مواضيع ذات صلة ما بين نقد بناء، وترفيه وتسلية، واستعادة الماضي والتمثيل الكلاسيكي، يعتمد فن "الاستاند أب كوميدي" على إزاحة الفراغات بين الفنان، والجمهور، فيما يعرف بإزالة الحائط الرابع، بإيهام الجمهور بخروج الفنان على النص، وركوب موجة الانحياز لمشاكل الجمهور في قالب ساخر، كوميدي، يعتمد الحركة كأحد أهم مكونات هذا الفن الذي اعتمد أيضًا الارتجال كأهم أداة من أدوات فنان ال"ستاند أب كوميدي"، هذا الفن الذي انتشر في بلدان عربية كثيرة، مما دفع كثيرين لترك مهنهم الأكاديمية واللجوء لخشبة مسرح هذا الفن.. في القاهرة لفت فن ال"ستاند أب كوميدي" انتباه الجمهور، واستثمر ذلك الطبيب باسم يوسف، فقدم حلقاته عبر موقع ال"يوتيوب"، ثم بعد ذلك أصبح برنامجه الذي يحمل اسم "البرنامج"، حجر زاوية في هذا الفن المبني على السخرية كأحد أنواع القوة الناعمة في مواجهة السياسة. وإذا اعتبرنا أن خيال الظل والأراجوز، وباقي الفنون الجماهيرية التي تعتمد على مواجهة حرة يحكمها نص، ما بين فنان "مؤدٍ"، وجمهور، إرهاصات لفن المسرح؛ فإن المسرح برمته، يعتبر بوابة لما عرف لاحقًا باسم فن ال"ستاند أب كوميدي"، وجاء ذلك من بوابة ارتجال الفنان على خشبة المسرح وحديثه المباشر مع الجمهور، كنوع من الإيهام بالخروج عن النص والاندماج مع الجمهور، فيما يعرف بإزالة الحائط الرابع، بين الفنان والجمهور، هذا الاندماج هو أساس فن "الاستاند أب كوميدي"، لأنه الفن القائم في الأساس على اندماج الفنان مع الجمهور في بوتقة فنية واحدة، تؤدي إلى حالة انصهار كامل ما بين المشاكل المشتركة بين الفنان والجمهور لتقديمها بشكل كوميدي ساخر. يعتقد الكثيرون أن فن ال"ستاند أب" أصله مصري، وأنه امتداد للمنولوج، وهذا يعتبر اعتقادًا خاطئًا، لأن هذا الفن بدأ بشكل مستقل فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، بعد أن كان مجرد أسلوب موجود فى السينما أو المسرح. وعن شكل فن ال"ستاند آب كوميدي" بشكله المعروف حاليًا، فقد ظهر مع عشرينات القرن الماضى فى الولاياتالمتحدة مع عروض الرجل الواحد على المسارح، وأمام الستار قبل بدء حفل موسيقى ما، ثم تطور فى الخمسينيات والستينيات إلى فقرات خاصة انتقلت إلى النوادى الليلية والمطاعم، وفى الثمانينيات كانت ذروة انتشار هذا الفن مع انتشار "نوادى كوميديا" فى جميع الولايات بشكل كثيف فى نيويورك، ومنها بدأت شهرة نجوم وكتاب ومخرجى كوميديا معاصرين مثل روبن ويليامز ووودى آلان وجيرى ساينفيلد، ففنان ال"ستاند أب كوميدى" فنان شامل يكتب ويخرج ويمثل ويرتجل. ويعتمد فنان ال"ستاند أب كوميدي" على تناول أهم القضايا التي تهم المجتمع، وتركز أكثر على الظواهر السلبية مع وجود حلقات من أجل الضحك. وبدأ العرب يمارسون هذا النوع الجديد عليهم من الفن، وتخصص فيه عدد ليس بالقليل، وكانت مصر هي البوابة التي عبر منها هذا الفن إلى العالم العربي، من ناحية، ومن ناحية أخرى، ما نقله المبتعثون السعوديون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وال"يوتيوب" عن هذا الفن، مما دفع عددًا من الشبان والفتيات بالمطالبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المهتمين بالعروض الكوميدية القائمين علي التلفزيون والإذاعه باستقطاب وبث عروض "ستاند أب كوميدي"، إذ بات هذا الفن يلقي رواجًا كبيرًا في السعودية، وأصبحت عروض ال"ستاند أب كوميدي" لها شعبية واسعة، وبدأت تخصص لها فعاليات كبري جماهيرية تحضرها جميع الأسر، ويبقى التليفزيون والإذاعة. في الوقت نفسه، تأتي المطالبات بضرورة أن يكون هذا الفن قائمًا على الدراسة، بدلاً من أن يترك لارتجال كل من رأي نفسه قادرًا على تقديم هذا النوع من الفن الصعب الذي يحتاج لمواصفات خاصة جدًا سواء من ناحية الارتجال أو التمثيل، أو الرسم بالكلمات والأداء الحركي لوحة كاملة التفاصيل لقضية يسخر منها الفنان بمشاركة الجمهور. وكان الدليل على استحواذ هذا الفن على قلوب وعقول الكثير من الشباب ما دفع محاميًا فلسطينيًا إلى ترك مهنة المحاماة والعمل كفنان "أستاند أب كوميدي"، وذلك حين اختار الشاب أمريكي من أصل فلسطيني عامر زهر طريقته الخاصة في الدفاع عن قضية شعبه، ويتناول من خلال هذا الفن العديد من القضايا السياسية والاجتماعية الفلسطينية والعربية، وقال عامر زهر بعد تقديمه عرضًا في رام الله "إذا أضحكت الناس، فمعنى هذا أنهم يستمعون لك، وبذلك تكون الرسالة وصلت، وأنت في "ستاند أب كوميدي" تتحدث عن نفسك، عن أهلك عن وطنك عن كل شيء، أنا درست المحاماة، لكني اخترت هذا الطريق لإيصال رسالتي في الدفاع عن قضية شعبي"، الأمر متشابه جدًا مع باسم يوسف الذي ترك الطب ليمارس فن ال"ستاند أب كوميدي" برسالة واعية أن فن الإضحاك بالسخرية من الواقع، هو أقرب الطرق لتوصيل الرسالة. إعلامي مصري مقيم في الرياض