فهو في الجيولوجيا يماثل أحمد رياض ترك في الكيمياء, وحسن شاكر أفلاطون في علوم الحشرات, ومصطفي كامل مشرفة في الرياضيات, وحسين منتصر والقصاص وحسين سعيد في علم النبات, وسليمان حزين في علوم الجغرافيا وحضارات الإنسان القديم. كانت مصر في هذه الحقبة منتصف القرن الماضي تزخر برجالها الكبار, هم علي نفس المستوي من علماء أوروبا والولايات المتحدة, كلهم أجادوا صنعتهم وعلمهم, وكلهم خرج أجيالا من شباب مصر, نهضت بهم الدولة ومازالت بقايا من أولادهم تعطي رغم صوتهم الواهي, لا يسألون الدولة إلحافا بل يعملون في صمت, تعرفهم بسيماههم من النشرات العلمية في أرقي مجلات العالم, يحترمهم علماء العالم ويعجبون لماذا هم غير المصريين الذين تزخر بهم وسائل الإعلام. عاد رشدي من بعثته بالولايات المتحدة ليعمل مدرسا في كلية العلوم جامعة القاهرة( فؤاد سابقا).. كان رشدي عالما نشيطا ومحاضرا ممتازا, يجذب إليه طلبته, لم تكن محاضراته تقتصر علي العلوم الجيولوجية, بل كانت المسائل الحياتية تستهلك حوالي نصف وقت المحاضرة, وتنوعت هذه المسائل بين ما يجب علي الإنسان أن يفعله لرفعة وطنه, والمقارنة بين تقدم الغرب وتخلف الشرق, وكيف ارتفعت الأمم وارتقت بالعلم والتعليم, وما هو المهم في حياة الشعوب, وما هو غير المفهوم, كانت محاضراته متعة شيقة انجذبنا نحن طلبته إليه وسعينا إلي التقرب منه ومعرفته أكثر, كان لبقا حاضر الذهن, قارئا ممتازا في التاريخ وحضارات الشعوب, التصق به العديد من الشباب وتحت إشرافه حصل الكثيرون منهم علي درجات الماجستير والدكتوراه. رأس رشدي سعيد المساحة الجيولوجية لمدة تسع سنوات ونصف السنة, كانت هذه الفترة من أخصب فترات المساحة الجيولوجية في العمل والإنتاج, بالاتفاق مع الاتحاد السوفيتي تمت زيادة إمكانات البعثات الحقلية العاملة بالصحراء من عربات نقل إلي عربات صغيرة كلها ذات دفع رباعي تطورت المعامل الكيميائية والمعدنية بأجهزة حديثة, أدخل قسما جديدا لرسم الخرائط, وتوجت بنشر خريطة مصر الجيولوجية عام1791 بعد خريطة8291, ثم توسيع المكتبة بالاشتراك في52 مجلة ودورية علمية عالمية, زاد عدد الفنيين حتي وصل إلي حوالي004 باحث بين كيميائي وجيولوجي وجيوفيزيقي ومهندس تعدين, تحية لهذا العالم السياسي الأستاذ الجيولوجي ورحمه الله بما قدم لمصر من إنجازات ستظل علامة مضيئة في تاريخها.