لا يمرّ يوم دون أن تروي الصحف قصة من قصص السحر الواقعية، وقد يظن الناس أن هذا اللون من الدجل مقصور اليوم على الأمم المتخلفة، وهذا غير صحيح، فإن أكثر شعوب العالم تحضراً تجري فيها طقوس السحر على نحو واسع، وبطرق مختلفة تصل إلى الإيذاء والقتل. ففي فرنسا، أظهر تحقيق أجرته وزارة الصناعة والبحث الفرنسية عام 1982 تقدير مدى عقلانية المواطنين الفرنسيين أن 18% من هؤلاء يؤمنون بالسحر، أما نائبة رئيس الاتحاد العالمي للروحانيين والفلكيين في باريس كريستين داجواي فتقول: إن نسبة الذين يلجأون إليها ولزملائها نحو 75% من الشعب الفرنسي، ويقدر عدد السحرة والمشعوذين في فرنسا بنحو ثلاثين ألفاً، والأغرب من كل شيء هو أن معظم هؤلاء السحرة والوسطاء الروحيين يعملون، ويمارسون نشاطهم بشكل علني، أو شبه علني. ويكفي أن يتصفح المرء هذه المجلات والجرائد ليلاحظ الإعلانات المبوبة التي تتحدث عن عجائب، وغرائب قدرات هؤلاء الأشخاص السحرية وغير الاعتيادية ، فهم يدعون القيام بالمستحيل، كالعثور على شخص مفقود، أو إعادة محبوب، أو جلب ثروة، أو التنبؤ بأرقام اليانصيب، وحتى الكتيبة «كتابة الشر» للخصوم والأعداء والشفاء من الأمراض الخطيرة، ويتجاوز مجموع مبيعاتهم السنوية ثلاثة مليارات فرنك فرنسي- هذا فقط في فرنسا- أما اتحاد الفلكيين العالميين، فإن مردوده السنوي نحو50 مليار دولار- وليست فرنسا وحدها موطن السحرة، ففي ولاية أوهايو في الولاياتالمتحدة، يضحى سنوياً منذ العام 1969 بخمسة مواليد جدد على مذبح الشيطان، من أجل الاحتفال بعودة الصيف. ففي القرون الوسطى، كانت السلطات تحرق السحرة أحياناً، أما اليوم ورغم كل عمليات النصب والاحتيال التي يمارسها المشعوذون على ضحاياهم ، فإن السلطات لا يمكنها أن توجه إليهم إلا تهمة الاحتيال والابتزاز، خاصة أن الأدلة المادية والحسية في موضوع السحر خفية غير ظاهرة للعيان، فكل ما بوسع السلطات في كثير من الأحيان هو إيقاع المحتالين في فخ الجرم المشهود، أو طردهم بسبب وجودهم غير الشرعي. يقول أحد مفتشي الشرطة الفرنسيين، إنه لا وثائق ثبوتية، ولا براهين وبالتالي لا إمكانية قانونية على الإطلاق في ملاحقة المحتالين ومعاقبتهم، الحل الوحيد يبدو في أن يخفف بعض الفرنسيين من إيمانهم الأعمى بالسحرة، وأن ينظروا بواقعية أكثر إلى الأمور. ... المزيد