, بما يخل بمبدأ الرقابة والتوازن بين سلطات الدولة, وهو ما يتبدي في عشر ملاحظات: 1 تنص المادة156 علي أن رئيس الجمهورية هو من يضع السياسة العامة للدولة, ويشرف علي تنفيذها بالاشتراك مع الحكومة, وهو ما يتنافي مع النموذج الكلاسيكي للنظام المختلط الذي يجسده الدستور الفرنسي, حيث تنص المادة20 منه علي أن الحكومة تحدد سياسة الوطن وتمارسها, وتوضع الإدارة والقوات المسلحة تحت تصرفها. 2 تشي المادة141 بإلغاء منصب نائب رئيس الجمهورية, أو أن دوره في أحسن الأحوال لن يتعدي دور المساعد أو المستشار. 3 حق رئيس الجمهورية في حل مجلس النواب حال عدم الاتفاق معه علي التشكيل الوزاري دون الرجوع إلي الشعب في استفتاء عام( المادة145) وهو ما يمثل تناقضا مع المادة129 التي تنص علي أنه لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة, ويكون ذلك بقرار مسبب بناء علي طلب الحكومة وأخذ رأي رئيسي مجلسي البرلمان وبعد استفتاء الشعب علي هذا الحل. 4 تعيين رئيس الجمهورية ربع أعضاء مجلس الشيوخ( المادة130), وهو ما لا تتضمنه سلطات الرئيس في كلاسيكيات النظم المختلطة( الدستور الفرنسي) ولا الرئاسية( الدستور الأمريكي). 5 صدور قرار بتعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا من رئيس الجمهورية( المادة183), علي نحو يؤثر علي حيدة أرقي محاكم الدولة والمنوط بها الفصل في تنازع الاختصاص بين جهات القضاء, وهو النص الذي لم يرد في دستور.1971 وتفاديا لهذا التأثير, يمكن استبدال الجملة الأخيرة من هذه المادة بعبارة ويصدر قرار بتعيينهم من المجلس الأعلي للقضاء. 6 تعيين رئيس الجمهورية رؤساء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ حسب المادة204, وهو ما يشوب بداهة استقلالية هذه الأجهزة والهيئات وقدرتها علي الرقابة; إذ لا يستقيم أن يكون اختصاصها الرقابة علي سلطات الدولة لا سيما السلطة التنفيذية, بينما رئيس السلطة التنفيذية هو من يعين رؤساءها. لذا فالأولي إيكال مهمة تعيين رؤساء الهيئات الرقابية إلي سلطة التشريع والرقابة العامة بالدولة وهي البرلمان دون أن يستلزم ذلك صدور قرار جمهوري لإقرار التعيين, وهو المفهوم الذي يرسخه الدستور الفرنسي بنص المادة47-2 منه علي أن ديوان المحاسبة يساعد البرلمان في مراقبة عمل الحكومة. 7 تحصين رئيس الجمهورية ضد الملاحقة القضائية بالنص علي عضويته بعد مغادرته منصبه ومدي الحياة بمجلس الشيوخ وفقا للمادة130, حيث لا يجوز وفقا للمادة90 اتخاذ أي اجراءات جنائية ضده في غير حالة التلبس, وهو ما ينفي مسئوليته القانونية عن أي فعل وقع خلال ولايته الرئاسية. 8 ما زلنا نؤكد ضرورة أن تتضمن المادة136 الخاصة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية شرط الحصول علي شهادة جامعية( أسوة بأعضاء مجلس الشيوخ) وعدد معين من سنوات الخبرة في العمل العام. 9 ثمة التباس حول دور مجلس الدفاع الوطني, فهل المجلس كما عهدناه طوال سنوات مرادف إعلامي للدلالة علي جهاز الاستخبارات العامة, أم أنه بديل سياسي لمجلس الأمن القومي علي نحو ما يشير إليه تشكيله واختصاصه وفقا للمادة196, التي حملت بتفاصيل كان الأجدر أن تترك للقوانين ولوائحها التنفيذية؟! علاوة علي ذلك, فذات المادة اشترطت أخذ رأي المجلس في مشروعات القوانين المتعلقة بالقوات المسلحة, فضلا عن أنها قد سلبت الاختصاص الأصيل لنواب الشعب والمتعارف عليه في النظم الديمقراطية في مناقشة ميزانية القوات المسلحة التي هي وفقا للمادة197 ملك للشعب. ولمواجهة هذه الإشكالية, فقد يكون الأفضل من جهة النص في الدستور علي إنشاء مجلس الأمن القومي برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية نواب الرئيس ورئيس الوزراء ورئيسي مجلسي النواب والشيوخ ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية والعدل والمالية والموارد المائية والزراعة والتموين والتضامن الاجتماعي ورئيس جهاز الاستخبارات العامة ورئيس المجلس القومي للإعلام, لتكون مهمة المجلس تنسيق السياسات الخارجية والدفاعية والأمنية للدولة, بأبعادها الدبلوماسية والعسكرية والاستخباراتية والشرطية, وما يدعم ذلك من جوانب قانونية وإعلامية واقتصادية واجتماعية, ويهدف هذا المقترح إلي ترسيخ المؤسسية في صنع قرار الأمن القومي بعيدا عن أنواء التجاذبات السياسية علي الساحة المصرية. من جهة أخري, ينبغي النص علي مناقشة ميزانية القوات المسلحة داخل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب. 10 اشترطت المادة198 أن يكون وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة, ما يعني بالتأكيد كونه أحد ضباطها. وعلي الرغم من أنه التزام مستحدث في الدساتير المصرية وغير معهود في الديمقراطيات المستقرة, إلا أنه قد يكون مفيدا في مرحلة التحول الديمقراطي; كونه يجعل قيادة الجيش جزءا من نظام الحكم الذي تمثله الحكومة, وهو ما يؤكد من جهة التزام الجيش بإرادة الشعب ممثلة برئيس الجمهورية المنتخب, ويفضي من جهة أخري إلي تجديد دماء القوات المسلحة عادة بشكل متزامن مع تداول السلطة. كما أن ذلك النص يراعي اعتبارات التخصص التي تميز الكادر الخاص, والتي تقتضي بدورها توسيع نطاق النص ليكون يتولي الوزارات السيادية أعضاء كوادرها الخاصة, بما يبعد تلك المؤسسات الحساسة عن التنافس السياسي والسجال الإعلامي, ومن ثم يحافظ علي مهنيتها بعيدا عن الشعبوية.