إنَّ مناقشة ظاهرة الاعتداء والتحرش الجنسي بالأطفال أمر مليء بالأشواك، وأشواك الصراحة والموضوعية لا تقل أبداً عن تلك الأدغال التي أدمت قلوبنا وإنسانيتنا خلال الحصول على المعلومة من مصادرها الأصلية. آن الأوان للوقوف بصدق وموضوعية ضد كل من يتخندق خلف حجج وأفكار وقيود و«رمال» اختنقت بها «رؤوس النعام» الهاربة من مواجهة الحقيقة! سؤال نوجهه إلى كل أب وأم، وكل راع مسؤول عن رعيته: «ماذا لو كان ولدك أو ابنتك ضحية لتلك الجريمة - لا قدر الله-؟، ماذا يمكنك أن تفعل إن اكتشفت أن المجرم الذي اغتال براءة صغيرك، إنما هو شخص ينتسب لعائلتك أو من أقاربك، أو من بين أهل لثقتك؟، هل تكتفي بعض أنامل الندم؟، وإن ندمت العمر كله، هل ينجح في ترميم ما أفسده «الإهمال» لفلذة كبدك؟ إنها صرخة عالية تمتزج بأنَّات الألم والقهر مع كل التفاصيل المأساوية التي اطلعنا عليها مباشرة من مصادرها وضحاياها دون وسيط! ليست دعوة إلى التجرد من حبال الثقة، والتذرع بالشك والريبة في كل من حولنا، وإنما هي رسالة مفتوحة، تنبه وتحذر من كل صور وأشكال الإهمال أينما كان، وأينما وجد، إنها صرخة جادة لتبني ثقافة فاعلة ورؤى موضوعية تحقق حالة من الوعي الناضج للحد من كل مظاهر الإساءة والتعدي على الأطفال. يترقب الشارع الإماراتي خروج «قانون وديمة» إلى النور بعد الموافقة عليه من المجلس الوطني الاتحادي وإحالته إلى لجنة الشؤون الصحية والعمل والشؤون الاجتماعية. القانون يُعد بحق علامة تشريعية أخلاقية وإنسانية وحضارية فارقة، ويؤصل لإرساء كافة الحقوق المشروعة لجميع الأطفال دون تمييز، ويرسخ حقهم في الحياة الآمنة، والبيئة المستقرة، الرعاية الكريمة، والحماية من كافة أشكال وصور الإساءة النفسية والجسدية. وتجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى أن محكمة الجنايات في دبي، صباح يوم الأربعاء الموافق «13 من فبراير الجاري» أسدلت الستار على قضية قتل الطفلة «وديمة» وتعذيب شقيقتها «ميرة» على يد والدهما وعشيقته، حيث حكمت بالإعدام بحق والد الطفلة القتيلة، وعاقبت شركيته بالسجن المؤبد، في جريمة التعدي المقترنة بالقتل، والتي هزت وشغلت ببشاعتها الرأي العام لفترة طويلة. وإذا كانت الجريمة تأتي في سياق مختلف، إلا أنها تتفق وظاهرة العنف الذي يمارس على الأطفال بكل أشكاله، وإن اختلفت أهدافه وتفاصيله. ... المزيد