يعد التراث من المقاييس المهمة في حضارة الأمم، وهو دليل بارز على الدور الذي لعبته هذه الدولة أو تلك في الحركة الحضارية البشرية على مر العصور، ومن هنا كان لابد على الجيل الناشئ أن يعتني بهذا التراث ويحافظ عليه، ويجعل حمايته من أولى أولوياته . وهذا ما أدركه طلاب جامعة خليفة في أبوظبي فقاموا بإنشاء النادي الإماراتي الذي يعد من أهم الأندية وأكثرها نشاطاً، فلا يمر يوم إلا وتجد أعضاءه يقدمون أو يعملون على مشروع جديد، يحاولون من خلاله تقديم التراث الإماراتي العريق وتعريف القاصي والداني بأمجاد الأجداد والقيم الأصيلة التي تربوا عليها وأورثوها للأجيال اللاحقة . الطالبة روضة المرر نائبة رئيس النادي وعضو اللجنة المؤسسة تقول عن النادي: "هذه هي السنة الثانية للنادي الإماراتي، وقدمنا خلال هاتين السنتين عدداً كبيراً من الإنجازات، وشاركنا في كل الفعاليات التي تقيمها الجامعة كفعاليات اليوم التوجيهي ويوم المواهب واليوم الوطني . وفي مثل هذه الفعاليات نقوم بالأمور التنظيمية، ونعمل على تعريف الطلاب والكادر التدريسي والموظفين على ثقافة الإمارات، في كل عام نحاول أن نخرج بأفكار جديدة وإبداعية، مثلاً في يوم المواهب قمنا بمحاولة للتعرف إلى الثقافات الأخرى، فكانت هناك رقصات شعبية من مختلف الدول، كما نعمل على تنظيم الفقرات التراثية وتقديمها، كبيع المأكولات الشعبية والمصنوعات التراثية، وعروض اليولة والمسرحيات والقصائد الشعرية، فجامعتنا لا تقتصر على تعليم الطلاب الإماراتيين فحسب، بل هناك طلاب من جنسيات عربية وعالمية مختلفة ونسيتهم تقارب 20 في المئة، فنحن حريصون على تعريف هؤلاء بعاداتنا التراثية العريقة التي نعتز بها"، وتشير المرر إلى أن الدور التعريفي للنادي لا يقتصر على طلاب الجامعة، بل يشمل حتى زوارها . وتؤكد أن النادي يهدف إلى تبادل الثقافات والمعارف ما بين الشعوب ويسعى إلى اطلاع كل شعب على ثقافات الشعوب الأخرى . ويرى الطالب علي آل علي رئيس النادي أنه من أهم النوادي في الجامعة ونظراً لما يلعبه من دور في نشر ثقافة المجتمع الإماراتي وتراثه بين أبناء الجاليات المختلفة المقيمة على أرض دولة الإمارات أو التي تزورها، ويضيف: "يشهد الإقبال الكبير على النادي على أهميته، فهو الذي يلعب الدور الأكبر في تنظيم جميع الفعاليات والأنشطة التي تقيمها الجامعة سواء بمفردها أو بالاشتراك مع جهات أخرى كشرطة أبوظبي وغيرها، ونحرص من خلال ذلك على الحفاظ على الصبغة الإماراتية، وأحياء عاداتنا وتقاليدنا التي نعتز بها . ويبلغ عدد أعضاء النادي ما يقارب 200 عضو، وقبل البدء بأي فعالية نقوم بارسال دعوات إلى الأعضاء ونقوم بتسجيل أسماء الراغبين في المشاركة، وعلى ضوء الأسماء نقوم بتوزيع المهام، فالبعض يعملون على الديكور، وهناك من يعمل على التنظيم، وهناك من يعمل على تصميم البروشورات والمطبوعات، وبهذا نقوم بعمل متكامل منظم" . ويشير آل علي بأن الفعاليات لا تنحصر بين جدران الجامعة، بل تتجاوزها في أنشطة كالرحلات إلى الجزر والمناطق الطبيعية في الدولة . وعن النشاط المسرحي التراثي الذي أقيم مؤخراً يقول آل علي: "قمنا بتظيم عرض مسرحي استخدمنا فيه إضاءة متطورة، كما أدخلنا السيارات والخيول خلال العرض، لنعكس بشكل أقرب ما يكون إلى الحقيقة التراث الإماراتي . وقدمنا عرضاً تخيلياً عن هبوط أول إنسان على سطح المريخ وهو إماراتي، وهذا الأمر قد يكون من الخيال العلمي في وقتنا الحالي، لكني كلي ثقة على قدرة الشعب الإماراتي على تحقيقه" . أما الطالبة روضة البلوشي فترى أن واجبها كشابة إماراتية تعتز بوطنها أن تساهم في الحفاظ على تراثه ونشره، تقول: "لا يخفى على أحد غنى التراث الإماراتي وتنوعه، فتداخل البحر بالصحراء وسلاسل الجبال الشاهقة، خلق بيئات متعددة وطرق حياة مختلفة ومتنوعة، هذا الغنى كان لابد من الحفاظ عليه من الاندثار، وأولت الجهات المعنية أهمية بالغة لهذا، ونحن كجيل شاب متعلم وجدنا من واجبنا المساهمة في ذلك، فكان التحاقنا بنادي التراث في الجامعة، ومن خلاله نتعرف إلى تراثنا بشكل أفضل ونعرف الآخرين عليه، وأنا بدوري أحرص على المساهمة في جميع الأنشطة التي يقيمها النادي، فمن الجميل أن نقضي بعض الوقت في أحضان الماضي العريق، ونستذكر الأعمال التي مارسها أجدادنا والمشاق التي واجهوها في حياتهم اليومية حتى بنوا هذا البلد الغالي وسلمونا الراية ونسعى لأن نكون أهلاً لهذه المهمة" . أما الطالب خليفة التميمي فيرى أن أهل الإمارات نجحوا في الحفاظ على تراثهم رغم الانفتاح على العالم ويقول: "لا يخفى على أحد الانفتاح الكبير الذي تشهده الإمارات على مختلف حضارات العالم، فهي تأخذ منها وتعطيها، لكن هذا الانفتاح لم يكن حجة أو سبباً في نسيان أهل الإمارات أو إهمالهم لماضيهم العريق، بل حرصوا على الحفاظ عليه والوقوف في وجه المد الأجنبي ونجحوا في ذلك، وهذا يلهم الشباب" . وتؤكد الطالبة هدى التميمي أن انضمامها إلى النادي الإماراتي جعلها أكثر تعلقاً بحضارة أجدادها، وخلق لديها إحساساً بالمسؤولية تجاهها، تقول: "استطعنا كشباب إماراتي أن نواكب أحدث ما قدمته الحضارة الإنسانية وبنفس الوقت أن نحافظ على تراثنا العريق، فأصبحت الإمارات تتفرد بالمزج ما بين الماضي والحاضر، فتجد انسجاماً كبيراً ما بين الأبنية القديمة والحديثة في صورة نادراً ما تراها حول العالم، ونحن في النادي نحرص على إبقاء شعلة التراث مشتعلة في قلوب الشباب" .