الغنوشي: لا خلافات داخل 'النهضة'.. والحركة لن تنجر للتصادم.. والجيش لن يحلّ محلّ السياسيينعواصم وكالات: اعلن حزب 'الموتمر من اجل الجمهورية' (يسار وسط) الذي اسسه الرئيس التونسي منصف المرزوقي واحد اطراف ائتلاف ثلاثي حاكم يهيمن عليه حزب النهضة الاسلامي، الاحد انه سيسحب الاثنين وزراءه من الحكومة بسبب عدم الاستجابة لطلبه استبدال وزيري العدل والخارجية الاسلاميين. وقال شكري يعقوب رئيس المجلس الوطني لحزب المؤتمر في تصريح لوكالة الانباء التونسية الحكومية ان حزبه سيسحب كل وزرائه من الحكومة. وكان الحزب اعلن في الثاني من الشهر الحالي انه سيسحب كل وزرائه من الحكومة 'في ظرف اسبوع' ان لم تتم اقالة وزير العدل نور الدين البحيري القيادي في حزب النهضة ووزير الخارجية رفيق عبد السلام والاخير صهر راشد الغنوشي رئيس النهضة. ومن المقرر ان يعقد الحزب مؤتمرا صحافيا الاثنين للاعلان رسميا عن استقالة وزرائه من الحكومة. وتضم الحكومة الحالية 3 وزراء من المؤتمر يتولون قطاعات العمل والتدريب المهني، واملاك الدولة، والمرأة والاسرة اضافة الى وزير دولة لدى وزيري الخارجية والرياضة. وقرر رئيس الحكومة حمادي الجبالي الاربعاء تشكيل حكومة تكنوقراط رغم معارضة حزب النهضة وذلك بعد ساعات من اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد امام منزله في العاصمة تونس. والسبت قال الجبالي في تصريح لوسائل الاعلام انه سيعلن تشكيلة الحكومة الجديدة 'اواسط الاسبوع' مهددا بالاستقالة من منصبه ان فشلت جهوده في تشكيل هذه الحكومة. يذكر ان الائتلاف الثلاثي الحاكم تم تشكيله اثر انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011 من كل من حزب النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية وحزب التكتل من اجل العمل والحريات بزعامة مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التاسيسي. ويمثل قرار حزب المؤتمر من اجل الجمهورية انتكاسة أخرى لحكومة رئيس الوزراء حمادي الجبالي التي مازالت تواجه تداعيات اغتيال الزعيم العلماني المعارض شكري بلعيد الاسبوع الماضي. وقال سمير بن عمر المسؤول بالحزب ل'رويترز' إن الحزب يقول منذ اسبوع انه اذا لم يتم تغيير وزيري الخارجية والعدل فإنه سينسحب من الحكومة. وأضاف أن هذا القرار لا علاقة له بقرار رئيس الوزراء تشكيل حكومة من التكنوقراط في إشارة الى نية الجبالي المعلنة تشكيل حكومة غير حزبية لتسيير الأعمال لحين إجراء انتخابات. وكان قتل بلعيد يوم الأربعاء وهو اول اغتيال سياسي في تونس منذ عقود قد أدى الى انزلاق الحكومة والبلاد الى حالة من الفوضى واتساع هوة الخلافات بين حزب حركة النهضة الاسلامية والقوى السياسية العلمانية. وانتقد سياسيون كبار اعضاء في حركة النهضة وكذلك اعضاء بشريكيها العلمانيين في الائتلاف اقتراح الجبالي تشكيل حكومة تكنوقراط وقالوا إنه لم يتشاور معهم. وكان زعيم حركة النهضة الإسلامية الحاكمة في تونس، راشد الغنوشي، قال إن حركته لن تنجر إلى التصادم مع القوى التي تسعى لدفعها إلى ذلك، وستبقى متمسكة بالاعتدال ورفض التطرّف، مشدداً على أن الجيش التونسي لن يحل محل السياسيين لحل مشاكل البلاد. وأوضح الغنوشي في حديث مع صحيفة 'الخبر' الجزائرية نشر امس الاحد، في ردّه على اتهام النهضة بالوقوف وراء عملية اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد 'هؤلاء خصوم عقائديون وسياسيون راديكاليون لا يستطيعون أن ينظروا إلى النهضة إلا بكونها حركة رجعية والشر الأعظم، وينظرون إلى الإسلاميين كلهم على أنهم رموز الظلامية والرجعية، وبالتالي اغتنموا هذه الفرصة وجعلوا من المصيبة فرصة لمواصلة الهجوم، واعتقدوا أنها فرصتهم للهجوم الكاسح على النهضة ولجعلها تدفع ثمنا لجريمة لا أحد أثبتها على النهضة ولا النهضة اعترفت بها'. واعتبر الغنوشي أن 'كل الدلائل المعقولة تقول إن الحزب الحاكم ليس من مصلحته تفجير الوضع الأمني في مجال حكمه، من له مصلحة في هذه الجريمة؟ بالتأكيد ليس من مصلحة الحزب الحاكم أن يقوم بتفجير أرض يقف عليها.. الذين يتهموننا هم أولئك المتربصون والذين فشلوا في الانتخابات وأمام صناديق الاقتراع ولم يتمكنوا من إقناع الشعب برؤيتهم وأفكارهم'. ورأى أن التهمة التي وجهها حزب العمّال بقيادة حمة الهمامي وشركائه في الجبهة الشعبية، حصل في انتخابات 23 تشرين الأول/أكتوبر 2011 على 2.4' فقط، بينما حصلت النهضة على 42' 'بمعنى أنها أكبر منه أكثر من 20 مرة'. ورفض الغنوشي الزج بالجيش في الخلافات السياسية قائلاً إن 'الجيش التونسي جيش محترف، وجيش مهني لا يتدخل في الشؤون السياسية، ويتولى حماية الحدود، وإذا احتجنا إليه سيؤدي مهامه الوطنية، وهذا الجيش لن يحل محل السياسيين في حلحلة مشاكل البلد'. وأقر بأن 'الوضع صعب صحيح' في تونس، لكن 'نحن متمسكون بمبدأ الاعتدال ورفض التطرّف والغلو، مهما كانت الجهة التي تتبنى هكذا الأسلوب.. نحن نحكم هذا البلد ولا يمكننا أن نتورّط في خلق حالة من التصادم، هم يريدون التصادم وليس نحن، هم يسعون إلى جرّنا إلى ذلك، وأطمئن التونسيين أن ذلك لن يحصل'. ونفى الغنوشي وجود خلافات داخل النهضة بعد رفض مقترح تشكيل حكومة تقنوقراط التي طرحها رئيس الحكومة حمادي الجبالي، قائلاً إن 'النهضة صارمة في موضوع وحدتها، ولكن في داخلها هناك تدافع في الرأي، كل الآراء تسبح بكل حرية، ولذلك لا أرى أن وحدة النهضة مهددة'. وتابع 'أما الحكم النهائي بشأن القرار الذي اتخذه رئيس الحكومة، فنحن ماضون إلى اجتماع للمكتب التنفيذي ومجلس الشورى الذي سيعقد اليوم للنظر في المقترح، ومن ثمة سنصدر حكما نهائيا على الموقف'، مشددا على أن حركته تدرس الأمور 'بهدوء وبروية ونضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار، ولدينا شركاء في الترويكا نتحاور معهم في هذا الأمر بالصورة التي تخدم مصلحة تونس والشعب التونسي، أما بالنسبة للتمسك بالموقف من قبلنا ومن قبل رئيس الحكومة فهذه حالة سابقة لأوانها لا يمكن افتراضها ولا مناقشتها الآن، وهذا ما سندرسه في اجتماع مجلس الشورى'. وأكد الغنوشي أن 'الأولوية اليوم للحوار الوطني، وعلى أساس الحوار الوطني تحسم جملة من القضايا أبرزها الدستور والقانون الانتخابي'، معرباً عن اعتقاده بأن 'حسم هذا في الحوار الوطني يمكن أن يسهل حسم الدستور، أما بالنسبة لحزب نداء تونس فهو حزب معتمد ومعترف به، ونحن لا نقاطع كل مبادرة يشارك فيها حزب النداء بالضرورة'. واعتبر أنه 'لا يوجد بديل للمجلس التأسيسي الذي هو صاحب الشرعية التأسيسية، والشعب هو من انتخب المجلس التأسيسي، ولا يمكن تحت أي ظرف كان رفع الشرعية عن مجلس كلفه الشعب بصياغة الدستور'. وقال 'صحيح أن الفترة طالت فعلاً، لكن نحن لدينا تجربة في تاريخنا، ففي 1956 انتخب الشعب المجلس التأسيسي لمدة سنة فقضى ثلاث سنوات، الدساتير عادة تطبخ على نار هادئة، لأن الدساتير يقدر لها أن تعمّر طويلاً، فهي تصيغ أسس الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد'. ودعا رئيس الحكومة التونسية، حمادي الجبالي الطبقة السياسية في بلاده إلى 'أخذ العبرة من الدرس الجزائري' وعدم الدخول في متاهات قد لا تحمد عقباها. وقال الجبالي، لصحيفة 'الشروق' الجزائرية في عددها الصادر امس الاحد، إن ' الوضع في تونس حساس للغاية وعلينا جميعا تحمل مسؤولياتنا'، موضحا انه 'يتحمل المسؤولية الكاملة في الأوضاع التي تمر بها البلاد ولذلك قدمت هذا المقترح بتشكيل حكومة تكنوقراط لتسيير المرحلة'. ونفى الجبالي وجود أي انشقاق داخل حركة النهضة الإسلامية التي ينتمي إليها على خلفية اقتراحه بتشكيل حكومة كفاءات، وقال إن'أي حركة ديمقراطية لابد وأن تبرز فيها خلافات ووجهات نظر مختلفة وهو ما يحصل الآن في حركتنا'. ويرى الجبالي أن تونس تعيش 'أزمة سياسية وليس أمنية'، منتقدا وسائل الإعلام التي أعطت تأويلات 'خاطئة' لاغتيال المعارض شكري بلعيد. وأضاف 'هناك تحقيقا في عملية الاغتيال لكنني أرفض هذه التأويلات والإدانات الموجهة لوزارة الداخلية من هنا وهناك'. ودعا الجبالي التونسيين إلى التعلم من الدرس الجزائري وعدم الانزلاق في المتاهات بالرغم من 'الفارق بين التجربتين'. وعاشت الجزائر أزمة عنف منذ عام 1992 خلفت آلاف القتلى والجرحى من المدنيين والعسكريين. من جهة أخرى اعترف الجبالي أن الفقراء من التونسيين يعانون من غلاء الأسعار، مقترحا أن يدفع الأغنياء زكاتهم لهؤلاء.