شبام نيوز . كلمة الرياض : يوسف الكويليت يوسف الكويليت زخم الثورات في بداياتها أفراح وآمال، وميلاد حياة جديدة، لكن ما حدث في دول الربيع العربي أن القضية ليست اقتلاع نظامٍ وجلب البديل، الذي لم يعرف إدارة الدولة ومتطلبات المواطن ورسم العلاقات الخارجية فحسب، بل إن ما فاجأ الخلف في هذه الدول، أن المسألة لا تعني تبديل الكراسي فقط، ومع اعترافنا أن الثورات تلد المفاجآت، إلا أن الأحداث العربية خرجت عن سياقها إلى ما يشبه الفوضى عندما انفلت الشارع، وتحول الاستقطاب إلى تشكيل عناصر تتظاهر، وبعضها يعتمد التخريب المنظم لمؤسسات الدولة، ويذهب فريق آخر لاتهام النظم السابقة وباقي مؤيديها.. القضية الأمنية، هي الأساس في ضبط الشارع وفرض هيبة الدولة، لكن ما حدث جاء مغايراً، أي أن الجهاز الأمني انتهى احترامه وهيبته، وبالتالي لم يبق إلا الجيش حامياً أساسياً، ولكنه حامٍ في زمن الحروب، وليس إدارة الأمن الداخلي الذي يتعامل مع حدث الساعة بالجرائم المنظمة والفردية، ومخالفات القوانين بالسطو وتوزيع المخدرات، وغيرها من الوقائع اليومية التي لها مدرستها ونظامها.. ولأن فرضية الاستقرار الأمني مرتبطة بالاستقرار الاجتماعي، فهو الأساس في جذب الاستثمارات وتحويل طاقات الإنتاج إلى النمو السريع، لكن ما حدث كان انهيار عملات وإغلاق مصانع، وبطالة متنامية، ووقفاً للاستيراد الخارجي بما في ذلك مستلزمات شركات الكهرباء والمواصلات، والأدوية وقطع الغيار للعديد من الحركة التجارية والصناعية.. تونس قد تكون الأقرب إلى مراجعة السياسات كلها، لأن ما فجره اغتيال شكري بلعيد، أعاد حرق البوعزيزي، أي أن النيران لم تهدأ، لكن مبادرة رئيس الوزراء حمادي الجبالي، والقيادي الأساسي في حركة النهضة توسيع الحكومة بعناصر من «التكنوقراط» أضافت قناعة لدى الجميع، بأن الطريق للحل يعبر من خلال الحوار، والإصلاحات السريعة التي تتفق عليها مختلف القوى، وقد يساعد ذلك في بناء جديد للدولة، يخرج من مراحل الانتقال إلى العمل وفق سياسة وطنية شاملة.. وإذا كانت تونس شرارة الثورات التي انتقلت منها إلى دول عربية فهل نجاح مشروعها في تشكيل مجلس حكماء برئاسة الجبالي، هو نموذج يحتذى في مصر التي تواجه نفس المشكلة؟ ولكن دون اغتيالات لشخصيات مرموقة إلا ما انفلت به مفتٍ من رجال الدين بشطحات لا تتوافق والفكر والسلوك التقليديين لمصر في كل عصورها.. في مصر أصبح الإعلام طاقة التحريك للفوضى، لأن حالات التشكيك التي دفعت الأحزاب والمنظمات إلى مبدأ الاتهام إلى حد التخوين، لا تخدم من في السلطة أو المعارضة طالما ما يحدث يمس الأمن الوطني برمته، لكن هناك رغبة عامة في طرح القضايا المعقدة على طاولة واحدة، وهذا مؤشر جيد لإنقاذ مصر من خروقات أمنية وسياسية، لأنه إذا كانت الظروف تتصاعد نحو الواقع المعقد، فليس الطريق مزيداً من الشحن، خاصة وأن مطالب الشارع لم تعد تهتم بمن يملك الحقيقة، بل بالأمن وتوفير المطالب الأساسية، وهذا ما يجب أن يفكر به الفرقاء ليأخذوا بالنهج التونسي الذي ربما يكون قاعدة الحلول للإشكالات المتنامية..