نجح الرئيس باراك أوباما في إعادة تجميع ائتلافه المنوّع، الذي يتألف من ناخبين ينتمون إلى جماعات ذات أقلية وناخبات سيدات وناخبين شبان، للفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض. أشرف أبوجلالة من القاهرة: الأمر اللافت، الذي أظهرته استطلاعات بخصوص الانتصار الذي حققه أوباما على حساب ميت رومني، هو أنه جاء في وقت مازال ينقسم فيه جمهور الناخبين، كما لو كان دولتين أجنبيتين، وينقسم بين رجال ونساء، وبيض وأقليات، وأغنياء وفقراء، وكبار وصغار. وأظهرت الاستطلاعات الوطنية الخاصة بأصوات الناخبين في ما يتعلق بانتخابات الرئاسة الأميركية أن هناك ثمة دولة مقسمة سياسياً وديموغرافياً وجغرافياً وثقافياً. وأشار تيري مادونا، أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز استطلاع كلية فرانكلين آند مارشال في لانكاستر في بنسلفانيا، إلى أن أوباما نجح في الاحتفاظ بقاعدة الدعم الخاصة به، لأنه لم يفعل ما يغضبهم، حتى وإن باتوا أقل حماسة عمّا كانوا عليه قبل 4 أعوام. وتابع مادونا حديثه بالقول: "هذا أمر مكرر. وهي الأمور الديموغرافية نفسها، رغم أن النسب تتفاوت قليلاً". على النقيض من قاعدة الدعم، الذي استمد منها أوباما قوته، فقد حظي رومني، 65 عاماً، بدعم قوي من جانب كبار السنّ والبيض والرجال. هذا وقد فاز أوباما بدعم 55 % من الأصوات النسائية، بانخفاض قدره 1 % عن النسبة التي سبق وأن حققها في انتخابات 2008، كما فاز بنسبة أصوات قدرها 39 % بين البيض، بعدما كانت 43 % قبل أربعة أعوام. وفي ولاية أوهايو المتأرجحة، حقق نسبة أفضل قليلاً، بفوزه ب 42 % من أصوات الأشخاص البيض. معروف أن الناخبين البيض يشكلون 72 % من جمهور الناخبين على الصعيد الوطني، بعدما كانوا 74 % عام 2008. وبين اللاتينيين تفوق أوباما بفارق 44 نقطة. وحصل رومني على 27 % من أصواتهم، بعدما كانت نسبة المرشح الجمهوري في انتخابات عام 2008 تقدر ب 31 %. كما ساعدت قوة أوباما بين الأقليات على تعزيز وضعيته في المراكز التي توجد فيها تجمعات كبرى في أبرز الولايات المتأرجحة. وقال ويليام فراي، وهو باحث بارز في الشؤون الديموغرافية لدى معهد بروكينغز في واشنطن: "يمكنني القول إنه على الصعيد الوطني لم يعد حتى دعم الأشخاص البيض المتواضع ضرورياً لتحقيق الفوز لمصلحة الديمقراطيين، إن كان هناك إقبالاً قوياً من طرف الأقليات". وأضاف فراي أن مستوى الدعم الذي تلقاه أوباما بين البيض كان الأقل منذ عام 1992 لأحد مرشحي الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة. ومضت الوكالة تشير كذلك إلى أن أصوات الشباب كانت حاسمة كذلك في دعم أوباما، مثلما حدث من قبل عام 2008. وبينما فاز ميت رومني أيضاً ب 59 % من الأصوات بين هؤلاء الذين يحضرون الشعائر الدينية أسبوعياً، ونجاحه في انتزاع 57 % من أصوات البروتستانت، فقد فاز أوباما بحصة أكبر من أصوات الناخبين الكاثوليك بنسبة وصلت إلى 50 %. وفي الوقت الذي يئن فيه الناخبون من الأوقات الصعبة التي يعيشونها على مستويات مختلفة، ومازال يأمل كثيرون منهم أن ينعموا بمستقبل أفضل خلال الفترة المقبلة، فقد عاد الأميركيون إلى الخطوط الأكثر تقليدية مقارنةً بالائتلاف الأوسع في النطاق الذي ساعد باراك أوباما على الوصول إلى منصب الرئيس قبل أربعة أعوام. كشفت دراسات مسحية أجراها مركز أبحاث إديسون للناخبين أثناء مغادرتهم مراكز الاقتراع وعبر مكالمات هاتفية مع حوالى 30 مليون أميركي أدلوا بأصواتهم مبكراً عن أن الرجال والمستقلين السياسيين وسكان الضواحي، الذين سبق لهم دعم أوباما قبل حوالى أربعة أعوام، قد منحوا مزيداً من الأصوات هذه المرة لمصلحة رومني. وتبين، وفقاً للنيويورك تايمز، أن رومني احتفظ بدعم معظم باقي الجماعات الجمهورية العادية، بمن فيها البيض والأميركيون الكبار والجنوبيون وسكان المناطق القروية والناخبون المتزوجون ومعتادو الذهاب إلى الكنيسة، وبغالبية ساحقة المسيحيون الإنجيليون البيض، الذين عبّر كثيرون منهم عن عدائهم تجاه رومني، باعتباره من المورمون، في حملتي ترشحه للانتخابات في عامي 2008 و2012. وفي وقت مازالت تؤكد فيه غالبية على الصعيد الوطني أن الاقتصاد هو الموضوع الأكثر أهمية في الوقت الراهن، لفتت الصحيفة إلى أن الغالبية مازالت تحمّل بوش أكثر من أوباما مسؤولية تلك المشكلات التي مازالت تعانيها البلاد على الصعيد الاقتصادي.