب من خلال تضخيم اسم المدرب الذي سيتولى تدريب المنتخب و وصفه بالمنقذ الذي سوف يخرجه من الازمة،كما تساهم الإنجازات في رفع المطالب المالية إلى اعلى سقف فالتأهل إلى المونديال أو إحراز بطولة أو وصافة كأس أفريقيا يجعل من المدرب هو صاحب الإنجاز و هو ما يستغله في تقوية موقفه اثناء المفاوضات الجديدة ، فضلا عن أسم المنتخب الذي سيدربه فمثلما هناك تصنيف للمدربين هناك تصنيف للمنتخبات ، فمثلا الجزائر او غانا و ساحل العاج هي منتخبات تمثل بلدان غنية بموارد النفط او الذهب و بالتالي فإمكانياتها المالية كبيرة و قادرة على توفير ميزانية ضخمة لمنتخبها عكس المنتخبات الفقيرة التي تبحث عن مدربين لا يطلبون كثيراً. كما ان وجود نجوم أفارقة كبار ينشطون في أقوى الأندية الأوروبية يتقاضون مبالغ مالية طائلة فرض على منتخباتهم انتداب فنيين أثرياء للإشراف عليه لانه يصعب على مدرب مغمور السيطرة على مثل هؤلاء النجوم خاصة انهم يصرفون في من جيوبهم على معسكرات منتخباتهم و يستغلون ذلك للتدخل في شؤون المدرب.