أعلن بابا الفاتيكان بنيديكت السادس عزمه الاستقالة من منصبه على رأس الكنيسة الكاثوليكية اعتبارا من الثامن والعشرين من فبراير/شباط الجاري. وقال البابا البالغ من العمر 85 عاما، في خطاب ألقاه باللاتينية خلال مجمع كرادلة منعقد في الفاتيكان "بعد مراجعة ضميري أمام الله توصلت إلى قناعة بأنني لم أعد قادرا بسبب تقدمي في السن على القيام بواجباتي على أكمل وجه على رأس الكنيسة" الكاثوليكية. وأضاف البابا إنه لم يعد يملك "القوة" المطلوبة للبقاء في منصبه. وكان مجلس الكرادلة قد اختار بنيديكت السادس عشر، وكان اسمه آنذاك الكاردينال جوزيف راتزينغر، لتولي منصب بابا الفاتيكان عام 2005 بعد وفاة البابا يوحنا بولس الثاني. جدير بالذكر، أن بنيديكت السادس عشر هو البابا ال265 للكنيسة الكاثوليكية، وهو سادس ألماني تبوأ هذا المنصب، والأول منذ القرن الحادي عشر. قرار مفاجئ هذا القرار، وفقا لوكالة الأنباء الايطالية أنسا، سيسبب صدمة للمجتمع الكاثوليكي العالمي، خصوصا وأنه من النادر جدا أن يتخلى البابا عن البابوية. وغالبية البابوات يبقون في منصبهم حتى وفاتهم، حتى عندما تعتل صحتهم. وكان البابا غريغوري الثاني عشر آخر بابا يعمد إلى الاستقالة عام 1415. وقد فعل ذلك لإنهاء الحرب الأهلية داخل الكنيسة التي ادعى فيها أكثر من شخص أنه البابا. وقالت الصحف الإيطالية إن البابا "شعر بثقل المهمة"، وقرر التنحي "من أجل خير الكنيسة". وقالت صحيفة انديبندانت البريطانية، "لقد سرت شائعات على مدى الأشهر القليلة الماضية تشير إلى أن صحة البابا الألماني المولد تتراجع، وأنه كان يعاني حتى من قراءة النصوص". ردود فعل على الاستقالة وفي أول تعليق على استقالة البابا، عبرت ألمانيا الاثنين عن "احترامها" و"امتنانها" للبابا بنيديكت السادس عشر عن السنوات الثماني التي أمضاها على رأس الكنيسة الكاثوليكية. وقال ستيفين سيبرت المتحدث باسم المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، إن "الحكومة الفدرالية تكن أكبر قدر ممكن من الاحترام للحبر الأعظم ولانجازاته وعمله طوال حياته من أجل الكنيسة الكاثوليكية". وبدوره، اعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاثنين أن قرار البابا بنيديكت السادس عشر الاستقالة "موضع احترام شديد"، وذلك على هامش زيارة لضواحي باريس. خليفة البابا وإثر إعلان الاستقالة، قال المتحدث باسم الفاتيكان فيديريكو لومباردي للصحافيين "نتوقع أن يكون لدينا حبر أعظم جديد قبل عيد الفصح" الذي يوافق في 31 مارس/آذار المقبل. ويتوقع خبراء في شؤون الفاتيكان أن يكون الكاردينال الإيطالي انجلو سكولا بطريرك الكنيسة في فينيسيا والكاردينال مارك أولييت الفرنسي رئيس مجلس أساقفة الفاتيكان، من أقوى المرشحين لخلافة البابا بنيدكيت السادس عشر. ويشير أولئك الخبراء إلى أن سكولا وأولييت من الشخصيات الدينية المنفتحة داخل الفاتيكان، وبالتالي فإن اختيار أحدهما خليفة للبابا سيخدم مساعي الكنيسة الكاثوليكية في اتخاذ مواقف أكثر انفتاحا على العالم بعض أن تعرضت في السنوات الأخيرة لانتقادات وفضائح. ولاشك أن أخطر فضيحة هزت صورة ونفوذ الكنيسة الكاثوليكية المعاصرة في العالم تتعلق بتحرش بعض كهنة ومسؤولي الكنيسة الكاثوليكية جنسيا بالأطفال. ورغم محاولات الكنيسة الكاثوليكية في عهد البابا يوحنا بولص الثاني للتعامل مع الفضيحة وطي صفحة الماضي، ظلت تداعياتها تواجه بينديكت السادس عشر، حتى اتهمته منظمات حقوقية أميركية بالتستر على قضايا التحرش واغتصاب الأطفال، ورفعت دعاوى قضائية ضده وعدد من مسؤولي الكنيسة في الفاتيكان أمام المحكمة الجنائية الدولية. كما واجه بنيديكت السادس عشر فضيحة أخرى تعلق تسريب أحد من المقربين منه وثائق سرية أدت إلى إدانة كبير خدمه باولو غابرييلي.